ثلاث قصائد لأنيتا فون دروسته
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ثلاث قصائد للشاعرة الألمانية أنيتا فون دروسته-هولسهوف (1797-1848)
ترجمة بهجت عباس
تعتبر أنيتا فون دروسته-هولسهوف عظمى شاعرات ألمانيا في القرن التاسع عشر. ولدت في قصر هولسهوف من عائلة أرستقراطية في مدينة مونستر. قضت حياتها في عزلة في ويستفاليا أوعلى بحيرة كونستانس في الضيعة التي ورثتها. يتميز شعرها بالتركيز الدقيق على الطبيعة ممزوجاً بعاطفة وتصورات قصصية خيالية. وقد كتبت روايات أيضاً.
وداعاً
وداعاً، لا يمكن أنْ يكونَ شيئاً آخـرَ!
أطلِـقوا أشـرعَتَـكمْ خَـفّـاقـةً،
ودَعـوني وحيـدةً في قـلعـتي،
في بيت الأشبـاح المُـوحِـش.
وداعـاً وخـُذوا قلـبي معـكمْ
وآخـِرَ شعـاع ٍمن شمسي
دعـوه يفارقـُني، يفـارقـُني فـوراً،
فلا بُـدَّ أنْ يفـارقَـني يـوماً ما.
دعـوني على حـافَّـةِ بـُحـَيْـرتي،
أ ُأرجـِِحُ نفسي مع خَـفـقة الأمواج،
وحيـدةً مع كلمـاتي السِّحـريَّـة،
مع أشباح الألب ومع ذاتـي.
مهجـورةً، ولكن ليستْ وحـيدةً،
مُزَلـزَلـةً، ولكن ليستْ مُحَطـَّمـةً،
ما دام النّـورُ المُقَـدَّسُ
يـرمقـني بعـيونٍ حـبـيـبـة.
ما دامت الغـابة الطَّـريَّـةُ
تدندن بأغنيـةٍ من كلِّ ورقـة،
ومن كلِّ صخـرةٍ، ومن كلِّ صَدع ٍ
تُصغي إلـيَّ الجّـانّ ُ بألفة ومحبة.
ما دامتْ ذراعـايَ طـليقـتـيْن
وتمتـدّان إلى الأثيـر بـدرايـةٍ
و زَعـقـةُِ كلِّ عُـقـابٍ جارح ٍ
تُـوقـِظُ فـيَّ قـريحةَ الشِّعـر الجامحة.
عند البرج
أقف على شُرفة عالية من البرج،
مُخَـدَّ شةً من الزّرزور الصّـارخ،
ومثل مَنـاده*، تركت العاصفةَ
تجتـاحني في شَعري المُنساب;
أوه، أيها الرفيق الوحشيّ،
أوه، أيها الأحمق المغرور،
أريد أنْ أطـوِّقَـك بشـدّةٍ،
حَبلاً بحَبل، خطوتين من الحافّـة،
وأنازلَك في معركة الموت والحياة!
وأسفلَ رأيتُ على الشّـاطئ،
حيويّـةَ الأمواج،
كحيويّـة كلاب الحراسة عند اللعب،
هائجةً صاخبةً
ورُقـاقـاتِ الرغـوة مُسرعة.
آه، كم أ ُريد أن أقفـزَ فيها فوراً،
مباشرةً إلى الجوقة الهائجـة،
وأن أصيـدَ من غـابة المـرجان
الفظَّ، ذلك الصّـيد الظَّـريف!
وهناك أرى رايـةً تُـرفـرفُ
صلبـةً كـقـارورةٍ،
ومن بـرج المُـراقـبـة العالـي;
أرى الدِّ عـامةَ تتحـرَّك سُـفلاً وعُـلواً
أوه، كم أريـد أنْ أجلسَ،
في تلك السَّـفيـنة المُـنـاضلة،
وأ ُمسِـكُ بالدفّـة
وُمـفرقِـعةً فـوق الضَّـحْـل الجّـائـش
مثلَ مـا ينـزلـقُ النَّـورسُ.
لـو كُـنتُ صيّـاداً في أرضٍ حـرَّةٍ
أو قـطعـةً فقط مـن جـنـديّ
لـو كـنـتُ رجُـلاً علـى الأقـلّ،
لَنصَـحتـني السَّـمـاءُ،
لكنْ الآنَ يجب أنْ أجلسَ
كـفـتـاة نقـيّـةً وخالصةً
مثـلَ طفـلٍ حَسَـنِ التَّـهـذيب،
وأ ُسـرِّحُ شَـعري في خفـاء،
وأجعلـه يهفهفُ في مهبّ الـرّيـح.
* مناده - أنثى وحشية كانت ترعى ديونيسوس ( باخوس ) إله المرح في الأساطير اليونانية.
النَّسر المريض
على شجرة جرداء في مرج معشوشب
كان ثور يجتـرّ ما علف باغتباط;
وقد جثمَ على غصن واطئ منها نسر جريح،
نسر مريض ذو جناحين مَهيضـتـين.
" حَـلـِّق عالـياً، يا طائري، في السَّماء الزّرقـاء،
من عطـر أعشابي سأشاهدك تطيـر"-
" وا حسرتاه، واحسرتاه، الشمس
لا تـدعو بلا جدوى
النَّسرَ المريضَ بجناحين مَهيـضتـين!"
أوه يا طـيرُ كنتَ مُتَـكبِّـراً وشـِّريـراً
ولمْ تَـرضَ بأيِّ قيـد أبـداً"-
وا أسفاه، وا أسفاه، إنّه جِـدّ ُ كثـيرٍ عَلَـيَّ،
النّسور كـلّـُها- كسرتْ مني الجَنـاحين!"
" إذاً غادرِ الغصنَ ورفرفْ في عـُشِّـكَ،
إنَّ تأوهـَكَ يُفسـِد عليَّ عَـلَـفي."
وا أسفاه، وا أسفاه، ليس لي عُـشّ آوي إليه،
نسر مُـهَـجَّـر بجناحـين كسيـرتيـن!"
" أوه يا طيرُ، ولكنْ لو كنتَ دجاجـةً،
لكان عُشّـُكَ الصّغـيرُ في جـوف مَـوقـِد."-
" وا ويلاه، وا ويلاه، أنْ أكونَ نسراً أفضلَ،
نسر بجناحيـن مَهيضـتـين أولى بي!"
* من مجموعة ( ستون قصيدة ألمانية بلغة مزدوجة ) معدة للنشر.