إيلاف+

الرشوة فى مصر ثقافة شعبية لتوزيع الدخول

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد حميدة من القاهرة:"محمد" خريج حديث اضطرته ظروفه لاستخراج بعض الأوراق الرسمية للالتحاق بوظيفة، وذهب الى الجهات المعنية التابعة لإدارته لانجاز هذه المهمة، وتقديم أوراقه فى الوقت المحدد حتى لا تضيع عليه فرصة التقدم الى الوظيفة، بيد انه عانى الأمرين فى استخراج الأوراق بسبب تكاسل الموظفين وسماع عبارة "فوت علينا بكرة يا أستاذ" من الموظفين. يقول محمد "شعرت بعد يوم واثنين أنهم يحاولون تعطيلي باى شكل فوضعت يدي فى جيبي وأخرجت ورقة فئة 10 جنيهات وأعطتها للموظف، فما مرت لحظات حتى كانت كل طلباتي فى يدي ". ويضيف:" اضطررت ان ارضخ فى النهاية وادفع رشوة مثلما يفعل الآخرين مع اننى من الراغبين فى مقاومة الفساد ولم يكن عندي استعداد لذلك ".

"محمد" يمثل واحدا من نسبة 39% من الشعب المصري ممن يقاومون الفساد ولكنهم اضطروا للدفع وتقديم مبالغ غير قانونية لتخليص مصالحهم، وفقا لدراسة ميدانية أجريت مؤخرا.

وبالرغم من أحوال الموظفين المصريين أفضل فى الوقت الحالى من سنوات الخمسينات والستينات، وأصبحوا يعيشون فى ظروف ارقي كثيرا من حيث الدخول والخدمات من كهرباء ومياه وأجهزة كهربائية، إلا ان مؤشرات النزاهة والشفافية وصلت من سوء الى اسوء، وفقا لتقارير الشفافية التى تصدرها المؤسسات الدولية وتضع مصر دوما فى مرتبة متقدمة من ناحية الفساد. وهو ما يدعو الى التساؤل والدهشة على حد قول الدكتور احمد درويش وزير التنمية الإدارية الذي يستنكر الاعتقاد بان الفساد يعود بالأساس الى عوامل اقتصادية واصفا ذلك بالتسطيح.

وحول الدراسة الميدانية التى أجريت العام الحالي ضمن "برنامج النزاهة والشفافية و محاربة الفساد فى قطاع الأعمال والصغيرة "عن العطايا او الرشاوى او المدفوعات غير القانونية للموظفين الحكوميين، قال جمال عبد الجواد رئيس وحدة استطلاعات الرأي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية ان نسبة الرشاوى بين أصحاب الأعمال للموظفين تبلغ 42% فى مرحلة تأسيس المشروعات. وأضاف عبد الجواد ان الدراسة التى أجريت فى 6 محافظات مصرية واستغرقت 23 يوما وتم تطبيقها على مشروعات صغيرة ومتوسطة يتراوح عدد عمالها ما بين 5 عمال الى ما فوق 100 عامل، كشفت ان 74% ممن كانوا على استعداد لدفع ما هو غير قانوني دفعوا بالفعل، 27 % فقط من لم يفكروا فى الدفع دفعوا أيضا، بينما 39% ممن يقاومون دفع هذه المبالغ القانونية استجابوا ودفعوا.

ويرى عبد الجواد ان أعداد المستعدين لدفع الرشاوى فى تزايد مقارنة ممن يقاومون دفع الرشاوى الذين تتجه اعدادهم الى التراجع،مشير الى ان " شيوع الظاهرة والوعي بها يجعل الراغب فى المقاومة مستعدا للتسليم إذا ظن ان معركته خاسرة ".

ويواجه أصحاب مشروعات الإنتاج الزراعي والصناعي -حسبما أفادت الدراسة - صعوبات أكثر فى تخليص إعمالهم مقارنة بالمشروعات الخدمية والتجارية وبذلك يضطروا لدفع أموال لتخليص أعمالهم. وأكد عبد الجواد ان الدراسة كشفت أيضا وجود تلاعب القوانين والقواعد فى المناقصات الحكومية واعترف بذلك 40%، مضيفا ان المحليات هى أكثر الجهات التى يقوم المواطنون بتقديم رشاوى عند التعامل معها يليها الجمارك ثم الصحة والبيئة اما الشرطة فكانت اقل الجهات ومع ذلك شهد الناس بوجود تدهورا فى خدمات الشرطة والمحليات.

ومن جانبه رأى الدكتور احمد زايد عميد كلية الآداب جامعة القاهرة ان ارتفاع اعداد المستعدين لدفع رشاوى يعكس تزايد إحساس المواطنين وشكوكهم فى عدم الحصول على حقوقهم بدون دفع هذه الرشاوى، مشيرا ان دفع المواطنين للرشاوى سواء بالرضا او الإكراه يعكس ظاهرة موجودة فى المجتمع وهى تقبل هذا الأمر والاعتياد عليه. وهو ما يدعو الى الحاجة لدراسة منظومة القيم فى المجتمع المصري وتوضيح ماذا حدث؟ للتعرف على سلوك المصريين تجاه قضايا الفساد.

ومن جانبه اعرب الدكتور احمد كمال ابو المجد نائب رئيس المجس القومي لحقوق الإنسان ان الرشوة فى مصر أصبحت ثقافة شعبية والناس أصبحت تراها أسلوبا شعبيا لإعادة توزيع الدخول مشيرا الى انه اقترح حذفها من الجرائم الموجودة فى قانون العقوبات.

وأكد حسن الخطيب رئيس جمعية شباب الأعمال ان هناك تدهورا فى رؤية قطاع الأعمال للمناخ فى الجهاز الحكومى وان الرغبة قلت لدى مقاومو الفساد. وأضاف ان هناك تدهورا فى منظومة القيم وتحول فى الثقافة المجتمعية الى ان الدفع غير القانونى هو السبيل الوحيد لانهاء الاعمال.

اما الدكتورة سهير عبد المنعم الخبيرة بالمركز القومي للبحوث طالبت أولا بإعادة النظر في القوانين التي تقنن الفساد وتحميه وأن تكون العقوبة رادعة للكبار قبل الصغار، وأن يحاسب الجميع دون الحصول علي إذن من الوزير أو الجهة المختصة التي غالبا لا تمنح هذا الإذن وأن تكون هناك رغبة وإرادة سياسية لتحقيق ذلك بالفعل في الواقع. ثم ان تتغير منظومة الحياة نحو مزيد من الشفافية والديمقراطية التي من شأنها أن تفضح الفساد وتكشفه لا أن تخفيه وتتستر عليه وهو ما يحدث في كل النظم الغربية المتقدمة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وماذا عن؟؟
نبيل يوسف -

تكلم المقال عن دافعي الرشوة لكنه لم يتكلم عن آخذي الرشوة.. مع اننا شعب متدين ولا يترك فرضاً!! كما تعجب من مقولة أن حال الموظف حاليا افضل من الخمسينات.. وقت ان كانت بريطانيا مديونة لمصر والجنية المصري أقوى من الإسترليني والدولار!