إيلاف+

أسر النازحين الباكستانيين عذاب المجهول

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ماردان- باكستان: تشبثتُ وزوجتي بمؤخرة إحدى الشاحنات للخروج من هناك. كاد ابننا البالغ من العمر ثلاث سنوات أن يفلت من قبضة أيدينا في الوقت الذي كنا نحاول فيه أيضا إحكام قبضتنا على طفلينا الصغيرين الآخرين وعلى بضعة رزم من الملابس والأغذية. لو لم نحكم قبضتنا عليه، لكنا فقدناه حتما. فلم تكن لدينا أية فرصة لإعادة التقاطه".

هذه هي الحكاية المحزنة التي يحكيها نوروز خان (30 عاما) عن حادثة كادت تؤدي إلى تشتيت أسرته عندما كان يقوم بنقلها إلى ماردان في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي هربا من قريتهم المتاخمة لمدنية مينغورا، المدينة الرئيسية في الإقليم.

وكانت حالة الفوضى التي شابت عملية الفرار من القتال الدائر بين الجيش الباكستاني ومقاتلي طالبان في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي قد تسببت في تفريق شمل العديد من الأسر مما جعل الحكومة الآن تقوم بتشكيل خلية خاصة تحت جناح وزارة الداخلية تتولى محاولة إعادة توحيد الوالدين مع من فقدوا من أطفالهم.

ومن بين هؤلاء الأطفال الذين تخلفوا عن أسرهم خلال فوضى الفرار، الطفلة عنزة بيبي التي توجد حاليا تحت رعاية زوجين مسنين في ماردان، حيث لجأ العديد من النازحين. وتعاني عنزة، التي تبدو وكأنها مصابة بخلل عقلي، من ارتباك شديد ولا تتوقف عن المطالبة بوالدتها. وتعلق كريمة بيبي، 60 عاما، عن حالت هذه الفتاة التي أوتها في منزلها بقولها: "يبدو أنها تفرقت عن عائلتها خلال فوضى الفرار من مينغورا. ويقول الأشخاص الذين أحضروها إلى هنا أنهم وجدوها جالسة وحدها على جانب الطريق وسحبوها إلى مركبتهم".

الشهادات

يقول فردوس جول، من مخيم جلالة للنازحين: "بقي طفلنا البالغ من العمر 13 عاما في البيت نائما عندما هربنا من كابال في سوات. أصيبت زوجتي بالذعر عندما اكتشفنا أن أسرتنا لم تكن كاملة. ومن حسن الحظ أن بعض الجيران أحضروه معهم بعد ذلك بيومين، ولكننا كنا طيلة 48 ساعة في حالة رهيبة من الترقب خصوصا أننا لم نكن متأكدين من سلامته".

ويصف العديد من النازحين الذين مروا بتجربة الشتات الأسري المؤقت، مثل غول، مرارة العذاب الناتج عن رفض والديَّ المسنان مغادرة المنزل وأنا أشعر بالقلق الشديد عليهما طوال الوقت. لم أتمكن من الاتصال بهما لعدة أيام... وأنا أتساءل باستمرار إذا كان لديهما أي طعام أو إذا كان بيتهما آمنا
جهل مصير الغائب وترقب لقياه بأنها أسوأ بكثير من وقع الحرارة وقسوة الظروف المعيشية أو أي شيء آخر.

أما سميرة خليل (30 عاما)، التي كانت تخطط للانتقال إلى مسكن مستأجر في بيشاور مع عائلتها وكانت تنوي إخطارهم بذلك، فتقول: "رفض والديَّ المسنان مغادرة المنزل وأنا أشعر بالقلق الشديد عليهما طوال الوقت. لم أتمكن من الاتصال بهما لعدة أيام... وأنا أتساءل باستمرار إذا كان لديهما أي طعام أو إذا كان بيتهما آمنا".

من جهته، يصف حبيب مالك، من منظمة الإغاثة الإسلامية غير الحكومية الواقع مقرها في المملكة المتحدة، الوضع في أحد مخيمات النازحين بقوله: "التقيت في المخيم طفلا وحيدا في العاشرة من عمره. كان قد تفرق عن أسرته خلال حالة الفوضى التي عمت المكان عند محاولة الجميع الفرار من القرية".

أما فيصل علي، وهو طالب في كلية الطب يقوم بزيارة مخيم جلالة لمساعدة المرضى والجرحى، فقد أخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه "يبدو أن معظم من انفصلوا عن أسرهم هم من الأطفال وكبار السن. وغالبا ما يكون الانفصال قد حدث عند اندلاع القتال بشكل غير متوقع."

مخيمين جديدين
وفقا لحكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي، غادر 2.5 مليون شخص منازلهم ولا زالت موجة النزوح مستمرة. حيث استغل الآلاف من الناس فرصة رفع حظر التجول يومي 30 و31 مايو ليبادروا بمغادرة قراهم ومدنهم في وادي سوات متجهين نحو مناطق أكثر أمنا في ماردان وصوابي وتشارسادا بالإقليم الحدودي الشمالي الغربي. ووفقا للتحديث الصادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد كانت هذه أول فرصة تتاح للأشخاص المحاصرين في مناطق النزاع للجوء إلى مناطق أكثر أمنا.

وكان آلاف الناس قد غادروا منازلهم في مينغورا وشارباغ بإقليم سوات في الأيام القليلة الماضية، ولكن لا زال من الصعب التأكد من الأرقام بدقة. وقد أنشأت المفوضية وشركاؤها وسلطات الإقليم الحدودي الشمالي الغربي مخيمين جديدين هما مخيم مصنع السكر في منطقة تشارسادا ومخيم آخر (لم يتم ذكر اسمه في تحديث المفوضية) في منطقة بيشاور، حسب المصدر نفسه.

ووفقا للمفوضية، أوى مخيم مصنع السكر 400 أسرة، أو 2،400 شخص في 1 يونيو فقط مع توقع قدوم المزيد من الوافدين خلال الأيام التالية. وقد أفادت الكثير من الأسر أنها غادرت سوات على متن شاحنات حكومية، في حين قال آخرون أنهم اضطروا للمشي لمسافات طويلة قبل أن يتمكنوا من الانضمام لإحدى الحافلات للوصول إلى مناطق أكثر أمنا، حيث قاموا باستئجار غرف أو انضموا للسكن مع أقاربهم في المدارس، حسب المفوضية.

من جهتها، أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان لها أنها وجمعية الهلال الأحمر الباكستاني تقومان "بتوسيع نطاق أنشطتهما التي تهدف إلى لم شمل الأسر المشتتة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حسبي الله عليهم
محمد المري/قطر -

هل هولاء الفقراء فاضين لكم...فقر وقتل وتشريدوانتم تفكرون في الحكم والمناصب الله لا يسامح من قتل نفس بدون السبباو زرع خوف في قلب امن

حسبي الله عليهم
محمد المري/قطر -

هل هولاء الفقراء فاضين لكم...فقر وقتل وتشريدوانتم تفكرون في الحكم والمناصب الله لا يسامح من قتل نفس بدون السبباو زرع خوف في قلب امن