تكنولوجيا

التونسيون غاضبون بسبب صعوبة النفاذ إلى مواقع الويب العمومية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


غضب تونسي بسبب مواقع البحث عن العملإسماعيل دبارة من تونس: يحاول سمير سعد الله 26 سنة (عاطل عن العمل) الدخول إلى الموقع الرسمي للوكالة الوطنيّة للتّشغيل والعمل المستقل /www.emploi.nat.tn/ للمرّة الخامسة خلال أسبوع واحد لكن دون أن يجد فيه ما يشفي غليله كعاطل عن العمل باحث عن شغل منذ 3 سنوات و نصف. يقول سمير لإيلاف:منذ مدّة و أنا أتابع فضاء طالبي الشغل على هذه البوابة العمومية، لكن رجائي يخيب يوميّا ، فلا الموقع محيّن و لا من يشرف على الركن الذي أزوره تهمّه رغبتنا في الحصول على شغل مناسب في أقرب وقت ممكن.'

ولم يتمكن الطالب مروان الجلاصي 22 سنة من كظم غيضه الشديد على موقع ديوان الخدمات الجامعيّة الذي يزروه باستمرار ليعرف من خلاله نتيجة دراسة ملفه الذي قدّمه للحصول على منحة جامعية، و يقول لإيلاف بحنق شديد: "يصمّون أذاننا يوميّا عن الإدارة الالكترونية وبلادنا الرائدة في هذا المجال، لكن خدمة بسيطة كالحصول على نتيجة دراسة ملفي الذي تقدّمت به منذ قرابة الشهر لا أجدها على هذا الموقع، كيف يطلبون منّا الاطمئنان إلى خدماتهم الالكترونية؟"

شكاوى سمير و مروان من طريقة إدارة المواقع الالكترونية العمومية في تونس والتي تعدّ بالعشرات، بدت متكرّرة في الآونة الأخيرة، إذ تتواتر شكاوى المواطنين وخصوصا مستعملي الشبكة منهم من غياب الجدوى و الفاعليّة وبقاء غالبيّة تلك المواقع دون تحيين دوريّ.

تقول السيّدة بشرى 35 سنة إنها تستغرب بشدّة لمّا ترسل بريدا الكترونيا إلى إحدى الإدارات العمومية ولا تتلقى ردّا سريعا على استفساراتها وتضيف لإيلاف: ما جدوى استعمال شبكة الانترنت ؟ و ما جدوى إنشاء موقع واب رسمي لإحدى المؤسسات العمومية إن لم يتمّ الاستفادة منهما لتسريع نسق خدمة المواطن و الإجابة على استفساراته وقضاء حوائجه، حقيقة بعض المواقع الشخصية التي تعود لأفراد و ليس لوزارات وبعض المدونات الصغيرة تتجاوب معنا أفضل مما هي عليه هذه المواقع العمومية المتكاثرة".

الموظّف العمومي بإحدى إدارات البريد عبد الوهاب مناعي يختلف مع السيدة بشرى بشدّة و يقول :لا أظنّ أن مشاكل المواقع العمومية تكمن في سرعة الردّ والتحيين ، فمعظمها يحيّن كل ثلاثة أيام ، قد نجد بالطبع نقصا في التفاعليّة و الردّ على كلّ الاستفسارات أو غياب هامش للمواطن لإبداء رأيه و تقديم الاقتراحات و النقد ، لكنني أظنّ أن لكل مؤسسة بريد الكتروني مجعول لمثل هذه الأمور".

وتعكف تونس حاليّا على إنشاء مشروع" الشبكة الإدارية المندمجة" وهو مشروع يتضمن شبكة اتصالية تؤمّن تراسل البيانات بين الوزارات والهياكل العمومية والمصالح الجهوية بسعة تدفق عالية جدّا إلى جانب مجموعة من الخدمات عن بعد وخاصة منها التبادل الالكتروني للوثائق بين مختلف المصالح ومجموعة من التطبيقات المعلوماتية.

ومنذ العام 1995 شرعت تونس في إرساء منظومة ما يعرفُ بـ'الإدارة الالكترونية' التي تهدف على حدّ تصريحات المسؤولين إلى" الارتقاء بجودة وسرعة الخدمات المسداة وتنشيط الدورة الاقتصادية ومزيد دعم مقومات الثقة والشفافية بين المواطن والإدارة من خلال القيام بجملة من العمليات الإدارية بكل يسر ودون تحمل عناء التنقل".

إلا أنّ تلك المشاريع وإن شهدت تقدّما كبيرا في تنفيذها، فإنّ الخدمات المقدّمة للمواطن لم تكن إلى حدّ اللحظة محلّ رضاه نظرا لسرعة التطور التكنولوجي التي تجعل من العسير على أيّ إدارة أو مؤسسة محاكاته وإتباع نسقه المهول.

وتحاول الحكومة التونسيّة دعم الانخراط الكامل للإدارة في مجتمع المعرفة وعالم شبكات الاتصال والمعلومات، وتمّ إلى حدّ الآن إحداث بوابة الخدمات الإدارية (نظام سيكاد) التي توفر خدمات تقدمها مختلف الوزارات والمصالح العمومية والإدارة بهدف المساهمة في تسريع تعميم لامركزية الإدارة.

وتقول الجهات الرسمية إنها تمكنت من تعميم الإدارة الالكترونية لتشمل كل المرافق والمؤسسات العمومية كما تطمح إلى إرساء إدارة مواكبة للعصر تتأقلم مع متطلبات العولمة والاقتصاد الحر ومتفتحة على الأخر بما يجعلها في خدمة الاقتصاد والمواطن.

لكن صعوبات تقنية وماديّة حالت في أكثر من مناسبة دون تسريع نسق تقدّم هذه المشاريع مما خلّف استياء لدى المواطن التونسي الذي يقبل بشكل كبير على الاستفادة من خدمات مواقع الواب العمومية.
وأمام تصاعد الاحتجاج على تعدد المشاكل التقنية التي تشهدها تلك المواقع خصوصا فيما يتعلّق بتحينها أو درجة تفاعليتها مع الزوار واختيارات اللغة والأرشيف وغيرها من المشاكل التقنية المتعددة ، صدر منذ أيام قليلة منشور عن الوزارة الأولى موجّه إلى كل الوزارات والجماعات العمومية والمنشآت والمؤسسات العمومية بهدف تحديد جملة من الإجراءات لتدعيم نجاعة مواقع الواب .

وأعلن المنشور الوزاريّ عن جملة من الإجراءات تتعلق في معظمها بالمحتوى كالعمل على إحداث موقع واب خاص بكل هيكل عمومي مع الحرص على موافقة مواقع الواب للمواصفات العالمية خاصة من حيث التفاعلية وذلك عبر إبراز الخدمات الإدارية المتوفرة على الخط وتوفير المطبوعات المتصلة بالخدمات الإدارية والسعي إلى توفير إمكانية إرسالها إلكترونيا عبر الموقع مع الحرص على استيفاء آراء المبحرين وتخصيص ركن بالموقع للغرض وتوفير عنوان إلكتروني لتقبل آراءهم ومعالجتها في الإبّان.

كما نصّ المنشور على ضرورة توفير ركن للأسئلة المتواترة وتعهّدها بالتحسين، وأكد على توفير فضاءات إخبارية باعتماد أفضل الخيارات المتصلة بوسائل الاتصال مع العمل على التعريف بخيارات الدولة الخاصة بالقطاع وأولوياتها والسياسات والبرامج والمشاريع والمؤشرات ذات الدلالة المعتمدة في الغرض وتشير التقارير الصادرة عن الوزارة والمؤسسات الراجعة لها بالنظر إضافة إلى رزنامة الأحداث الخاصة بالقطاع وذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية.

كما أوصى المنشور بالعمل على تحيين محتوى مواقع الواب بصفة متواصلة وإيلاء عناية خاصة بالمراسلات الالكترونية الواردة على الموقع والعمل على الردّ عليها في الآجال
وتيسير النفاذ إلى هذه المواقع، بالإضافة إلى العمل على توفير المحتوى باللغة الإنكليزية إلى جانب اللغتين العربية والفرنسية المعتمدتان في معظم البوابات الالكترونية العموميّة.

من جهة أخرى، ترنو الجهات الرسمية في تونس إلى اتخاذ جملة من الإجراءات التنظيمية لتحيين مواقع الواب وضمان ثراء محتواها ومطابقتها لحاجيات التعامل مع الإدارة ولتلطيف الأجواء مع احتجاجات الزوار والمواطنين من مستعملي الشبكة.

واستنادا إلى بعض التقارير، سيتمّ في المستقبل تحديد مسؤولية الإشراف على محتوى موقع الواب وإحداث خلية عند الاقتضاء تحت الإشراف المباشر لرئيس الهيكل أو من ينوبه، مهمّته السهر على ضمان مصداقية المحتوى وموافقته لإستراتيجية الهيكل وحاجيات المتعاملين معه، علاوة على التنسيق بين مختلف الهياكل لضمان التحيين المستمر وإثراء محتوى الموقع بشكل متواصل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف