إيلاف+

المسجد الأحمر في الباكستان يستذكر الحملة العسكرية 2-2

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الخالق همدرد من إسلام آباد: كانت العملية العسكرية على المسجد الأحمر بدأت في 3 يوليو عام 2007 وانتهت في 10 يوليو 2007. وتزامن ذلك التاريخ مع يوم الجمعة هذه المرة. ووصل هذا المراسل إلى موقع المسجد الأحمر؛ إلا أنه فوجئ بالإجراءات الأمنية المشددة التي تسببت في تفويت الصلاة على الكثيرين؛ لأن الشرطة قد أقفلت جميع الطرق المؤدية إلى المسجد سوى طريق واحد. وقد أنشأت الشرطة ثلاثة دوائر أمنية: الحواجز الخرسانية والأسلاك الشائكة والبوابة الإليكترونية إضافة إلى وضع كلب بوليسي على نقطة الدخول، بينما يراقب الشرطة ومتطوعو المسجد الأحمر كل قادم ورائح مع تفتيش من يرون حاجة في تفتيشه.

وكانت لافتات كبيرة قد تم تعليقها على جدران المسجد وفوق الطرق حول المسجد تدعو إلى إنشاء جامعة حفصة في موقعها حسب أوامر محكمة التمييز وتندد بـ "عملية الصمت" - العملية العسكرية ضد المسجد الأحمر- داعية إلى محاكمة المتورطين فيها إضافة إلى إجراء تحقيق حر شفاف للكشف عمن أمر باستخدام القنابل الفوسفورية ضد المحتمين داخل المسجد الأحمر وجامعة حفصة وثم تقديمهم إلى العدالة.

كان الزحام شديدا رغم الحر اللافح. وقد قامت إدارة المسجد بإقامة حفل إلى وقت العصر. وقد قام الكثير من العلماء بينهم أحد نواب الجمعية الوطنية أيضا، بإلقاء الضوء على العملية التي أدت إلى استشهاد أكثر من 1,300 شخص حسب إحصائيات المسجد الأحمر ونحو 100 شخص كما يقول الجنرال مشرف.

ودار معظم الكلمات حول الجهاد ومكانته في الإسلام إضافة إلى إدانة السياسات الخاطئة للنظام الباكستاني الذي منح فرصة للولايات المتحدة للتدخل في الشؤون الباكستانية إضافة إلى قتل المدنيين الأبرياء في المناطق القبلية تحت مسمى ملاحقة الإرهابيين، علما أن الإحصائيات الرسمية الباكستانية قد أكدت الشهر الماضي أن الغارات الجوية الأميركية قد تسببت في القضاء على أكثر من 600 شخص ومن ضمنهم 14 عنصرا للقاعدة. والغارات الأخيرة التي أدت إلى سقوط أكثر من 100 قتيل ليست متضمنة لتلك الإحصائية.

وقد طولب من جانب إدارة المسجد الأحمر في نهاية الحفل ضمن القرارات الصادرة بأن تقوم الحكومة بإعادة بناء جامعة حفصة في موقعها حسب أوامر المحكمة إضافة إلى تقديم الديات إلى ذوي الشهداء، كما أمرت بها المحكمة.

وقد التقت إيلاف أسرة أحد المقتولين في العملية وهو الشاب الحافظ أجمل محمود من مواليد عام 1988 ولم يتجاوز سنه الربيع التاسع عشرة من عمره. وقد تحدث شقيقه مع إيلاف. وقال إن الحافظ أجمل كان يعمل بائع عصير. وذهب إلى المسجد الأحمر بعد أن سمع ببدء العملية ضده في 3 يوليو 2007، ولم يعد إلينا بعد ذلك.

وردا على سؤال قال إنه لم يكن أحد منا يفكر في أن الوضع سيؤدي إلى تلك الكارثة الإنسانية والمأساة التي لا نظير لها. وكنا نرى أن الأمور ستعود إلى الطبيعة. وأضاف أن أجمل بقي على اتصال معنا من ساحة المسجد الأحمر. وكلما اتصلنا به كان يخبر رفاقُه أنه في صلاة أو تلاوة أو أذكار؛ لأن الاتصالات كانت عن طريق جوال لأحد أصدقائه. وكان يطلب من الوالدين الدعاء والعفو عنه إذا ارتكب أي خطأ في حقهما.

وردا على سؤال عن سبب عدم خروج أجمل من المسجد رغم كونه على اتصال بأهله، أكد شقيقه أننا طلبنا منه الخروج. وكان يمكن له الخروج حتى اليوم الأخير من العملية؛ لكنه رفض مبررا بأنه يستحي كيف ينقض وعده بعدم الخروج وقد سقط مئات الشهداء أمامه. وقال عندما ألححت عليه بالخروج وقلت إن الأخوات الثلاثة ينتظرنك في البيت ووضعهن سيئ جدا، قال هن ثلاث فقط وهنا المئات من الأخوات.

وذكر أنه يجد في النار والبارود حلاوة لا يساويها شيء. وقد أكد في اتصال أنه مصمم على البقاء في الداخل وقد وضع وصيته مكتوبة على منبر المسجد.

وأشار الشقيق إلى أنه قد يكون عدد من استشهدت من طالبات جامعة حفصة أكثر من 1,500 طالبة؛ لأن الجامعة كانت لديها أكثر من 3,000 طالبة مسجلة وعدد الناجيات قليل.

وقد تعرض شقيق أجمل إلمضايقات كثيرة بعد ذلك من جهات لم تكشف عن هويتها. كما أنه تلقى تهديدات بالقتل من جانبها. وقد تم نقل كل ذلك الكلام إلى محكمة التمييز التي أصدرت أوامر بالامتناع من ذلك. ويضيف أن المضايقات والملاحقات قد انتهت؛ لكن لم يعد لدي عمل الآن. وقد احترقت أوراق تسجيل دراجتي النارية التي كانت لدى أجمل، في المسجد الأحمر. وقد طرقت كل باب من أجل استصدار أوراق جديدة؛ لكن لم يساعدني أحد.

وردا على سؤال عن مشاعر الوالد والوالدة الآن، أكد أنهما يحتسبانه عند الله وليس لديهما أي قلق. قلوبهما مطئنة ويفتخران بابنهما الشهيد ولديهم أمل بأن الله سبحانه وتعالى سينصف لهما.

وتقول الوالدة إن ابني قد أدى حق لبني بتقديم تضحيته للإسلام وأنها فخورة به وأن الشريعة الإسلامية من حق الشعب الباكستاني وهي الكفيلة بحقوق الجميع. وإلا سيبقى الجميع تائهون في متاهات منسدة.

هذا وقد أعلنت الحكومة من قبل منح قطعة أرض لجامعة حفصة في الحي التعليمي للعاصمة؛ إلا أن الإجراءات الرسمية لم تتم بعد. كما وأن هناك تحفظات حول نقل الجامعة إلى موقع جديد عوضا عن إعادة بنائها في موقعها الذي أصبح الآن أرضا فضاء. وكانت الحكومة السابقة ترغب في ضمها إلى سوق الأحد المتاخمة لجامعة حفصة؛ إلا أنها لم تتمكن من تطبيق تلك الخطة.

ويرى الخبراء أن قضية المسجد الأحمر من بين أكبر التحديات أمام قاضي القضاة افتخار شودري الذي عاد إلى منصبه نتيجة نضال شعبي مرير طويل. وقد قام شودري شجاعت حسين رئيس حزب الرابطة الذي كان يحكم البلاد إبان حكم مشرف وابن عمه بزيارة لخطيب المسجد الأحمر الشيخ عبد العزيز واعتذر إليه بأنه لم يكن ينوي أي عملية ضد المسجد الأحمر؛ إلا أن الأمور لم تكن بيده. ومن المعروف أن الأول قد حاول للتفاوض في ذلك الحين؛ لكن الأمور انقلبت عندما وصلت إلى قصر الرئاسة للحسم ورفض مشرف أي تفاوض أو سلم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف