رياضة

فوز بلاتيني بفترات الاستقرار نهاية للثقافة الحرة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حقق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم نصراً في معركته لجعل الأندية المثقلة بالديون لأصحابها الأثرياء من تثبيت أنها يمكن أن تعيش في حدود إمكانياتها. إذ عقدت اللجنة التنفيذية ليويفا اجتماعها في مقرها الزجاجي الفخم الذي يقع على ضفاف بحيرة جنيف لتكريس قاعدة تهدف إلى وضع جنون التصارع المالي في كرة القدم في بعض من عقلانية الشكل.

فبعد نتاج عمل ما يقارب من ثلاث سنوات لرئيس يويفا ميشيل بلاتيني، الذي سبق له أن أعرب عن انزعاجه ونبّه في الوقت نفسه من "الخطورة على كرة القدم" بسبب الديون والاسراف في الانفاق وتفشي الأنشطة التجارية، فقد وافقت اللجنة التنفيذية للاتحاد على لوائح "اللعب المالي النظيف".

ومن حيث المبدأ، وبعد سنوات عدة من التأكيد للجمهور الكروي أنه لا يوجد بديل عن كون كرة القدم هي لعبة في السوق الحرة، فقد جاءت اللوائح بكل بساطة. فاعتباراً من الموسم 2012/2013، أي لم يبق من الوقت سوى سنتين، فإنه ينبغي على الأندية التي ترغب بالمشاركة في المنافسات الأوروبية ألا تنفق أكثر مما تكسب. هذا هو باختصار ما عليها أن تفعله.

والفكرة هي لوقف الأندية من الانفاق على رواتب اللاعبين أكثر من مداخيلها لمطاردة حلم النجاح - وليس في انكلترا فقط - حيث، وفقاً لأحدث الحسابات للموسم 2008/2009، فإن 14 من مجموع الـ20 نادياً في الدوري الممتاز الانكليزي حقق خسائر مالية ضخمة. وفي اسبانيا نشرت أندية لا ليغا مؤخراً خسائرها التي قدرت بثلاثة بلايين يورو. أما النوادي الايطالية الكبرى، وواحدة منها يوفنتوس الذي أنعم عليه بلاتيني نفسه في ثمانينات القرن الماضي، فهي مدمنة منذ فترة طويلة على اجراء اصلاحات مالية من قبل أصحابها.

واعتباراً من الموسم 2012/2013 فإنه سيتم حظر الانفاق الهائل على اللاعبين من قبل مالكي الأندية، كما حصل في تشلسي عندما دفع رومان ابراموفيتش 726 مليون جنيه استرليني منذ عام 2003، أو مانشستر سيتي الذي أنفق صاحبه الشيخ منصور 400 مليون استرليني منذ عام 2008. فيجب على الأندية الفردية أن تدفع أجور اللاعبين والتكاليف الأخرى من الأموال التي يكسبونها من عقود البث التلفزيوني والرعاية - وهنا ستكون أسعار التذاكر الأغلى في العالم - وليس من "فاعل خير" مالك النادي.

ووفقاً لبلاتيني، أن أصحاب الأندية أنفسهم، بما في ذلك ابراموفيتش وسيلفيو برلسكوني رئيس ميلان وماسيمو موراتي صاحب انترناسيونال الذي توج حديثاً بطلاً لدوري أبطال أوروبا، طلبوا منه أن يضع لوائح تنظيمية حتى لا يصبحوا داعمين إلى ما لا نهاية لأنديتهم.

ولا تعتبر اللوائح الديون خارج القانون، ولكن يجب على الأندية المثقلة بها، مثل مانشستر يونايتد وليفربول، أن تتمكن من ضمان تسديد أقساط الفوائد الثقيلة وألا تنجرف نحو الخسائر.

وإذا فشلت الأندية في تلبية احتياجات عدم الربح أو الخسارة، فإن يويفا سوف لن يحظرها على الفور من المشاركة في المنافسات الأوروبية، ولكنه سيحيلها إلى لجنة الانضباط لتحديد العقوبة الأنسب. والإشارة الواضحة هنا هي أنه ينبغي على الأندية ألا تربح أو تخسر. ومن المؤكد أن هذا لا ينطبق فقط على الأندية القليلة التي تتأهل بالفعل للمنافسات الأوروبية، ولكن على كل الأندية الأوروبية التي تطمح بالتأهل إلى هذه البطولات.

وهناك شيء من التفعيل في اللوائح، فبعد التشاور مع الأندية الأوروبية والاتحادات المحلية والعمل مع مجموعة الأعمال الرياضية "ديلويت" الاستشارية التي مقرها في مدينة مانشستر، فقد تبنى يويفا بعض الدقة فيها.

وسيكون أصحاب الأندية قادرين على الاستثمار بقدر ما يريدون لترسيخ البنية التحتية: ملاعب مراكز التدريب وتنمية الشباب أو الملاعب الرئيسية، ولكن ليس لدفع أجور اللاعبين، طالما وضعوا المال في النادي مباشرة، في مقابل حصة (أسهم) بدلاً من إقراضه.

وستتم تطبيق هذه المبادرة على مراحل لاخراج الأندية ببطء من الاعتماد على أصحابها. فخلال المواسم بين 2012/2013 و2015/2016، سيسمح للمالكين بدعم مجموع الخسائر في حدود 45 مليون يورو (38 مليون استرليني)، أي بمعدل 15 مليون يورو سنوياً إذا استثمروا الأموال كأسهم. وبعد ذلك، في السنوات الثالثة التالية بين المواسم 2016/2017 و2019/2020 فإنه يجب أن يخفض المبلغ إلى 30 مليون يورو، ومن ثم يخفض مرة أخرى إلى أن يصل في نهاية المطاف إلى نقطة الصفر التي يأمل بها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

وتم الاتفاق على الإعلان عن هذا النظام مع بعض من حلول الوسط مع الأندية والاتحادات المحلية. وسبق أن قال بلاتيني في مؤتمر ليويفا في آذار الماضي: "لقد قلت لكم إنه أمر حيوي لكرة القدم ولمستقبل نوادينا التي يجب أن تحترم قواعد واضحة بشأن إدارة شؤونها المالية. وقلت لكم إننا سنعمل على اطلاق هذه اللوائح وتطبيقها لأنها مسألة أخلاقية ومسألة مصداقية... وحتى أنها مسألة بقاء رياضتنا".

واختتمت المصادقة على اللوائح رحلة رائعة للفكرة التي قدمها بلاتيني من "لا بد من عمل شيء ما" إلى "لوائح تفصيلية" تتطلب من معظم الأندية لتغيير سلوكها الحر. وخاض الدوري الممتاز الانكليزي معركته للسماح للمالكين بدفع أجور اللاعبين، ولكنه خسرها، وعليه الآن أن يسير على الخط نفسه.

ومنذ الأزمة المالية العالمية وافلاس بورتسموث البشع الذي بلغت ديونه 122.8 مليون استرليتي، فإن العديد من أندية الدوري الممتاز اعترفت أن عليها محاولة كبح جماح الإفراط في الإنفاق. وادخل الدوري الممتاز التدابير الخاصة به الرامية إلى تنظيم مالي أفضل. وبدلاً من شجب لوائح يويفا، فإنه ادعى أنه سيسعى إلى مساعدة نواديه في محاولة للوصول إلى مرحلة عدم الربح أو الخسارة، ذلك لأن الغالبية العظمى من الاقتراحات الأوروبية تعتبر شعوراً مشتركاً وأدرجت بالفعل في لوائح الدوري الممتاز على رغم أن الأندية ستمر بفترة صعبة للتكيّف، خصوصاً التي تلعب أو تطمح بالمشاركة في المنافسات الأوروبية.

والقبول البريطاني للوائح يمثل أيضاً رحلة لريتشارد سكودامور، الرئيس التنفيذي للدوري الممتاز، الذي رفض في أيلول 2007 شكاوى بلاتيني عن "تفشي الأنشطة التجارية" عندما اعتبرها "ليس أكثر من وجهة نظر بعض الأشخاص جالسين في ركن من حانة". ضحك بلاتيني وقتها، مشدداً على أنه "كان مرتاحاً عندما تحدث إلى جماهير الكرة في الحانة"!

فقد تعلم رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم واللاعب الاسطورة والمدرب السابق لمنتخب فرنسا الكثير عن أهمية كرة القدم في حانة في بلدته التي ولد فيها والتي كانت معروفة باستخراجها للمعادن، حيث نظم والده النادي المحلي الذي شرع نجله منها تألقه في حياته المهنية. ولبلاتيني، قلب اللعبة ما زال ذلك الدخان الذي استوعبه من الحانة الفرنسية. وتحقيق يويفا لهذه اللوائح هي ترجمة من غريزة في أحشاء رئيسه إلى قاعدة قابلة للتطبيق.

ونشأت فكرة "اللعب المالي النظيف" بعدما تبعتها زيارة للولايات المتحدة في شباط 2008 من قبل ثلاثة مديرين تنفيذيين في يويفا: اندريا ترافيرسور، رئيس الترخيص للأندية، وجياني انغاتينو، الأمين العام الحالي، ووليام غيلارد المستشار الخاص لبلاتيني، الذين قاموا بفحص لوائح دوري كرة القدم الأميركية NFL والرابطة الوطنية لكرة السلة NBA والدوري الكبير لكرة القدم MLC وغيرها من الألعاب الرياضية في الولايات المتحدة لفهم كيفية تطبيق القوانين وتحديد سقف الرواتب التي حافظت الأندية تقريباً على قدم المساواة وصحية مالياً وتجارياً، وحتى النجاح تجارياً في المنافسات، وخلصوا إلى أنه سيكون من الصعب تطبيق سقف الرواتب في أوروبا بسبب قواعد السوق الحرة، ولكن الاستقرار المالي يمثل خطوة حيوية نحو صحة لعبة كرة القدم.

وحالما تبدأ الأندية بالعيش في حدود إمكانياتها، فإن يويفا والمسابقات الوطنية يمكن أن تنظر في كيفية تقاسم المزيد من الأموال بالتساوي بحيث لن تبقى هيمنة أغنى الأندية راسخة.

وحتى ذلك الحين، وعلى رغم أن بعض المراقبين الانكليز كان يفسر كلام بلاتيني بأنه خطاب مناهض للدوري الممتاز، إلا أنه مازال لدى الأندية الكبرى في اللوائح بعض من الأفضلية، لأنها ستجمع معظم الأموال من تكلفة الاشتراكات في تلفزيون سكاي سبورت وتذاكر المباريات والعقد الجديد للنقل التلفزيوني إلى خارج حدود البلاد بمبلغ 1.2 بليون استرليني ولمدة ثلاث سنوات.

وأظهر بلاتيني وفريقه قيادة حقيقية، حيث استطاع التوصل إلى اتفاق على نطاق كل أوروبا للحصول على القاعدة الفعلية للمساعدة في إعادة التوازن في كرة القدم

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف