منتهى الجمال

منتهى الجمال!

حافظ المدلج

"كن جميلاً ترى الوجود جميلاً"، حكمة حفظتها وتعلمت من خلالها أن استمتع بالجمال في كل شيء، وفي الرياضة جمال آخاذ يستمتع به كل من يجيد النظر إلى مواطن الجمال، فأخلاق الرياضة وفنونها وإنجازاتها وقصص أبطالها تحمل من الجمال ما يجعل المتابع يشعر بالإشباع الجميل الذي يملأ العين والعقل معاً. وفي التاريخ الرياضي قصص جميلة تحتاج إلى كتاب أنوي كتابته يوماً من الأيام، سأبدأه بقصة "لانس أرمسترونق" بطل الدراجات الذي قهر المرض الخبيث بمشيئة الله ثم بعزيمة الرياضيين، ولم يكتف بذلك بل أبتكر الربطة الصفراء التي تباع في جميع أنحاء العالم ويكون ريعها للإنفاق الخيري على نفس المرض وكنت أتمنى أن لا تتحول عندنا إلى تجارة بحته فيتشوه جمال الفكرة.

صورة جميلة أخرى رأيتها في أحد أشهر وأقدم ديربيات كرة القدم حين ألتقى الأسبوع الماضي مانشستر يونايتد مع غريمه وجاره مانشستر سيتي، وتزامنت المباراة مع مرور خمسين عاماً على سقوط طائرة مانشستر يونايتد في ميونخ ومقتل ثلاثة وعشرين شخصاً بينهم ثمانية لاعبين. وكانت صور الجمال عديدة، فالتاريخ يقول بأن المدرب "مات بوزبي" أستطاع بناء أحد أجمل الفرق الأوروبية ليحصل على كأس أبطال أوروبا بعد الحادث بعشر سنوات، ولكن الصورة الأجمل كانت في أرتداء الفريقين للقمصان القديمة التي لعبا بها قبل خمسين عاماً، فظهرت القمصان خالية من الماركة المصنعة للملابس وبدون الإعلان التجاري، وفي ذلك تضحية كبيرة من الشركات الراعية التي وافقت على إخفاء شعاراتها في أهم مباراة سيتابعها أكثر من مليار ونصف المليار من المشاهدين حول العالم، لتثبت تلك الشركات أن في الرياضة ما هو أهم من الكسب المادي والعوائد التجارية، وكم أتمنى انتقال هذا الفكر للشركات السعودية المترددة لتبدأ رحلة الاستثمار في الرياضة لأهداف تتجاوز الربح المادي فقط، وأملي فيهم كبير.

صور جميلة أخرى عايشناها مع المنتخب المصري الشقيق الذي سطر أروع جماليات كرة القدم على أرض غانا، فأستطاع "حسن شحاته" أن يستبعد كل العناصر التي كانت تشوه أداء المنتخب المصري، فقد كان حازماً في البطولة السابقة مع "ميدو" وكرر الحزم في هذه البطولة مع "زيدان"، فحصلت مصر على بطولة مستحقة رفعة رأس العرب وأكدت أن كرة القدم الجميلة تكسب متى توفرت جميع العناصر بتوفيق الله، وتمثلت أجمل الصور في النجم الجميل "أبو تريكة" الذي ترك أثراً إيجابياً جميلاً على كل نجوم الفريق، فكان منتخباً جميلاً، نتمنى أن يكون والمنتخب السعودي أجمل في رحلتهما نحو جنوب أفريقيا.

وصور الجمال السعودي تحتاج إلى مقال خاص، ولكنني أترك كل قارئ مع نفسه يختار أجمل ما رآه في الآونة الأخيرة، فإن أراد مشاركة القراء فيه فليكتب للمنتدى الكتاب، وأتمنى أن تكون المشاركات جميلة فتخرج عن إطار التعصب، فالجمال الحقيقي يراه الجميع جمالاً، وقد يكون في الرياضة هدفاً جميلاً أو سلوكاً أجمل أو قصة وفاء أو بطولة تستحق أن توصف ب "منتهى الجمال". وكم أحمد الله أن منّ علي برؤية "منتهى الجمال"، وأحمد الله على كل أقداره.. وعلى دروب الجمال نلتقي،،،

نقلا عن الرياض بتاريخ 16 فبراير 2008