رياضة

أولمبياد ريو 2016: رياح انكماش أو تفاؤل مبالغ فيه

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

فارق كبير بين أواخر العام 2009 والفصل الاول من 2015 بالنسبة إلى سكان ريو دي جانيرو. ففي 2 تشرين الاول (اكتوبر) من ذلك العام تجمهر حوالى 100 الف شخص على شاطىء كوبا كابانا للاحتفال باختيار المدينة البرازيلية لاستضافة دورة الالعاب الاولمبية الصيفية عام 2016.

عامذاك، تقدمت المدينة الصاخبة في مجموع الاصوات التي نالتها على طوكيو ومدريد وشيكاغو، وفاخرت بمؤازرة شعبية لملفها بلغت 85 بالمئة، في مقابل 59 بالمئة حاليا وفق استطلاعات موثوقة، &قبل نحو 17 شهرا من موعد الالعاب (5 &- 21 آب/اغسطس 2016).&حين نالت ريو شرف التنظيم ظن الجميع انها ستتخلص وجوارها ومناطق برازيلية اخرى من اهمال مزمن في نواح كثيرة، لا سيما ان ورشة مونديال 2014 لكرة القدم ستسبقها وستساهم في توفير منشآت وبنى عدة. لكن الآن وبعد خمسة اعوام، بهتت الفرحة وضمرت الحماسة.&ولقد تفاقمت مشكلات اقتصادية واجتماعية كثيرة واثرت سلبا على الملفين المونديالي والاولمبي، وسببها الشكوى من الفساد والاحتكار وارتفاع الاسعار وازمات النقل والصحة والتعليم، ما ادى الى تظاهرات واضرابات واعمال شغب احيانا. وبالتالي، لم يعد كثر يؤمنون ان ما سينفق من اموال سيحسن مستوى الخدمات، خصوصا ان مثال كأس العالم لكرة القدم ماثل امامهم.&واظهرت دراسات صدرت اخيرا ان البرازيل القوة الاقتصادية السابعة في العالم على شفير الانكماش، حيث يقفز التضخم الى 7ر7 في المئة، مع تدهور سعر صرف الريال (العملة الوطنية) بواقع 30 في المئة في 12 شهرا امام الدولار.&وعلى رغم ذلك، يمضي الاستحقاق الاولمبي الاول من نوعه في اميركا الجنوبية قدما نحو "النهاية السعيدة" كما يؤكد المسؤولون مبدين تفاؤلا مبالغ فيه احيانا، ومنهم مدير اللجنة المنظمة كارلوس نوزمان (62 سنة)، الذي كان عضوا في منتخب بلاده للكرة الطائرة خلال دورة طوكيو الاولمبية عام 1964. وتلعب الصدفة دورها فهو من سيسلم العلم الاولمبي في ختام "ريو 2016" الى ممثلي اللجنة المنظمة في طوكيو المقررة فيها العاب 2020.&ويلفت نوزمان الى ان التنظيم سيكون مقتصدا ومن دون تبذير، مضيفا: "سنقدم العابا فريدة من مختلف النواحي"، علما ان الموازنة المقدرة تبلغ 3ر11 مليار يورو منها 5ر7 مليار للمشاريع والبنى التحتية. لكن هذه الموازنة تخطت ب27 في المئة حتى الآن الارقام التي تضمنها ملف الترشح للاستضافة عام 2008. وتساهم اللجنة الاولمبية الدولية بـ3ر1 مليار يورو.&وابدت لجنة المتابعة برئاسة البطلة الاولمبية السابقة المغربية نوال المتوكل، المكلفة من قبل اللجنة الاولمبية الاولمبية تفقد الاعمال دوريا واعداد تقارير عن التقدم الحاصل، ارتياحا لسير الامور بعد زيارتها الثامنة، وان لفتت المتوكل الى ضرورة حث الخطى وبذل جهود في بعض المشاريع والمنشآت، لا سيما مرج الغولف ومضمار الدراجات ومركز الفروسية، مستدركة بديبلوماسية: "نحن واثقون بانهم سيحترمون المهل والمواعيد المقررة".&في الجانب الوردي المائل الى الرمادي، يشير المنظمون الى ان خط المترو بين ايبانيما وريو سيرفع نسبة المستفيدين من النقل العام من 16 الى 63 في المئة. ويتحدثون عن اقبال كثيف على التطوع، وهم يخضعون 250 الف متطوع من الجنسين لدورات في اللغة الانكليزية وبرامج تدريب وتأهيل على التواصل والعلاقات العامة. ويؤكدون ان مئات شركات التوريد الداخلي معنية بمشاريع التطوير، وستوفر آلاف فرص العمل.&كما اعلن المنظمون ان 7 ملايين تذكرة لحضور المباريات والمسابقات ستكون في متناول الراغبين، منها 8ر3 مليون تذكرة سعرها الاعلى 30 دولارا. وستقدم حسومات للطلاب وكبار السن، وسيكون الدفع متاحا ببطاقات الائتمان وبالتقسيط المريح، علما ان تذاكر حفلة الافتتاح من الفئة "أ" يبلغ ثمنها 1500 يورو، وهي الاغلى ضمن الدورة.&والمنشآت والمرافق الموزعة على 39 ورشة ضمن 4 مناطق، يسجل تقدم في جانب منها او تسير اعمالها وفق الجدول المقرر، ومنها القرية الاولمبية (قرية الرياضيين) التي ينتظر ان تسلم في مطلع السنة المقبلة وستحتضن 17950 شخصا، وحملة التسويق لبيع شققها بعد الالعاب جيدة جدا، والطلب عليها مزدهر.&ويضم "البارك الاولمبي" منشآت لكرة السلة وكرة اليد وكرة الطاولة والجودو والتايكواندو والمبارزة والدراجات والجمباز، الى المجمع المائي. وهو يقع في قلب الحلبة التي كانت تستضيف حتى عام 1989 احدى الجوائز الكبرى لبطولة العالم لسباقات فورمولا واحد. وكان معظم هذه المرافق استخدم في دورة الالعاب الاميركية عام 2007. وسيتحول المكان بعد "ريو 2016" الى مركز تدريب عال لرياضيي اميركا الجنوبية.&كما تشهد منطقة بورتو مارافيلا البحرية ورشة عملاقة، فهي على مساحة 5 ملايين متر مربع، وتضم 70 كلم من الشوراع و4 انفاق. ومع بلوغ حلتها الجديدة، ستستقبل بواخر اقامة لتكون بمثابة فنادق عائمة. وتذكر عملية التطوير بما خضعت له الواجهة البحرية في برشلونة استعدادا لدورة العاب عام 1992.&لكن في مقابل الجانب المشرق، تقف عثرات عدة بالمرصاد ما يطرح اكثر من علامة استفهام.&فحتى الساعة نسبة التلوث عالية جدا لا بل مقلقة في خليج غونابارا، الذي يعد من الاجمل في العالم، لكنه تحول الى بركة قمامة. وفي العام المنصرم، رفع المشاركون في سباقات الشراع الصوت عاليا منبهين من خطر داهم واهمال مستشر، علما ان رئيس اللجنة المنظمة للالعاب يؤكد ان المعالجة التدريجية للتلوث تسجل تقدما مضطردا وقد انخفضت نسبة الخطر الى دون ال40 في المئة، وان كان الهدف المرتجى بلوغ ال80 في المئة.&اما خط المترو الذي تدرجه اللجنة المنظمة في اطار انجازاتها الكبيرة، فيبدو ان محطات عدة فيه لن تنجز في موعد الاستحقاق، لتبقى هناك "احلام معلقة" كما حصل في مونديال كرة القدم.&وورشة انشاء مرج جديد للغولف (18 حفرة) في محمية ماراباندي المقدرة كلفته ب18 مليون يورو، واجهت معارضة شديدة من قبل الناشطين البيئيين، فنفذوا اعتصامات وضربوا حصارا حول المكان، قبل ان تسوى الامور بعد تأخير كبير زاد في كلفة الاعمال، المتوقع ان تنجز في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.&وارتفاع الكلفة ينسحب ايضا على مضمار الدراجات (5 آلاف متفرج)، وستبلغ 36 مليون يورو، ولن ينجز قبل كانون الاول (ديسمبر) المقبل. كذلك مضمار الضاحية المخصص للفروسية (المسابقة الكاملة) في ديودارو على بعد ساعة بالسيارة من ريو دي جانيرو، ايضا ملعب الركبي، وحقل الرماية، ومسار الدراجات "في تي تي"، واماكن مسابقات الكانوي.&وسمة التأخير والعراقيل لاسباب شتى تبدو "مزايا" برازيلية بحسب الصحافي فينيسييه كاشنسكي، إذ إن "معاناة قصة المونديال ستتكرر، ولا تنتهي الاعمال الا في اللحظة الاخيرة". لكن القلق الاكبر يبقى في مصير "الارث الاولمبي" وان يتحول الى "كابوس" مكلف، كما هي منشآت دورة اثينا 2004، او ما يعرف بـ"الافيال البيض"، والقصد منها منشآت عملاقة كلفت ثروات وتتطلب صيانتها ثروات اخرى، والاستفادة منها معدومة. فاستاد ماراكانا الشهير الذي اعيد بناؤه للمونديال، تبلغ نفقات صيانته 28ر1 مليون يورو شهريا، ومنذ نهائي كأس المسابقة الكروية فاقت خسائره ال5ر13 مليون يورو.&واللافت ان تنفيذ الاشغال يخضع لتعقيدات ادارية عدة لان الموافقات تتطلب نقاشات واجتماعات مطولة وتواقيع جهات عدة صاحب قرار، في مقدمها عمدة المدينة، وحاكم الولاية والحكومة الفيديرالية وهكذا دواليك، فضلاً عن ان الرعاة المحليين غير متحمسين في ظل اوضاع اقتصادية صعبة، واعتبارهم ان المنافسات اولمبية لا تتمتع كلها بجاذبية كرة القدم.&غير ان الرهان "الصامد ابدا" هو ما يتمتع به البرازيليون من حيوية وفرح الحياة وحسن الضيافة. عوامل اثارت الاعجاب في مناسبات كثيرة ومنها مونديال 2014، وهي سلاحهم الفتاك لجبه الصعوبات. فـقد ابدى 95 في المئة من الذين قصدوا البرازيل خلال المونديال الماضي عن استعدادهم الى العودة مجددا، وهذا رأسمال بحد ذاته.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف