باستطاعته أن يكون مزعجاً جداً للمنتخب الإيراني
المنتخب السوري لكرة القدم الذي أعاد لمّ شمل أبناء المهاجرين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
للمرة الأولى في تاريخها، بلغت سوريا الدور الثاني في مسابقة كأس آسيا لكرة القدم 2024 بعد فوزها على الهند الأسبوع الماضي.
واللافت أن المنتخب السوري يشارك في هذه الدورة بتشكيلة تضمّ الكثير من الوجوه الجديدة، وبعض اللاعبين "لا يتكلّم العربية"، ومنهم لم يولد في سوريا.
وفي مباراة مقرّرة مساء الأربعاء 31 يناير/ كانون الثاني، ستواجه سوريا فريق إيران في البطولة التي تستضيفها قطر حتى 10 فبراير/ شباط المقبل.
فماذا نعرف عن سمات هذا الفريق الذي يلعب "بانسجام لافت" تحت قيادة المدرب الأرجنتيني المعروف هيكتور كوبر؟ وما حظوظ فوزه؟
خلال الأسابيع والأشهر السابقة لانطلاق البطولة، انضم إلى المنتخب ستة لاعبين جدد من أصول سورية، ولدوا لعائلات من المهاجرين إلى أمريكا اللاتينية وأوروبا.
كما تضمّ صفوف المنتخب تسعة لاعبين مولودين خارج البلاد، يلعبون في صفوف فرق أوروبية، وفرق من أمريكا اللاتينية، وفريق ماليزي.
يقول الصحفي اللبناني المختص بالرياضة، باسم الرواس، في اتصال مع بي بي سي نيوز عربي، إن تشكيلة المنتخب الحالية تتألف من 26 لاعباً، 18 منهم يحترفون خارج سوريا، أي بمعدل 70 في المئة من مجموع اللاعبين، وهي نسبة مرتفعة.
ويشير إلى أن اللاعبين ينتمون إلى "عائلات هاجرت من بلاد الشام إلى أمريكا اللاتينية، خلال عشرينيات القرن الماضي، وبعد الحرب العالمية الأولى".
ويؤكد الرواس أنه يحقّ للاعبين من أصول سورية استعادة جنسية البلد الذي ينحدرون منه، وأنهم "يشكلون قيمة مضافة لمنتخب سوريا، إذ أن كرة القدم في أوروبا وأمريكا اللاتينية متقدّمة من حيث المستوى".
ويضيف أن سوريا "تعاني بسبب الحرب، وبالتالي ليس من السهل أن يكون نشاط كرة القدم فيها جيداً، وأن ينتج منتخباً بمستوى عالٍ".
ومن جهته، يقول الصحفي أليكس أيوب من فريق بي بي سي نيوز عربي، إن "انسجام اللاعبين الجدد من المهاجرين مع اللاعبين المحليين في المنتخب، كان ملفتاً".
ويضيف أيوب أن بعض اللاعبين الجدد من أصول سورية، "لا يتكلمون اللغة العربية"، ويذكر منهم بابلو صباغ المولود في كولومبيا، وخليل الياس وابراهيم هيسار المولودين في الأرجنتين، إضافة إلى عبدالرحمن أويس المولود في اليونان.
ومنتخب سوريا ليس المنتخب العربي الوحيد الذي يضم لاعبين من عائلات مهاجرة، بل شهدت منتخبات لبنان وفلسطين والعراق بدورها، انضمام لاعبين مهاجرين، وهو أمر يسمح به الاتحاد الدولي لكرة القدم.
يمتلك المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر خبرة واسعة؛ إذ أنه درّب في السابق عدداً من النوادي في إسبانيا، منها ريال مايوركا، وفالينسيا، وريال بيتيس، وإنتر ميلان في إيطاليا، وحقق نتائج ممتازة مع مايوركا وفالنسيا.
ويعتقد أيوب أن كوبر كان له دور كبير في ضمّ اللاعبين الجدد من أصول سورية، خصوصاً أن بعضهم من جنسيات أمريكية لاتينية، مثله.
والمنتخب السوري ليس المنتخب العربي الأول الذي يدرّبه كوبر، إذ كان قد درّب المنتخب المصري بين عامي 2015 و2018. وقاد كوبر مصر إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية عام 2017، لكنه خسر أمام الكاميرون بنتيجة 2-1.
كما قاد مصر للتأهّل إلى كأس العالم عام 2018، في أول مشاركة لها في البطولة منذ عام 1990، أي بعد غياب دام 28 عاماً.
ومن جهته، يشير الرواس إلى أن كوبر ليس المدرب الأجنبي الجيد الوحيد الذي يقود منتخبات عربية. ويعطي مثالاً على ذلك المدرب الإيطالي الشهير روبرتو مانشيني، الذي قاد منتخب إيطاليا للفوز ببطولة أمم أوروبا للعام 2020، ويدرب المنتخب السعودي حالياً.
ويشير إلى عدد من المنتخبات العربية التي يدرّبها مدربون أوروبيون، من بينها منتخب قطر الذي يقوده الإسباني تانتين ماركيز لوبيز، ومنتخب عمان الذي يدربه الكرواتي برانكو إيفانكوفيتش، ومنتخب الإمارات الذي يدربه البرتغالي باولو بينتو.
ويقول: "صحيح أن كوبر كان مهماً في أوروبا، إلا أن المدربين الآخرين، وأبرزهم مانشيني، لا يقلون أهمية عنه أبداً".
وعن سبب اهتمام اللاعبين الذين يحترفون في أوروبا وأمريكا اللاتينية بالانضمام إلى صفوف المنتخب السوري، يقول أليكس أيوب إنه قد يكون نابعاً من رغبتهم في أن يظهروا على رادار بعض الأندية الخليجية.
ويقول: "صحيح أنهم لاعبون محترفون إلا أنهم ليسوا نجوماً في أنديتهم". ويضيف أنهم قد يكونون مهتميّن بعروض أفضل في الخليج، من خلال اللعب مع منتخب بلدهم الأم.
"منتخب النظام"؟أثار المنتخب السوري بعد فوزه التاريخي على الهند، جدلاً سياسياً - كما جرت العادة - إذ قال بعض السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي إنه لا يمثل الشعب السوري بجميع أطيافه، بل يمثل الحكومة السورية.
وانتشرت على مواقع التواصل مقاطع مسجلة تظهر هتاف بعض اللاعبين احتفالاً بالتأهّل، من خلال ترديد شعارات داعمة للرئيس السوري بشار الأسد.
وكرر معارضون استخدام وصف المنتخب بأنه "منتخب البراميل" (إشارة إلى عمليات القصف الجوي من قبل القوات السوريّة)، واعتبروا أنه تابع لنظام الحكم في سوريا، وبالتالي لا يمثل السوريين بمختلف توجهاتهم ومشاربهم.
ويقول الرواس لبي بي سي: "من الممكن أن تستخدم السلطات أو الدول أو الرؤساء أو الزعماء الرياضة أو المنتخبات لتلميع صورهم، ولكن، وفي الوقت عينه، يجب أن نكون أكيدين من أن المنتخب الوطني يمثل الشعب كله، البلد كله، في النهاية".
ويضيف: "منتخب الوطن يتشكّل من كافة شرائح المجتمع، يضم لاعبين من الفقراء ومن الأغنياء، وممن أنهوا دراستهم وممن لم يستطيعوا إنهاءها، وبالتالي يمثل اللاعبون شرائح كبيرة من المجتمع".
أدّت الحرب السورية إلى تهجير ملايين السوريين خارج البلاد، ولمعت أسماء عدد منهم في مجالات رياضية كثيرة، خلال السنوات الأخيرة الماضية.
لذلك قد يجادل البعض بأن تركيبة المنتخب السوري الحالية، وإن كانت تضمّ عدداً كبيراً من المهاجرين، إلا أن هؤلاء يمثلون بدورهم شريحة من شرائح المجتمع السوري في الخارج.
وطبعا هذا النقاش طويل ومعقّد ويتجدد كل فترة وأخرى بين السوريين.
ما فرص فوز سوريا أمام إيران؟يتفوّق المنتخب الإيراني على نظيره السوري من حيث التصنيف.
ويقول الرواس إن "حسابات الورقة والقلم، ترجّح كفة الفوز لصالح إيران نظراً لمهارة لاعبيها الذين ينضوون في تشكيلات أندية أوروبية أكثر أهمية من نوادي نظرائهم السوريين، كما أن المنتخب الإيراني حصد كأس آسيا 3 مرات، في أعوام 1968 و1972 و1976".
ويضيف: "هذه المرة السابعة التي يشارك فيها المنتخب السوري بالمسابقة، إلا أنها المرة الأولى التي يتأهل فيها إلى الأدوار الإقصائية. الفرق شاسع".
رغم ذلك، يتوقّع الرواس ألا تكون المباراة سهلة على الإطلاق، ويقول: "يتميّز المنتخب السوري دائماً خلال الأدوار الإقصائية، إذ أنه يتحلّى بالصبر، وباستطاعته أن يكون مزعجاً جداً للمنتخب الإيراني".
ويشير أيضاً إلى أن "الروح العالية التي يلعب بها المنتخب السوري، والحماس الكبير جداً، وفكرة أن ليس لديهم ما يخسرونه"، قد تعطيهم حرية حركة، ودفعة معنوية إضافية بعد تأهلهم إلى دور الـ16.
في المقابل يواجه "المنتخب الإيراني ضغوطاً شديدة بسبب عدم فوزه باللقب منذ عام 1976، في بطولة تقام كلّ 4 سنوات. لقد اشتاق الإيرانيون لطعم الفوز".