هل ترفع نهائيات كأس العالم الكآبة عن جنوب افريقيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ربما وصلت قوة الرياضة لتقريب الناس بعضهم بعضاً ذروتها في جنوب افريقيا، فقد كان في نهائيات كأس العالم للرغبي في عام 1995 عندما ارتدى نيلسون مانديلا قميص بلاده سبرينغبول (ظبي) الأخضر، فاتحدت الأمة المقسمة.
وقد كانت لحظة مؤثرة عندما سأل مراسل تلفزيوني كابتن منتخب جنوب افريقيا فرانسوا بينار كيف يشعر وهو يرى أن وراءه مشجعين يبلغ عددهم حوالي 62 ألفاً داخل ايليس بارك، الذي أجاب: "لم يكن لدينا 62 ألف مشجع، بل كان لدينا 43 مليون جنوب افريقي".
وكان من الممكن لمثل هذه الكلمات أن تُصاغ في سيناريو لفيلم، وقد أوحت هوليوود أخيراً بذلك في فيلم "إنفكتوس" من اخراج كلينت ايستوود وبطولة مورغان فريمان متخذاً شخصية مانديلا بينما سيقوم بدور بينار الممثل مات ديمون. وسيعرض الفيلم في بريطانيا خلال الأيام القليلة المقبلة، متزامناً مع الذكرى السنوية الـ20 للافراج عن مانديلا من منفاه في جزيرة روبن.
وسيعيد الفيلم ذكريات أيام عندما استطاعت الرياضة أن تجمع من جديد أمة مفككة. ولكن وباختصار، حتى المعلقين الحكماء أعلنوا أن الأمور سوف لن تعود كما كانت عليها في السابق. إلا أن كبير أساقفة جنوب افريقيا السابق ديزموند توتو، الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1984، قال: "لقد حركتنا الرياضة، وجعلتنا في الواقع ندرك أنه كان من الممكن بالنسبة إلينا أن نكون في الجانب الواحد، وأن نصبح أمة واحدة".
ولكن إذا كان ذلك لفترة عندما بدأت البلاد تتغير أمام عينيه، فإن وتيرة التغيير، لا محالة، بدأت تتباطأ بعد الإثارة وآلام الولادة والديموقراطية الشابة قد وصل إلى مرحلة المراهقة الحرجة، إذ أظهر مسح أجراه معهد العدالة والمصالحة نشرت نتائجه نهاية السنة الماضية أن أقل من نصف عدد سكان جنوب افريقيا يعتقدون بأن العلاقات العرقية فيه قد تحسنت منذ انتهاء حكم البيض قبل 16 عاماً. ففي يوم نموذجي، واحد من كل أربع أشخاص لا يتحدث أبداً مع الآخرين من عرق مختلف، واثنان من كل خمسة يعتقدون عموماً بأن الأجناس الأخرى "غير جديرة بالثقة". والثقة بـ"مستقبل سعيد لكل الاعراق" التي بلغت نسبتها الذروة (86 في المئة) في عام 2005، انخفضت الآن إلى 62 في المئة.
وربما لهذا السبب تتطلع جنوب افريقيا إلى اللقاء المقبل لنهائيات كأس العالم لكرة القدم لتجلب حافزاً آخر للتغيير في رفع المعنويات بمستوى التي كانت عليها في 1995. وبالفعل كانت للبطولة تأثيرها الواضح في طرق عدة: فقد تم تحسين المطارات وتوسيع نطاقها وانشئت طرق جديدة وارتفعت الملاعب البراقة ومعها التطلعات.
ومنح استضافة نهائيات كأس العالم لافريقيا هي واحدة من الانجازات القليلة لجوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، ويمكن أن يفخر بهذا الانجاز حقاً، لأن أنظار العالم ستكون على بلد من البلدان النامية الذي يسعى جاهداً لإظهار أفضل وجه له. ولكن هناك انتقاصاً واحداً مقارنة مع تلك الأيام في عام 1995 وهو أن العجوز مانديلا (91 عاماً) سيسلم الكأس إلى كابتن البلد المضيف. وقد تصنع جنوب افريقيا التاريخ إذا خرجت من الأدوار الأولى، لأنها ستكون أول دولة في التاريخ تستضيف نهائيات كأس العالم وتخرج من البطولة مبكراً، علماً أنها ستفتتح مبارياتها ضد المكسيك في 11 حزيران المقبل وعندها سيكون الدعم حماسياً ومتوهجاً من جميع الألوان والأعراق، وقد تكون كرة القدم رياضة كل البلدات، إلا أن في بطولة كأس القارات العام الماضي والتي استضافتها، تم تقسيم الحشود بالتساوي تماماً بين السود والبيض.
وقد يجادل بعضهم أن العديد من السود الذين يرغبون في حضور المباريات لا يستطيعون تحمل النفقات - والهوة بين الأغنياء والفقراء، التي ما تزال السبب في التوتر المركزي للأمة المتطورة، ستكون واضحة بشكل صارخ لأولئك الذين سيتوجهون إلى البطولة، وفي طريقهم بسياراتهم إلى فنادقهم الأنيقة والملاعب الجديدة البراقة سيشاهدون أفداناً من أكواخ مصنوعة من الصفيح.
وربما قد اتيحت الآلاف من التذاكر للسكان المحليين بتكلفة قدرها 140 راند (حوالي 12 جنيهاً استرلينياً)، وهو مبلغ يساوي سبعة أضعاف تكاليف مشاهدة مباريات الأندية المحلية. وفي معظم البلدات سيشاهدون مباريات البطولة مجتمعين حول التلفزيون يائسين لفوز بافانا بافانا، ولكن قد يتملكهم الخوف من الأسوأ.
رمزياً أن المصنف الأول في المجموعة الأولى، البلد الذي يحتل المركز الـ81 في تصنيف الفيفا، ينبغي عليه أن يواجه فرنسا والمكسيك وأوروغواي (يحتلون المراكز الـ7 و17 و21 عالمياً على التوالي في التصنيف الأخير لفيفا). يذكر ان جنوب افريقيا فشلت في التأهل لنهائيات كأس الأمم الافريقية لعام 2010. وفوزها جاء فقط على مدغشقر من الـ11 مباراة ماضية لها، ولذلك فإن الأنصار المحليين قد يستعدون بالفعل للتغيير ويدعمون ساحل العاج أو غانا، المنتخبان اللذان لديهما فرصة حقيقية ليصبح أحدهما على الأقل أول منتخب افريقي يصل إلى الدور قبل النهائي لكأس العالم.
وإذا كان هناك أي أمل بالنسبة إلى جنوب افريقيا، فإنه سيكون بسبب عودة كارلوس البرتو باريرا مدرباً للمنتخب الوطني الذي حل محل تيلي سانتانا في تشرين الأول الماضي. وسيستغل باريرا كل خبراته في بطولات كأس العالم بعدما قاد الكويت والإمارات والبرازيل (مرتين) والسعودية إلى نهائيات كأس العالم. وقد تكون معرفته عميقة ولكن ليس هذا هو الحال بالنسبة إلى موارده. واعتماده الكثير والكثير جداً سيكون على مدى أداء واللياقة البدنية لستيفن بينار، اللاعب المثير للإعجاب في ايفرتون، ولكن المطلوب منه تحمل كل عبء بلاده. أما بيني مكارثي، هداف جنوب افريقيا، الذي أعاده باريرا إلى المنتخب بعدما كان قد اختلف مع سانتانا، فإن عليه أولاً أن يجد نادياً يشارك فيه بصورة مستمرة بعدما تم تهميشه من قبل بلاكبيرن. وإذا تم البحث عن لاعبين آخرين بنسبة متفاوتة فهناك ارون موكوينا (بورتسموث) ونصيف موريس (راسينغ سانتاندر). وحتماً ستعتمد جنوب افريقيا على اللاعب الثاني عشر، الجماهير، بالمستوى نفسه الذي كان يشجعهم عندما وصل منتخبهم إلى الدور نصف النهائي في كأس القارات، فعلى رغم أن المنتخب لم يتسبب في أي مفاجآت على أرض الملعب، فإن الجماهير أزعجت اسبانيا مع أبواق فيفيزيلا التي من شأنها أن توفر أصوات التزمير في نهائيات كأس العالم. والفيفا، وبحق، يقاوم دعوات لحظر هذه الأبواق على رغم أن القرار من شأنه أن ينعكس إذا اسيئ استخدامها.
وإذا كان هناك ما زال شيئاً للعب في المباراة الأخيرة لجنوب افريقيا في مجموعتها ضد فرنسا، فإنه سيكون الجو الساخن في بلومفونتين، موطناً لأكثر المؤيدين المحتمسين في البلاد. أما إذا وصلت إلى مرحلة خروج المغلوب، فإنه يمكن أن تبدأ الاحتفالات في الشوارع.
ولكن مهما كانت النتائج على أرض الملعب فإن جنوب افريقيا تشعر أن الانتصار العظيم كان الفوز بحق استضافة هذا الحدث في المقام الأول. إذ أن توتو ومانديلا سافرا إلى زيوريخ في ايار 2004 لإقناع اللجنة التنفيذية في الفيفا لإستضافة افريقيا للبطولة. والأخير وصف كيف أن البلدان الافريقية، بسبب عزلتها عن الرياضة العالمية، فعلت الكثير لتقويض الفصل العنصري.
ومن المفهوم كانت هناك مناقشات حول الحكمة من انفاق بلايين راند على الملاعب حيث ما زال هناك العديد من الفقراء. إلا أن البعض الآخر يشير إلى تدفق الاستثمارات وخلق فرص العمل والسياحة والزيادة التي لا تقدر بثمن في البلاد لاحترام الذات، إذ لا يمكن أن تضع قيمة على ذلك.
وبهذه المناسبة قال داني غوردان، الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة: "هذه هي السنة ونحن كأمة سنفتح أبوابنا وقلوبنا والروح الرياضية للعالم". وهذه هي بالفعل الطريقة التي سيحكم على جنوب افريقيا بدلاً من التركيز على ما هي في الحكم المؤكد للنتائج المتواضعة على أرض الملعب لبافانا بافانا.
نبذة رياضية عن جنوب افريقيا
1948: فاز الحزب الوطني بالانتخابات بسبب برنامجه العزل العنصري.
1961: أول حظر على جنوب افريقيا من قبل الفيفا الذي ألغاه في وقت لاحق.
آب 1964: حظرت من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو بسبب رفضها الانصياع لطلب اللجنة الأولمبية الدولية لإدانة الفصل العنصري. واستمر هذا الحظر لغاية 1992.
تشرين الأول 1968: منع الفيفا من مشاركتها في مباريات دولية لكرة القدم إلى أجل غير مسمى، وتم رفع هذا المنع في تموز 1992.
1968: طلبت من منتخب انكلترا للكريكيت بعدم اختيار اللاعب الأسود باسل لويس داوليفيرا ضمن تشكيلته في جولته إلى جنوب افريقيا، وأدى هذا إلى فرض حظر دولي للاتصال مع البلد على رغم أن جولات عدة من المباريات قد اقيمت فيه مع المتمردين.
1977: تضمنت معاهدة غلين ايغلز لرؤساء حكومات دول الكومنولث على أنه ينبغي ألا يكون هناك أي اتصال رياضي مع جنوب افريقيا.
1980: قام المنتخب البريطاني للرغبي بجولة إلى جنوب افريقيا على رغم معارضة الحكومة البريطانية.
1985: أنهى الفورمولا1 إقامة سباقات الجائزة الكبرى للسيارات في جنوب افريقيا بعدما رفض فريقان المشاركة في المنافسات.
1990: بدأت المفاوضات بين أعضاء الحكومة لإنهاء نظام الفصل العنصري.
1992: عودة منتخب جنوب افريقيا للكريكيت إلى المنافسات الدولية. انهزم أمام منتخب انكلترا في الدور قبل النهائي لبطولة كأس العالم.
1995: استضافت كأس العالم للرغبي - أول مرة تشارك في هذه البطولة - وفازت على نيوزيلندا في المباراة النهائية. ومشهد نيلسون مانديلا يقدم كأس البطولة لكابتن جنوب افريقيا فرانسوا بينار وهو يرتدي القميص سبرينغبول رقم الـ6 كان ملهماً.
2003: استضافت بطولة كأس العالم للكريكيت ولكنها خرجت من البطولة مبكراً بعدما فشلت في فهم قواعد المباريات التي تتضرر بسبب الأمطار.
15 ايار 2004: فازت على مصر والمغرب للحصول على حق استضافة نهائيات كأس العالم لعام 2010.
11 حزيران 2010: المباراة الافتتاحية لنهائيات كأس العالم لكرة القدم ستكون بين جنوب افريقيا والمكسيك
التعليقات
كأس العالم للرغبي 07
أبو قتادة -فازت بكأس العالم للرغبي 2007 بعد فوزها على منتخب انجلترا في المباراة النهائية
كأس العالم للرغبي 07
أبو قتادة -فازت بكأس العالم للرغبي 2007 بعد فوزها على منتخب انجلترا في المباراة النهائية