مئوية الاتحاد الدولي لألعاب القوى: تكريس لأساطير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اراد الاتحاد الدولي لالعاب القوى ان تكون احتفالاته بعيده المئوي التي نظمها اخيرا في برشلونة، مناسبة يستلهم منها الجيل الحالي والوجوه الصاعدة انجازات الكبار والنجوم الاساطير.
واذا كانت "مراسم" الذكرى لا تقتصر فقط على احتفالات برشلونة، فان وقفة سريعة مع محطات مختارة بعناية من هذه الاعوام تسلط الضوء على مناسبات ووجوه في "ام الالعاب".
الحركة في الحياة تبدأ بالسير ثم الجري، لذا فانها اساس كل نشاط رياضي، وبالتالي فان اسبابا كثيرة من هذا القبيل والمنطلق ترسخ ان العاب القوى هي "ام الالعاب" كما يطلق عليها.
واذا كانت السباقات القصيرة تهيمن حاليا على الاضواء وتخطف بريقها محتكرة جانبا كبيرا من الشهرة، خصوصا في ظل "استعراضات" الجامايكي اوساين بولت، الذي اختير للمرة الرابعة افضل رياضي في اللعبة حتى انه حجب الى حد ما انجاز الكيني ديفيد روديشا ورقمه القياسي في 800 م، ففي النصف الاول من القرن الماضي وحتى ستيناته عموما كانت المسافات المتوسطة والطويلة هي الهالة الكبرى، مع وجود ظاهرة الفنلندي بافو نورمي ثم التشيكوسلوفاكي اميل زاتوبيك.
نورمي (مواليد 1897) هو العملاق الاول الذي برز في حقبة العشرينات، وتميز باتباعه نظاما غذائيا نباتيا وتدربه 3 مرات يوميا مجتازا نحو 20 كلم، وتفضيله ان يقيس وقته بمفرده، فكان العداء الذي لا يقهر على المسافات من 1500 م الى 10 آلاف م بين العامين 1921 و1925، وحصد 9 القاب اولمبية في 3 دورات (1290 و1924 و1928)، وفاز بثنائية 1500 م و5 آلاف م في غضون ساعتين عام 1924.
وبعد نحو قرن، ظهر الاثيوبي هايله جبريسيلاسي (69ر1م) ودانت له الالقاب على انواعها بدءا من سباق 1500 م داخل قاعة حتى الماراثون، وحمل في جعبته 27 رقما عالميا.
ولاحقا، على غرار تأثر ابطال كثر ومنهم زاتوبيك والاثيوبي ابييي بيكيلا مفاجأة دورة روما الاولمبية بنورمي، تأثر الاميركي كارل لويس نجم الثمانينات خصوصا في سباقات السرعة والوثب الطويل، بمواطنه "الاسطورة" جيسي اوينز شهاب دورة برلين الاولمبية عام 1936 رغم انف ادولف هتلر، وكرر انجازه في لوس انجليس 1984 حاصدا 4 ذهبيات في 100 م و200 م والتتابع 4 مرات 100 م والوثب الطويل... وقد "سلم عصا التناوب" الى "الصاعقة" بولت الذي طبع دورتي بكين 2008 ولندن 2012 الاولمبيتين وبطولة العالم في برلين 2009 بطابعه الخاص وارقامه القياسية.
طبعا، لا يمكن المقارنة بين عقود كانت فيها التجهيزات بدائية وتقنيات التدريب مختلفة ومتواضعة ولم تأخذ التكنولوجيا سبيلا الى سبر اغوارها، لكن بولت البالغة خطوته 70ر2 م ومعدل سرعته 45 كلم/ساعة هو بعد 70 عاما وريث اوينز على زعامة سباقات السرعة، و"استعراض القرن 21" من دون منازع، علما ان النقاش يبقى قائما حول حدود القدرة على تحطيم الارقام ومن هو اسرع رجل في العالم.
وبالمناسبة، صنف خبراء "حزمة" احداث اعتبروها الابرز من ناحية طبعها مئوية الاتحاد الدولي لالعاب القوى ومسابقاته الاولمبية وبطولاته العالمية.
فعلى صعيد ابرز الاحداث والوقائع من الناحية السياسية في ضوء انعكاسها على محيطها العام والظروف التي رافقتها، تبقى حركة "القبضة السوداء" في الصدارة، محطة لا تزول من الذاكرة كونها مهدت لمفهوم ونظرة مختلفين.
عام 1968 وخلال دورة مكسيكو الاولمبية، ما ان تقلد الاميركيان تومي سميث وجون كارلوس ميداليتي المركزين الاول والثاني في سباق 200 م بعدما اعتليا منصة التتويج، رفع كل منهما قبضته وقد غلفها بقفاز اسود رمزا للقوة السوداء ونضالها ضد التمييز العنصري في الولايات المتحدة.
وقد تصدرت تلك "الحركة" على حساب ظاهرة العداء الاميركي الاسود جيسي اوينز، الذي تغلب على عنصرية الزعيم النازي ادولف هتلر في دورة برلين الاولمبية عام 1936، الذي كظم غيظه غير مصدق ان هناك من يمكن تفوقه على العنصر الآري.
وحقق العداء الاثيوبي ابيبي بيكيلا فتحا في عالم جري المسافات الطويلة، بعدما اضحى اول بطل اولمبي من افريقيا السوداء اثر مشاركته حافي القدمين بماراثون دورة روما الاولمبية عام 1960 واحرازه المركز الاول.
ولن ننتقل من افريقيا، فبعد 32 عاما، خاضت الجزائرية حسيبة بولمرقة سباق 1500 م في دورة برشلونة الاولمبية مرتدية سروالا قصيرا، وانتزعت الميدالية الذهبية.
وقدمت الاثيوبية ديراتو تولو والجنوب افريقية ايلينا ميير نموذجا للاخاء الانساني، حين دارتا معا دورة الشرف على مضمار برشلونة عام 1992، اثر فوزهما بالميداليتين الذهبية والفضية في سباق 10 آلاف م. وسجلت في تلك الدورة العودة الكاملة لجنوب افريقيا الى الساحة الدولية والاولمبية بعد تخلي نظامها عن سياسة التمييز العنصري.
وفي ابرز الانجازات "الخالدة"، قفزة بوب بيمون "الخرافية" في مسابقة الوثب الطويل في اولمبياد مكسيكو (90ر8 م)، وارتقاء الاوكراني سيرغي بوبكا (السوفياتي وقتذاك) ارتفاع 6 امتار في القفز بالزانة خلال لقاء باريس الدولي عام 1985، وتعزيز الكيني ديفيد روديشا رقمه العالمي في 800 م مسجلا 91ر40ر1 دقيقة خلال دورة لندن الاولمبية 2012، وتحقيق البريطاني جوناثان ادواردز 29ر18 م في الوثبة الثلاثية خلال بطولة العام في مدينة غوتبورغ السويدية عام 1995، رقم عالمي لا يزال صامدا، وكسر البريطاني "السير" روجير بانيستير حاجز الاربع دقائق في سباق الميل عام 1954، حين سجل 6ر54ر3 دقيقة على مضمار جامعة اوكسفورد.
ولا تمر الذكرى المئوية من دون التطرق الى الصراعات الثنائية الشهيرة، وابرزها "صراع" البريطانيين سيباسيتان كو وستيف اوفيت في سباقي 800 م و1500 م خلال دورة موسكو الاولمبية عام 1980، والمنافسة بين الاميركيين مايكل باول وكارل لويس في الوثب الطويل خلال بطولة العالم في طوكيو عام 1991، يومها انتصر باول وحطم رقم بيمون العالمي (95ر8م). كما لا يُنسى "النزاع" بين الاثيوبي هايله جبريسيلاسي والكيني بول تيرغات في نهائي سباق الـ10 آلاف م خلال دورة سيدني الاولمبية عام 2000، و"مسلسل" الوثب العالي بين الالمانية الاتحادية روز ماري اكرمان والايطالية ساره سيميوني بين العامين 1974 و1978، و"مواجهات" المسابقة العشارية بين البريطاني ديلي طومسون والالماني الاتحادي يورغن هنغسن بين العامين 1982 و1986.