شيدت أربعة ملاعب جديدة وجددت ملعبين آخرين
ساحل العاج من الحرب الأهلية إلى إنفاق مليار دولار على كأس الأمم الأفريقية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بيرس إدواردز
كاتب رياضي
تأمل حكومة ساحل العاج أن تؤدي استضافتها لكأس الأمم الأفريقية لعام 2023 إلى تسريع الانتعاش المثير للإعجاب في البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية في عام 2011.
باعترافها، استثمرت الحكومة ما لا يقل عن مليار دولار لاستضافة البطولة، حيث قامت ببناء أربعة ملاعب جديدة بينما قامت بتجديد ملعبين آخرين.
بالإضافة إلى ذلك، فقد جرى بناء أو تحديث المطارات والطرق والمستشفيات والفنادق في المدن الخمس التي ستستضيف المباريات: أبيدجان، وبواكي، وكورهوغو، وسان بيدرو والعاصمة ياموسوكرو.
وفي أكبر عملية إعادة بناء في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا منذ الحربين الأهليتين في الفترة 2002-2007 و2010-2011، جاء تمويل بعض هذا الإنفاق من قرض بقيمة 3.5 مليار دولار تم الحصول عليه من صندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان الماضي.
كأس الأمم الأفريقية: قصة التمرد الذي يلقي بظلاله على المنافسات في الكاميرون
كأس الأمم الإفريقية: جدل إلكتروني حول أحداث "غير تقليدية" في البطولة بالكاميرون
تحتل ساحل العاج المرتبة 138 من بين 190 دولة من ناحية حجم الناتج القومي حسب تصنيف صندوق النقد الدولي، وبالتالي فإن هذا الإنفاق يشكل مصدر قلق للبعض رغم أن البلاد شهدت متوسط نمو قدره 8 في المئة سنوياً منذ تولي الرئيس الحسن واتارا، الموظف السابق في صندوق النقد الدولي، السلطة عام 2010.
وقال براو ياو سيرافين، أستاذ الاقتصاد الإيفواري، لبي بي سي سبورت أفريقيا: "ساحل العاج بلد فقير، ونتيجة لذلك، اضطر الرئيس واتارا إلى الحصول على قروض لتمويل هذا المشروع، لذلك يتعين علينا التأكد من أن القروض تعود بالنفع فعليا على ساحل العاج. وسيتعين على البلاد صيانة البنية التحتية".
وأضاف: "إذا لم نكن حذرين ولم نفكر في إقامة أحداث لزيادة إيرادات ملاعبنا، فإنني أخشى أن بلد الفيل سوف ينتج أفيالاً بيضاء".
مصطلح "الأفيال البيضاء"- المشتق من عادة تايلاندية قديمة تقضي بإعطاء مثل هذه الحيوانات باهظة الثمن للملك- يتم تطبيقه بانتظام على مشاريع البنية التحتية المكلفة التي تفوق صيانتها المالية فائدتها.
فهل ستعاني ساحل العاج، التي كانت ذات يوم موطناً لواحد من أكبر تجمعات الأفيال في أفريقيا، والتي أخذت اسمها من أنيابها، من هذه المحنة؟
الأمر ليس كذلك، كما يقول ساسة البلاد.
البناء للمستقبلوبعد إنفاق أكثر من مليار دولار- بعض التقارير الإعلامية تتحدث عن ضعف هذا المبلغ- قد يأمل معظم المستثمرين في الحصول على عائد مالي، لكن فرانسوا أميتشيا، الذي يدير اللجنة المنظمة لكأس الأمم 2023، يقول إن هذا لم يكن هو النية على الإطلاق.
وقال أميتشيا، النائب الإيفواري الحالي ووزير الرياضة السابق، في ديسمبر/كانون الأول الماضي: "عندما قررت ساحل العاج تنظيم كأس الأمم الأفريقية، لم يكن ذلك من أجل كسب المال، بل من أجل إعادة تنظيم نفسها".
وأضاف قائلا: "لقد كانت فرصة لخلق البنية التحتية الرياضية- ويجب أن أذكركم أنه لم تنشأ أي بنية تحتية رياضية منذ سنوات- حيث أتاحت لنا بطولة كأس الأمم الأفريقية بناء أربعة ملاعب جديدة وملعبين تم تجديدهما دفعة واحدة".
وتم إنفاق حوالي 79 مليون دولار و 84 مليون دولار و 113 مليون دولار على التوالي لبناء ملاعب جديدة في ياموسوكرو وكورهوغو وأبيدجان، وتحديدا ملعب واتارا الأولمبي، في حين أن تجديد ملعب فيليكس هوفويت بوانييه في أبيدجان كلف 109 ملايين دولار أخرى.
وتم تشييد هذا الملعب في الأصل عام 1964، وقد استضاف مباريات كأس الأمم الأفريقية عندما استضافته ساحل العاج آخر مرة عام 1984، وقد بُني ملعب بواكي لتلك النهائيات، واستُخدم الملعب الآخر.
في حين بُني أو جُدّد 24 مركز تدريب في المدن الخمس التي تستضيف البطولة. وجرى أيضا بناء ثلاث "مدن أفريقية" مكونة من 32 فيلا من خمس غرف في بواكي وسان بيدرو وياموسوكرو مع افتتاح فندق جديد يضم 48 غرفة في كورهوجو.
كما جرى تحديث وبناء المستشفيات في كورهوغو وسان بيدرو على التوالي، و تجديد مطاري المدينتين- ومطار بواكي- في حين طُوّرت الطرق السريعة من أبيدجان - الواقعة غرباً إلى سان بيدرو الساحلية وشمالاً إلى كورهوغو وغيرها من الطرق.
وأضاف أميتشيا: "لقد سمح لنا تنظيم المسابقة بتحسين روابط النقل".
وأوضح: "نعلم أن ساحل العاج مرت بفترة صعبة، ولم تكن سهلة من الناحية الاقتصادية. لكن كأس الأمم هذه سمحت لساحل العاج بتجهيز نفسها ببنية تحتية رياضية وغير رياضية تليق بدولة نامية".
الاستفادة من المرافقوفي الوقت نفسه، يخطط الاتحاد الإيفواري لكرة القدم تبديد المخاوف التي أعرب عنها أمثال البروفيسور سيرافين بشأن مستقبل الملاعب الجديدة المكلفة.
بعد أن استضافت بالفعل دوري أبطال أفريقيا للسيدات في نوفمبر/تشرين الثاني (في بواكي وسان بيدرو)، يريد الإيفواريون أن يصبحوا مركز استضافة إقليميــ وخاصة بالنسبة لتلك البلدان التي لا تستطيع ملاعبها الوطنية استضافة المباريات الدولية لأسباب تتعلق بالسلامة.
تم استخدام المغرب 27 مرة لمباريات "الإياب" من قبل هذه البلدان في كل من تصفيات كأس الأمم 2023 وكأس العالم 2026، وكان المغرب وجهة شعبية، لكن ساحل العاج تريد الآن أن تخطف بعض الجاذبية والإثارة أيضاً.
وقال إدريس ديالو، رئيس الاتحاد الايفوري لكرة القدم "سنعمل على ضمان أن تصبح بلادنا مركزا لغرب أفريقيا فيما يتعلق بكرة القدم والمسابقات الرياضية"، مشيرا إلى مسارات ألعاب القوى في بعض الملاعب.
ومضى يقول: "سيوفر هذا مساحة لجميع البلدان التي ليست لديها بنية تحتية معتمدة من قبل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم والفيفا".
على الرغم من عدم الموافقة رسمياً بعد، اقترح البعض داخل الحكومة فتح الملاعب للجمهور، بحجة أن السكان الأكثر صحة سيخفف العبء على الدولة التي وفرت الضمان الصحي الشامل في عام 2019.
ويحرص الرئيس واتارا على ضمان أن تتمتع المناطق التي لا تستضيف مباريات كأس الأمم ببنية تحتية رياضية جيدة، إذ يتضمن مشروع مشترك مع فرنسا إنشاء عشرة مجمعات رياضية صغيرة في جميع أنحاء ساحل العاج.
منذ نهاية الحروب الأهلية، التي أدت إلى نزوح أكثر من مليون شخص، تحسنت الأوضاع المالية في ساحل العاج بشكل لافت.
وبفضل الاستثمارات الحكومية الكبيرة والأداء القوي لمُنتجيها الرئيسيينــ البن والكاكاو ( ساحل العاج أكبر مصدر للكاكاو في العالم) ــ يبدو أن اقتصاد البلاد في طريقه لأن يصبح ثاني أكبر اقتصاد في غرب أفريقيا.
في عام 2013، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لساحل العاج وغانا 43 مليار دولار و63 مليار دولار على التوالي، في حين تظهر أرقام صندوق النقد الدولي لعام 2022 أن الفجوة قد أغلقت، حيث أعلنت الدولتان أن الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 70 مليار دولار و73 مليار دولار على التوالي (مع أن كلاهما لا يزال خلف نيجيريا الغنية بالنفط التي يبلغ ناتجها المحلي 477 مليار دولار).
وفي العاصمة الاقتصادية أبيدجان، تجسد صاحبة المطعم أكوبا أنغولا النمو الإيفواري الأخير.
وبعد أن كانت في الخارج خلال الحروب الأهلية، عادت أنغولا عام 2017 وذلك بعد أن حصلت على ماجستير إدارة الأعمال في الولايات المتحدة أثناء وجودها هناك.
وقالت لبي بي سي سبورت أفريكا: "أيقنت أن هذا هو الوقت المناسب للعودة لأن البلاد تنعم بالسلام وكل شيء يسير على ما يرام، وقبل عشر سنوات، كان فتح مشروع تجاري يمثل مخاطرة".
على الرغم من ثقتها في النجاح، فإنها مع ذلك تعرب عن دهشتها من مدى نجاح الأمور- بعد أن افتتحت خمسة مطاعم منذ عام 2021- وتأمل الآن أن تتمكن بطولة كأس الأمم من تعزيز الاقتصاد الإيفواري.
وقالت: "إن كأس الأمم فرصة عظيمة للغاية للأعمال، لأن الكثير من الأشخاص القادمين من الخارج سيكتشفون ما نقوم به في ساحل العاج، على سبيل المثال، أريد فتح العديد من المطاعم في جميع أنحاء أفريقيا".
وتمثل أبيدجان ما يقرب من 80 في المئة من الناتج الاقتصادي للبلاد، ومع استضافة كأس الأمم في جميع أنحاء البلاد، فإن الأمل هو أن تبدأ سان بيدرو في الجنوب، وياموسوكرو وبواكي في الوسط، وكورهوغو في الشمال في اللحاق بالعاصمة.
وسيتم استخدام ستة ملاعب لاستضافة كأس الأمم الأفريقية 2023 في خمس مدن مضيفة في جميع أنحاء ساحل العاج.
ويعتقد البروفيسورسيرافين الذي يعمل في جامعة الحسن واتارا في بواكي، أن فوائد كأس الأمم ستكون على المدى القصير و الطويل: "ستكون كورهوجو وسان بيدرو وبواكي وياموسوكرو في دائرة الضوء وهذا يمكن أن يعزز الأعمال"، مشيرا إلى أن "الميزة الأولى على المدى القصير هي أنها ستعزز جاذبية ساحل العاج لمستثمري القطاع الخاص، إذ ستكون الكاميرات مُسلطة علينا".
ومضى يقول: سيكون هناك أيضاً الكثير من الأعمال أمام التجار، وسيتم خلق وظائف في الفنادق حيث نرحب بجميع الزوار وسيتم تعزيز السياحة- التي تمثل حوالي 9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي لدينا".
وعلى المدى الطويل، يعتقد سيرافين أن الملاعب المتطورة ستمنح الإيفواريين "حماساً جديداً" لحضور المباريات، خاصة مع المرافق الجديدة مثل المطاعم والمتاجر.
وقال: "لذا ستستفيد كورهوجو وبواكي وياموسوكرو وسان بيدرو من هذه الملاعب وكذلك من المستشفيات والمرافق الصحية المحسنة وستستفيد البلاد من هذه التجديدات الضخمة لتعزيز النمو على المدى الطويل".
رغم أن الهجوم الإرهابي الذي وقع عام 2016 عندما قتل مسلحون 16 شخصاً في منتجع غراند بسام الساحلي، على بعد حوالي 40 كيلومتراً من أبيدجان لم يغب عن البال، يعتقد سيرافين أن الإجراءات الأمنية المشددة وكذلك تقليل الازدحام وإقامة المباريات دون أي تعقيد سيكون مفتاح أي نجاح.
وأضاف قائلا: "إذا استوفينا كل هذه الشروط، ستصبح ساحل العاج دولة عظيمة يمكنها الاستفادة من هذه المنافسة للسير نحو الأفضل".
تقارير إضافية من قبل إيان ويليامز