الخلوة الشرعية في خيام الإصطياف الإيرانية

خسرو علي أكبر من طهران:سواء في داخل المدن السياحية أو في الحدائق والمنتزهات المجاورة للمدن، تنتشر خيام السفر كظاهرة جديدة في إيران، وتعتبر من الحلول العملية للمسافرين الذين يرغبون في قضاء أيام العطل في الهواء الطلق، ويتخلص المسافر الإيراني باستعماله لهذه الخيام من الصعوبات التي تفرضها في أغلب الأحيان الاقامة في الفنادق خصوصًا في المدن السياحية بشمال إيران، حيث تعجز الفنادق أن تستوعب التعداد الكبير للمسافرين الإيرانيين، إضافة إلى ذلك وحسب المسافر احمد برقعي الذي إلتقته إيلاف وهو ينصب خيمته في حديقة بساحة سلفجكان في طريق اصفهان طهران، يؤكد أنه يمكن للمسافر الإستراحة الموقتة أثناء السفر كما انها توفر له مبالغ الاقامة في الفنادق التي غالبًا ما تكون مرتفعة في ايام العطل.

ويختلف حجم هذه الخيام فهناك المخصصة لشخص واحد وأخرى لشخصين ومنها ما يعرف بالخيام العائلية التي تتسع لحوالى سبعة أشخاص، وارتفع عدد مبيعات الأخيرة في الاسواق الايرانية مع ايام أعياد نوروز، ومع أن بلديات المدن الواقعة في شمال ايران أحدثت الكثير من الفنادق ودور الاقامة المسافرين، الا أن وجود الحدائق العامة والكمبات المخصصة للسواح ساهم في الحد من أزمة أماكن اقامة السواح في هذه المدن التي يزورها مئات الالاف من الايرانيين، ومنهم من يقضي فيها ايامًا معدودة أثناء رحلته لزيارة مدينة مشهد التي يقع فيها مرقد الامام الرضا بن موسى بن جعفر ثامن ائمة الشيعة.

تقول سائحة ايرانية التقتها ايلاف اثناء عودتها من سفرة سياحية لشمال البلاد أنها قضت مع عائلتها أيامًا ممتعة في مدينة آستارا وان الاف الايرانيين أحيوا لياليهم في هذه المدينة في فضاء سوح عامة خصصتها بلدية المدينة كأماكن لنصب الخيام السياحية وأن الجو الملائم دفع بالمسافرين لتناول وجبات الطعام في الفضاء العام :"افترشنا بساطًا مخصصًا للسفر على الأرض مثل سائر المسافرين وتناولنا وجبات الطعام بالقرب من خيمتنا وشاركنا الآخرين الأحاديث في هذا الفضاء، واعتقد أن أجواء من هذا القبيل لا تتوفر في الفنادق.

ففي مدينة استارا الواقعة في شمال ايران تم بيع أكثر من 12 الف خيمة سياحية في الايام التي سبقت الاحتفال بأعياد السنة الايرانية الجديدة نوروز، أما أسواق طهران فقد شهدت هي الأخرى اقبالا كبيرا على شرائها تجاوز الالاف حسب ما نقلته الصحف الايرانية.

ولانتشار الخيام السياحية أسباب أخرى تتعلق بسفر العشاق الى الأماكن التي يرغبون في التوجه إليها، دون أن يضطروا لتقديم وثائق رسمية تثبت الزواج، وهو الشرط الذي لا مهرب منه في الفنادق، فقد وفرت الخيام مناخًا من الحربة للعشاق الايرانيين للاستمتاع برحلة سياحية مع محبوباتهم. يقول سيامك :" إن الأجواء العائلية تمنعني من استضافة خطيبتي على انفراد في البيت، وفي الفنادق لا يمكن استئجار غرفة واحدة لنا دون تقديم اوراق رسمية تثبت الزواج، ففكرت مع خطيبتي بشراء خيمة سياحية لم يكلف ثمنها نصف ثمن المبلغ بطاقة الاقامة في الفندق، اشتريت خيمة باربعين الف تومان اي ما يعادل اربعين دولارًا، ودفعت مبلغًا لسيارة اجرة مقابل نقل هذه الخيمة ولوازم ضرورية أخرى، وأقمت مع خطيبتي ثلاثة ايام في خيمة في حديقة تقع خارج مدينة رشت حيث الطبيعة الخلابة، تتوفر الخيمة على امكانيات جيدة، وثمة تعليمات مفيدة لطريقة نصبها حصلت عليها من الكراس المرفق معها، وطبيعي اننا لم ننس شراء مصباح للاضاءة يعمل على البطاريات، استمتعنا بداخل الخيمة بالتعبير عن مشاريعنا المستقبلية وطموحاتنا، كما قرأت على ضوء المصباح قصائد لخطيبتي كتبها شعراء ايرانيون كلاسيكيون، اما الموسيقى فكانت منوعة، ما هو رائع في الأمر أن السلطات تنظر الى هذه الظاهرة نظرة ايجابية مبنية على اساس انها بمثابة الدار والمنزل الشخصي الذي لايحق لأحد أن يتجاوز على خصوصيته ".

استفسرنا من إمرأة في الستين من العمر كانت حاضرة في متجر لبيع الخيام السياحية والحقائب ومعدات السفر عن رأيها بهذه الوسيلة، فقالت :"هذه الظاهرة قد تساهم في انتشار الفساد بين الشباب وشخصيا لن أمنح أبنائي الموافقة على شرائها لاستعمالها في السفر، موضوع الخلوة بين الرجل والمرأة من المحرمات في الشرع الاسلامي ".

للخيام السياحية ميزات عديدة كما أن توظيفها لا ينحصر في الجانب السياحي ففرق الامداد الايرانية تحرص على التزود باعداد كبيرة منها لنصبها في المناطق التي تتعرض للكوارث الطبيعية، يقول هادي، يمكننا نصبها بسرعة ولا تاخذ مساحات كبيرة كما أنها تصمد أمام الأمطار والعواصف أكثر بكثير من الخيام التقليدية.