رياضة

الضجة حول عنصرية الكرة الفرنسية قد تثير تساؤلات عن المستقبل

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عندما فازت فرنسا بكأس العالم في 1998 لم يتم مناقشة هذا النجاح مشروطاً بكرة القدم فحسب، كما يتذكر الكثيرون، بل بدلاً من ذلك أثنت أصوات كثيرة - سواء من وسائل الإعلام أو خارجها - على فريق متعدد الثقافات الذي ساعد على توافق أمة مزقتها الخلافات العرقية في بعض الأحيان، إذ قالت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية، على سبيل المثال، الفضل في هذا النجاح يعود إلى وجود "هوية وطنية موحدة جديدة" بين الفرنسيين.

ولكن بعد 12 عاماً يبدو أن الاحتفال بنهج فرنسا بتعدد الثقافات لم يعد مرحباً به، كما كشف تحقيق موقع "ميديابارت".

والإدعاءات بأن المدربين الرائدين في كرة القدم الفرنسية اقترحوا سراً في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 الموافقة على تقليل مشاركة اللاعبين السود وشمال افريقيين إلى 30 في المئة في بعض المراكز الاقليمية لتدريب الشباب، بما في ذلك مركز كليرفونتين الشهير الذي تم تجديده مؤخراً، تم رفضها بسرعة عندما ظهرت للمرة الأولى.

فكيف يمكن أن يكون هذا صحيحاً عندما كان زين الدين زيدان (من أصول جزائرية) ومارسيل ديساييه (غانا) وباتريك فييرا (السنغال)، ناهيك عن ليليان تورام (جزر غوادلوب) وكريستيان كاريمبو (نيو كالدونيا) وغيرهم، من اللاعبين الأساسيين لانتصار المنتخب الفرنسي بكأس العالم؟

ولكن مع نشر نسخة من المحادثات واعتراف رئيس الهيئة التقنية في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم بأن الادعاءات كانت صحيحة، ظهرت فضيحة كبيرة مع بدء اجراء تحقيقان منفصلان في فرنسا مع مسألة العنصرية المؤسساتية في صميمهما.

لذا، ماذا تغير بالضبط في السنوات الفاصلة؟ مع أن لوائح الفيفا بسيطة جداً.

ومن المصادفة، أن الجزائر، بلد والدي زيدان، هي التي اقترحت على الفيفا تغيير لوائحه التي تتعلق بالأهلية الدولية. وناقشت الجزائر بنجاح في عام 2003 أن اللاعب الذي يشارك على مستوى الناشئين في بلد ما ينبغي أن يكون مؤهلاً لتمثيل دولة أخرى في وقت لاحق.

وأي تغيير كان يجب أن يتم في مستوى الـ21 عاماً، ولكن عندما ألغى الفيفا هذا النظام في 2009 فإن موجة من اللاعبين الفرنسيين الشباب اندفعوا إلى افريقيا.

وقادت الجزائر هذا الطريق، وعندما شاركت في نهائيات كأس العالم في جنوب افريقيا بعد 24 عاماً من الغياب، كان أربعة لاعبين في تشكيلتها الأساسية من منتخب شباب فرنسا مع جلوس أربعة آخرين على مقاعد البدلاء، من بينهم الكابتن السابق لمنتخب فرنسا تحت الـ21 عاماً كارل مدجاني والعضو السابق في تشكيلة فرنسا تحت الـ17 عاماً الفائزة بكأس العالم حسان يبدا وخريج أكاديمية كليرفونتين الذي مثل فرنسا على كل مستويات الشباب حبيب بلعيد، ورياض بودبوز الذي شارك مع منتخب فرنسا في بطولة كأس الأمم الأوروبية تحت الـ19 عاماً.

وتبعت الجزائر دول افريقية اخرى، وبرزت السنغال من بينهم، وهو البلد الذي كان بائساً في تطوير لاعبيه الشبان. وبدلاً من ذلك استفاد وبكل بساطة - في حالة أشيار ديا (فنربغشته) وجاك فاتي (سوشو) وموسى سو (ليل) - من الأموال التي انفقت من قبل كليرفونتين.
ويعتبر موسى سو المثال الممتاز للمناقشة في قلب هذا النزاع. أولاً، وواحداً من الأسباب الرئيسية لماذا نادي ليل، الذي كان قد حصل على آخر لقب في خمسينات القرن الماضي، يتصدر الدوري الفرنسي هذا الموسم مع بقاء 4 مباريات، مع تسجيل سو 21 هدفاً في 34 مباراة له في الدوري.

وتسارعت حياة سو المهنية منذ انضمامه إلى ليل في حزيران/يونيو الماضي في صفقة انتقال حر، بعدما لم يحقق إلا شيئاً قليلاً مع ناديه السابق رين. وقبل بضعة أعوام فقط كان هناك شوطاً بعيداً بينه وبين انضمامه إلى منتخب فرنسا، على رغم أنه شارك على مستوى الشباب لمنتخب السنغال الذي اختاره ليلعب معه عندما كان عمره 23 عاماً في 2009، أي بعد ثلاثة أشهر فقط من قرار الفيفا إلغاء أي تقييد على الحد الأقصى للأعمار.

وإذا لم يكن الفيفا قد اتخذ هذا القرار، فهل كان من الممكن أن يكون سو في تشكيلة فرنسا اليوم، خصوصاً منذ بدء لوران بلان تدريبه - الذي هو الآن في عين العاصفة بسبب التصريحات التي أدلى بها - إذ أنه جرب عدداً لا بأس به من المهاجمين منذ توليه المسؤولية بعد كارثة نهائيات كأس العالم؟

ويمكن أن يُطرح سؤال مماثل عن ديساييه الذي ولد في غانا لأبوين من البلد ذاته قبل انتقاله تحت الجناح الفرنسي عندما تزوجت والدته مرة ثانية. وديساييه لعب لمنتخب فرنسا للمرة الأولى في الشهر الذي احتفل بعيد ميلاده الـ25، ولكن إذا كانت قد طبقت هذه الأنظمة في وقتها، فإنه كان من الممكن أن يغريه الاتحاد الغاني في هذه الفترة الفاصلة؟

المشكلة بالنسبة إلى المسؤولين التنفيذيين الفرنسيين هي كيفية ضمان الإبقاء على المواهب الذين ينفقون عليهم الملايين من اليورو لتطويرهم بطريقة لا تعتبر تمييزاً عنصرياً، أي بأي نظام للحصص الذي يكون واضحاً. وكما أشار تورام، فإن أي تمييز سيكون مزيداً من العبء على قسم من المجتمع الذي يواجه تحديات على أي حال. وسبق له أن قال إن مسألة ازدواجية الجنسية هي قضية "خادعة، لأن الاتحاد الفرنسي سيأخذ أفضل اللاعبين الذين موجودون بغزارة".

وبصرف النظر عن زيدان وفييرا وديساييه، استفاد المنتخب الفرنسي من بين اللاعبين الآخرين في الماضي من جاست فونتين (والده مغربي) وجان تيغانا (مالي الأب) وكلود ماكيليلي (والده شارك مع منتخب زائير، جمهورية الكونغو الديموقراطية حالياً)، واليوم اثنين من اللاعبين المؤهلين للمشاركة مع الجزائر (سمير نصري وكريم بنزيمة)، بالإضافة إلى ثنائي آخر تأهلا للمشاركة مع منتخب فرنسا (باتريس ايفرا وبكاري سانيا).

لذا، هل يتوجب على المسؤولين الكبار في الاتحاد الفرنسي بكل بساطة التقبل أن الاستثمار في اللاعبين الشبان هي مقامرة على أي حال؟ أو هل يجب عليهم معالجة هذه القضية من خلال توسيع نسبة مشاركة التلاميذ في الأكاديميات لضمان اكتشاف المزيد من الجواهر؟ أو هل يمكنهم أن يعثروا على طريقة قانونية يحصلون بواسطتها على توقيع الشباب على اتفاق تعاقدي؟

أوهل أسهل طريقة هي دفع اللاعب بالمشاركة في مباراة تنافسية وبعد ذلك ربطه (وفقاً لأنظمة الفيفا) مع منتخب فرنسا، كما حصل مع بافيتمبي غوميز، مهاجم ليون، قبيل بطولة كأس الأمم الأوروبية 2008 مع التهيج الذي حصل في السنغال الذي كان يسعى لضمه إلى منتخبه أيضاً، بعدما أصبح غوميز منزعجاً من اختباراته المحدودة مع فرنسا منذ ذلك الحين.

وعلى مدى عقود كان الغضب مع سلطات كرة القدم الفرنسية منتشراً على نطاق واسع في كل أنحاء افريقيا، ولم يستطع العديد من اللاعبين المزدوجي الجنسية من اللعب دولياً لبلدانهم لأنهم شاركوا على مستوى الناشئين في فرنسا.

والمثال الأكثر شهرة، على الأرجح، هو اللاعب روجيه بولي المولود في ساحل العاج، شقيق الدولي الفرنسي باسيل، فقد تم رفضه للمشاركة مع منتخب الأفيال لأنه سبق أن لعب 20 دقيقة فقط مع منتخب فرنسا للناشئين، القرار الذي ندم عليه منذ ذلك الحين.

وهذا هو الدافع في التعاطف مع افريقيا بسبب النقص في المعروض، بما أن فرنسا تحاول الحد من تدريب لاعبين يحملون جنسية مزدوجة الذي جاء بنتائج عكسية مذهلة جداً. إنها ليست الكثير من الشماتة، بل انها أكثر من الارتياح والقناعة بـ"الثأر".

لذا، فقد سبق أن ضاع الكثير من اللاعبين الأفارقة في فرنسا. ومع ذلك، القسم المهم من المواهب الجديدة التي تتقاطر على المنتخبات الافريقية تصل الآن كهدية ملفوفة بعقدة كليرفونتين، مثل المالي غارا ديمبلي (ليفسكي صوفيا) وحبيب باموغو من بوركينا فاسو (نيس) والكاميروني سباستيان باسونج (توتنهام) والمغربي مهدي بنعطية (أودينيزي).

وبما أن فرنسا تحاول الآن على تجنب أي اتهامات ضدها في المستقبل عن التمييز العنصري، فيجب عليها مجرد أن تثني معايير الاختبارات في الاتجاه الآخر. بمعنى أدق أن افريقيا ستستفاد أيضاً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف