فان مارفييك يحصد ثمار الواقعية ويعيد هولندا الى القمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
جوهانسبورغ: حصد المدرب بيرت فان مارفييك ثمار الواقعية واعاد المنتخب البرتقالي الى قمة هرم الكرة المستديرة وحقق بخبرته المتواضعة على دكة البدلاء ما فشل فيه مواطنوه السابقون اصحاب السجلات الرنانة في المجال التدريبي.
لم يكن اشد المتفائلين في هولندا يتوقع بلوغ المنتخب البرتقالي المباراة النهائية للعرس العالمي وتحديدا وسائل الاعلام المحلية التي لم تذخر جهدا لتوجيه انتقاداتها الى المدرب فان مارفييك منذ لجوء الاتحاد الهولندي للعبة الى خدماته لخلافة ماركو فان باستن عقب الخروج المخيب في كأس اوروبا 2008 في سويسرا والنمسا، وذلك لقلة خبرته التدريبية وحتى مشواره الكروي كلاعب حيث دافع عن الوان فرق متواضعة وخاض مباراة دولية واحدة مع المنتخب البرتقالي، بيد ان هذا المدرب ولاعب الوسط المهاجم السابق خالف التوقعات ورد على منتقديه بطريقة رائعة على أرضية الملعب وقاد منتخب بلاده الى المباراة النهائية لكأس العالم للمرة الاولى منذ عام 1978 والثالثة في التاريخ بعد عام 1974.
قام فان مارفييك الذي يحسب له قيادة فيينورد روتردام الى لقب كأس الاتحاد الاوروبي عام 2002 بوروسيا دورتموند الالماني، بثورة كبيرة على اسلوب لعب المنتخب الهولندي فاعتمد اداء مختلفا تماما عن اسلوبه الشهير "الكرة الشاملة" وجعله اكثر براغماتية بعد ان دفع ثمن ذلك في بطولات كبيرة مؤخرا وابرز دليل على ذلك كأس اوروبا 2008 بقيادة فان باتسن حيث تعملق على حساب فرنسا 4-1 وايطاليا 3-صفر ورومانيا 2-صفر قبل ان يسقط امام روسيا (بقيادة هولندي اخر هو غوس هيدينك) في ربع النهائي 1-3 بعد التمديد.
اما في المونديال الحالي، فان المنتخب الهولندي يبرع بنظامه وانضباطه داخل الملعب اكثر من اعتماده على الكرة الجميلة والاستعراضية، وقد اعطت هذه الخطة ثمارها ونجح منتخب "الطواحين" في الوصول الى النهائي بعد غياب 32 عاما.
كانت هولندا دائما بين المرشحين حتى بعد ايام النجوم الكبار يوهان كرويف ويوهان نيسيكنز وجوني ريب في سبعينيات القرن الماضي، لكنها كانت تسقط في منتصف الطريق، الا ان الوضع تغير بقيادة فان مارفييك حيث اتسم الاداء بالواقعية "الالمانية" التي تأثر بها المدرب بحكم تجربته التدريبية في المانيا على رأس بوروسيا دورتموند (2004-2006) وتخلص من صفة الفريق الخارق في الادوار الاولى والعادي في المباريات الاقصائية.
اذا كان مدربو المنتخبات العالمية يتميزون بشخصياتهم النافرة أو ظهورهم الاعلامي المستمر، فان فان مارفييك قد يكون أقلهم شهرة وأكثرهم عملا.
لجأ الى خدمات مخضرمين بارزين في صفوف المنتخب البرتقالي هما فرانك دي بوير وفيليب كوكو لمساعدته في الادارة الفنية، ووضع لنفسه هدفا وهو الفوز بكل المباريات والتتويج باللقب. هدف حققه حتى الان بنسبة مئة بالمئة تقريبا اذا علمنا بان هولندا فازت بجميع مباريات التصفيات (8) والمباريات الست في جنوب افريقيا، وتبقى امامه المباراة النهائية ليكسب الرهان.
ويقول فان مارفييك في هذا الصدد "عندما تم تعييني من قبل الاتحاد قلت للاعبين: لدينا مهمة يجب ان ننجزها وهي الفوز. سخر مني البعض، ولكن من يضحك اليوم؟ لقد أظهرنا بأننا نعرف أيضا لعب كرة القدم. هذه هي الرسالة التي حاولت تمريرها قبل عامين: يجب علينا التركيز على المباريات وعدم الغطرسة. جئنا مركزين وينبغي أن نظل كذلك. من السهل قول ذلك، لكن التطبيق صعب، بيد ان اللاعبين فهموا ذلك. لقد خسرنا مباراة واحدة منذ استلامي المنتخب، لقد وضعنا أسسا جيدة".
وتابع "بالطبع أنا سعيد جدا، لكن ما يزال الطريق امامنا. تبقى امامنا مباراة واحدة وهي مهمة جدا لاننا نريد احراز اللقب. الجميع يعرف الان ما يمكن أن نفعله".
ومن عوامل نجاح فان مارفييك في مهمته، تركيزه على تصحيح مشاكل خط الدفاع. فبمجرد استلامه مهامه في آب/اغسطس 2008 قال "هذا المنتخب يهاجم بشكل رائع، الان سأقوم بتلقينه كيفية الدفاع بشكل رائع ايضا". في غضون عامين، نجح فان مارفييك في رهانه. هدفان فقط دخلا مرمى هولندا في 8 مباريات في التصفيات المؤهلة الى كأس العالم. وفي جنوب افريقيا، دخل مرمى هولندا 5 اهداف في 6 مباريات (هدفان من ركلتي جزاء). واذا كان فان باستن جرب نحو 20 مدافعا فان فان مارفييك وضع ثقته في رباعي واحد (القائد جيوفاني فان برونكهورت وجون هيتينغا ويوريس ماتييسن وغريغوري فان در فيل)، كما انه اعاد الى صفوفه صهره لاعب الوسط المدافع لبايرن ميونيخ الالماني مارك فان بومل الذي كان مغضوبا عليه من قبل فان باستن.
باشراف فان باستن، كانت القوة الهجومية الضاربة للمنتخب البرتقالي ويسلي سنايدر واريين روبن ورافايل فان در فارت وروبن فان بيرسي وديرك كاوت تركض في مختلف انحاء الملعب من اجل زعزعة استقرار المنتخبات المنافسة لكن على حساب توازن المنتخب. مع فان مارفييك تغيرت الامور حيث يحرص كل لاعب على اللعب في مركزه ولم يعد مقبولا ان يتقدم مارك فان بومل ونايجل دي يونغ الى الهجوم لمساندة زملائهم لان المهمة اصبحت موكولة الى الظهيرين فان برونكهورست وفان در فيل.
وقال سنايدر "فان مارفييك مدرب كبير ساعدنا كثيرا بهدوئه في مجموعة تضم العديد من اللاعبين المتهورين"، مضيفا "عندما أقارن تصرفاته على مقاعد البدلاء مع (الارجنتيني دييغو) مارادونا أو (البرازيلي كارلوس) دونجا، فهو هادىء جدا وذلك يساعدنا كثيرا على الابداع".
ونجح فان مارفييك بشكل كبير في القضاء على "انانية" نجوم المنتخب البرتقالي من خلال فرض سلطته عبر الحوار ويعيد تركيز لاعبيه في غرف الملابس ولا ينتقدهم ابدا في وسائل الاعلام. ويقول كاوت في هذا الصدد "علمنا كيفية تقبل نقاط ضعف زملائنا، الجميع يلعب مع احترام صفات وعيوب الاخرين".
يتميز فان مارفييك ببرودة أعصابه وهدوئه وتوفره الدائم للاعلاميين ما يجعله قريبا من الجمهور الهولندي الذي يقدره كثيرا.
لا يملك فان مارفيك (56 عاما) الكثير من النقاط المشتركة مع سلفه فان باستن بطل أوروبا وحامل جائزة الكرة الذهبية ثلاث مرات، اذ كان لاعبا عاديا حيث أمضى مسيرته مع غو أهيد إيغلز (1969-1975) والكمار (1975-1978) وماستريخت (1978-1986) وفورتونا سيتارد (1986-1987).
في المقابل، يبدو سجل "لامبرتوس" (اسمه الأصلي) التدريبي أفضل خصوصا لدى قيادته فورتونا سيتارد (1998-2000)، فيينورد روتردام (2000-2004 و2007) حيث أحرز لقب كأس الاتحاد الاوروبي (يوروبا ليغ حاليا) عام 2002، وبوروسيا دورتموند الألماني (2004-2006).
يقول فان مارفييك: "لقد ترك لي ماركو ارثا جميلا. تكتيكيا حافظت على خطة 1-3-2-4، فباتت طريقة اللعب راسخة وأصبحت ميكانيكية اللعب أكثر سلاسة".