رياضة

دل بوسكي "الهادىء" يحمل عبء الانجاز التاريخي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يدخل مدرب إسبانيا "الهادىء" فيسنتي دل بوسكي إلى نهائيات كأس أوروبا 2012 وهو يحمل عبء انه يشرف على افضل منتخب في العالم وعبء السعي لقيادة "لا فوريا روخا" الى انجاز تاريخي لم يسبق لاي منتخب ان حققه في السابق.

ويخوض دل بوسكي نهائيات بولندا واوكرانيا وهو يبحث عن قيادة منتخب بلاده الى انجاز تاريخي جديد يضيفه الى ذلك الذي سطره في تموز/يوليو 2010 عندما اضاف لقب بطل العالم الى اللقب القاري الذي احرزه عام 2008.

ويسعى دل بوسكي الى منح بلده انجازا لم يحققه اي منتخب في السابق وهو الاحتفاظ باللقب القاري، وقد اصبحت الانجازات متلازمة المسار مع "لا فوريا روخا" الذي تصدر تصنيف الفيفا لاول مرة في تاريخه عام 2008 ثم عادل الرقم القياسي من حيث عدد المباريات المتتالية دون هزيمة (35)، بينها 15 انتصارا على التوالي (رقم قياسي).

كما اصبحت اسبانيا بقيادة دل بوسكي صاحبة الرقم القياسي من حيث عدد الانتصارات مع المنتخب (43 في 51 مباراة مقابل 38 فوزا مع سلفه لويس اراغونيس)، اول منتخب يتوج بلقب كأس العالم بعد خسارته المباراة الاولى في النهائيات، ونجح الرجل الهادىء الذي يعمل تحت الرادار ودون الضجة الاعلامية التي تحيط بالمدربين الاخرين، في ان يجعل منتخب بلاده ثاني بلد فقط يتوج باللقب الاوروبي ثم يضيفه اليه اللقب العالمي بعد عامين، وكان سبقه الى ذلك منتخب المانيا الغربية (كأس اوروبا 1972 وكأس العالم 1974).

من المؤكد ان دل بوسكي دخل تاريخ بلاده من الباب العريض بعدما قاد المنتخب الوطني الى لقب بطل كأس العالم للمرة الاولى في تاريخه وذلك اثر فوزه على نظيره الهولندي 1-صفر بعد التمديد في المباراة النهائية لمونديال جنوب افريقيا 2010.

وارتقى دل بوسكي بامتياز الى مستوى المسؤولية التي القيت على عاتقه بعد خلافة اراغونيس الذي قاد المنتخب الى لقبه الاول منذ 1964 بعدما توج بطلا لكأس اوروبا 2008 على حساب نظيره الالماني (1-صفر)، واصبح الرجل "الخالد" في اذهان شعب باكمله.

نجح رهان الاتحاد الاسباني على مدرب ريال مدريد السابق وتربع "لا فوريا روخا" على العرش العالمي وانضم الى النادي الحصري للابطال، رافعا عدد المنتخبات التي حملت الكأس المرموقة الى ثمانية.

من المؤكد ان دل بوسكي يملك الاسلحة اللازمة التي تمكنه من تحقيق امال الشعب الاسباني بالصعود الى منصة التتويج لان "لا فوريا روخا" يتميز بلعبه الجماعي الرائع والقدرات الفنية المذهلة للاعبيه، وهو يتحدث عن فلسفته قائلا: "ان كرة القدم رياضة جماعية بامتياز، لكنك تحتاج للفرديات أحيانا من اجل صنع الفارق واختراق الدفاعات. نحن نملك مهارات فردية متميزة في كل خطوطنا، بدءا بالحارس ومرورا بالوسط وانتهاء بالهجوم، اذ تضم صفوفنا لاعبين مهاريين بارزين".

سيبقى دل بوسكي دائما في الاذهان بانه المدرب الذي نجح في فك عقدة بلد باكمله في العرس الكروي العالمي ونجح في قيادة "لا فوريا" روخا الى ابعد ما نجح فيه اي من المدربين ال49 الذين تناوبوا على رأس الهرم الفني للمنتخب الوطني.

منذ ان تسلم مهامه مع المنتخب بعد كأس اوروبا مباشرة، نجح دل بوسكي في قيادة منتخب بلاده لمواصلة عروضه الرائعة ومسلسل نتائجه المميزة، ولم يلق ابطال اوروبا طعم الهزيمة بقيادته سوى 6 مرات في 51 مباراة، الاولى على يد الولايات المتحدة في نصف نهائي كأس القارات عام 2009 عندما وضع منتخب "بلاد العم السام" حينها حدا لمسلسل انتصارات بطل اوروبا عند 15 على التوالي والحق به هزيمته الاولى منذ سقوطه امام رومانيا صفر-1 في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2006، فحرمه من تحطيم الرقم القياسي من حيث عدد المباريات المتتالية دون هزيمة، ليبقى شريكا للمنتخب البرازيلي في هذا الرقم (35 مباراة دون هزيمة)، علما بان الاخير سجله بين عامي 1993 و1996.

اما الاخيرة فكانت ودية امام ايطاليا (1-2) التي ستكون الاختبار الاول لمنتخب دل بوسكي في نهائيات كأس اوروبا وذلك في اعادة للدور ربع النهائي من نسخة 2008 حين خرج "لا فوريا روخا" فائزا بركلات الترجيح.

يعتبر دل بوسكي نموذجا للمدربين الهادئين الذين بامكانهم المحافظة على رباطة جأشهم في الاوقات الحرجة ويتمتع أيضا بطبيعته المسالمة وبمقارباته المدروسة بالاضافة الى قدرته على التعامل مع فرق تعج بالنجوم الكبار وهو ما سهل استلامه السلس لرئاسة الادارة الفنية المنتخب دون اهمال واقع انه يعمل دائما للمحافظة على وحدة واداء لاعبيه الموهوبين، وخلافا لاراغونيس الذي عرف عنه طابعه الحاد ومواقفه المثيرة للجدل في بعض الاحيان، ادخل مدرب ريال السابق الهدوء والتحفظ والصبر الى منصب المدرب، اضافة الى التواضع.

ويلتزم دل بوسكي بالحكمة التي تقول بانه "لا يجب العبث بتركيبة رابحة" واتخذها كمبدأ له منذ ان استلم مهامه مع المنتخب وكان التغيير الوحيد الذي اجراه خلال مشواره مع المنتخب حتى الآن هو تطعيمه ببعض المواهب الشابة من اجل المحافظة على الاستمرارية في النتائج والتنافس والنشاط على الامد الطويل.

ولن يكون دل بوسكي مضطرا الى التخلي عن هذا المبدأ لان اللاعبين الذين قادوا "لا فوريا روخا" الى لقب جنوب افريقيا 2010 مؤهلون للتواجد في كأس اوروبا 2012 وحتى مونديال 2014 في البرازيل لان العديد منهم لا يزال في بداية المشوار مثل سيرجي بوسكيتس (23 عاما) وبدرو رودريغيز (24) وجيرار بيكيه (25) وسيرخيو راموس (26) ودافيد سيلفا (26) وخيسوس نافاس (26)، الى جانب صانع الالعاب المميز شيسك فابريغاس (25)، في حين ان فرناندو توريس (28) واندريس انييستا (28) وصلا الى العمر الكروي المثالي.

كما ان نجم الوسط تشافي هرنانديز (32 عاما) يعتبر من العناصر التي ستلعب دورها في نهائيات كأس اوروبا 2012 وقد تكون ايضا متواجدة في البرازيل 2014.

وكررت اسبانيا في تصفيات كأس اوروبا 2012 ما حققته في تصفيات مونديال جنوب افريقيا 2010 عندما تأهلت الى العرس الكروي العالمي بعلامة كاملة بعدما خرجت فائزة من مبارياتها العشر، وذلك بفوزها في مبارياتها الثماني، مسجلة 26 هدفا فيما تلقت شباكها 6 اهداف لتضمن صدارة مجموعتها بفارق 11 نقطة عن ملاحقتها تشيكيا.

يعد دل بوسكي شخصية فريدة من نوعها، وبينما اشتهر معظم افراد اسرته في العمل في مجال السكك الحديدية، اختار شخصيا ان يخوض مغامرة مهنية مختلفة عن باقي اقربائه، مفضلا الاستجابة لرغباته الكروية ومواصلة مسيرته في عالم الساحرة المستديرة.

اثبت دل بوسكي انه يجيد التعامل مع الضغوط خصوصا انه اشرف على اشهر وانجح فريق في العالم وهو ريال مدريد من 1999 حتى 2003، فائزا معه بلقب الدوري عامي 2001 و2003 ودوري ابطال اوروبا عامي 2000 و2002 قبل ان يقال من منصبه عام 2003 من قبل رئيس النادي فلورنتينو بيريز.

طرق الاتحاد الاسباني باب دل بوسكي بعد كأس اوروبا 2008 ليخلف اراغونيس، فلبى ابن سلمنقة النداء الوطني ونجح في قيادة بلاده الى نهائيات جنوب افريقيا بطريقة رائعة.

من المؤكد ان دل بوسكي لم يخيب ظن الشعب الاسباني باكمله بل انه خلق جوا توحيديا في البلاد لدرجة ان مقاطعة كاتالونيا التي تطالب باستقالها رفعت خلال مونديال جنوب افريقيا العلم الاسباني الى جانب الكاتالوني في خطوة نادرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف