جائزة أبو ظبي الكبرى: فيرستابن ... الرجل الذي وُلد بطلاً!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ابوظبي : منذ اللحظة التي انضم فيها السائق الهولندي ماكس فيرستابن إلى فريق ريد بول للناشئين عام 2014، كان هناك أمر حتمي بأنه سيتوج يوماً ما بطلاً للعالم للفورمولا واحد. وهذا ما حصل في السباق الختامي لموسم 2021 في جائزة أبو ظبي الكبرى عندما خطف المركز الاول في اللفة الاخيرة، أمام منافسه البريطاني حامل اللقب سبع مرات لويس هاميلتون.
شكّل هاميلتون (36 عاماً) في السنوات الاخيرة حالة خاصة في الفئة الأولى مع فريق مرسيدس، إلا أن تتويج فيرستابن قد يعني فرض واقع جديد.
قدّم "ماد ماكس" موسمًا مذهلاً، ليس فقط من خلال حصد الانتصارات (10)، بل أيضاً لصموده تحت وطأة الضغط الكبير الذي مارسه هاميلتون على الحلبة وحتى خارجها.
ولعلّ أبرز اللحظات التي تلخّص تلك المواجهة الضارية بين الرجلين، هي الحادثة التي وقعت بينهما على حلبة سيلفرستون في بريطانيا عندما تصادما قبل أن ينتهي المطاف بفيرستابن مصطدماً بحواجز التصادم. اشتعلت جبهة التصريحات بينهما لفترة طويلة، حيث وصف الهولندي خصمه البريطاني المخضرم بـ "الأحمق الغبي" في تكساس بعد حادثة أخرى وقعت بينهما على المسار.
ولم يشذ سباق السعودية الأخير، إذ شهد منافسة دراماتيكية بينهما وصداماً كلّف فيرستابن الفوز في الجائزة.
وكان السباق الختامي مرآة للدراما التي كانت حاضرة طوال الموسم بعد أن خطف المركز الاول في اللفة الاخيرة.
رغم كل الضغوطات، لم يتراجع الهولندي خطوة واحدة إلى الوراء أو أظهر أي علامات تراخ تحت الضغط.
وهو ما عبّر عنه بطل العالم مرتين الإسباني فرناندو ألونسو بقوله في وقت سابق من الموسم "يبدو أنه يتعامل مع الضغط بشكل أفضل من أشخاص آخرين".
وتابع سائق ألبين "الجميع مختلف، لكن بالنسبة إليه، لا يبدو الأمر مهماً للغاية".
موهبة بالفطرة
اعتاد فيرستابن أن يكون تحت الاضواء والضغط، من خلال مسيرة طويلة على الحلبات لفترة قد تكون مفاجئة للبعض وهي 20 عامًا، إذ إنّه يملك خبرة تتخطى السنوات التي راكمها كسائق فقط.
فبحسب والده يوس فيرستابن الذي شارك في أكثر من مئة سباق في الفورمولا واحد بين العامين 1994 و2003 وزامل الألماني ميكايل شوماخر بطل العالم سبع مرات، فإنّ ماكس صعد الى سيارة التسابق للمرة الأولى عندما كان يبلغ أربع سنوات ونصف، وتحديداً في سيارة الكارتينغ.
وقال يوس في 2019 "كان دائماً حريصاً على مشاهدة جميع سباقاتي، وكان يعرف ماذا يدور من حوله. لقد نشأ في أجواء السباقات".
وتابع "لم يكن عليّ أن أخبره عن مسار السيارة أثناء التسابق، كان يعرفه".
لم يكن والده المؤثر الوحيد عليه في بداياته، بل إن والدته، البلجيكية صوفي كومبين، هي بطلة في سباقات الكارتينغ أيضاً. كذلك، نافس عمّها في سباقات "موتو كروس" والرالي، وإبن عمّها أنتوني كومبين شارك في سباقات "ناسكار".
بدأ فيرستابن خطواته العملية الأولى تجاه تكوين شخصية بطولية، من خلال حصد الإنتصارات في سباقات الفورمولا 3، حيث فاز بعشرة سباقات في موسمه الاول عام 2014 الذي أنهاه في المركز الثالث، فيما فاز باللقب آنذاك الفرنسي إستيبان أوكون سائق فريق ألبين للفورمولا واحد حالياً.
كان فوز فيرستابن بلقب بطولة العالم للفورمولا 3 محسوماً لو أراد، لكنه فضّل خوض تحدّ أكثر صعوبة ودخول عالم الاضواء من الباب الواسع. فبعد مشاركته في اختبار تجارب على حلبة جائزة اليابان الكبرى في تشرين الاول/أكتوبر 2014، خاض مشاركته الاولى في عالم الفورمولا واحد مع فريق تورو روسو على حلبة جائزة أستراليا الكبرى عام 2015.
سائق مثير
وفي سن الـ 17 والـ 166 يوماً، كان السائق الاصغر سناً في تاريخ الرياضة، رغم أنه لم يكن قد نال رخصة القيادة حتى في حينها.
وقال والده يوس "بالنسبة إلي، لم يتعلق الامر أبداً بالعمر، كان الامر بديهياً مقارنة لما كان يفعله. كان ممتعًا. ماكس سائق مثير للغاية. إنّه أفضل مني بكثير".
في موسمه الاول، نجح فيرستابن بحصد نقاطه الاولى، لكنّ الاهم كان الأثر الذي تركه. على حلبة موناكو، اصطدم السائق الهولندي بالفرنسي رومان غروجان من الخلف بعدما حاول تجاوزه وهو في سرعة عالية، فوصفه سائق وليامس، البرازيلي فيليبي ماسا، بـ"الخطير"، لكنّه نال في ما بعد جائزة أفضل سائق مبتدئ للعام المقدمة من قبل الاتحاد الدولي للسيارات "فيا".
في أيار/مايو 2016، تمّت ترقية فيرستابن الى فريق ريد بول رايسينغ، ليحلّ مكان الروسي دانييل كفيات، وجاءت نتائجه مثيرة وفورية. ففي سباقه الأوّل على الحلبة الإسبانية، حلّ رابعاً في التجارب الرسمية، ومن ثمّ تفوّق على سائق فيراري الفنلندي كيمي رايكونن ليصبح أصغر سائق يحقّق الفوز في سباقات الفورمولا واحد، وذلك عن عمر 18.
أنهى "سوبر ماكس" ستة من سباقاته الثمانية الأولى ضمن المراكز الخمسة الاوائل، من ضمنها صعوده الى منصة التتويج أربع مرات. وفي الموسمين الأخيرين، احتل "السائق العنيد" المركز الثالث في ترتيب السائقين خلف سائقي مرسيدس هاميلتون والفنلندي فالتيري بوتاس. أما هذا العام، وفي ظل امتلاكه محركاً أقوى، لم يقارع فقط سيارتَي مرسيدس، إنّما تفوّق عليهما في محطات عدّة.
علم الكثيرون في عالم الفورمولا واحد أن هذا الرجل سيصبح في نهاية المطاف بطل العالم.
قال مديره رايموند فيرمويلن لوكالة فرانس برس "كان ماكس، بدءًا من سباقات الكارتينغ وصولا إلى خطواته الاولى في عالم السيارات، إستثنائياً دائماً، وسريعاً للغاية".
وتابع "لا نزال نراه في تطور مستمر وأعتقد أننا لم نرَ النسخة الافضل منه بعد. لذا نحن إيجابيون للغاية للمستقبل".