رياضة

لماذا يكره الجمهور البريطاني لاعبي البريمير ليغ؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أدت انجازات الفريق البريطاني في أولمبياد لندن 2012 إلى توجيه موجة من الانتقادات للاعبي كرة القدم في الدوري الانكليزي، بسبب أجورهم الضخمة وغطرستهم. ولكن لماذا يكره بعض الناس الكثير من اللاعبين؟

لندن: عرف المهاجم الدولي السابق مايكل أوين مسبقاً بحدوث مشاكل في الوقت الذي انطلقلت الألعاب الأولمبية في لندن هذا الصيف، حيث كتب في موقعه: "التفتُ إلى زوجتي، لويز، فيما كنا جالسين في صالة بيتنا لمشاهدة الأولمبياد وقلت لها: لاحظي كيف ستوجه انتقادات شديدة ضد لاعبي كرة القدم بمجرد الانتهاء من هذه الألعاب. ولم يمر أسبوعان حتى بدأت موجة من الانتقادات تتدفق من كل جانب".

من علامات كرة لاعبي كرة القدم في بريطانيا

وفي الوقت الذي كان الرياضيون البريطانيون يحصدون الميداليات والثناء، كان هناك أيضاً عدد كبير من التعليقات تقارن العمل الجاد والتواضع للفائزين البريطانيين في الأولمبياد مع غطرسة وصراخ لاعبي كرة القدم.

فقد كان عنوان العمود الذي كتبه جيمس لوتون في صحيفة "الانديبندنت": "دعونا نأمل كرهنا للاعبي كرة القدم الذين يتقاضون أجوراً ضخمة وهم يتابعون الألعاب الأولمبية". وكان هذا العنوان نموذجاً لعدد من العناوين الكثيرة في الصحف البريطانية.

واعترف لاعبو كرة القدم أنه يجب أن يكون هناك تغييراً في المزاج. فقد كتب جوي بارتون حول ما يمكن أن تتعلم كرة القدم من الأولمبياد. وأشار أنه ينبغي على اللاعبين البدء بالتواضع أولاً.

واتفق بعض زملاء مع اقتراحات لاعب خط وسط كوينزبارك رينجرز. ولكن اللاعب المشاكس يلاحظ أيضاً: "أنت اللاعب المثالي لكل ما يحصل من الأخطاء في كرة القدم".

فالسيرة الذاتية لبارتون استثنائية: في 2004 أطفأ سيجارة في عين لاعب مراهق في فريق ناديه. وفي 2006 نزع سرواله أمام مشجعي الفريق الخصم خلال المباراة. وفي 2008 سجن لمدة ستة أشهر لإعتدائه على شخص بلكمه 20 مرة وترك صبياً مكسور الاسنان. وتلقى حكماً مع وقف التنفيذ للكمه زميلاً له أثناء التدريب.

ومنذ ذلك الحين حاول تغيير حياته، معترفاً أنه يعاني من مشكلة تعاطي الكحول. وأصبح ذائع الصيت في مواقع الاتصال الاجتماعي. ويقضي حالياً حظراً لـ12 مباراة بسبب سلوكه العنيف على أرض الملعب.

والكره ليس مجرد بسبب العنف. فقد أدى فحص الصحف المحلية الدقيق للحياة الخاصة للاعبي كرة القدم إلى موكب من قصص الخيانة الزوجية العارضة.
وعلى رغم أن العديد من هؤلاء الذين يكرهون اللاعبين لا يتمتعون بكرة القدم، إلا أن هناك الكثير من المشجعين المتشددين الذي يشعرون بالاستياء من تصرفات بعض اللاعبين، لأن هناك شعوراً بملكيتهم لكرة القدم.

فعندما يستثمر مشجع بكثافة في فريقه، يدفع ثمن التذكرة الموسمية والسفر لتشجيع فريقه في مباريات خارج أرضه ويخصص عطلة نهاية الأسبوع لفريقه ويقوم بتربية أطفاله ليكونوا أنصاراً له، فإنه في المقابل يتوقع عرضاً من التفاني.

ولكن، كما أضاف أوين، هذا لا يكون دائماً في المكان المناسب: "أنا أقدر أنه يجب على اللاعبين أن يكونوا على علم في كل الأوقات بأن هناك الملايين يشاهدونهم على أساس منتظم. ولكن، بكل بساطة، لا يستطيع الكثير من اللاعبين أن يكونوا قدوة. وبالتأكيد هذا ليس خطأهم".

ولكن كثيرون ليسوا متعاطفين مع هذا التعليق. إذ قال الصحافي هنتر ديفيز: "يجب على اللاعب أن يشعر بالخجل والحرج تماماً... إنها ليست مقارنة عادلة. نحن جميعاً سئمنا من المبالغ التي تدفع لهم. سلوكهم على العموم سيء للغاية، حتى أنه متعجرف في الكثير من الأحيان، ويقولون باستمرار إنه ينبغي احترامهم وانهم يستحقون هذا الاحترام، ولكنهم قاذورات، فالمنتخب الانكليزي لم يفز بأي شيء".

وكان للأولمبياد حصتها من القضايا: تعاطي المنشطات المحظورة والغش في كرة الريشة وإعادة بعض الرياضيين إلى بلدانهم بسبب إطلاقهم استهجانات عنصرية. وكان للعبة الكريكيت فضيحة كبيرة في التلاعب بنتائج المباريات، والرغبي عانت أيضاً من عار "فضيحة الدم".

ولكن هناك عدد قليل من المهن التي تثير البغض مثل كرة القدم.

قال الاسكتلندي الدولي والناقد الحالي بات نيفين: "إنهم يتقاضون أجوراً ضخمة وهم الذين خسروا أي اتصال مع الواقع الذي يشكل احراجاً للرياضة".
ولكن هناك العديد من الحكايات للعادات الفاسدة في الانفاق على لاعبي كرة القدم.

يروي لاعب متخفي في تحقيق لصحيفة "ذي غارديان" تحت عنوان "اللاعب السري في البريمير ليغ"، نشر في العاشر من الشهر الجاري، كيف أنفق 130 ألف دولار في "حرب الشمبانيا" مع مجموعة من لاعبي كرة القدم آخرين في لاس فيغاس.

وكشف مدافع تشلسي آشلي كول في سيرته الذاتية الشهيرة كيف أنه كاد يحطم سيارته عندما تلقى مكالمة من وكيل أعماله يخبره فيها بأن ارسنال عرض عليه أجراً أسبوعياً بمبلغ 55 الف جنيه استرليني فقط!

وكنية آشلي التي يطلقها عليه الجمهور كإهانة هي "كاشلي"، فضلاً عن أصوات الاستهجان في بعض الأحيان عند انطلاق المباريات المحلية. وهي الجماهير ذاتها التي صوتت له في وقت لاحق على أنه أفضل لاعب في انكلترا في استفتاء عام على موقع الاتحاد الانكليزي.

فيما اتهم كارلوس تيفيز برفضه اللعب لمانشستر سيتي لأنه كان يحاول "هندسة" انتقاله، في الوقت نفسه رفض الأرجنتيني هذا الادعاء جملة وتفصيلاً. وحظر مهاجم ليفربول لويس سواريز لثماني مباريات بسبب اساءته العنصرية للاعب الشياطين الحمر باتريس إيفرا.

وأضاف نيفين: "أصبح لاعبو كرة القدم نجوماً، وأصبح سلوك الأمة مع المشاهير مبالغاً فيه... لقد تأثرت حقاً كيف تعامل جميع الرياضيين الأولمبيين مع وسائل الإعلام. ولكنني كنت أتساءل كيف ستكون تصرفاتهم إذا أصبحوا معرضين للفحص القاسي للصحافة لمدة أربع سنوات؟".

وفي مقابل كل لاعب مثل بارتون، هناك مثل نيال كوين، مهاجم ارسنال ومانشستر سيتي وسندرلاند السابق، الذي تبرع بإيرادات مبلغ تكريم اعتزاله للجمعيات الخيرية. ولكل نجوم مع حياة شخصية مشكوك فيها، هناك عدد كبير من تلك اللاعبين السعيدين بحياتهم الزوجية.

وحتى اللاعبين المثيرين للجدل مثل كريغ بيلامي وايمانويل أديبايور، فقد لوحظ أنهم يقومون بتمويل وتنظيم المبادرات الخيرية.

وكثيراً ما يسمع المرء الآن بعدم وجود لاعب كرة قدم مهذب. فيما كانت أكبر الأندية في القرن التاسع عشر اكسفورد وكامبرديج، أو كورينثيانيز البرازيلي، الذي اشتهر برفضه تنفيذ ركلات الجزتء لأنه كان يعتبرها طريقة غير نبيلة.

ولكن المطالبات على اللعبة أصبحت عالية جداً من أي وقت مضى لمواصلة هيمنة الهواة عليها. فاللاعبون لم يستطيعوا من لعب ثلاثة مباريات في الأسبوع، لأنه كانت لديهم وظائفهم اليومية. وبالتالي أصبحت اللعبة احترافية. وعندما ألغي الحد الأقصى للأجور، بدأ اللاعب يكسب راتباً ضخماً.

ومع تدفق المال التلفزيوني منذ تسعينات القرن الماضي أصبحت هناك قفزة أخرى في الأجور. والآن العديد من لاعبي البريمير ليغ يكسبون في الأسبوع أكثر مما يكسبه، في المتوسط، أنصارهم في السنة.

والإدراك بأن لاعبي كرة القدم لا يستحقون هذه الثروات الهائلة كان وراء الكثير من النقد الضمني. وزاد على ذلك فكرة أن معايير السلوك قد انخفضت عندهم.

ويعلق اللاعب السابق ستيف كلاريدج الذي يعمل ناقداً الآن على ذلك بقوله: "تحن الجماهير إلى الماضي دائماً. وهذا لا يعني أنه كان كل شيء على ما يرام. مايزال هناك لاعبين مهذبين في اللعبة... لا تعتمد آراء الناس في كرة القدم على شيء. مجرد يطالعون أخبار الصحف التي عادة تكون غير صحيحة ويتمسكون بها".

وهناك بالطبع أحدث أمثلة على السلوك المهذب والنبيل.

في عام 2001 حصل باولو دي كانيو على جائزة اللعب النظيف لفيفا بعدما مسك الكرة بدلاً من أن يركلها في مرمى خالٍ عندما كان حارس مرمى ايفرتون بول جيرارد على الأرض يعاني من إصابة.

وتدفقت العاطفة بشكل مثير للإعجاب بعد إصابة لاعب بولتون موامبا فابريس بنوبة قلبية وبقي على أرض الملعب لمدة طويلة في 7 آذار 2012. وأبدى اللاعبون والجماهير كرمهم واحترامهم ودعمهم له بشكل منقطع النظير.

ولكن مع انطلاق الموسم الجديد للدوري الممتاز، سيكون هناك العديد من المشجعين منفعلين بقوة بين حبهم للعبة وبين بغضهم لبعض اللاعبين!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف