ظاهرة "التفويت" تتفاقم بشدة وسمعة الكرة الجزائريّة في خطر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كثر الحديث في الشارع الرياضي الجزائري خلال السنوات الأخيرة عن حدوث تلاعب في نتائج مباريات مسابقة الدوري المحلي أو ما يعرف بالتفويت ، تلاعب ساهمت فيه عدة جهاتمن لاعبين ورؤوساء أندية ومدربين وحكام كل من موقعه وحسب درجة تأثيره في تحديد النتيجة النهائية للمباراة ، كلهم استغلوا مواقعهم و استغلوا الظروف التي تمر بها البلاد لتحقيق ثراء فاحش على حساب سمعة الكرة الجزائرية و على حساب ضمائرهم حيث اختارت الكثير من الأندية بيع ذمتها مقابل حفنة من الدينارات الحرام.
والواقع أن ظاهرة التفويت ليست وليدة الموسم الحالي أو الفارط بل تعود إلى ما يقارب العشريتين ، غير أنها تفاقمت في المواسم الأخيرة و أصبحت طرفا رئيسيا في معادلة الدوري لدرجة أن العديد من المتابعين لهذا الشأن يؤكدون بان الترتيب النهائي للمسابقة في اغلب المواسم تحدده الأموالالحرام و رفع الإقدام وليس الميدان ، سواء بالنسبة للبطل و وصيفه أوالناجون من الهبوط أو حتى بالنسبة للأندية التي تصعد إلىالأقسام العليا.
وذهب آخرون إلى التأكيد بان هناك بورصة خاصة بهذا الجانب تحدد أسعار بيع الضمائر و الذمم و هي أسعار غير ثابتة تتغير حسب أهمية المباراة و حسب الهدف المنشود ، لان اللعب على البطولة أو مركز الوصافة ليس كاللعب على البقاء ، و حسب أيضا الطرف المعني بالقضية فالحكم يعد محور هذه المعادلة لكونه الأقدر على التأثير في النتائج وهنا أيضا تتباين أسعار منتجاته غير الشرعية من ركلات الجزاء إلى احتساب أهداف خيالية إلى توزيع بطاقات حمراء و صفراء مجانية على المنافس وغيرها من الحيل التي يجيدها قضاة الملاعب .و عادة ما تشهد الجولات الأخيرة رواجا لمثل هذه السلوكات المشينة في ظل وجود عدة أندية غير معنية لا بالمراكز الأولى و لا بالأخيرة بعدما ضمنت بقائها مع النخبة و فقدت آمالها في التتويج ، و في ظل الأزمة المالية التي تعانيها تجد في بيع مبارياتها فرصة لإنعاش خزائنها بمال قذر تستخدمه في تسوية مستحقات لاعبيها العالقة لتفادي غضبهم .
الموسم الجاري شهد اتهاما صريحا من قبل إدارة نادي اتحاد الحراش لنظيرها لشباب قسنطينة بمحاولة ارشاء عدد من لاعبيه منهم المدافع عبد الرحمن قهواجي و الذين ابلغوا إدارتهم التي أقدمت على الاتصال بنفس الرقم الذي وجدته في شاشات هواتف اللاعبين المعنيين بهذه المحاولة فإذا بها تجده رقم احد المقربين من المناجير العام لقسنطينة الذي نفى هذه الاتهامات و اعتبرها مجرد تبرير للهزيمة.
وبغض النظر عن مدى صحة اتهامات نادي الحراش من عدمها فان المثل يقول بأنه لا يوجد دخان بلا نار ، خاصة أن هناك سوابق تؤكد حدوث مثل هذه الممارسات غير الشرعية بشكل أو بآخروالقاسم المشترك بينها هو المال و ليس شيء آخر ، فالجمهور الجزائري لا يزال يتذكر جيدا ما حدث في نهاية الموسم 2007-2008 عندما خسر اتحاد العاصمة القوي و المتخم بالنجوم في تلك السنة بعقر داره و أمام محبيه أمام ضيفه أهلي البرج المتواضع و الذي كان يصارع على البقاء بهدفين لصفر ، ورغم أن الحكم كان نزيها وقتها و لم تكن هناك ركلات جزاء غير شرعية و لا أي شيء من هذا القبيل لكن إدارة نادي الاتحاد فضلت إشراك الفريق الرديف الذي يتشكل من لاعبي الأواسط لتسهيل مهمة البرج.
كما عرفت الجولة الأخيرة من ذات الموسم فضيحة في ملعب الشلف عندما عمل نادي الشلف كل ما بوسعه لإسقاط نادي مولودية وهران خدمة لاتحاد البليدة و هي المؤامرة التي شاركت فيها عدة أطراف يعرفها العام و الخاص بما فيها المدرب الوطني آنذاك الذي سمح بتسريح احد لاعبي المنتخب لخوض تلك المباراة رغم أن الخضر كانوا في معسكر تدربي بفرنسا لخوض مباراة هامة ضد السنغال في تصفيات كاس العالم 2010 و رغم الشلف وقتها كان قد ضمن مركز الوصافة بغض النظر عن نتائج الجولة الأخيرة على اعتبار انه الفارق بينه و بين الرائد شبيبة القبائل و بينه و بين ملاحقه المباشر وفاق سطيف كان خمس نقاط كاملة، و وقتها برر الناخب الوطني قرار تسريحه لهذا اللاعب بكون المباراة جد هامة لناديه ، و الغريب أن السيناريو تكرر العام الماضي حيث كان الخضر في معسكر باسبانياإستعدادا لمواجهة المغرب و كان في صفوف المنتخب الوطني مهاجم الشلف الذي كان قطعة أساسية في الفريق و مع ذلك لم تطلب إدارته تسريحه لخوض مباراة الدوري رغم انه كان ينافس على البطولة.
والحقيقة المرة هي ضلوع مدربي المنتخب الوطني على مر السنين في مثل هذه التجاوزات حيث يعمدون إلى استدعاء أفضل عناصر ناد ما لحضور معسكر إعدادي ما أو مباراة ودية فقط من اجل حرمانه منها في لقاءات الدوري خدمة لناد آخر ينافسه على نفس الترتيب.و يكاد العديد من المتتبعين للشأن الكروي الجزائري أن يجزموا بان كثرة الأخطاء التحكيمية ليست سوى مظهر من مظاهر التفويت ، و يجزمون بان النفوذ المتزايد لرؤساء الأندية على الحكام و على اللاعبين و على المدربين مرده امتلاكهم ملفات تدينهم فإما أن يسكتوا جميعا أو يدانوا جميعا على الأقل خلال قبل إعلان الاعتزال.
وإستغل المتورطون في هذه الظاهرة السكوت غير المبرر للجهات الرسمية المسئولة عن مكافحة هذا الخطر و على رأسها الاتحاد الذي يسير وفق منطق شاهد ما شافش حاجة ، فهو في الغالب يكتفي بإدانة و استنكار هذه الممارسات و يكتفي بالتهديد بردع المتورطين بأقصى العقوبات دون يكلف نفسه عناء حتى فتح تحقيق في الموضوع أو على اقل تقدير استدعاء الأطراف المعنية للسماء لها من باب التأكد من براءتها أن لم يكن من إدانتها.
غير أن ما يؤكد بان الاتحاد يتصرف و كأنه غير معني بالأمر هو سياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها في تصريحات المسئولين و المدربين و اللاعبين لمختلف الصحف ، فهو لا يتردد في توقيع أقصى العقوبات في حال اجري أي احد حوارا ينتقد خلاله عمل الاتحاد أو سياسته و يتم استدعائه للمثول أمام المجلس التأديبي للاستماع لأقواله و تبريرها قبل توقيع العقاب عليه كما حدث مع رئيس نادي شبيبة القبائل شريف حناشي و المدرب نور الدين بن زكري والحارس الدولي الأسبق هشام مزاير الذي تم إيقافه لمدة عامين ، غير ذات الاتحاد لا يبالي إطلاقا باعترافات العديد من اللاعبين السابقين الذين أكدوا في تصريحات إعلامية أنهم شاركوا في مباريات نتائجها كانت مرتبة سلفاً.
كما أن رؤساء أندية فازت بلقب الدوريأكدوا انه اشتروا نتائج عدة مباريات لتحقيق انجازهم ، و آخرون اشتروا مباريات لإبقاء أنديتهم في الممتاز أو باعوا مباريات فرقه وهو ما اعترف به الرئيس الأسبق لنادي مولودية وهران الراحل قاسم بليمام في إحدى حواراته.
ويطالب الاتحاد بضرورة وجود أدلة و قرائن مادية تؤكد هذه الاتهامات رغم انه يعلم جيدا انه يستحيل ترك الآثار لمثل هذه الجرائم التي تفبرك وقائعها بعيدا عن الأعين ، وأحسن ما قام به لمحاربة هذه الظاهرة لحد الآن هو إجبار الأندية على المشاركة بالتشكيل الأساسي الذي ظلت تلعب به في بداية الموسم خلال الجولات الأخيرة ، فضلاً عن إيقافه لعدد من الحكام الذين ثبت ارتكابهم أخطاء مؤثرة على النتائج النهاية للمباريات ، و كان حرياً به إرسال مراقبين فنيين في المباريات الهامة التي تحوم حولها الشكوك في ترتيب نتائجها لمراقبة أداء اللاعبينوتصرفاتهم قبل وأثناء المباراة داخل و خارج الملعب.
أما النائب العام فهو في انتظار التقدم بشكاوي من قبل المتضررينالذين لن يتقدموا بها لسبب بسيط هو افتقارهم للأدلة المادية من جهة و من جهة أخرى تخوفهم من نفوذ المتورطين.