إستقالة على الهواء: إحراج للمحطة أو موضة؟

بيروت: حالات الإستقالة على الهواء في العالم العربي لا تزال نادرة وقليلة، ولم تصبح ظاهرة أو عرفًا متبعًا في الوسط الإعلامي. وتعتبر المؤسسة اللبانية للإرسال المحطة الوحيدة التي خرجت منها استقالتان على الهواء مباشرة. حيث كانت مي شدياق الأسبق في لبنان بتقديم إستقالتها على الهواء، وذلك منذ عام تقريبًا وبعد انتهاء حلقة برنامجها "بكل جراءة" وجاءت بطريقة درامية لم تستطع معها أن تتمالك دموعها وهي تعلن انسحابها من المؤسسة اللبنانية للإرسال، لتتبعها بعد ذلك شذا عمر التي أعلنت استقالتها بكل هدوء ورباطة جأش بعد أن انهت حوارها مع النائب عقاب صقر منذ أسبوع تقريبًا في برنامج "نهاركم سعيد"، حيث بررت أن سبب الإستقالة هو الموضوعية وأسباب المهنة وأخلاقيتها . الأمر الذي فاجأ النائب عقاب صقر واستفسر منها إن كانت هذه إستقالة . لترد عليها انها :"توديعة".
إدارة الـ "أل بي سي " إعتبرت ان تقديم شذا لإستقالتها بهذه الطريقة هو "اصابتها بعقدة النجومية " بينما لم تتهم مي شدياق بذلك عندما فعلت الأمر نفسه. وان كانت هذه الإستقالة "المباشرة" فتحت بابًا للتساؤل إن كانت استقالة المذيعيين على الهواء ستصبح موضة أم يأتي الأمر من باب إحراج للمحطة.
ولمعرفة رد شذا عمر على ما صرحت به "ال بي سي" بأنها مصابة بعقدة النجومية اتصلت "إيلاف" بالسيد مروان متني زوج شذا الذي صرح: بيار الضاهر يعرف تمامًا وذلك من خلال أكثر من نقاش جرى بينه وبين شذا انها من القلة القليلة التي لم تصب "بداء النجومية" على الرغم من كثرة المصابين بهذه العقدة في محيطه وعلى رأسهم رولا سعد شقيقة زوجته التي تحولت من موظفة في المحطة إلى صاحبة شركة إنتاج حيث تشرف على إعداد برنامج "ستار أكاديمي"، وفي الوقت نفسه هي نجمة البرايمكل أسبوع. ويعرف تمامًا بيار الضاهر من المصاب بهذه العقدة وذلك عندما كان يحاول جمع مارسيل غانم مع شذا لأكثر من مرة. وكان مارسيل يتهرب ويدعي انه مسافر حتى لا يجتمع مع شذا، وأذكر الشيخ بيار بما قاله لشذا عندما طلب منها أن تعامل مارسيل كما تعامل إبنها البالغ من العمر خمس سنوات وهو يعلم جيدًا من مصاب بمرض النجومية. شذا قدمت إستقالتها منذ خمسة أشهر لكن طلب منها البقاء على الهواء لتأمين عقد يأمن العلاقة بينها وبين المحطة وتم تأخير الوصول لذلك إلى ان قدم لها عقدًا يسمى "عقد مقاولة" وهو عقد يخرق قوانين العمل اللبنانية وأشرفت عليها رنده الضاهر زوجة بيار الضاهر وينص على أن تنتهي مدته بعد أن تضع شذا مولودها.
ولمعرفة ما إذا كان الإعلاميون يرون أن تقديم الإستقالة على الهواء هي الطريقة الأفضل أم لا. التقت إيلاف عددًا منهم:

جورج صليبي: كي لا تمر الإستقالة مرور الكرام
الإعلامي جورج صليبي من قناة "نيو تي في " قال:"عادة عندما يختار الإعلامي ان يقدم إستقالته على الهواء أعتقد أنه يفعل ذلك لكي تأخذ حجمًا وضجة في الوسط الإعلامي ولدى الجمهور وحتى في الوسط السياسي إذا كان يتعاطى الإعلام السياسي. لذلك يختار عمل ضجة بالوسط السياسي والإعلامي والجمهور . ويمكن أن يكون الهدف ألا تمر الإستقالة مرور الكرام وتأخذ حجمًا كبيرًا وأخذًا وردًّا في الوسط.
صحيح أن الإستقالة على الهواء تعطي حجمًا وتأثيرًا وصدى أكبر، ولكن بالمقابل أعتقد أنها تغلق الباب أمام المفاوضات مع المحطة أو العودة عن الإستقالة لأنها بذلك تكون قدظهرت إلى العلن، ولا يتم البحث بشأنها في الكواليس. وكل شخص له طريقته الأنسب لفعل ذلك وإختيار الطريقة التي تشبهه. لذلك بعضهم يختار الضجة وتكون لديهم معطيات ووصول إلى نقطة اللاعودة لعدة أسباب، وربما يكون لديهم الحق في ذلك وآخرون لا يحبون هذه الطريقة ويفضلون التفاوض. بالنسبة إلي لا أعرف الظروف التي ممكن أن تواجهني وإذا ما كنت في يوم من الأيام اقدم استقالتي على الهواء ولااستطيع أن اضع نفسي مكان احد واذا حصل معي ظرف مماثل ساعتها يكون لكل حادث حديث.

وليد عبود : تقديم إستقالة للجمهور
الإعلامي وليد عبود من قناة "ام تي في" صرح :عندما يختار الإعلامي تقديم إستقالته على الهواء اعتقد بذلك أنه يكون يخاطب جمهوره الذي يقدم له برنامجًا وتكون تقديم استقالة للجمهور. ولا اعتقد ان تقديم الإستقالة على الهواء تسبب إحراجًا للمحطة اذ انه سريعًا ما يذوب هذا الاحراج الذي يستمر يوم أو يومين على الأكثر. لكن تبقى الإستقالة على الهواء اثبات موقف في المستقبل. وإن كنت أفضل تقديم الإستقالة الإدراية وتوديع الناس على الهواء.

منير الحافي: أتوقع أن نسمع أكثر من استقالة واحدة على الهواء

الإعلامي منير الحافي من قناة المستقبل قال:"أعتقد أن المذيع أو مقدم البرامج، عندما يصل إلى قرار تقديم استقالته، فإن ذلك يؤثر به كثيرًا، سواء أكان قرار الاستقالة قد إتخذه بنفسه لينتقل إلى مكان آخر أفضل له، أو أنه أرغم عليه من قبل الإدارة لأسباب معينة. وفي كلتا الحالتين، أعتقد أن للمذيع أو المذيعة الحق في أن يتقدم من جمهوره بالاستقالة، على أن يسبق ذلك تقديم الاستقالة قانونيًا للإدارة. ومن أسباب ذكر الاستقالة على الهواء، أن الناس لها الحق أن تعرف أن المذيع الفلاني أو المذيعة الفلانية قد غادر (غادرت) المحطة التي يتابعونه (يتابعونها) فيها منذ مدة، خصوصًا اذا كانت طويلة. ثانيًا، للمذيع، الحق أن يأخذ لنفسه ثواني أو دقائق معدودة ليتحدث عن نفسه، وهو الذي لطالما تحدث عن أخبار الناس. علمًا كما ذكرت أنه يكون متأثرًا نفسيًّا بالموضوع. على ألا يتحول كلامه على الهواء الى سرد الخلاف مع الإدارة، إذا كان من خلاف. أو إلى تقديم مطولات عنه وعن سيرته الذاتية! والأساس، يجب أن يبقى احترام الذات، لأن صيت المذيع يبقى معه إلى المحطة الجديدة أو المكان الجديد الذي ينخرط به. وأعتقد أنه مع تكاثر المحطات اليوم من جهة، وضعف الإمكانات المادية والتنظيمية لعدد من المحطات التلفزيونية، فإنني أتوقع أن نسمع أكثر من استقالة واحدة على الهواء".

ميسون عزام : الهواء منبر غير مناسب
الإعلامية ميسون عزام من قناة العربية صرحت: "مثل هذه التصرفات مبررة، ولكنها غير محبذة. لكن الأسباب الداعية لمثل هذه التصرفات مجهولة، وتقديم الإستقالة على الهواء يعتبر منبرًا غير مناسب، هناك منابر أخرى. هذا رأيي كمذيعة وليس كمشاهدة".

ليلى خليل : نوع من إستمالة الجمهور
مذيعة الأخبار في قناة "ان بي ان" ليلى خليل قالت:"لا أفضل الإستقالة على الهواء لأنه توجد شروط وعقد بيني وبين المحطة ، أفضل تقديم الإستقالة إداريًّا والاتفاق مع المحطة أن أطل واودّع الجمهور. لأن هذا النوع من الإستقالة فيه نوع من إستمالة الجمهور وإحراج للمحطة في الوقت نفسه. ولا أعتقد أن تقديم الإستقالة على الهواء ستصبح موضة. مي شدياق وشذا عمر عندما فعلتا ذلك كانت لديهما أسباب خاصة لا نعرف كل تفاصيلها.