يعتمد على التمرير
إسبانيا وفن الـ"باسيناتشيو"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ليس بامكان احد ان يشكك بالقدرة الهجومية للمنتخب الاسباني، بطل كأس اوروبا 2008 و2012 وبطل العالم 2010، لكن "لا فوريا روخا" لن يعتمد على تألقه في النصف الثاني من الملعب وحسب بل انه سيعول على الاسس الدفاعية الصلبة حين يلتقي نظيره الايطالي الخميس في نصف نهائي كأس القارات.
تؤكد الاحصائيات ان اسبانيا منتخب متكامل تماما، فبين المنتخبات الاربعة المتواجدة في نصف النهائي هو الافضل دفاعيا وبسلاسة دون الاحتكام الى القساوة اذ ان لاعبيه لم يرتكبوا سوى 30 خطأ في ثلاث مباريات ولم تتلق شباكه سوى هدف واحد، فيما اهتزت شباك ايطاليا التي اشتهرت عبر تاريخها بدفاعها الصلب، ب8 اهداف وارتكب لاعبوها 51 خطأ، ثم تأتي الاوروغواي في المركز الثاني حيث اهتزت شباكها ثلاث مرات وارتكبت 52 خطأ والبرازيل المضيفة وحاملة اللقب ثالثة بعد ان تلقت هدفين وارتكب لاعبوها 67 خطأ.
كما كانت اسبانيا صاحبة اقل عدد من الانذارات بين المنتخبات الثمانية التي شاركت في البطولة (ثلاثة بالتساوي مع نيجيريا).
تظهر الاحصائيات اسبانيا بانها في الحقبة الحالية افضل من يطبق اسلوب ال"كاتيناتشيو" الدفاعي الذي اشتهر به الايطاليون، خصوصا بعد ان اهتزت شباكها مرتين في سبع مباريات خاضتها في مونديال جنوب افريقيا 2010، ومرة واحدة في ست مباريات خلال كأس اوروبا 2012 (المفارقة ان ايطاليا كانت صاحب هذا الهدف في الدور الاول حين تعادلا 1-1 قبل ان تخسر في النهائي امام الاسبان صفر-4)، وفي مناسبتين خلال خمس مباريات خاضتها حتى الان في تصفيات مونديال 2014.
لكن ما هو مؤكد ان اسبانيا بعيدة كل البعد ان اسلوب ال"كاتيناتشيو" الايطالي بل تستحق ان نيل شرف افضل من مارس فن ال"باسيناتشيو"، اي التمرير وهو الفن الذي برع فيه "لا فوريا روخا" وجعله يحبط عزيمة المنتخبات المنافسة.
لكن مدرب ابطال العالم واوروبا فيسنتي دل بوسكي يرفض ان يقال عن "لا فوريا روخا" بانه منتخب يعتمد على اسلوب اللعب السلبي، مضيفا "اذا كنت تريد ان تصف منتخبنا الوطني بكلمة واحدة فسيكون من الصعب ان تقول بانه دفاعي".
ورغم تأكيده بانه ليس هناك "وصفة سحرية" يلجأ اليها منتخبه، اعترف دل بوسكي "اننا ندافع من خلال الاستحواذ على الكرة".
لا يمكن جدال دل بوسكي في هذه المسألة فرجاله يتمتعون باللمسة السحرية التي خولتهم الاستحواذ على الكرة بما نسبته 64 بالمئة في المباريات الثلاث التي خاضوها في دور المجموعات من البطولة التي تقام قبل عام من نهائيات المونديال.
والمفارقة ان ادنى نسبة استحواذ للاسبان في المباريات الثلاث التي خاضوها كانت ضد هايتي (58 بالمئة) دون ان يمنعهم ذلك من تحقيق رقم قياسي في بطولات التي ينظمها الاتحاد الدولي بفوزهم 10-صفر.
اما نسبة الاستحواذ بالنسبة للمنتخبات الثلاثة الاخرى المتواجدة في دور الاربعة، فهي 55 بالمئة للبرازيل و49 بالمئة لايطاليا و44 بالمئة للاوروغواي.
ان استراتيجية الدفاع من خلال الاستحواذ على الكرة والتي اتقنتها اسبانيا وجعلتها فنا كرويا وماركة مسجلة باسمها منذ تتويجها بكأس اوروبا 2008، ليست بالشيء الجديد في عالم الكرة المستديرة فقد طبقت للمرة الاولى في السبعينات مع فريق اياكس امستردام الهولندي بقيادة الاسطورتين يوهان كرويف ورينوس ميتشلز.
وقد حمل معه كرويف هذه الاستراتيجية الى برشلونة عندما استلم الاشراف على الفريق بين 1988 و1996 بعد ان لعب في صفوفه ايضا بين 1973 و1978، وهو بنى حينها "فريق الاحلام" الذي ضم لاعبين مثل مواطنه رونالد كومان والبلغاري هريستو ستويتشكوف والبرازيلي روماريو وجوسيب غوارديولا الذي بقي وفيا لاسلوب "معلمه" الهولندي خلال الحقبة المذهلة التي عاشها كمدرب للنادي الكاتالوني بين 2008 و2012 حيث توج معه ب14 لقبا، بينها اثنان في دوري ابطال اوروبا.
ويشكل الثلاثي الحالي في برشلونة تشافي هرنانديز واندريس انييستا وسيرجيو بوسكيتس الاسس الحديثة لهذا النمط الذي اعتمد في المنتخب من قبل المدرب السابق لويس اراغونيس، مهندس الفوز بكأس اوروبا 2008.
يعتبر العمل الدفاعي في هذه الاستراتيجية التزاما جماعيا اذ يبدأ من الضغط الذي يمارسه المهاجمون ما ان يخسر فريقهم الكرة، ويشكل الجناح بدرو رودريغيز وشيسك فابريغاس، لاعب الوسط الذي تحول الى "مهاجم مقنع"، الركيزة الدفاعية الاولى التي تدفع الخصم الى الاستعجال ومن ثم فقدان الكرة التي تعود الى ابطال العالم ولا تتركهم قبل ان يصاب لاعبو الفرق المنافسة بالدوار والارهاق.
وملخص هذه الاستراتيجية واضح جدا: المزيد من التمريرات، القليل من التدخلات الدفاعية، القليل من الاخطاء والمزيد من الشباك النظيفة.
ان تلقي اقل عدد من الاهداف يشكل "عاملا مهما جدا" بحسب الظهير الايسر جوردي البا الذي يضيف "انه عمل الفريق باكمله وليس الدفاع وحارس المرمى وحسب"، فيما يرى زميله قلب الدفاع سيرخيو راموس ان "الفضل يعود الى الجميع وعندما نفوز والفضل لا يعود للذين سجلوا الاهداف وحسب بل الى التوازن الذي تحقق (بين الدفاع والهجوم)".