رغم أن الوضع الأمني في بغداد وغيرها من المدن ليس على أحسن حال
أندية كرة القدم العراقية ملاذ آمن للاعبين سوريين أبعدتهم الحرب
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قبل نحو عشرة أعوام، دافع اللاعب السوري نديم الصباغ عن ألوان نادي تشرين لكرة القدم، إلى جانب زملاء عراقيين اختاروا سوريا ملجأ لهم هربا من آتون الحرب المستعرة في بلاد الرافدين.
حاليا، انقلبت الآية: فالصباغ يستعد لخوض موسمه الثاني مع نادي الزوراء الذي أصبح، كغيره من الأندية العراقية، ملاذا آمنا للاعبين ومدربين سوريين بعيدا من نزاع يعصف ببلادهم منذ عام 2011. ويقول المدافع الدولي السابق لوكالة فرانس برس "إنها مفارقة". يضيف "في عامي 2006 و2007 كانت الأندية السورية وجهة لعدد من اللاعبين العراقيين بسبب الحرب في العراق. في تشرين الحلبي كان معنا لاعب الزوراء السابق عصام حمد، أما الان فتغير الحال، الفرق العراقية أصبحت وجهة للاعبين السورين". الظروف نفسها التي دفعت باللاعبين والمدربين العراقيين للذهاب إلى سوريا في أعقاب أعمال العنف بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، مماثلة لتلك التي أرغمت السوريين على التوجه إلى الأندية العراقية. وعلى رغم أن الوضع الأمني في بغداد وغيرها من المدن ليس على أحسن حال، فضل لاعبون سوريون الانتقال إلى العراق للاستمرار في رياضتهم المفضلة ومصدر رزقهم الوحيد. ويقول الصباغ ان اللعب في العراق "فرصة للخلاص من آثار الحرب التي ألقت بظلالها على اللاعبين السوريين المعتاشين من كرة القدم". ويشير اللاعب الذي وصل إلى العراق مع عائلته عام 2011 مع بدء النزاع السوري، وبدأ مسيرته الاحترافية مع نادي أربيل، أكبر أندية إقليم كردستان الشمالي، إلى أن الحرب السورية أثرت خصوصا في لاعبي أندية "المدن المنكوبة، مثل حلب حيث مقر نادي الاتحاد". - حرب وضائقة مالية - ويوضح الصباغ أنه قبل اندلاع الأزمة السورية "لم نكن نحتاج إلى الاحتراف الخارجي (...) لكن الحرب هي التي أرغمت اللاعبين على الهجرة. فلا عمل آخر يسترزقون منه سوى كرة القدم". بعيد اندلاع النزاع، توقفت بطولة سوريا، وأعيد العمل بها في 2012 بنظام مختلف. فبدلا من إقامة المباريات بنظام الدوري في مختلف المدن، اقتصرت المباريات على مجموعتين تلعبان في مدينتي دمشق واللاذقية (غرب) اللتين بقيتا في منأى إلى حد كبير عن النزاع الذي أودى بأكثر من 330 ألف شخص. وهذه السنة، عادت البطولة إلى نظام الدوري، وأيضا الى مدن أخرى بعد استعادة السيطرة عليها من قبل الجيش السوري. يستذكر زميل الصباغ في المنتخب، لاعب نادي نفط الوسط العراقي محمود خدوج، تساقط القذائف في في محيط ملعب نادي الاتحاد الذي كان يتدرب فيه مع زملائه، عندما كانت حلب في مرمى النيران. ويقول خدوج، الثلاثيني المنتقل حديثا إلى النادي العراقي "أتذكر جيدا تلك اللحظات الصعبة. في العام 2015 كنا نخوض التدريب أحيانا وسط سقوط القذائف ومطر الرصاص وكانت عزيمتنا قوية لحبنا للنادي. لكن بعد ذلك قررت أن اتخلص من ظروف الحرب فتوجهت إلى نادي كربلاء قبل أن أنتقل الآن إلى نفط الوسط". ويوضح لاعب خط الوسط "لم أغادر وحدي (...) عدد من زملائي توجهوا صوب أندية خارج سوريا. ولا ننسى أن الدوافع المالية كانت أيضا سببا لمغادرتنا الملاعب السورية". تشكل الضائقة المالية سببا رئيسيا لتوجه غالبية اللاعبين السوريين إلى العراق، إذ أن البداية الكروية لمعظم هؤلاء كانت في نادي أربيل الذي كان يقدم لهم رواتب عالية مقارنة بالأندية السورية والعراقية. - "قلبي مع المنتخب السوري" - في ملعب القوة الجوية، أعرق الأندية العراقية، كان صوت المدرب المساعد محمد عقيل الآتي من الاتحاد الحلبي، طاغيا على أجواء التدريب. يقول عقيل البالغ 35 عاما إن "الأندية السورية في السنوات الماضية وبعد اندلاع الحرب، تعطلت وتضررت فيها البنى التحتية"، مؤكدا ان "هذه الأسباب دفعت باللاعبين السوريين إلى الهجرة، ليس إلى العراق فقط بل إلى دول عربية وأخرى أوروبية". ومهدت الأندية العراقية للاعبين سوريين طريق الاحتراف في أندية عربية شهيرة، وفي مقدمتهم عمر خريبين الذي انتقل الى الهلال السعودي بعد تجربة في الميناء العراقي، إضافة إلى مؤيد العجان وعلاء الشبلي اللذين تعاقدا مع الزمالك المصري، وغيرهم. من نادي الحرية الحلبي أيضا، وصل حسين جويد وعائلته إلى العراق قبل خمس سنوات، ليجرب حظه في الاحتراف، فكان أول اللاعبين السوريين في صفوف نادي الزوراء، حيث وجد "استقرارا نفسيا وماديا". وعلى رغم مغادرة بلده، لم يتردد ابن الأعوام السبعة والعشرين من الإعراب عن أمنيته، قائلا "أتمنى أن أنهي مسيرتي الكروية في العراق، مع هذا الفريق الجماهيري". لم يبعد اللعب خارج سوريا اللاعبين عن بلادهم، لاسيما المنتخب الوطني الذي كان أقرب من أي وقت مضى من بلوغ نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا، إلى أن خرج هذا الشهر على يد استراليا من ملحق التصفيات الآسيوية. وكانت إدارة نادي الزوراء تحرر الصباغ ليتفرغ للدفاع عن ألوان المنتخب السوري في التصفيات، حيث انضم الى عدد من اللاعبين المحترفين أيضا خارج سوريا، وأبرزهم فراس الخطيب لاعب السالمية الكويتي، وعمر السومة مهاجم الأهلي السعودي. ويقول خدوج الذي يأمل في المشاركة مع المنتخب في مبارياته المقبلة "قلبي كان وسيبقى دائما مع المنتخب السوري". على رغم الحنين، تبقى الذكريات الأليمة ماثلة في أذهان اللاعبين، كشاهد دائم على الأسباب التي دفعتهم الى الرحيل. ويقول نصوح نكدلي الذي انضم هذا الصيف الى نفط الوسط قادما من الاتحاد الحلبي "خسرت في الأحداث الكثير من أصدقائي". يضيف "قبل التمرين، (كنت) أفتح فيسبوك، وأرى ان أحد أصدقائي في النادي، في الحارة، في الحي، أقربائي... توفي. تأثرت كثيرا، لم أتمكن من الاستمرار".التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف