إيلاف+

جامعو القمامة... رواد دمشق البيئيون

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فراس حسن من دمشق: يأتي جامعو القمامة ربما بعد الشحاذين، في أسفل السلم الاجتماعي، فالتصور السائد في المجتمعات عموماً والمجتمعات العربية خصوصاً، أن المهن اليدوية أقل شأنا من غيرها، وتبعاً عليه، يكون أصحابها أقل شأناً من الآخرين، في فهم مغلوط لقيمة الفرد وأهميته في المجتمع، حيث تحدد اعتبارات من نوع الثروة والوجاهة قيمة الشخص وموقعه على سلم التراتبية الاجتماعية، وليس أهمية الخدمة التي يقدمها لمجتمعه ودوره في بناء هذا المجتمع...

سعينا في هذا التحقيق للابتعاد عن المواقف المعروفة والمتوقعة من هذه المهنة، وحاولنا الإضاءة على الجوانب الإيجابية في هذه المهنة، حيث ممرنا مرور الكرام على المواقف السلبية لأنها نمطية لحد بعيد،، ليس لأنها ليست الغالبة وتمثل رأي الأكثرية، بل لأننا نعرفها جيداً ولن نقدم الجديد في حال قدمنا أكثر المواقف شيوعاً من أصحاب هذه المهنة، ولكي نضيء أكثر الجوانب الغائبة في إيجابيات المهنة، بالرغم من عدم غياب منتقديها، مثل عبد الله وهو شاب عشريني عامل بوفيه في أحد المراكز الثقافية في دمشق الذي قال لإيلاف:

"طبعاً هم أشخاص سيئون لأنهم اتكاليون، عمال النظافة محترمون بالغالب أو كأي مهنة أخرى فيها الجيد وفيها السيئ، أما جامعوا القمامة فهم بالضرورة سيؤون، لأنهم اتكالييون لا يريدون العمل، وهم "ينكشون الزبالة"، ويسببون باتساخ الطريق، وهذا ليس عمل، ومناظرهم غير لائقة، وهم لا يقومون بشيء، ووسخون أيضاً، مثلا لا تستطيع الجلوس بجانبهم في وسائل النقل العامة، وهم مزعجون للنظر".

أما عبد وعلاء فمختلفان جداً في نظرتهما تجاه جامعي القمامة، فعلى العكس يجد علاء في هؤلاء "أشخاص محترمين، عم يخدموا البلد" فهم "رواد بيئيون بكل معنى الكلمة" عندما يعيدون تدوير المقامة فهم من جهة، يخففون من حجم القمامة التي تذهب للحرق، ومن جهة أخرى يجدون لأنفسهم أعمالاً توفر عليهم مذلة طلب الصدقة، فهم لولا الفقر وصعوبة إيجاد أعمال أخرى "ما اشتغلو بهيك شغلة مش ولا بد يعني" وبالنهاية أن يجمعوا القمامة حسب علاء أفضل من أن يعملوا كشحاذين، وعلينا احترام هؤلاء الأشخاص ربما أكثر من غيرهم من أصحاب المهن التي تعتبر محترمة، وبرأيه مسألة الاحترام أو عدمه، نحددها بناءاً على صفات الشخص وليس بناءاً على مهنته، "مثلا السياسي يعتبر من النخبة، ومن أهم الوظائف ولكن اغلب رجال السياسة بالنهاية عاطلين، وبلا أخلاق... وصعب نحترمهم"، فالمسألة كما يراها علاء لا تتعلق بالمهنة.

واقترح علاء أن يتم استيعاب هؤلاء الناس في شركة وطنية لتدوير المخلفات، فهو كما لاحظ يمتلكون خبرة "مدهشة بسرعة فرز الزبالة، يعني عندهم خبرة لازم الدولة تستفيد منها، وتوظفهم بمقالب الزبالة ميشان يفرزوا المواد اللي ممكن تتدور".


وسام، طالب جامعي، يعتقد أن هؤلاء الناس ليس لديهم خيارات أخرى، ولو امتلكوا الخيار غالباً مهنة يقابلها المجتمع باحترام أكثر، ورغم موقف المجتمع السيئ منهم والنظرات المهينة التي يواجهونها بشكل يومي، يقدم جامعي القمامة خدمة كبيرة للمجتمع والدولة، فهم من الناحية الاقتصادية يقبلون الانخراط في هذه المهنة رغم كل متاعبها الاستثنائية، وبالتالي يخففون من الأعباء الاقتصادية التي تعاني منها البلاد نتيجة للبطالة، وأيضاً يخففون من استهلاك الاقتصاد الوطني للعملة الصعبة التي سيحتاجها لاستيراد كميات إضافية من المواد الخام (البلاستيك، الألومينيوم، الحديد، النحاس، الطحين، والأعلاف الخاصة بالحيوانات الداجنة" حيث تكون نتيجة عملهم المباشرة هي إعادة تدوير واستخدام هذه المواد في تصنيع أشياء جديدة مفيدة، كما يقي هؤلاء الأشخاص أنفسهم وعائلاتهم من مفاسد الفقر، ويخففون من احتمال الإصابة بالأمراض الاجتماعية الناتجة عن الفقر والبطالة، كالانخراط في الجريمة المنظمة، أو إدمان المخدرات والكحول وغيرها...

نسرين، سيدة منزل، لديها جار في المنزل المجاور، يمتهن جمع القمامة، وهي ترى قياساً على معرفتها بالجار المذكور، أن هذه المهنة ليس فيها ما يعيب، فجارها الموظف حكومي، لا يكفيه راتبه ويرفض أن "يمد يده للحرام" وهو يقوم بجمع ما يمكن بيعه من القمامة "لسد لقمة عيالو، وسد مصاريف مدارسهم وجامعاتهم" وترى نسرين أن الرجل بكل المقاييس ناجح فلديه عائلة محترمة، واستطاع أن يربي أطفاله أحسن تربية، ولديه ولدين في الجامعة أحدهم سيتخرج قريباً، وترى نسرين أن "المهم أنو يقدر يصرف على ولادو ويأمن طلباتهم، وما مهم شو بيشتغل الشخص، بالآخر اللي مهم هو أنو كافي الناس شرو ولا لأ"، فبرأيها هذه المسائل التي تحدد قيمة الرجل أكثر، ويجب أخذها بعين الاعتبار أكثر من طبيعة عمله، "يعني إذا أنا أمير وأنت أمير مين بدو يرعى الحمير" تختم حديثها.
باسل، يجد في المسألة ما هو مهين لحد ما ولكنها تبقى أفضل من السرقة أو طلب الصدقة في الطريقة عندما تضيق الأحوال، فهو مثلاً يرفض نهائياً أن يقوم بمثل هذا العمل وتحت أي ظرف من الظروف، ويعتبر أن الأشخاص الذين يستطيعون ممارسة مثل هذه المهن لهم مواصفات خاصة لا تتوفر فيه هو نفسه، ولكن ذلك لا يعني أنه يحترم خيارهم، وأنه يرى أن دورهم مهم في الحفاظ على البيئة، لولا بعض ممارساتهم الخاطئة والزعجة، عندما يخرجون القمامة من الحاويات لتنتشر في الطريق مثلا.

بينما ترى نوار فيها مهنة كغيرها من المهن ولكنها لن تتزوج شخصاً يعمل في هذه المهنة رغم الإيجابيات التي قد يتمتع بها شخص يمتهن هكذا مهنة، مثل العصامية، وكرامة النفس، حيث يفضل العمل في مهنة غير محترمة اجتماعياً على البطالة والعيش عالة على الآخرين، ومن ناحية إيجابيات مثل هكذا مهنة، تعترف نوار بأنه لا بد وأن فيها إيجابيات وإن لم تستطع أن تحدد هذه الإيجابيات بوضوح.
سماهر، هي الأخرى ترفض الزواج بجامع قمامة، وإن كانت تحترمهم، وليس ليدها أي شيء ضد هؤلاء الناس ولكن "بظن إني بستحق أحسن من هيك، يعني جمالي معقول، وجامعية، شو بيمنع إني أتزوج شخص مقبول أكتر"، سماهر توافق على فكرة أن جامعي القمامي أو المتاجرين بها يلعبون دوراً مهماً في نواح عدة، إن كان من جهة الاعتماد على أنفسهم وحماية أنفسهم وعوائلهم من الفقر والفاقة، أو من الناحية البيئية، فهم في نهاية الأمر يسدون النقص الموجود ويلعبون دوراً كان الأجدى بالحكومة والجميعيات البيئية أن تلعبه، أي تدوير المواد البلاستيكية والزجاج والمعادن التي يتم رميها في القمامة، في هدر للموارد والأموال، ما يؤدي إلى تفويت الفرصة على البلد باستثمار موارد هامة، عدا عن التلوث الذي سيتم تخفيفه في حال تم تدوير القمامة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
إنجازات حافظ
معاوية -

قرر الشعب السوري الانفصال عن مصر في عهد عبد الناصر للفارق الاجتماعي بين البلدين آنذاك ولو قدر للشعب المصري الآن لرفض الوحدة مع سوريا لنفس السبب.

زباله
النحل البري -

معامل ضخمه لفرز وتكرير وتصفيه القمامه موجوده في اوروبا واليكم ماتنتجه هذه المعامل من مواد اساسيه تعتبر ركيزه خام من المواد الاوليه لباقي الصناعات ولنبتدئ من العطورات العالميه المساحيق التجميليه لسيداتنا من احمر الشفاه الى الكريمات للبشره ومساحيق الغسيل المنزليه مرورا بالماده الخام البلاستيكيه الى المعادن والورق والصبغات التلوينيه وبودره الزجاج الى الورق المقوى ..تصوري يا سيدتي ان احمر الشفاه الذي تستعملينه كان يوما ما قمامه نتنه ..وتصور يا سيدي بان معجون الحلاقه الذي تستخدمه يوميامصدره الزباله ..شكرا ل الله الذي اعطانا العقل الابداعي لتطوير انفسنا

CANADA
ssoud -

انا اعيش في كندا وهذه الحالة متواجدة بكثرة هنا وكذلك ظاهرة التسول فهي منتشرة بشكل واضح

زباله
النحل البري -

معامل ضخمه لفرز وتكرير وتصفيه القمامه موجوده في اوروبا واليكم ماتنتجه هذه المعامل من مواد اساسيه تعتبر ركيزه خام من المواد الاوليه لباقي الصناعات ولنبتدئ من العطورات العالميه المساحيق التجميليه لسيداتنا من احمر الشفاه الى الكريمات للبشره ومساحيق الغسيل المنزليه مرورا بالماده الخام البلاستيكيه الى المعادن والورق والصبغات التلوينيه وبودره الزجاج الى الورق المقوى ..تصوري يا سيدتي ان احمر الشفاه الذي تستعملينه كان يوما ما قمامه نتنه ..وتصور يا سيدي بان معجون الحلاقه الذي تستخدمه يوميامصدره الزباله ..شكرا ل الله الذي اعطانا العقل الابداعي لتطوير انفسنا

صحيح و لكن
to معاوية -

صحيح أن المستوى الاجتماعي للشعب السوري بفترة الخمسينات و الستينات كان الأفضل و مستوى الشعب المصري كان أقل بكثير ، و لكن الآن مستوى الشعب السوري انخفض بنسبة 50% و لكن بنفس الوقت انخفض المستوى الاجتماعي للشعب المصري بنسبة 90% ، لذلك السوريون هم من سيرفضون الوحدة مجددا ...... طبعا أنا أحب الشعبين السوري و المصري كثيرا و أتمنى لهما حياة مزدهرة و كريمة ، و كلامي السابق هو كلام للتوضيح فقط

مقالاتك
حسام السوري -

لماذا الكاتب المحترم مصر على هذا النوع من المقالات

صحيح و لكن
to معاوية -

صحيح أن المستوى الاجتماعي للشعب السوري بفترة الخمسينات و الستينات كان الأفضل و مستوى الشعب المصري كان أقل بكثير ، و لكن الآن مستوى الشعب السوري انخفض بنسبة 50% و لكن بنفس الوقت انخفض المستوى الاجتماعي للشعب المصري بنسبة 90% ، لذلك السوريون هم من سيرفضون الوحدة مجددا ...... طبعا أنا أحب الشعبين السوري و المصري كثيرا و أتمنى لهما حياة مزدهرة و كريمة ، و كلامي السابق هو كلام للتوضيح فقط

موظف يعمل بالقمامه
سكان دمشق -

نسرين، سيدة منزل، لديها جار في المنزل المجاور، يمتهن جمع القمامة، وهي ترى قياساً على معرفتها بالجار المذكور، أن هذه المهنة ليس فيها ما يعيب، فجارها الموظف حكومي، لا يكفيه راتبه ويرفض أن "يمد يده للحرام" وهو يقوم بجمع ما يمكن بيعه من القمامة "لسد لقمة عيالو من اين مصادركم والى متى التحامل على سوريا ونشر اخبار خياليه عنها؟لا اظن ان اي موظف حكومي يعمل بهدا المجال وشكرا ارجو النشر

موظف يعمل بالقمامه
سكان دمشق -

نسرين، سيدة منزل، لديها جار في المنزل المجاور، يمتهن جمع القمامة، وهي ترى قياساً على معرفتها بالجار المذكور، أن هذه المهنة ليس فيها ما يعيب، فجارها الموظف حكومي، لا يكفيه راتبه ويرفض أن "يمد يده للحرام" وهو يقوم بجمع ما يمكن بيعه من القمامة "لسد لقمة عيالو من اين مصادركم والى متى التحامل على سوريا ونشر اخبار خياليه عنها؟لا اظن ان اي موظف حكومي يعمل بهدا المجال وشكرا ارجو النشر

