رياضة

لي نا "النظرة بدنيا وذهنيا" تحفز اسيا على ممارسة كرة المضرب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

سئلت الصينية لي نا بعد فوزها بلقب الفردي للسيدات في بطولة رولا غاروس لكرة المضرب، عما كانت ستكتبه بعد هذا الانتصار لو زاولت مهنة الصحافة التي علقت مسيرتها الاحترافية عام 2002 لاكمال اختصاصها بها، فاجابت على الفور: "كنت كتبت اصبح الحلم حقيقة، فمنذ احترافي التنس عام 1999 وانا احلم بلقب كبير".

لي نا كتبت تاريخا جديدا لكرة المضرب بعدما اضحت اول صينية وآسيوية تحصد لقبا في بطولات الغراند سلام، ما يعد فتحا كبيرا في عالم اللعبة وينشرها بقوة هناك. فعلى رغم مزاولة حوالى 14 مليون صيني لهذه اللعبة، لا تزال هذه اللعبة من رياضات الميسورين، وشعبيتها بعيدة من كرة القدم وكرة السلة وكرة الطاولة والبادمنتون، اللعبة التي انطلقت منها لي نا قبل ان تحدد مسارها في مجال الكرة الصفراء.

ويعتبر رئيس الاتحاد الصيني سون جينفانغ ان نا فتحت الباب امام المواهب الصاعدة، مذكرا بالبرنامج الذي اطلق قبل سنوات وشمل احتضان 400 لاعب. لكن نا تشدد على التدريب الطويل والعمل الكثير لسلوك الدرب الطويلة.

لقد وجهت الصين "الانذار" الاول الى عالم التنس في دورة اثينا الاولمبية عام 2004، حيث احرزت لي تينغ وسان تياتيان لقب الزوجي للسيدات، وُعدّ يومها اكبر فوز صيني في هذا المجال. وبعد 7 اعوام، عصفت ريح صفراء في ملعب "فيليب شاترييه" بتوقيع لي نا التي جردت الايطالية فرانشيسكا سكيافوني من لقبها في رولان غاروس، وحرمتها من ان تصبح اول لاعبة تحتفظ باللقب بعد البلجيكية جوستين هينان عام 2007. وقد تابع اللقاء اكثر من 110 ملايين صيني عبر الاقمار الاصطناعية.

عقب اقصائها الروسية ماريا شارابوفا في الدور نصف النهائي (6-4 و7-5)، استقبلت لي نا على مدونتها اكثر من 14 الف تعليق من مشجعين وصفوها بـ"فخر الامة" وتمنوا فوزها باللقب الكبير، وقالوا انها باتت في منزلة نجم كرة السلة ياو مينغ والبطل الاولمبي والعالمي السابق في جري الـ110 امتار حواجز ليو كسيانغ، مؤكدين انهم اصبحوا يحبون التنس بفضلها. وكان 25 مليون صيني تابعوا المباراة مباشرة.

ونا التي املت بنهاية سعيدة للمغامرة الفرنسية، كتبت على مدونتها بعد الفوز باللقب: "انا محاربة على غرار سكيافوني". وتلقت رسائل قصيرة من اصدقاء عبروا عن فخرهم بانجازها وابلغوها انهم بكوا متأثرين لما شاهدوا العلم الصيني يرتفع على السارية في رولان غاروس.

وعلى رغم تقدمها في السن نسبيا (29 سنة)، اعطت نا لي منذ بداية الموسم اشارات عدة على تطور مستواها كان ابرزها بلوغها المباراة النهائية في بطولة استراليا المفتوحة اواخر كانون الثاني (يناير) الماضي، وحلولها وصيفة بخسارتها امام البلجيكية كيم كلايسترز (6-3 و3-6 و3-6).

واحرزت نا اللقب الخامس في مسيرتها الاحترافية التي بدأت قبل نحو 12 عاما، والاول على الارض الترابية التي لا تزال حتى الان تبدي كرها لها، واكد فوزها هذا التطور الملموس حتى على الملاعب التي لا تحبها.

قبل ارتقاء نا في التصنيف العالمي، برزت مواطنتها زهنغ يي (27 سنة) المصنفة الـ80 حاليا، وهي بلغت الموقع الـ15 عالميا عام 2009 ونصف نهائي ويمبلدون عام 2008. وحصدت مع يان زي برونزية الزوجي في دورة بكين الاولمبية 2008. كما برزت بنغ شوايي (25 سنة) المصنفة الـ25 حاليا وزهانغ شوايي (22 سنة) المصنفة الـ76 عالميا. وعند الرجال، يحتل باي يان المركز الـ354 عالميا.

لكن لي نا (72ر1م، 65 كلغ) هي اول صينية تحصد لقب احدى دورات جمعية اللاعبات المحترفات، اذ فازت بلقب دورة كانتون عام 2004، واختلفت مع الاتحاد الصيني للتنس الذي كان يترك لها حصة ضيئلة من الجوائز المالية. واصبحت اول صينية بين افضل 20 لاعبة عام 2006، وارتقت الى المراكز الـ10 الاولى في شباط (فبراير) الماضي بعد بلوغها نهائي استراليا.

في طريقها الى رولان غاروس، بلغت لي نا نصف نهائي دورتي مدريد وروما، وعقب اقصائها شارابوفا لفت البطل السابق السويدي ماتس فيلاندر الى ان اللاعبة الصينية باتت قادرة على فرض وجودها على مختلف الارضيات، "كونها تعتمد تقنية بسيطة وتستطيع السيطرة على اعصابها".

في الاشهر الاخيرة استعانت لي نا بالمدرب الدانمركي مايكل مورتنسن بدلا من زوجها جيانغ شان التي اشرف طويلا على ارتقائها السلم العالمي، والذي اكد ان زوجته خاضت منافسات بطولة فرنسا المفتوحة باعصاب هادئة لا بل "مسترخية"، واستفادت كثيرا من دروس ملبورن.

ويكشف مورتنسن، الذي اعاد لها "نضارة ذهنية"، ان لاعبته كسبت الثقة بنفسها. فهي اصرت على التأقلم تدريجا مع الملاعب الترابية منذ نحو عامين، وصحيح انها لم تبدِ مرونة فنية في دورة مدريد لكنها مثابرة. ويضيف: "لعل سر تطورها عملنا معا كي تمتلك الحافز المناسب، وهو امر صعب لمن هن في مثل سنها. لا ننسى ان سنوات الاحتراف الطويلة وروتين التدريب والمنافسة تصبح ثقيلة. طلبت منها ان تستمتع بكل مباراة على حدة، ان تكون سعيدة وتملك الحافز على ارض الملعب ولا تخشى الخسارة. قلت لها افتخري بما تقدمينه، وشددت على ان تحسنها الملموس على الملاعب الترابية سبب جوهري لتأكيد جدارتها".

وجذوة الطموح لم تخبُ ابدا عند لي نا، فها هي تفرض نفسها بعد اربعة اشهر من بلوغها نهائي استراليا، وتفوز على سكيافوني في ملعبها المفضل وتخذلها في الدورة الاحب الى قلبها.

تؤكد لي نا أنها لا تشعر مطلقا بتقدم العمر، فالسنوات في نظرها "هي ارقام على الورق"، وذلك في ردها على من اعتبر انها تأخرت حتى تحرز لقبا كبيرا، وان النهائي الذي جمعها بسكيافوني (31 سنة) هو "الاكبر سنا" منذ لقاء الاميركيتين كريس ايفرت ومارتينا نافراتيلوفا عام 1986. واضافت: "لعل ذلك يعطي املا للاعبات اخريات ويشجعهن". كما اشارت الى انها وضعت جانبا سوء تفاهمها مع اتحاد بلادها، علما ان فريقا مستقلا خاصا بها يسيّر اعمالها ويواكب اعدادها ويرافقها ويؤازرها في حلها وترحالها. وقد ضربت موعدا مع مواطنيها عقب دورة ويمبلدون آملة العودة الى ديارها وفي جعبتها تتويج جديد.

ويبدو ان السلطات الرسمية والرياضية في بلد 4ر1 مليار نسمة تتطلع الى استثمار انجاز لي نا بافضل صورة ممكنة. فمنذ تجاوزها الدور ربع نهائي في رولان غاروس، اوفدت بكين وزير الرياضة لي بنغ الى باريس ليكون والسفير الصيني لدى فرنسا كوانغ كوان ورئيس الاتحاد جينفانغ الى جانب البطلة.

كما يتطلع المعنيون في الاتحاد الآسيوي للتنس ان يكسر هذا الانتصار حاجزا نفسيا كبيرا في القارة العملاقة، ويحفز مواهب كثيرة لتحذو حذو البطلة الحسناء، لما في ذلك من انعكاس اقتصادي واعلاني كبيرين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف