أنظمة فويب من الجيل الأخير تعرض مكالمات شبه مجانية

طلال سلامة من روما: هل يمكننا اليوم استخدام الهاتف المحمول للاتصال عبر الإنترنت بصورة شبه مجانية؟ طبعاً، فالجيل الأخير من خدمات الصوت عبر بروتوكول الإنترنت، المعروفة باسم "فويب" (Voip)، يخولنا تحقيق أحلامنا الادخارية. قبل بضعة شهور، كانت هذه البرمجيات مجرد نماذج اختبارية، مصممة خصيصاً لمساعدة بعض الخبراء في عملهم. اليوم، أضحت هذه الخدمات تحت تصرف الجميع. في النهاية، أصابت هذه البرمجيات الخدمات الهواتف المحمولة أيضاً. والمستهلكون الإيطاليون، المتعطشين أكثر فأكثر لقطع ميزانية مكالماتهم الهاتفية الشهرية، هم في الصف الرئيسي لتبني خدمات "فويب" النقالة، أي (Voip Mobile). كما وصل عدد المستعملين المكتتبين في هذه الخدمات الى الملايين، حول العالم، مما أدهش مشغلو الاتصالات اللاسلكية الذين حاولوا سد طريق النجاح أمام أنظمة "فويب" بقدر المستطاع توخياً لعدم تكرار تجربة الهاتف الثابت المرة على الخليوي. فخدمة "فويب" كانت ضالعة في قطع أسعار المكالمات الهاتفية الثابتة على نحو "مؤذ" بالنسبة الى شركات الاتصالات.

لذلك، وبما أن أحداً لن يستطع صد تسلل هذه الخدمات الى عالم الاتصالات، باشر بعض المشغلين، ولو بحذر، تقديم خدمات "فويب" على الزبائن. هكذا، أطلقت شركة "تري ايتاليا" (3Italia) بايطاليا أول محمول يحتضن الوظائف التي تقدمها شركة "سكايب"، ومنها وظيفة الدردشة الفورية. وهذا حدث عالمي كون خدمة "تري ايتاليا" تدمج قائمة البريد الإلكتروني بدفتر العناوين العادي الموجود في كل هاتف محمول. ولا شك في أن خدمات "فويب" من الجيل الأخير ستغير ملامح دفاتر العناوين المستقبلية كي تصبح "ذكية" و"ديناميكية" لا بل أنها ستضحي مفتاح الدخول الى جاليات الإنترنت التفاعلية، كما غرف الدردشة الفورية التابعة ل"ام اس ان" (Msn) أو "سكايب" (Skype). وعن طريق خدمة "فويب" على الهاتف المحمول، يمكننا رؤية ان كان الأصدقاء منهمكين في دردشات مع الآخرين أو أنهم مستعدين للتواصل معنا أو أنهم غائبين. كما يمكننا التحدث معهم صوتياً أو التواصل عبر الرسائل النصية الفورية. بايطاليا، يمكن استعمال خدمة "تري ايتاليا" الجديدة للتهاتف مع مشتركين آخرين في خدمة "سكايب"، لا مع أرقام الهواتف المحمولة العادية. إذن، لا يوجد خطر التنافس بين "سكايب" وتعريفة شركة "تري ايتاليا".

بالطبع، هناك بدائل أخرى. منذ بضعة أسابيع، طرحت شركة "ايكو" (Eqo) الكندية برمجة تدير خدمة "فويب" وتدعى "ايكو موبايل" (Eqo Mobile). هذه البرمجة سهلة الاستعمال ومصممة بلغة البرمجة المعلوماتية "جافا" وتعمل على جميع أنواع الهواتف المحمولة الحديثة الصنع. كما أن البرمجة مجانية، يمكن تحميلها من الموقع الإلكتروني التابع لهذه الشركة الكندية. لدى تحميلها على الهاتف المحمول، تخزن ذاكرة البرمجة بريد العناوين (Address Book) الموجود داخل المحمول. بعدها، يمكن الاتصال بأي كان، أينما كان، بالصورة المعتادة مع قطع سعر المكالمة الهاتفية بنسبة 95 في المئة مقارنة بالتعرفة التقليدية. ويعود ذلك الى أن شركة "ايكو" تقوم بتمرير الاتصالات الهاتفية عبر أنظمة "فويب" خاصة. هذا ويبلغ سعر المكالمة الهاتفية 1.7 سنتاً من اليورو في الدقيقة نحو الأرقام الهاتفية الثابتة للدول الرئيسية، حول العالم، و18.1 سنتاً من اليورو في الدقيقة نحو الأرقام النقالة الإيطالية. كما يمكن قطع تكلفة إرسال الرسالة النصية(تساوي 11.5 سنتاً الى الأرقام الإيطالية). في حال تم تحميل هذه البرمجة الكندية على هواتف الأصدقاء والأهل، عندئذ يصبح التهاتف معهم شبه مجاني. الى اليوم، أغرت الشركة الكندية آلاف المستعملين، لا سيما بالولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا. وكل واحد من هؤلاء المستعملين ينفق ما معدله 5 يورو شهرياً، لمكالماته الهاتفية. أما الدردشة وارسال الرسائل النصية الى المشتركين في خدمات "ام اس ان" (Msn) و"آي آي ام" (Aim) و"آي سي كيو" (Icq) و"ياهو" و"جوجل تولك" (Google Talk) و"جابر" (Jabber) فهي مجانية.

من جانبها، وطدت شركة "جاجاه" (Jajah)، التي تتخذ كاليفورنيا مقراً رئيسياً لأعمالها، خدمات "فويب" الشعبية الخاصة بالهواتف المحمولة. اليوم، يعتمد أكثر من مليون مستعمل على خدمة "جاجاه" المحمولة (Jajah mobile) التي تتوافق برمجتها مع جميع الهواتف المحمولة، تماماً كما شركة "ايكو". عن طريق برمجة"جاجاه"، التي يتم تحميلها على المحمول، ينبغي على المستعمل إعطاء رقم هاتفه المحمول(يستطيع ادخار المزيد من المال ان زود نظام جاجاه برقم أقرب خط هاتفي ثابت له) ورقم الهاتف الذي يريد الاتصال به. بعد مرور ثوان معدودة، يرن الهاتف المحمول وعند تلقي الاتصال يجري ربط المستعمل بالشخص الذي يرغب التكلم معه. وتبلغ تكلفة المكالمة 3.22 سنتاً من اليورو في الدقيقة، الى الدول الرئيسية حول العالم. وتصبح هذه المكالمة مجانية ان تم تسجيل رقم الهاتف الثابت المطلوب على موقع "جاجاه" الإلكتروني مجاناً.

في موازاة ذلك، ينضج اليوم عدداً من برمجيات "فويب"، للهواتف المحمولة، المخصصة لعشاق التكنولوجيا. على سبيل المثال، نجد برمجة "فرينغ" (Fring) الإسرائيلية و"تروبفون" (Truphone) البريطانية و"بارابلو" (Barablu). تعمل هذه البرمجيات على الهواتف الذكية "سمارتفون" وشبكات الاتصال بالإنترنت اللاسلكية الفائقة السرعة "واي فاي" و"يو ام تي اس" (Umts) و"اتش اس دي بي آي" (Hsdpa). تسمح برمجة "فرينغ" الاتصال عن طريق الحساب الشخصي المسجل في شركة "سكايب"، بالأرقام الثابتة مقابل دفع 2.04 سنتاً من اليورو في الدقيقة. أما المكالمات والرسائل النصية الى المشتركين في خدمات "ام اس ان" و"جوجل تولك" و"سكايب" فهي مجانية. تسمح برمجة "تروبفون" الاتصال بأرقام الهواتف الثابتة، في الدول الأوروبية الرئيسية، والمشتركين في خدمة "جوجل تولك" مجاناً. كما تعطي هذه البرمجة كل مشترك رقم هاتف محمول لتلقي المكالمات. توجه هذه المكالمات، ان كان المشترك غائباً، الى بريده الإلكتروني بصيغة ملف صوتي ينشئه برنامج مسجل المكالمات الأتوماتيكي. تسمح برمجة "بارابلو" التهاتف وإرسال الرسائل النصية مجاناً الى المشتركين في خدمات "سكايب" و"جوجل تولك" و"ياهو". وتبلغ تكلفة المكالمة سنت واحد من الدولار الى أرقام الهواتف الثابتة، حول العالم.

على مستوى الإبداع المعلوماتي الإيطالي، نجد برمجة "نوفيركا" (Novera) التي تعمل على هواتف نوكيا "إي 60" (E60) و"إي 61" و"إي 65" و"إي 70" و"ان 95" (N95) و"ان 80 آي إي" (N80IE). وتعتمد هذه البرمجة على شبكات "واي فاي". بواسطة هذه البرمجة الإيطالية، يمكن الاتصال بأرقام الهواتف الثابتة للدول الرئيسية حول العالم مقابل دفع 1.6 سنتاً من اليورو في الدقيقة. في حين تبلغ التكلفة 20.2 سنتاً من اليورو في الدقيقة الى أرقام الهواتف المحمولة، الإيطالية والدولية. وتبلغ تكلفة إرسال كل رسالة نصية 10 سنتاً.

في السنوات العشر القادمة، يتوقع الخبراء في شركة البحوث "أناليسيس" (Analysys) أن يهاجر مشغلو الاتصالات الرئيسيين حول العالم الى موجة لا يمكن لأحد صدها، تدعى "فويب". ما يعني نهاية عصر المكالمات عبر شبكات "جي اس ام" و"يو ام تي اس" للتركيز على خدمات "فويب" الأرخص سعراً والأحدث تركيبة مقارنة بشبكات الاتصال الحالية. في المستقبل، تتوقع هذه الشركة أن تصل فاتورة الهاتف الشهرية الى 10 يورو فقط(زهاء 15 دولار) مقابل زيارة الشبكة العنكبوتية والاتصال بأرقام الهاتف، الثابتة والمحمولة، على مدار الساعة.