قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
معادلة اللياقة البدنية والذهنية تبدو جلية في عالم سباقات سيارات فورمولا واحد، لا سيما ان المنافسات المتطلبة تقتضي جهدا كبيرا وتركيزا فائقا ازاء اي ردة فعل، واستعادة سريعة للنشاط بعد التعب المضني.&ولعل تطور تكنولوجيا السباقات يستلزم تدريبا مكثفا وتوظيفا صحيحا للجهد المبذول واستخدام طاقة العافية المتوافرة باقتصاد، لا سيما الذهنية منها وفي المكان الصحيح، ما يساعد في الصمود على الحلبة اطول فترة ممكنة.&ولطالما برز سؤال هل السائق رياضي؟ والاجابة بسيطة: من يتحمل هذا الضغط الكبير وتتجاوز نبضات قلبه 190 نبضة في الدقيقة حين يكون خلف المقود، اي اكثر من ضربات قلب دراج على مسار جبلي، كيف لا يكون رياضيا مميزا؟!&المتسابق ريكاردو سيكاريللي الذي اصيح طبيبا يجزم شارحا: "الغالبية لا تشاهد السائق الا خلف مقود في مقصورة سيارته. ونادرا ما تلاحظ انه يتصبب عرقا ويبذل طاقة فائقة". ويضيف: "من لم يختبر هذه التجربة حتى في سباقات الكارتنغ من الصعب ان يتصور ذلك. فسباقات السيارات وتحديدا فورمولا واحد، هي عكس رياضات اخرى حيث يمكن ملاحظة المتنافس تماما وما يبذله من جهد.&لقد دأب سيكاريللي على دراسة هذه العوامل وتحليلها منذ اكثر من 20 عاماً، ما جعله يطلق مركزا متخصصا للاعداد سماه "فورمولا طبية"، وهو كناية عن وحدة بحث تعاونت حتى تاريخه مع 75 سائقا واكثر من 90 متنافسا في العاب شتى.&ومن اسس الرصد التي اعتمدها سيكاريللي، متابعة مباشرة بواسطة كاميرات واجهزة استشعار مثبتة في السيارات و"مزروعة" في لباس السائق وتحت خوذته، تحصي خفقات القلب وتوفر تخطيطا دوريا لعمله، وتظهر مدى الحاجة الى الطاقة والسوائل، وانتظام نشاط الدماغ.&ويستخدم سيكاريللي كلمة "تعشيق" ليصف الحالة المثالية المنشودة، فمن شروط المنافسة وحصد النتائج الجيدة سائق يتمتع بصحة وعافية ولياقة بدنية عالية وذهنية مركزة، فيؤدي المطلوب منه خلف مقود سيارة مزودة بافضل التقنيات.&في الماضي ادرك البرازيلي ايرتون سينا ثم الالماني ميكايل شوماخر هذه "الوصفة"، فتميزا عن الآخرين باعتبار ان جهوز السائق خلف مقود سيارة متمكنة من مختلف النواحي يصنع الفارق.&يقع مركز سيكاريللي في فلورنسا (جنوب ايطاليا) ويضم عيادة متكاملة التجهيزات للفحوصات الطبية والمخبرية المطلوبة، وجناحا لاختبارات نفسية (المعروفة بغرفة السرير الاحمر). ويتولى المهام اطباء ومعالجون فيزيائيون ومدربون رياضيون واختصاصيون نفسيون. اما الزبائن او "المرضى" فهم سائقون من مختلف الفئات، ومنهم من يكون في طور النقاهة بعد اصابة.&ومن الذين اختبروا خدمات هذا المركز في الاعوام الاخيرة السائقون يارنو تروللي وروبرت كوبيسكا وفرناندو الونسو ودانيال ريكاردو. فقد خضعوا كما غيرهم لاختبارات بدنية وذهنية. واستخدمت بعض نتائجها عينات في اطار دراسات تطوير.&فوفق حصيلة المعلومات والمعطيات، اتضح ان التعب الاهم بعد كل سباق هو تعب ذهني ونفسي بالدرجة الاولى. بدنيا يخضع السائق لبرنامج اعداد خاص يتواصل على مدار الموسم وقبله، تتخلله فترات راحة. لكن المجهود الذهني يكون ضاغطا جدا ومكثفا في الجوائز الكبرى (على مدى ثلاثة ايام: مراحل التجارب الرسمية والسباقات)، فلا راحة البتة على هذا الصعيد.&كما اظهرت حصيلة الاختبارات ان الاوقات الاكثر حرجا خلال السباق تكون اثناء الانطلاق والتجاوز والتوقف في الحظائر لتعبئة الوقود او تبديل الاطارات، والسير خلف سيارة الامان قبل التحفز لانطلاق جديد، والصراع لكسب مركز متقدم في الكيلومترات الاخيرة. ففي "مرحلة ادارة الازمات، اذا صح التعبير، يكون النشاط الذهني وضربات القلب في اشدها، وعلى السائق مواجهة هذا الواقع متنبها الى عوامل وحسابات دقيقة عدة، مثل كمية الوقود المستهلكة والباقية وحال الاطارات. وهنا يكون الدماغ في اقصى نشاطه ويقظته.&لذا يخضع السائقون لاختبارات وتمارين خاصة توظف لاحداث الفارق. وتتمحور حول: ردات الفعل، التركيز، حدة البصر وتنسيقه في مجال الرؤية المتاحة، الذاكرة المتوقدة. ومن التمارين المفيدة ايضا، العاب خاصة على الشاشة تتضمن علامات تحدد قوة التركيز وفق المعطيات والنتائج من خلال قياس النشاط الكهربائي للدماغ، علما انه مربوط باتزان بنشاط القلب، فعندما يتخطى المعدل يكون التوقف حكما، للراحة واستعادة التركيز.&ومن التدريبات المألوفة، مزاولة لعبة كرة الطاولة وفق طريقة تسديد المتدرب كرات في اتجاه انوار مضاءة على الطاولة وحولها والحائط المواجه، لبلوغ درجة ايقاع معين هو بمثابة رتابة تلقائية "مقتصدة"، تساعده على تفادي اي ارتباك او فوضى في التصرف في حال الخسارة. فتبقى الامور كلها تحت السيطرة ولا افراط اذا في استهلاك الطاقة.&كما يعتمد برنامج الاعداد على لعبة مجهدة لكنها مفيدة، اذ تتضمن إسئلة متتالية عن آخر مشاركة ثم اعادة خوض السباق وفق طريقة المحاكاة مع ايقاع محدد يراقب خلالها القلب ونبضاته. وينحصر تركيز السائق على رغم استخدامه سماعات للموسيقى، ومتى تجاوز "الايقاع" الحدود المفترضة، عليه التوقف وأخذ قسط من الراحة قبل معاودة الاختبار.&ويعد الاداء مثاليا في حال بلغ عدد ضربات القلب 60 في الدقيقة، بالتوازي مع وتيرة تنفس متوازنة تساعد على حصر انتباه السائق بدقة وعدم تشتته. اما الجلوس بمفرده في "الغرفة الحمراء" و"الفضفضة" ولو بصوت مرتفع، فيعتبر اسلوب ترويح فعالا عن النفس، يسهل معايشة الضغوط وتجاوزها خلال السباقات، وهو بمثابة تمرين ذهني عملي يوفر الاسترخاء الذي يساعد على التركيز، ويؤدي الى جهوز السائق، هذا فضلا عن تمارين التوازن بواسطة ادوات او من دونها، وهو اسلوب اعتمده فريق "رد بل" في مركزه في النمسا، باعتبار ان المنافسة مسألة توازن بين العقل والجسم.&&
&