ارتفاع معدل الجريمة وغياب الفرح عن وجوه البرازيليين
ريو 2016: المدينة جاهزة للتنظيم لكن الفكر في مكان آخر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قبل نحو اسبوعين من انطلاق الالعاب الاولمبية الاولى في اميركا الجنوبية وتحديدا في البرازيل، التقطت مدينة ريو دي جانيرو المنظمة انفاسها، لكن في مواجهة اسوأ ازمة اقتصادية في 80 عاما وارتفاع معدل الجريمة، تغيب علامات الفرح عن وجوه البرازيليين.
في الواقع، اصبحت الملاعب جاهزة، وتزين الالوان والاعلام الاولمبية "المدينة الساحرة" التي يقطنها 5ر6 ملايين وتنحشر في مضيق بين المحيط وجبال رائعة مع كل هذا التباين الجذاب بين شوارع ميسورة تهدهد الشواطىء واخرى شعبية فقيرة ترتسم عليها علامات البؤس والحرمان.
وتنتظر التجارة المحلية بدءا من الفندق 5 نجوم مرورا بالمخزن الصغير الذي يبيع الادوات الاولمبية "المصنوعة في الصين" بفارغ الصبر قدوم نحو 500 الف سائح من اربع زوايا الارض.
ويعرف البرازيليون بانهم عشاق لكرة القدم، لكنهم ايضا هواة للرياضة بمختلف انواعها، ورغم الوضع الرمادي المعاش يوميا، ما من شك في ان الالعاب الاولمبية ستشكل فاصلا سعيدا من فواصل وحلقات حياتهم.
ومن شأن الديكور المخصص لاكبر حدث رياضي على وجه هذه البسيطة (10500 رياضي في 42 لعبة رياضية) ان يحبس انفاس مئات ملايين المشاهدين: فمن القوارب الشراعية الى نجوم السرعة في المضمار سيتواجهون تحت ذراعين مفتوحتين ليسوع المخلص...
لكن خليطا من الاعمال الجرمية في ارتفاع مستمر، وبطالة متصاعدة بقفزات، وفيروس زيكا وافلاس ولاية ريو دي جانيرو وفضائح الفساد وازمة سياسية تاريخية ستفضي على الارجح الى اقالة الرئيسة ديما روسيف بعد انتهاء الالعاب مباشرة، كل هذا مجتمعا لا يمكن ان يدع الفرحة ترتسم على شفاه البرازيليين.
وتختصر الالعاب بالنسبة الى كثيرين بعملية الهاء مكلفة جدا، وفيليبي (31 عاما)، المنقذ على شاطىء كوبيكابانا واحد من هؤلاء، "شفطت الالعاب الاولمبية المال الذي كان بالامكان استخدامه في تحسين حياة الناس بدل ان نقيم تغييرات تجميلية جميلة للغرباء".
سحر وفوضى
على بعد امتار معدودة، وتحت شمس شتوية معتدلة حيث تصل الحرارة الى 23 درجة مئوية، يقف عشرات العمال منتصبين كحبال مشدودة لانهاء هيكل معدني هائل موقت لحرم لعبة الكرة الطائرة الشاطئية مرتفع واشبه ببناء شاهق من عدة طبقات.
والمشاكل التي تمت مواجهتها في بناء هذا الصرح تلخص التحدي الكبير لتنظيم الالعاب في ريو دي جانيرو، هذا المدينة التي تتسم بالسحر والفوضى في آن معا.
وكثيرا ما تعطلت الاعمال بسبب الاحوال البيئية والمناخية، وادت الامواج العاتية الى الاضرار بقاعدة هذا البناء ما استلزم اقامة جدار رملي بطول 300 متر لحمايته، وتعمل البلدوزرات باستمرار على تعزيزه... وذات صباح، وجدت بالقرب منه جثة متفسخة لسيدة..
بالتأكيد، استطاعت ريو دي جانيرو اسكات المشككين في قدرتها على انهاء الاعمال في المواعيد المحددة، وعموما ضمن الميزانيات الموضوعة لها، باستثناء مضمار منافسات الفروسية الذي تأخر قليلا بسبب افلاس منفذه ولم يكن بالامكان اجراء اي اختبار حقيقي عليه.
ويبقى خليج غوانابارا عبارة عن "بالوعة" تصب فيها المياه المبتذلة على الرغم من الوعود المخيبة للامال بازالة التلوث منه بنسبة 80 في المئة، وهذا يعرض المتنافسين في رياضة الشراع للجراثيم في حال السقوط في البحر او حتى اهدار ميدالية بسبب الهروب من كيس بلاستيكي في الطريق.
وبعيد افتتاح مضمار بني على الكورنيش البحري لاقامة سباقات الدراجات الهوائية ضمن الالعاب الاولمبية، انهار جزئيا بعد ان ضربته موجة عاتية فقتل اثنان من المارة بالمكان، في حين تشكلت بعض الحفر على طريق بحري آخر.
واخيرا وفي افضل الحالات، لن يفتتح خط جديد للمترو يعتبر استراتيجيا بالنسبة الى الحركة خلال الالعاب قبل الاول من آب/اغسطس مع تخفيض السعة بسبب عدم اجراء اختبارات كافية عليه.
وقال عمدة ريو دي جانيرو ادواردو باييس "كل شيء يشغل بالي"، واسر لوكالة فرانس برس بانه "مستعجل لان يبدأ الاولمبياد، ومتعجل ايضا لان ينتهي"، واعدا بان "يشرب حتى الثمالة على انغام السامبا بعد الالعاب الاولمبية، وان يأخذ اجازة دون اجر لمدة عام".
13 عملية اغتيال في اليوم
وتؤكد البلدية انها عملت على تحويل المدينة خلال عدة عقود على ان تكون الاطراف الاساسية مكانا للبنى التحتية الجديدة التي تشكل مدخلا للنقل العام لنحو 63 في المئة من البرازيليين في 2017 مقابل 19 بالمئة فقط عام 2009.
وتضاعفت السعة الفندقية في مدينة ريو دي جانيرو، وافتتحت قاعة جديدة في المطار الدولي، وتم جزئيا انعاش منطقة الميناء التي كانت مهجورة بشكل دائم.
وهناك سبب آخر يدعو للقلق ويتمثل في امن المتفرجين-السياح حيث ارتفعت عمليات الاغتيال الى اكثر من 13 في اليوم الواحد منذ مطلع العام الحالي اي بزيادة 14 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي.
وحصلت ولاية ريو مؤخرا على مساعدة مالية طارئة من ولاية برازيليا لدفع رواتب عناصر الشرطة، لكن العصابات المسلحة لمروجي المخدرات تنمو وتتمدد.
والخشية في المقام الاول من العنف-المتطرف اكثر من خطر الاغتيالات، وصحيح انه لم يطل البرازيل حتى الان، لكن جهاديا فرنسيا هدد في تشرين الثاني/نوفمبر بعيد اعتداءات باريس قائلا "البرازيل، انت هدفنا القادم.
يضاف الى ذلك ان معتقلا سابقا في غوانتانامو رحل الى الاوروغواي، دخل بشكل غير شرعي الاراضي البرازيلية دون ان يترك اثرا...
وسيسهر على امن الالعاب اكثر من 85 الف شرطي وعسكري، اي اكثر مرتين من العدد الذي خصص لاولمبياد لندن 2012.