رياضة

الأولمبياد ساحة مقاومة العنصرية وضحية الحرب الباردة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف تفتح ملف الدورات الأولمبية... تاريخ من السياسة (2/3)
الأولمبياد ساحة مقاومة العنصرية وضحية الحرب الباردة

وإقرأ أيضاً
عملية ميونيخ 1972 الأشهر في التاريخ الأولمبي


ملك اليونان طلب احتكار بلاده تنظيم الأولمبياد للأبد 1-3 محمد حامد - إيلاف : مع بدايات النصف الثاني من القرن العشرين بدأت حركات التحرر من قوى الاستعمار ترسم ملامح المشهد السياسي في العالم، وبطبيعة الحال تأثرت الدورات الأولمبية بما يحدث في العالم من تطورات سياسية، فالدورة الأولمبية هي تجمع عالمي رياضي في الأساس، ولكن السياسة دائمًا تقول كلمتها في مثل هذه التجمعات الكبرى، حيث تأثر الأولمبياد بشدة بالحرب الباردة بين المعسكر الشرقي بزعامة الإتحاد السوفياتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة وأتباعهما، وكانت المقاطعة الاميركية لاولمبياد موسكو عام 1980، والرد عليها من خلال المقاطعة السوفياتية لأولمبياد لوس انجلوس عام 1984 ما هي إلا تعبير واضح للتراشق السياسي من نافذة الأولمبياد الأمر الذي يؤكد تأثر الأولمبياد بالتوجهات السياسية للقوى الكبرى بشكل واضح، كما طغى على المشهد الأولمبي الكثير من المواقف السياسية العربية، ففي أولمبياد ملبورن عام 1956 قاطعت مصر والدول العربية فعاليات الدورة بسبب العدوان الثلاثي على مصر، وفي دورة ميونيخ عام 1972 تنبه العالم لوجود القضية الفلسطينية من خلال الهجوم الذي قام به فلسطينيون على البعثة الاسرائيلية، كما هدد العرب بالانسحاب من دورة كوريا الجنوبية عام 1988 حينما أعلن المذيع الداخلي لحفل الافتتاح أن "القدس" عاصمة إسرائيل أثناء مرور الوفد الإسرائيلي في طابور العرض .


أولمبياد الخمسينات والستينات تتأثر بالعدوان الثلاثي والعنصرية

من مراسم افتتاح اولمبياد أثينا 2004 تصدت ملبورن الأسترالية لتنظيم أولمبياد عام 1956 وجاءت الدورة في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر، وكان التأييد الأسترالي لهذا العدوان سببًا في المقاطعة المصرية التي تبعتها مقاطعة عربية لفعاليات الدورة، كما قاطعت الصين أولمبياد ملبورن لأسباب سياسية أيضًا، حيث كانت تايوان مدعوة للمشاركة في الدورة وهو الأمر الذي أثار استياء الصين التي لم تشأ أن تمنح تايوان أي دليل على استقلاليتها، وعقب المقاطعة الصينية قررت اللجنة الأولمبية الدولية حرمانها من المشاركة في الدورات التالية عقابًا لها على مقاطعة فعاليات دورة ملبورن .

وفي طوكيو عام 1964 استغل العالم فرصة الأولمبياد ليوجه رسالة إنسانية سياسية واضحة المعالم محددة الهدف حول رفض العنصرية، فلم تكن هناك وسيلة متوافرة بالقوة والفعالية نفسهما أكثر من الدورة الأولمبية ليطلق العالم الحر صرخته في وجه العنصرية القبيح الذي انتهجه النظام الجنوب أفريقي خلال هذه الفترة، فلم توجه الدعوة لجنوب أفريقيا للمشاركة في دورة طوكيو 1964، واستمر الابتعاد الصيني بسبب مشكلة تايوان، وقاطعت كوريا الشمالية الدورة ذاتها وللسبب نفسهوهو ماركة تايوان تأييدًا للموقف الصيني .


تفاصيل عملية ميونيخ 1972

شعار اولمبياد طوكيو 1964 شهدت دورة ميونيخ عام 1972 قمة الإمتزاج والتداخل بين السياسة والرياضة، والإستفادة من الأحداث والفعاليات الرياضية الكبرى في تمرير رسائل سياسية، فقد تمكنت مجموعة فلسطينية من اقتحام القرية الأولمبية واحتجاز بعض أعضاء البعثة الرياضية الإسرائيلية كرهائن، وكانت النتيجة لفت أنظار العالم للقضية الفلسطينية، وفي ما يتعلق بأسباب العملية فقد اختلفت الروايات ما بين قائل إنها جاءت ردًا على حرمان فلسطين من المشاركة في الأولمبياد كدولة مستقلة، وما بين قائل إنها جاءت ردًا على ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.

وتفاصيل العملية وفق بعض المصادر التاريخية تشير إلى قيام مجموعة من المقاومة الفلسطينية مكونة من ثمانية أشخاص باقتحام مقر البعثة الرياضية الإسرائيلية في القرية الاولمبية في مدينة ميونيخ أثناء دورة الألعاب الأولمبية 1972، واحتجزوا تسعة من الرياضيين الإسرائيليين رهائن بعد أن قتلوا اثنين حاولا المقاومة. وطالب الفلسطينيون الذين نفذوا هذه العملية في رسالة ألقوها من نافذة المبنى الذي احتجزوا فيه الرهائن بأن تفرج السلطات الإسرائيلية عن 200 من المعتقلين العرب في السجون، وبأن تؤمن نقلهم إلى أي بلد عربي وفي حال وصول المعتقلين العرب إلى أي عاصمة عربية والتأكد من ذلك يتم التفاوض مع الحكومة الألمانية عن طريق جهة معينة أو بطريقة مباشرة لتسليمها الرهائن الإسرائيليين.

وحدد الفلسطينيون مهلة 3 ساعات يقتل الرهائن بعدها إذا لم يتم تنفيذ مطالبهم. ولكن أحاطت الشرطة الألمانية بالمبنى، وتمركز القناصة على سطوح المباني المحيطة به وبدأت المفاوضات بحضور وزير الداخلية الألماني الاتحادي ووزير داخلية مقاطعة بافاريا حيث تقع مدينة ميونيخ ومدير شرطتها وإثر المفاوضات تم تمديد مهلة الإنذار مرتين.ثم عرضت السلطات الألمانية تقديم عدد من المسؤولين الألمان رهائن والاستعاضة بهم من الرهائن الإسرائيليين ولكن العرض قوبل بالرفض وتقدمت السلطات الألمانية أيضاً باقتراح تقديم مبلغ غير محدد من المال لقاء الإفراج عن الرهائن فقوبل بالرفض التام وأصر الفلسطينيون على الاستجابة الكاملة لمطالبهم. وجرت اتصالات بين الحكومتين الألمانية والإسرائيلية أسفرت عن اتفاق بين الطرفين أعلنت فيه إسرائيل رفضها المطلق الاستجابة للمطالب الفلسطينية وإصرارها على إعداد كمين لإطلاق سراح الرهائن حتى ولو أدى ذلك إلى مقتلهم وأرسلت شخصية كبيرة من جهاز الأمن الإسرائيلي للإشراف على إعداد كمين وتنفيذه وقد اعترفت بذلك رئيسة الحكومة الإسرائيلية آنذاك "غولدا مئير" أمام الكنيست في جلسة طارئة عقدتها إثر العملية.

شعار اولمبياد موسكو 1980 وإزاء الرفض الإسرائيلي طلب الفلسطينيون تأمين طائرة تقلهم مع الرهائن إلى القاهرة. وبالفعل أقلعت طائرتا هيلكوبتر محملتان بالمجموعة الفلسطينية والرهائن إلى مطار "فورشينفليد بروك" العسكري التابع لحلف شمال الأطلسي وكان قد نصب الكمين فيه. حيث احتل 12 قناصاً ألمانيا متسترين بالظلام مواقعهم في المطار، وكانت ساحته مضاءة بالأنوار الكاشفة، أطلقوا النار على الفلسطينيين فرد هؤلاء عليهم بالمثل، كما أطلقوا النار على الأنوار الكاشفة فساد الظلام مسرح العملية.وأسفرت المعركة عن مقتل الرهائن الإسرائيليين التسع وشرطي ألماني كما قتل خمسة فلسطينيين واعتقل ثلاثة كان أحدهم مصاباً بجراح أدت فيما بعد إلى بتر ساقه .وبعد ذلك تم الإفراج عنهم إثر عملية احتجاز طائرة تابعة لشركة لوفتهانزا الألمانية كانت متوجهة من بيروت إلى ألمانيا يوم 29/10/1972 .

وفي الدورة ذاتها هددت بعض الدول الأفريقية بمقاطعتها في حال مشاركة زيمبابوي التي كان يحكمها نظام عنصري في هذه الحقبة الزمنية.

وفي دورة مونتريال (كندا) عام 1976 قاطعت بعض الدول الأفريقية الدورة بسبب العنصرية أيضًا، فقد شاركت نيوزيلندا في الدورة رغم أن منتخبها للركبي كان يؤدي بعض المباريات مع جنوب أفريقيا ولم يستجب للمقاطعة العالمية لجنوب أفريقيا، وبدورها لم تمنع كندا نيوزيلندا من المشاركة في أولمبياد مونتريال فقاطعت بعض الدول الأفريقية الدورة لهذا السبب .

الحرب الباردة تطغى على أولمبياد الحقبة الثمانينية

شعار اولمبياد ملبورن 1956 قاطعت الولايات المتحدة والدول الحليفة لها دورة موسكو عام 1980 بسبب الغزو السوفياتي لأفغانستان، وبطبيعة الحال كان هذا هو الهدف المعلن بشكل مباشر، ولكن الصراع السياسي الملتهب، والذي عرف تحت مسمى الحرب الباردة بين المعسكر السوفياتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة كان السبب الأهم لهذه المقاطعة، واللافت في الأمر أن الولايات المتحدة تصدت لتنظيم أولمبياد عام 1984 والذي أقيم في لوس أنجلوس، وهو ما جعل الفرصة سانحة للسوفيت لرد الدين ومقاطعة الدورة وكان السبب المباشر المعلن هو موقف الرئيس الأميركي رونالد ريغان" من ملف التسلح .

في عام 1988 وهو العام الذي شهد تنظيم كوريا الجنوبية للأولمبياد اعترف رئيس اللجنة الأولمبية الدولية في هذا الوقت وهو "خوان أنطونيو سامارانش" أن النفوذ الأميركي في الأولمبياد وتوجيه دفة اختيار الدول التي تستضيف الأولمبياد واضح بما لا يدع مجالا للشك، فقد جاء اختيار كوريا الجنوبية لتنظيم الأولمبياد نتيجة للضغوط الأميركية، وكان من المنطقي أن تقاطع كوريا الشمارية الدورة نتيجة التوتر الكبير الذي كان يسود علاقة الكوريتين .

كما هددت الوفود العربية بالإنسحاب من الدورة، بعد أن تم الإعلان عن أن القدس عاصمة لإسرائيل خلال طابور العرض أثناء مرور البعثة الاسرائيلية، وكانت تلك هي الإشارة الثانية التي تجسد حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي الذي انتقل إلى ساحة الدورات الأولمبية .

تقارب كوري وهموم عراقية في التسعينات والألفية الجديدة

في دورة أتلاتنا عام 1996 ظهر تأثير حروب البلقان والقلاقل السياسية في منطقة وسط أوروبا، فقد تم حرمان يوغوسلافيا من المشاركة في الدورة، ومن الأحداث السياسية الأخرى التي ألقت بظلالها على هذه الدورة التي استضافتها الولايات المتحدة حدوث تفجير بالقرب من المركز الأولمبي، فتم توجيه اصابع الاتهام وبشكل مباشر نحو ايران.

في سيدني 2000 أثبتت الرياضة أنها قادرة على حل مشاكل السياسة التي استعصت على الحل، فقد كان الأولمبياد الذي نظمته أستراليا فرصة للتقارب الكوري وتخفيف حدة توترات استمرت على مدى سنوات طويلة، فقد ظهرت كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية إلى جوار بعضهما بعضا في طابور عرض واحد، وفي دورة أثينا عام 2004 طغت الهموم العراقية على المشهد الأولمبي، فقد استغل الرئيس الأميركي جورج بوش النجاح اللافت الذي حققه المنتخب الأولمبي العراقي ليؤكد فكرة نجاح الغزو الأميركي للعراق في إحداث تغيرات هائلة أدت إلى نجاحات متعددة ومن بينها المجال الرياضي، كما كان للظهور المشرف للمنتخب الأولمبي العراقي والذي حقق المركز الرابع في الدورة أكبر الأثر في التخفيف من هموم الشعب العراقي وجراحه وحدوث هدوء بين الجبهات والفئات التي فرقتها الميول السياسية والاختلافات المذهبية .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
inchallah
mohamed -

الدوحــــــــــــــــــة INCHALLAH