فن الترجمة

جورج حنين: نهاية كل شيء تقريبا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


ترجمة وتقديم عبدالقادر الجنابي: جورج حنين الذي تعرفتُ على أسمه صدفة وأنا أبحث في مكتبات لندن، عام 1971، عن كل ما موجود باللغة الانجليزية من كتابات ومصادر تتعلق بالحركة السوريالية... سرعان ما اكتشفت أن تحت اسمه، تجربة طليعية، لم أكن قد رأيت أي ذكر عنها في أيّة مجلة عربية أو كتاب عربي، ولم أسمع احدا، آنذاك، تكلم عنها: إنها التجربة التي كانت مسجلة في سراديب التاريخ المصري الحديث تحت اسم "مجموعة الفن الحر". ومنذ ذلك العام وإلى اليوم، أخذت أتابع كل ما يظهر إلى السطح من مغامرة جورج حنين ورفقائه للتغيير الاجتماعي وبالتالي تغيير الذائقة الجمالية من البلاغة التراثية الى الحسّيّة النقدية المعاصرة... ومن هنا كان لفكر هذا الرجل المكان الأعلى في جل نشاط "الرغبة الإباحية"، "النقطة"، "فراديس" وعشرات الكراريس، مثلما في كل ما صدر بإشرافي من دوريات بالفرنسية والانجليزية: Arapoetica / Grid / the moment etc. وأشعر بفرح حقيقي أن جيلا من الكتاب المصريين الجدد وجدوا فيه ما يشحذ مخيلتهم نحو مجتمع أفضل ورؤيا جمالية متفتحة الآفاق، خصوصا بعد ظهور كتاب "السوريالية المصرية" للصديق سمير غريب الذي \اعتمد على كل ما زودته من وثائق تتعلق بهذه الحركة. وتراث جورج حنين موزع في بضع كراسات صغيرة وفي مجلات عابرة يصعب العثور عليها اليوم، وقد قام صديقي الروائي الفرنسي نيكولا فارغ برصد معظم هذه المقالات في فهرست شامل تم نشره في العدد الأول من Arapoetica . والشيء المدهش في جورج حنين أنه كان غير مبال بتجميع قصائده أو مقالاته النارية في كتب ومجموعات.. بل اكتفى بوجودها العابر، وأحيانا باصدر كراس صغير الحجم.. مما وقع على عاتق زوجته حفيدة أحمد شوقي اقبال حنين التي كانت معروفة لدى أصدقاء جورج باسم بولا. فعملت هذه المرأة حتى يوم وفاتها على إعادة نشر كتابات وقصص وأشعار جورج حنين، بل ذهبت بعيدا حد أنها فبركت يوميات غير موجودة على الإطلاق، وأصدرتها تحت عنوان "الروح الطارق".. ذلك أنها اقتطعت مقاطع من مقالاته الصحفية ورسائله الشخصية؛ مقاطع جميلة ومحكمة التفكير تذكر بنمط الكتابة النتشوية.. فاندهش القارئ الفرنسي دون أن يعلم أنها ليست يوميات فعلا وإنما مجرد مقاطع. وعندما قلت لها: "بولا هذا تزييف للتاريخ" أجابتني "هذا ليس شغلي وإنما شغل المؤرخين..."
هنا قصيدة من أجمل قصائده قمت بترجمتها قبل سنوات بعيدة إلى العربية وإلى الانجليزية، على أمل أن نخصص الحلقة الثانية إلى نقد ترجمة الصديق بشير السباعي.

القصيدة في لغتها الأصلية:

La fin de Presque tout

La flamme bleue de lrsquo;ascenseur

Laisse flotter une ombre folle

A chaque palier

La beauteacute; ne se content plus

De tenir ses assaillants

A distance drsquo;eacute;pervier

Elle hante les terrasses

Ougrave; viennent se deacute;lasser

Les criminels de demain

Aux longue mains encore vacantes

Aux doigts patiemment tresseacute;s

Pour drsquo;insatiables enlegrave;vements

Comme srsquo;il y avait autre chose agrave; enlever

Que cette ombre folle et flottante

Et bleue comme tout ce qui tremble

Autre chose que cette fleur

Qui propheacute;tise sur une ville morte

La beauteacute; ne se contente plus

De reacute;duire son image aux proportions drsquo;une femme

Elle rocirc;de avec deacute;lices

Partout ougrave; se preacute;pare pour le prochain reacute;veil

Un irreacute;sistible renouveau de lassitude


ترجمتي لها إلى العربية:

نهاية كل شيء تقريبا

للمصعد لهبٌ أزرقُ
يُسرّحُ ظلا مجنونـًا
على كلّ بَسـطةِ سلـّمٍ
- لم يعـُد الجمالُ مُقـتـنعـًا
بإبقاء مُهاجميه
على نفـْس بُعدِ نظراتِ الباشق

ذا هو يسكنُ السطوحَ
حيث يستجمُّ
مجرمو الغد
ذوو أيد طويلة شاغرة حتى الآن
وأصابع مجدولةٍ بأناةٍ
من أجل اختطافاتٍ شرهةٍ

- وكأنَّ هناك شيئـًا آخرَ للاختطاف
غير هذا الظلُّ الأهوجُ اللاثابت
الأزرقُ ازرقاق كلّ ما يرتجفُ
شيئـًا غيرَ هذه الزهرةِ
التي تـتـكهـّنُ بمدينةٍ ميّـتة
الجمالُ لم يّعُد مقتنعـًا
باختزال صورته حسب قياسات امرأةٍ
فها هو يطوف مبتهجا أينما يكون ثمّة تجدّد
لإعياء لايقاوَميهيئُ ذاته
للصحوة القادمة.

وهنا ترجمتي لها إلى الانجليزية:

The End of Almost Everything

At each stair-head

The elevatorrsquo;s blue flame

Casts a mad shadow

- Beauty is no more satisfied

With keeping its assailants

At a sparrowhawkrsquo;s distance

It haunts the roof-tops

Where the criminals of tomorrow

Come to rest

With long hands still willing

With fingers patiently woven

For insatiable abductions

- As if there were something else to abduct

Than this floating, mad shadow

And blue like everything shaking

Something other than this flower

Which foretells about a dead city.

Beauty no more satisfied

With reducing its image to the proportions of a woman

It prowls with delights

Wherever an irresistible renewal of tiredness

Prepares itself for the next awakening.

يتبع

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف