استراحة الشباب

الصمت .. ملكَةٌ لا تعرف الثرثرة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


نسرين عجب من بيروت: " وقفت ساكتا ً، ولو فهم الناس ما تقوله السكينة لكانوا أقرب إلى الآلهة منهم إلى كواسر الغاب ". " الكلام في كل مكان ، فإلى أين يذهب من يريد الهدوء والسكينة؟ " " ولكن محبتنا تقنعت بحجب الصمت ، فلم تستطع أن تعبّر عنها ".
هذه بعض الأقوال التي عبّر من خلالها جبران خليل جبران رؤيته له ، أما ميخائيل نعيمة فقال فيه:
"إن الصمت الذي أود أن أدخلكم إليه هو تلك الفسحة غير المحدودة حيث يتحول اللاوجود إلى وجود، والوجود إلى لاوجود. هو ذاك الفراغ الرهيب حيث يولد كل صوت ثم يخفت . وكل شكل ثم يسحق . وكل كلمة ثم تمحى . حيث لا شيء إلاه ." الصمت، كتب عنه الكثير من الأقوال التي اعتاد الناس على ترداد بعضها في حياتهم اليومية، ولعل أبرزها: "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ".

كيف هي علاقة الشباب مع الصمت؟ يمر الشباب بمراحل مختلفة ، ومعظم الأحيان يكون سن المراهقة أكثر مراحل حياتهم كلاماً، إذ يحاولون إثبات شخصيتهم وإبراز ثقافتهم واطلاعهم . وقد تكون أول سنة جامعية من أكثر السنوات التي يشعر فيه الشباب برغبة في لفت الانتباه من خلال الكلام ، وغالباً ما يكون ذلك وسيلة يصنفهم من خلالها الأساتذة وطلاب السنوات الأعلى . الرغبة في الكلام تخف تدريجياً مع مرور السنوات ، ويصبح الشباب شيئاً فشيئاً أنضج ويفكرون جيداً قبل أن يتكلموا ، علماً أن ذلك لا ينطبق على كل الناس، إذ تكون الحالة عكسية مع البعض حيث تزيد رغبتهم في الكلام مع كل سنة إضافية تمر في حياتهم ومع كل معلومة جديدة يكتسبونها. ولكن هل يشعرون بذلك؟

تجيب بترا (25 عاماً) بابتسامة: "لا أظن أن الذي يتكلم كثيراً يشعر بأنه يزيد عن الحد المعقول ، بل على العكس أظن أنه مع الوقت يصبح لا يفوّت أي فرصة إلا ويفتح فيها أحاديث وأحاديث حتى لو كانت خارجة عن الموضوع ، ويصبح الكلام عادة متملكة فيه ومن الصعب أن يسيطر عليها" . وتؤكد ميرنا (26 عاماً) على كلام بترا، شارحة: "إني أدرس اللغة الاسبانية كلغة إضافية ، ورغم حبي لهذه اللغة ورغبتي في تعلّمها ولكني في أحيان كثيرة أشعر بالملل من الحصة بسبب زميل لنا في الصف ، ويبدو أنه تسجل معنا فقط ليبرز معارفه ، فهو لا يفوّت أي فرصة تخوله فتح أحاديث يظهر فيها ثقافته مع أنها في معظم الأحيان معلومات لا تهم أحد منا". وتتابع: "مع أن عمره يناهز الخامسة والثلاثين وواجب عليّ احترام فارق السن بيننا إلا أنه في بعض الأحيان يضايقني لدرجة أني أوجه له كلمات قاسية ليكف عن الكلام ، وحتى الأستاذ الذي يعطينا المادة يتأفف منه كثيراً ويوجه له الملاحظات ، ولكنه لا ينتبه لنفسه أبدا".


الحال مختلف عند مازن (28 عاماً) والذي لاحظ على نفسه أنه يتكلم كثيراً ، وكانت ملاحظة من أحد المقربين منه قاسية كفاية لدرجة جعلته يراجع حساباته ويفكر جيداً قبل أن يتفوه بأي كلمة. ويعلّق: "بلاء الإنسان من اللسان، وكثرة الكلام تجلب المشاكل للمرء ، وقد تتحول في بعض الأحيان إلى هزل يفقده احترام الناس". وفي هذا الصدد، يقول فراس (30 عاماً): "تعلمت الصمت من الثرثار ، وأصبح شعاري حتى لو كان ما نود أن نقوله درراً علينا أن نفكر مرات عديدة قبل أن نتفوه به ، لأن الكلمة كالسهم متى ما انطلق لا يمكن أن يعود أبدا".

في المحصلة، خُلق لنا النطق لأن هناك غاية من هذه الملكة التي يتميز فيها الإنسان عن الحيوان ، ولكن خُلق لنا العقل أيضا و يجدر أن يكون الحكم والحاكم في حياتنا ، ومتى ينضج العقل ينضج الإنسان. وإذا توقفنا عند الصمت والكلام قد يكون ناجعاً الختام ، كما بدأنا بأقوال الأدباء ، وتحديداً بما قاله ميخائيل نعيمة: " قد يكون الحرف إصبعا يدلّنا على مخبأ الكنز. ولكنه ليس الكنز . أما الكنز فمتى اهتدينا إليه أصبحنا ولا حاجة بنا إلى الحرف . فالحرف أعجز عن أن يصوّره".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عجب!
insaniyoun@hotmail.c -

ما المقصود من هذ الكلام يا نسرين؟أن يخرس القلب النابض؟والنهرالهادر؟والطفل الباكي ؟والضمير الصارخ؟تغريد العصافير وفقش الموج وأصوات الباعة ونقاشات الطلاب وتصريحات السياسيين وكلمات الخطباء... إنها الحياة بكل أشكالها وعلى اتساع مجالاتها.إنه الكلام أرقى أشكال التعبير عن الحياة في بعدها الكوني وفي واقعها الإنساني. إن سكوت الإنسان لا يعني الصمت بالضرورة. فربما يكون حوارا داخليا وثرثرة في البال.حتى إن النوم الذي يبدو وكأنه عالم من الصمت لا يخلو من الأحلام وما فيها من أصوات وكلام. وفي الواقع فلا مكان للصمت إلا على شكل فواصل بين الأصوات ، وإلا فهو العجز عن التفكير والإنعزال في قوقعة الغموض. إن جبران يؤكد هذا الأمر ويتعارض مع الكاتبة في مقدمة مقالها ;ولكن محبتنا تحجبت بحجب الصمت فلم تستطع أن تعبّر عنها ، إن الصمت يأخذ قيمته من الأصوات التي تترابط معه وتتمازج به ، وفي هذه الحال فإن الصمت هو الحلقة التي تصل حلقات الكلام ببعضها ، أو هو القدم الأخرى التي تسير جنبا إلى جنب مع الصوت لكي يمشي التفكير في دروب التعبير أو هو الجناح الآخر مع الصوت لكي يحلق الفكر في فضاءات التعبير إلى أبعاد لا تنتهي على مدى العصور و توالي الأجيال.وكما تحتاج الكتابة إلى حروف وفواصل كذلك يحتاج التعبير لكلام وصمت. ولو كان في الصمت وحده ما يفيد لما احتاج المعلم للكلام في تعليم تلامذته ولما احتاج الأنبياء للكلام في هداية أقوامهم ولا لنسرين ذاتها في كتابة هذا المقال!فهل من المعقول أن تصدر الجرائد في صفحات بيضاء لأن الكلام لا يعجبها؟ أو أن يغني المغنون بالإيماء ويعزف العازفون بآلات من الرماد لكي لا يُسمع عزفهم ولكي يبقى الصمت مسيطرا؟ . وإذا كان من قيمة للصمت فهي عندما يكون بين مرحلتين من الكلام. وإذا كان للصمت من معنى فهو عندما يكون متصلا في سياق الكلام. فإذا كان من الضروري أن تكون المسافات بين الكلمات لكي تفهم الكتابة ، كذلك فإن ضرورة الصمت أن تكون بين جولات الكلام تحضيرا للفكر أو إستراحة للعقل قبل أن يواصل نشاطه. وأما الصمت الكلي فليس سوى الموت. فهل هذا ما تفضلينه؟

عجب!
insaniyoun@hotmail.c -

ما المقصود من هذ الكلام يا نسرين؟أن يخرس القلب النابض؟والنهرالهادر؟والطفل الباكي ؟والضمير الصارخ؟تغريد العصافير وفقش الموج وأصوات الباعة ونقاشات الطلاب وتصريحات السياسيين وكلمات الخطباء... إنها الحياة بكل أشكالها وعلى اتساع مجالاتها.إنه الكلام أرقى أشكال التعبير عن الحياة في بعدها الكوني وفي واقعها الإنساني. إن سكوت الإنسان لا يعني الصمت بالضرورة. فربما يكون حوارا داخليا وثرثرة في البال.حتى إن النوم الذي يبدو وكأنه عالم من الصمت لا يخلو من الأحلام وما فيها من أصوات وكلام. وفي الواقع فلا مكان للصمت إلا على شكل فواصل بين الأصوات ، وإلا فهو العجز عن التفكير والإنعزال في قوقعة الغموض. إن جبران يؤكد هذا الأمر ويتعارض مع الكاتبة في مقدمة مقالها ;ولكن محبتنا تحجبت بحجب الصمت فلم تستطع أن تعبّر عنها ، إن الصمت يأخذ قيمته من الأصوات التي تترابط معه وتتمازج به ، وفي هذه الحال فإن الصمت هو الحلقة التي تصل حلقات الكلام ببعضها ، أو هو القدم الأخرى التي تسير جنبا إلى جنب مع الصوت لكي يمشي التفكير في دروب التعبير أو هو الجناح الآخر مع الصوت لكي يحلق الفكر في فضاءات التعبير إلى أبعاد لا تنتهي على مدى العصور و توالي الأجيال.وكما تحتاج الكتابة إلى حروف وفواصل كذلك يحتاج التعبير لكلام وصمت. ولو كان في الصمت وحده ما يفيد لما احتاج المعلم للكلام في تعليم تلامذته ولما احتاج الأنبياء للكلام في هداية أقوامهم ولا لنسرين ذاتها في كتابة هذا المقال!فهل من المعقول أن تصدر الجرائد في صفحات بيضاء لأن الكلام لا يعجبها؟ أو أن يغني المغنون بالإيماء ويعزف العازفون بآلات من الرماد لكي لا يُسمع عزفهم ولكي يبقى الصمت مسيطرا؟ . وإذا كان من قيمة للصمت فهي عندما يكون بين مرحلتين من الكلام. وإذا كان للصمت من معنى فهو عندما يكون متصلا في سياق الكلام. فإذا كان من الضروري أن تكون المسافات بين الكلمات لكي تفهم الكتابة ، كذلك فإن ضرورة الصمت أن تكون بين جولات الكلام تحضيرا للفكر أو إستراحة للعقل قبل أن يواصل نشاطه. وأما الصمت الكلي فليس سوى الموت. فهل هذا ما تفضلينه؟

عجب! 2
insaniyoun@hotmail.c -

ليس العيب في الكلام وإنما في سوء استخدامه وعدم تطوير مهاراته والجهل في حق التداول فيه.و ليس عيبا أن يتكلم أي كان من الناس ولكن العيب هو في الجهل بالممارسة الحضارية لحق الكلام وضعف تربية وتعليم الناس على أدب الحوار وتقنيات إنتاج الفكرة وإيصالها من خلال الكلام. وليس البديل عن الكلام أن نعود إلى ثقافة الصمت والقمع حين كانت الأمثال تحذّر الناس من الكلام وتخيفهم من عواقب التعبير في ظل أنظمة السلاطين والطغاة ، حين كانت سلامة المرء بين فكيه ، وحين كان الكلام من فضة والصمت من ذهب ، وحين كان الناس يعدون كلماتهم لكي لا تتجاوز مئة كلمة لكي لا يموتون ! فمن الأفضل أن نقول تعالوا نتكلم ونتبادل الكلام ونتسلق تضاريس التعبير ونتجول في رحابه الشاسعة.وليس أن نمنع الكلام ونقف ضد حقوق الناس بالتعبير وخنق أصواتهم بحجة تفضيل الصمت. وفي حين أن للصمت غموض لا يعبر عنه سوى عقل الإنسان وكلامه ، فإن للكلام معان لا ينطقها ا شجر ولا صخر ولا بحر . ولا يقف عندها عصر ولا ينتهي إليها قول. أما الصمت فليس سوى الموت أو التوقف عن الحياة وإلا فليكن هو التحضير لقفزة جديدة إلى آفاق الكلام.تعالوا نتكلم ، تكلموا وتبادلوا أدوار الكلام وتعاملوا بحق الكلام واحترام الحق في الكلام واعملوا معا على تطوير آليات التعبير لئلا تقف عقولنا عند كلمات جبران أو نعيمة أو غيرهما. طوروا أجنحة التعبير ونوعية الدراية وتزودوا بالمعارف واصقلوا عقولكم وافتحوا قلوبكم لسواكم حين يتكلم،وانطلقوا في فضاء لا نهاية لحدوده ولا قعر لأعماقه ، إنه عالم الكلام والصوت ، الغناء ،الموسيقى، الشعر ، الخطابة ،الأحاديث ،الدردشة ، الغرام ،التجارة ، الصحافة،تبادل الأفكار...إلخ. ولكن ناضلوا من أجل مجانية الهواتف وحرية التعبير ولا محدودية حرية الرأي

عجب! 2
insaniyoun@hotmail.c -

ليس العيب في الكلام وإنما في سوء استخدامه وعدم تطوير مهاراته والجهل في حق التداول فيه.و ليس عيبا أن يتكلم أي كان من الناس ولكن العيب هو في الجهل بالممارسة الحضارية لحق الكلام وضعف تربية وتعليم الناس على أدب الحوار وتقنيات إنتاج الفكرة وإيصالها من خلال الكلام. وليس البديل عن الكلام أن نعود إلى ثقافة الصمت والقمع حين كانت الأمثال تحذّر الناس من الكلام وتخيفهم من عواقب التعبير في ظل أنظمة السلاطين والطغاة ، حين كانت سلامة المرء بين فكيه ، وحين كان الكلام من فضة والصمت من ذهب ، وحين كان الناس يعدون كلماتهم لكي لا تتجاوز مئة كلمة لكي لا يموتون ! فمن الأفضل أن نقول تعالوا نتكلم ونتبادل الكلام ونتسلق تضاريس التعبير ونتجول في رحابه الشاسعة.وليس أن نمنع الكلام ونقف ضد حقوق الناس بالتعبير وخنق أصواتهم بحجة تفضيل الصمت. وفي حين أن للصمت غموض لا يعبر عنه سوى عقل الإنسان وكلامه ، فإن للكلام معان لا ينطقها ا شجر ولا صخر ولا بحر . ولا يقف عندها عصر ولا ينتهي إليها قول. أما الصمت فليس سوى الموت أو التوقف عن الحياة وإلا فليكن هو التحضير لقفزة جديدة إلى آفاق الكلام.تعالوا نتكلم ، تكلموا وتبادلوا أدوار الكلام وتعاملوا بحق الكلام واحترام الحق في الكلام واعملوا معا على تطوير آليات التعبير لئلا تقف عقولنا عند كلمات جبران أو نعيمة أو غيرهما. طوروا أجنحة التعبير ونوعية الدراية وتزودوا بالمعارف واصقلوا عقولكم وافتحوا قلوبكم لسواكم حين يتكلم،وانطلقوا في فضاء لا نهاية لحدوده ولا قعر لأعماقه ، إنه عالم الكلام والصوت ، الغناء ،الموسيقى، الشعر ، الخطابة ،الأحاديث ،الدردشة ، الغرام ،التجارة ، الصحافة،تبادل الأفكار...إلخ. ولكن ناضلوا من أجل مجانية الهواتف وحرية التعبير ولا محدودية حرية الرأي