انترنت وعروض مصورة تزاحم الكتب في الضاحية الجنوبية ببيروت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أوراق الكتب ونقرات الإنترنت والعروض المصورة تتزاحم في الضاحية الجنوبية ببيروت
حنان سحمراني من بيروت: في ظل إعادة إعمار الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت والدمار الذي حل بها خلال حرب تموز\ يوليو 2006 ولحق بمعظم دور النشر والمراكز الثقافية والمكتبات فيها، يبدأ تساؤلنا عما حل بالنشاط الثقافي بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات تغيب فيها الدولة ورعايتها بشكل شبه تام.
وفي طريقنا لمقاربة هذه الرؤية بالترافق مع تنوع مصادر الثقافة الحديثة تراودنا أسئلة كثيرة عن مصير الكتاب صديق المبدعين والمصدر الأول لتلقي المعرفة والثقافة والترجمان الأساسي لأفكار العقل الإنساني.
ومن هذا المنطلق استطلعت إيلاف آراء عدد من المسؤولين عن بعض المراكز الثقافية والمكتبات العامة المتواجدة في الضاحية الجنوبية لبيروت وكذلك الرواد.
تبقى للكتاب نكهته
ذلك مشهد من أجواء "مكتبة السيد محمد حسين فضل الله العامة" في حارة حريك التي تلاقي إقبالاً كبيراً بالنسبة لغيرها من المكتبات القليلة جداً في الضاحية الجنوبية فهي غنية بالكتب والمراجع على إختلاف مشاربها ولغاتها. وترتادها أشخاص من الأعمار كافة لوجود أقسام متاحة لهم بالإضافة إلى قسم خاص بالأطفال. وتتميز المكتبة بوجود جهاز كامل من الموظفين يعمل على تأمين الكتاب والجو المناسب للمطالعة، إلى جانب قاعة إنترنت خاصة بالأبحاث والدراسات، وقاعة محاضرات.
بعد تعريفنا بالمكتبة يتحدث الأستاذ شفيق الموسوي مدير المركز الإسلامي الثقافي التابع لجمعية المبرات الخيرية في لبنان عن المكتبة التي يديرها المركز وعن دورالمكتبات العامة بالنسبة للتنمية والمعرفة الثقافية. فيذكر الموسوي أن المكتبة بدأت بإستقبال الرواد بتاريخ 13/ 9/ 2004 وهي عبارة عن مكتبة عامة تقوم بحملة من النشاطات والمحاضرات والندوات الثقافية وتوقيع الكتب وتنظيم لقاءات شبابية متنوعة تترجم واقع الشباب وتطلعاتهم. ويضيف الموسوي أنّ المكتبة تعنى ببعض الإصدارات الثقافية التي لها صبغة إسلامية وثقافية وإجتماعية، إلى جانب الكثير من الكتب والمراجع التي تستعمل بهدف المطالعة والابحاث.
أما عن الهدف الأساسي منها فيؤكد الموسوي أنه "تأصيل وتعميق الثقافة في نفوس الأجيال والفئات الشبابية في الضاحية الجنوبية وإيجاد مساحة ثقافية غنية بالمعرفة للشرائح المثقفة في ظل التخلف والفوضى الفكرية في مضامين الإنسان فيما هو إنسان بعد التأثيرات النفسية التي تعرض لها المواطن اللبناني أثناء الحرب، وحتى يكون الإنسان له دور فعال في بناء المجتمع والوعي الثقافي".
ويكمل الموسوي حديثه معنا عن إنفتاح وتعاون وزارة الثقافة على المكتبة "بقدر إمكانياتها المحدودة المتعارف عليها في لبنان". ويشيد بأهمية دور الوزارة في هذا المجال إذ أنها تحاول إشراكهم في بعض النشاطات والندوات والمعارض الثقافية، وهي كذلك "صلة وصل بين المكتبة والمراكز الثقافية الأجنبية كالمركز الثقافي الفرنسي مثلاً".
ويدعو الموسوي من خلال إيلاف إلى الإهتمام أكثر وبشكل جدي من قبل وزارة الثقافة إلى إنشاء المزيد من المكتبات العامة وتعزيز دور الحالية "فللكتاب نكهة مميزة وخاصة بالنسبة لمحبيه لا يلغيها أي تطور كان، لأنه الأصل وكل المصادر الأخرى تعود إليه".
وللإقتراب من المستفيدين من المكتبة نجد رولا وسناء اللتين تكملان دراساتهما العليا في الجامعة اللبنانية في إختصاص علم النفس. وتأتيان إلى المكتبة العامة بحثاً عن المراجع والمصادر الموجودة في الكتب لمساعدتهما في إختصاصهما.
أما عادل وهو موظف في عقده الخامس فإنه عادة ما يأتي إلى المكتبة العامة لقراءة مختلف الجرائد اليومية التي تؤمنها لشعوره بالراحة في ظل مجموعات الكتب المحيطة به. ويجد عادل متعة كبيرة بمطالعة الكتب السياسية التي تناسب ميوله الفكرية، و يعتبر ان الأماكن العامة المزدحمة بالناس "لا تصلح للمطالعة ولا لتصفح الجريدة حتى".
مراجع متوفرة
مركز ثقافي آخر تحتضنه الضاحية الجنوبية هو ما تعرفنا عليه المرشدة المسؤولة عن "مركز المطالعة والتنشيط الثقافي" الموجود ضمن بلدية حارة حريك. تحدثنا المرشدة عبير علامة ومعاونتها ماليسا دكاش عن دور هذا المركز وأهميته بالنسبة للطلاب والباحثيين وسبب إرتيادهم لهذا المكان. فتبدآن بتعريفنا عن دور المركز الذي أُنشئ في سنة 2002 ويُعرف بإسم (كلاك) وهو واحد من سلسلة مراكز ثقافية متعددة يقارب عددها 14 مركزا ثقافيا بالتعاون مع البلديات تتوزع في عدد من المناطق والقرى اللبنانية، وعملها الأساسي يختص بنشر الثقافة والمعرفة لدى الجيل الجديد. ويشمل هذا المشروع مكتبات عامة وظيفتها الحث على ارتياد المكتبات العامة بهدف التنمية الثقافية والفكرية من خلال المطالعة وعمل الأبحاث.
وتقول علامة ان سبب التوجه إلى الجيل الجديد هو زرع حب مطالعة الكتب "التي أصبح الإقبال عليها قليلا جداً بسبب وسائل التطورالناقلة للمعرفة". وتجري نشاطات طلابية في المركز تسعى إلى تحسين صورة الكتاب في نظر الطالب على انه "ليس مجرد اداة للدرس ولا عذاب نفسي له".
وقد صودف وجودنا هناك مع نشاط طلابي لإحدى ثانويات المنطقة حيث أراد القيمون على هذا النشاط إبراز قيمة الكتاب لأطفال الروضة من خلال إرتيادهم لهذا المركز ما جعل "علامة" تقرأ لهم قصة بأسلوب طريف طرحت بعده عددا من الأسئلة على الأطفال لمعرفة مدى إستيعابهم وتمتعهم بالقصة ومغزاها.
أحمد (وهو طالب ثانوي في علوم الحياة) يعتبر أن هذا المكان "هو الوحيد الذي يؤمن لي جو الدراسة المناسب من هدوء وسكينة تجعلني أستوعب أكثر من المنزل". ويوافقه زملاؤه الباقون على ما قاله فيقول أحدهم: "ناتي إلى المكان حين يطلب منا إجراء الأبحاث فنجد دائماً مطلبنا بسبب وفرة الكتب والمراجع المتنوعة التي لا نجدها في الإنترنت معظم الأحيان".
ذاكرة الحرب
وقبل إنتهاء جولتنا الثقافية في الضاحية الجنوبية تعرفنا على مركز حديث نسبيا تختلف وظيفته ومهامه وخدماته عن المركزين السابقين. هو مركز ثقافي موقعه الجغرافي غير بارز إلا لمن يعرفه مسبقاً ويقصده. يقع المركز في منطقة حارة حريك بالقرب من جامع الغبيري ملحقا بمنزل الصحافي لقمان سليم الذي يعتبر من المنازل المميزة في تلك المنطقة لكبر مساحته، ويُعرف المركز بإسم "أمم للتوثيق والأبحاث". وقد تأسست هذه الجمعية عام 2004 بالتعاون مع عدد من الشركاء المحليين والدوليين، بإدارة مونيكا بوردون وهي ألمانية الأصل وقد حدثتنا بالنيابة عنها معاونتها ليال أبو رحال لتخبرنا عن دورالجمعية الأساسي وهو "العمل على موضوع ذاكرة الحرب الأهلية وما بعدها وإدارتها بعرض أفلام ومعارض مصورة عنها".
وفي هذا السياق تحاول "أمم" تقريب عملها التوثيقي إلى الجمهور بهدف مشاركة أكبر قطاع ممكن في هذا المجال الذي "يعتبر تكليفاً مواطنياً بامتياز من خلال إقامة المعارض الموضوعية التي تدور أحداثها حول المفقودين في الحرب الأهلية وعرض صورهم حتى لا تطوى صفحتهم" معارض أقامتها أمم كـ: "بحثاً عن الضاحية" و "...لم يعودوا". وفيلم لسحر عساف عن حياة أربعة مقاتلين مختلفي الإنتماءات الحزبية تدور أحداثه عن مشاركتهم ومعاناتهم في الحرب اللبنانية.
إلى جانب ذلك تضيف أبو رحال ان الجمعية يرتبط إسمها بـ" الهنغار". والهنغار هو عبارة عن مستودع قائم في حارة حريك في الضاحية الجنوبية، حولته أمم بعد تأسيسها إلى مساحة للتعبير الثقافي المتعدد وقد اولت أمم منذ نشأتها الأولى إهتماماً خاصاً تحت عنوان التبادل الثقافي للتعرف على التجربة اللبنانية في محطاتها العنيفة لذاكرة الحرب الأهلية وما يبديه اللبنانيون من تصريحات مخزونة لسنوات الحرب. وقد اطلقت الجمعية مشروعا في نيسان\ أبريل 2008 بعنوان "ما العمل" واندرجت ضمنه عروض سينمائية في إطار موضوع الخطف والمفقودين في الحرب الاهلية اللبنانية. وكذلك شهد الهنغار ندوات أخرى إحداها بعنوان "حرب بلا جرائم"، ومقاربة سينمائية بعنوان "الحرب بالمذكر... الحرب بالمؤنث".
وترافقنا أبو رحال في جولة في المركز حيث تخبرنا أن هناك أرشيفا من وثائق ورقية وسمعية وبصرية، ومع وجود فريق عمل كامل تعمل الجمعية على حفظ هذه الوثائق وعلى تيسير الإفادة منها بتحويلها إلى ملفات رقمية، تتيح للباحثين الإستفادة من هذا الأرشيف. وتستهدف الجمعية عددا كبيرا من وسائل الإعلام والصحافيين والباحثين في الدراسات السياسية الذين يحتاجون للمصادر والمراجع الموجودة في أرشيفها الغني بكل الصحف اللبنانية خلال الحرب وما بعدها.
وخلاصة القول وبعد الإطلاع على آراء المسؤولين عن هذه المراكز وآراء بعض الوافدين إليها نجد النقص بالمكتبات العامة كبيرا في الضاحية الجنوبية لبيروت ولا مناص من أن تكثف وزارة الثقافة جهودها في الإهتمام اكثر بهذه الناحية ليتسنى للجيل الجديد التماشي مع التطور الفكري كما دول عربية أخرى.
التعليقات
الكتاب
بدر -لقد سلط تحقيقك الضوء على بعض المكافحين المجهولين وعلى كنوز نأبى ان نغترف منها
الكتاب
بدر -لقد سلط تحقيقك الضوء على بعض المكافحين المجهولين وعلى كنوز نأبى ان نغترف منها
لقمان
بارود -الرد غير واضح