مهنة ضرورية وشرعية
عدنان عباس -

هذه مسألة طبيعية ان يبتكر الأنسان طريقة ما وشرعية للتغلب على حالة الفقر والعوز التي يعاني منها وكذلك ان هذا العمل ايضا يخدم الدولة فعلا للتقليل من هدر العملة الصعبة لاستيراد موادا من الخارج وفي نفس الوقت تمثل تنقية للبيئة ولكني رايت هنا في اوربا انهم يضعون عددا من حاويات الزبالة عند المساكن فلكل حاوية نوع الزبالة التي يجب ان ترمى فيها للأوراق مثلا وللبلاستيك كذلك وللزجاج والمعادن ايضا وللمخلفات الغذائية وهكذا يقوم الناس بوضع كل زبالة في حاويتها الخاصة بها ولكن في بلداننا لا اعتقد ان الكثير من الناس سيطبق هذه الطريقة لو اوجدت الدولة مثل هذه الحاويات وعلى اي حال فيجب ان تقوم الدولة او قطاع خاص معين بانشاء شركة او مؤسسة لتدوير النفايات وتشغيل هؤلاء الناس لفرزهاوفي نفس الوقت ضمان حمياتهم من الامراض الى قد تصيبهم من هذه المهنة فهي مهنة كباقي المهن وعلينا ان نتحرم اصحابها فلكل انسان له قيمته وكرامته طالما انه يعمل بجد وشرف

إلى صاحب التعليق 6
firas -

عزيزي صاحب التعليق رقم ستة ما ذكر في المقال حقيقي... قريبي (ابني عمي) عسكري في الجيش وهو يجمع القمامة ليلا ليبيعها ويطعم أولاده السبعة... ما ورد في المقال موجود في سوريا شكرا

مهنة ضرورية وشرعية
عدنان عباس -

هذه مسألة طبيعية ان يبتكر الأنسان طريقة ما وشرعية للتغلب على حالة الفقر والعوز التي يعاني منها وكذلك ان هذا العمل ايضا يخدم الدولة فعلا للتقليل من هدر العملة الصعبة لاستيراد موادا من الخارج وفي نفس الوقت تمثل تنقية للبيئة ولكني رايت هنا في اوربا انهم يضعون عددا من حاويات الزبالة عند المساكن فلكل حاوية نوع الزبالة التي يجب ان ترمى فيها للأوراق مثلا وللبلاستيك كذلك وللزجاج والمعادن ايضا وللمخلفات الغذائية وهكذا يقوم الناس بوضع كل زبالة في حاويتها الخاصة بها ولكن في بلداننا لا اعتقد ان الكثير من الناس سيطبق هذه الطريقة لو اوجدت الدولة مثل هذه الحاويات وعلى اي حال فيجب ان تقوم الدولة او قطاع خاص معين بانشاء شركة او مؤسسة لتدوير النفايات وتشغيل هؤلاء الناس لفرزهاوفي نفس الوقت ضمان حمياتهم من الامراض الى قد تصيبهم من هذه المهنة فهي مهنة كباقي المهن وعلينا ان نتحرم اصحابها فلكل انسان له قيمته وكرامته طالما انه يعمل بجد وشرف

لاتعايرني ولا اعايرك
الصاحي -

للاخوه الاعزاء المصريين والسوريين على رأي المثل لاتعايرني ولاأعايرك دا الهم طايلني وطايلك. لصاحب التعليق رقم 1 من قال لك هذه الظاهرة غير موجودة في مصر، يا اخي ربنا يكفي جميع القراء من هذه الاوضاع، في مصر كل حاجه موجوده في ناس بتنام في المقابر وناس بتنام في المزابل وناس بتنام مع البهايم وناس بتنام مع الخنازير وناس بتنام في الشارع وفي اطفال مشردين وناس جاهزه تغتصبهم وتقتلهم وناس عايشه على الشحاته وناس عايشه على جمع القمامة وناس عايشه على حاجات ثانيه وكله موجود والبركه في سي (انفتاح) الذي فتح الشعب على كلو (اقسم بالله أني اكتب هذه الكلمات وانا اعتصر ألم لاني بحب مصر جدا لانها أم العرب الكبيره بلد الحضارة والعلم والعلماء والابطال وبلدي الثاني وبحب أخواني المصريين الطيبين ولكن هذه هي الحقيقة غصبا عنا نعمل ايه، ربنا عل المفتري، في ناس بتصرف ملايين على حفلة زواج وناس مش لاقيه تاكل وكله برسم الانفتاح ربنا على من كان السبب).