موجة فرح ترافق فوز الدوحة التاريخي باستضافة المونديال

ثوان سبقت رفع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر إسم البلد الفائز بتنظيم مونديال 2022. توقفت خلالها قلوب الحاضرين في حديقة أسباير في الدوحة، كما في كل منازل قطر وفي كل مكان احتشدت فيه الجموع من قطريين ومقيمين عرب وأجانب، كسوق واقف والحديقة التراثية.

شخصت العيون نحو الشاشات العملاقة التي رفعت في المكان، ورنت القلوب إلى زيورخ السويسرية، أملاً في الفوز، إختار البعض مشاهدة الشاشة بصمت مع التمتمة بالدعاء لفوز قطر. والبعض افترش الأرض مخفياً توتره، وآخرون تجمهروا معاً رافعين الأعلام القطرية "كلنا اليوم قطر" يقول أحد الشباب الجزائريين الذين حضروا لدعم قطر. وكلما اقترب موعد الحسم كانت الشاشة محط الأنظار. وكلما ظهر أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وحرمه الشيخة موزة بنت ناصر المسند، وأعضاء الوفد القطري على الشاشة كانت أصوات الحاضرين تقول "يا رب قطر".

ما هي إلا لحظات، وكأنه صمت سبق عاصفة فرح. ثم ارتفعت الصيحات والتهليلات وأبواق النصر، فها هو حلم قطر يتحقق. وها هو اسم قطر يخط بحروف الفوز.

"اللهم لك الحمد" بهذه الكلمات تمتم أبو أحمد، وأخفى الرجل القطري الخمسيني بوقار دموع الفرح. وحوله رقص الجميع فرحاً، تبادلوا التهاني والقبلات إحتضنوا بعضهم بسعادة يعجز المرء عن وصفها.

بكت العنود محمد وكان أول ما صرخت به هذه الصبية القطرية هو "يا الله تحقق الحلم". ومسحت دموعها قائلة "أنا لست من هواة كرة القدم، لكن التحدي الذي كنا نخوضه جعلني أقف هنا بين الجموع بانتظار النتيجة، فقطر بلدي الذي أعتز وأفتخر به".

مثلها كان محمد الشاب اللبناني الذي عبر عن فخره بأن قطر "أول بلد عربي خليجي إسلامي يفوز بتنظيم المونديال"، وهو يتمنى أن يكون متواجداً بعد 12 سنة في الدوحة ليتمكن من عيش هذا الحدث العالمي الضخم.

يعتبر المواطن القطري عبد الله المحمود أن "التحديات كثيرة لكننا نؤمن ببلدنا وبأميره وقيادته الحكيمة التي رفعت اسمنا عالياً في المحافل الدولية في مختلف المجالات". ومثله اعتبر الكثيرون أن قطر كسبت الرهان، لكنهم يأملون أن يعيشوا لتلك اللحظة ليشاهدوا الحلم يتحقق على أرض الواقع.

"أخيراً سأشاهد المونديال" قالها سمير عبد الباقي المواطن المصري، الذي رفع علم بلاده إلى جانب علم قطر. ويقول رفيقه القطري محمد السعدي بانفعال لا يخفى على أحد "فعلناها احبك يا قطر والله" ويكمل عبارته وهو يتراقص فرحاً.

عرضة ودبكة

حلقات الدبكة عمت المكان، جنباً إلى جنب، قبل أن يختار الحاضرون الإنطلاق الى المكان الفعلي للإحتفالات وهو كورنيش الدوحة. فهناك اعتاد أهل البلد وسكانه على التعبير عن فرحتهم. هناك احتشدت السيارات وتوقفت المسيرات مع إطلاق العنان لأبواقها.

على جانب الطريق المؤدي إلى الكورنيش يصطف بائعو الأعلام والأضواء والرايات والأبواق. ومثلهم اختار البعض التوقف عند جانبي الطريق ليعبر عن فرحته رقصاً في الشارع. والبعض خرج من نافذة السيارة ليهتف "يللا (هيا) يا قطر" و"2022 مبروك يا قطر".

الاستعداد للفوز وترقب الخسارة

كانت الإستعدادات للفوز كلها على قدم وساق، جهزت لجنة ملف قطر 2022 برنامجاً خاصاً لهذه المناسبة في أكاديمية التفوق الرياضي (أسباير) وسوق واقف، ودعت الجماهير القطرية من مواطنين ومقيمين للتفاعل مع هذا الحدث.

كما نقلت المحطات الفضائية القطرية الرياضية وفي مقدمتها الجزيرة الرياضية والجزيرة الإخبارية وقناة الدوري والكأس على الهواء مباشرة تفاصيل الحدث التاريخي وتفاصيل اجتماع اللجنة التنفيذية للفيفا.
كما أعلنت قناة الجزيرة الرياضية عبر موقعها الالكتروني أنها "ستقوم بتغطية شاملة وفريدة من نوعها مواكبةً لفعاليات التصويت لاختيار الملفين الفائزين باستضافة كأس العالم عامي 2018 و2022".

إنه موسم العمل

كل الرايات والإعلانات والأعلام التي رفعت أمس في قطر، جعلت البلد في عرس أسطوري. وسهرت قطر والدوحة حتى الفجر إحتفالاً. ليكون يوم الإحتفال الفعلي عند عودة وفد قطر الرسمي من سويسرا ليشارك القطريون والمقيمون أمير قطر ولجنة ملف قطر 2022 فرحة الفوز، وينطلق بعدها موسم العمل الدؤوب.

وستكون قطر خلال السنوات الإثنتي عشرة القادمة أمام الكثير من التحديات لتثبت أن بلداً صغيراً من الشرق الأوسط، ومن الجزيرة العربية، ومن الدول الإسلامية بوسعه أن يجترح المعجزات طالما كانت هناك الإرادة لذلك، والعزم على تحقيق الأحلام.