"الأسد" مخلوفي رمز صارخ لمحاربي الصحراء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يطلق على الرياضيين الجزائريين لقب "محاربي الصحراء"، فبعد انجازات منتخب كرة القدم في مونديال 1982 عندما لقنوا المانيا الغربية درسا بهدفي رابح ماجر ولخضر بلومي، وصولات عداء المسافات المتوسطة نور الدين مرسلي في المحافل العالمية، وجولات "ابن البلد" زين الدين زيدان مع المنتخب الفرنسي لكرة القدم، اضيف على لائحة المحاربين الاشاوس اسم جديد هو العداء توفيق مخلوفي.
حلق مخلوفي في سباق 1500 مفي العاب لندن الاولمبية ولم يلحق به احد مانحا العرب اول ذهبية في الالعاب، ليسير على خطى مواطنيه مرسلي في اولمبياد اتلانتا 1996 وحسيبة بولمرقة في برشلونة 1992 ونورية بنعيدة مراح في سيدني 2000 الذي احرزوا ذهبية المسافة ذاتها.
تظهر على مخلوفي (24 عاما) ملامح صحراوية قاسية، شخصية الشجعان وبنية جسدية صلبة قادرة على مواجهة التحديات، وهو ابن مدينة سوق اهراس الواقعة بالقرب من الحدود التونسية (560 كلم شرق الجزائر العاصمة)، والملقبة "سوق الاسود" لانه في السابق كانت من اكبر المدن التي يتم المتاجرة فيها بالاسود ويطلق عليها الامازيغ اسم طاغاست.
لم يكن مشوار مخلوفي مفروشا بالورود، فتحدى عراقيل كثيرة بسبب رفض التكفل به واجباره احيانا على تغيير المدربين والضائقة المادية التي واجهها، فعمل مع الخبير الجزائري عمار براهمية المدرب السابق للبطل مرسلي ثم مع الصومالي جاما أدن الذي يشرف على السوداني ابو بكر كاكي المرشح لنيل ذهبية 800 م في لندن، وتمكن بارادته الحديدية وشجاعته من تحطيم جميع الحواجز: "كنت في حالة سيئة في بداية العام لكني قمت بتغيير مدربي والطريقة التي استعد بها للمنافسات".
بدأ مستوى مخلوفي يتطور، فبلغ نصف نهائي سباق 1500 م في بطولة العالم 2009 في برلين، قبل ان يكرر ذلك في نسخة 2011، وانطلق في رحلة تحسين اوقاته ليدخل السباق النهائي في لندن مرشحا للمنافسة على الميداليات بعد ادائه الصلب في نصف النهائي.
لكن متاعب مخلوفي كادت تقضي على حلمه، بعدما استبعده الاتحاد الدولي لالعاب القوى من الالعاب الاولمبية بتهمة غير عادية وهي عدم بذل الجهد الكافي في تصفيات سباق 800 م، بعد نسيان الاتحاد الجزائري سحبه من السباق اثر تأهله الى نهائي 1500 م، ثم السماح له بعد ساعات قليلة بالمشاركة "بعد مراجعة الادلة المقدمة من قبل المسؤول الطبي للجنة المنظمة (لاصابة في ركبته)".
مخلوفي وهو الابن البكر لعائلة من ستة اولاد، قال لوكالة فرانس برس بعد فوزه: "لم احسب اي حساب لما حصل معي في سباق 800 م، ولم يؤثر ذلك علي في سباق اليوم".
استعد مخلوفي، المنضم لفريق سوناتراك النفطي، في اثيوبيا والسويد، فاحرز سباق 800 م في بطولة افريقيا بتوقيت 88ر43ر1 د، ثم احرز سباق 1500 م في لقاء اوسلو ضمن الدوري الماسي، قبل ان ينهي استعدادته لاولمبياد لندن بالحلول خامسا في لقاء موناكو في 20 تموز/يوليو الماضي في سباق سريع سيطر عليه الكينيون لكنه حسن رقمه الشخصي الى 80ر30ر3 د.
الكينيون الذين حاولوا التضييق على مخلوفي قبل ان ينطلق كالسهم في الامتار ال150 الاخيرة، اختفوا عن المنافسة في الملعب الاولمبي في ستراتفورد، فتذيل اثنان منهم الترتيب وحل سيلاس كيبلاغات سابعا، كما ان اسبيل كيبروب حامل اللقب والاخير في الترتيب بسبب معاناته من المرض، المح بعد السباق الى ما قد يغزي الشائعات حول فوز مخلوفي قائلا: "ما اعرفه، اني بريء"، وذلك بعد عاصفة الاسئلة التي شككت حول قدرته على التعافي السريع من اصابته، فرد: "عانيت من اصابة في ركبتي ونصحت بعدم المجازفة بالمشاركة في سباق 800 م. تلقيت بعض العلاجات واستطعت الركض في النهاية".
اشار مخلوفي الى الراية الوطنية امام الملايين الذين شاهدوه ينقض على الكينيين ابطال المسافات المتوسطة، قبل ان ينال تهنئة من البطلة السابقة نورية مراح ويمضي ليلة خاصة مع الوفد الجزائري في عاصمة الضباب.
عادة ما يخوض المحاربون معاركهم لفترات طويلة بعيدا عن اصدقائهم واقاربهم، ومخلوفي بعد "سبعة اشهر بعيدا عن عائلتي التي شاهدتني على التلفاز"، سيعود معافى من معركة حياة واولمبياد ساخن ظافرا بميدالية صفراء تطوق عنقه وترفع معنويات "محاربي الصحراء".