نيكول تنوري: الإعلام اللبناني مسيَّس وكل حزب أسَّس منبره الخاص

أكَّدت الإعلاميَّة اللبنانيَّة نيكول تنوري، أنَّ الإعلام اللبناني مسيَّس ولكل حزب مؤسسة إعلاميَّة خاصَّة به، معبِّرةً عن فخرها ورهبتها من المقابلات الَّتي أجرتها مع الزعماء العرب والشَّخصيَّات الهامَّة.

أبو ظبي:إعلامية متميزة ومذيعة متألقة، تربعت على عرش الـ MBC بنجاحها وتقديمها كل طاقاتها، كانت وما زالت الوفية والمخلصة لعملها، قدمت الكثير من البرامج الناجحة ، والتقت الكثير من الزعماء العرب والشخصيات المهمة، حاورتهم لتكشف لنا الجانب الإنساني في شخصياتهم فكان برنامج "حكايتي" له الفضل في تغيير النظرة الى الكثير من الشخصيات التي استضافتها.
في عينيها نظرة التحدي، وفي أفكارها طموح كبير لا حدود له، الإعلامية نيكول تنوري التقيناها وكان معها هذا الحوار

دعينا نبدأ بقناة الـ MBC1، فأنت بدأت مع هذه القناة ومازلت معها، فما السر الذي يدفعك للإستمرار فيها ؟
طبعاً بدايتي مع الـ MBC كانت من لندن وكنت حديثة التخرج، فكانت فرصة كبيرة لي أن أتعلم وأمارس الصحافة من بلد عريق بمجال الإعلاممثل انكلترا، وقد عرض علي الكثير من العروض في الدول العربية ولكن لم أفكر أن أترك القناة لأنني أشعر أن مستقبلي معهم.

هل تشعرين بأنك وصلت إلى ما كنت تطمحين له؟
ليس بعد فطموحاتي كبيرة في مجال عملي، وبعد كل نجاح يشعر الإنسان أنه يريد الأفضل دائما خصوصا اذا كان يحب عمله ولديه رسالة يريد إيصالها .

هل أنت راضية عن مسيرتك في قناة الـ MBC ؟
هناك أوقات أشعر بها برضا وأوقات أخرى أقول إنه كان بإمكاني إعطاء ما هو أكثر، ولكن وكما تعرف لا تتلاقى دائما أحلام الإعلامي مع إدارة المحطة، أحيانا تكون أحلامنا كإعلاميين ضخمة ونشعر أنه بإمكاننا إعطاء الكثير ولكن المعطيات أو الفرص التي يقدمونها لنا ليست دائما على حجم الحلم .

كما نعرف بأنك تميزت في مجال الأخبار، ولكنك كنت دائما مع الـ MBC مع أنه كانيقدم لك الكثير من العروض الجيدة فلماذا لم تقبلي بها ؟
لأن قناة الـ mbc تعتبر محطة محترمة بين باقي القنوات وهي من أهم المحطات ودائما تملك نظرة للمستقبل ونظرة توسعية وليست مجرد قناة ظهرت بعفوية، وكما تعلم نحن بدأنا محطة واحدة والآن أصبحنا إمبراطورية، فدائما تشعر أنك في مكان فيه تخطيط ووجهة نظر وصورة مستقبلية .

ما هو الإعلام بنظر نيكول ؟
هو خدمة للمجتمع ورسالة، فأنت تعمل بمركز ينقل لك معلومات من كل مناطق العالم وعنها، وعن مشاكل الناس وأنت يجب عليك أن توصل هذه الأخبار لبقية العالم لكي يعرف كل شخص عن الأخر، وطبعا أهم ما في الرسالة هو مناقشة المواضيع الإنسانية فهذه قمة الرسالة التي تجعل مجتمعنا أفضل .

هل تعتقدين أن إعلامنا العربي صاحب رسالة ؟
إعلامنا العربي كباقي الإعلام، ولكننا للأسف لم نصل بعد للهدف الذي نريده ولكننا على الطريق فتواجد الكثير من المحطات (مع العلم ليست كل المحطات على المستوى المطلوب) يبشر بالتقدم ولكننا نحتاج إلى المزيد من التنظيم .

نيكول منذ بدايتك وأنت مع الأخبار، فهل بالفعل تملكين هذا الحب للسياسة أم أنها كانت عروضا ووافقت عليها ؟
بالطبع تهمني السياسة، في النهاية السياسة هي التي تحرك كل شيء وهي أساس كل شيء،هي أساس متاعبنا في الأيام العادية أو أفراحنا في بعض الأحيان، ولكن ليست البرامج السياسية هي المفضلة عندي فأنا أفضل البرامج الإجتماعية السياسية ولذلك كان أخر برامجي"حكايتي" يتعلق بالشخصيات السياسية التي هي تحت الأضواءوأنا أتناول الشق الإنساني في تلك الشخصيات .

ألم تحاولي الإنتقال إلى برنامج إجتماعي بحت فدائما كان للسياسة جانب في برامجك فهل السبب أنك تجدين نفسك مبدعة في هذا المجال ؟
أنا شخصيا أشعر بأنني مبدعة أكثر أذا كان الموضوع إنسانيا إجتماعيا سياسيا فهو يتناول كل الجوانب التي تهمنا في حياتنا .

ما هو أكثر برنامج شعرت بأنه قريب إلى قلبك ؟
"حكايتي" لأنه كان يتناول الجانب الأنساني لحياة الكثير من الزعماء والسياسيين والحكام، وكان يسلط الضوء على جزء من معاناتهم في الحياة التي تكشف لأول مرة .

هل هناك برنامج في مخيلتك تتمنين أن تقدميه ولم تفعلي بعد ؟
نعم بصراحة أود أن أقدم برنامجا مثل برنامج "اوبرا" للمشاهدين العرب، طبعاً بما يتناسب مع مجتمعنا العربي ولكن أتمنى أن تتاح لي هذه الفرصة .

بالصيغة نفسها أم أنك ستدخلين عليه بعض الأحداث ؟
لا طبعا بصيغة أخرى ولكن الفكرة هي أن نعالج مواضيع أجتماعية ونتواصل مع فنانين وسياسيين وأن يكون برنامجاً مفتوحاً كما أوبرا تناقش أي موضوع قد يؤثرفي حياتك اليومية وقد يفيدك .

هل تعتقدين أن إعلامنا العربي قد وصل إلى مرحلة ينافس بها الإعلام الغربي ولو بجزء بسيط ؟
لا أبداً ليس بعد، ولكن أعتقد أنه سيصل في يوم ما ولكن ليس الآن فينقصه الكثير .

غالبية برامجنا التي نجحت وأحدثت ضجة كبيرة كانت منسوخة عن البرامج الغربية، هل تعتقدين أننا لا نملك أفكارا تجذب المشاهدين ؟
نحن نملك الكثير من الأفكار ولا أفهم ما السبب ولكن عندما نأتي بفكرة من مجتمعاتنا العربية لا تحقق هذا النجاح مع العلم بأن هناك الكثير من البرامجالناجحة، ولكنني أظن السبب بأن البرامج الأجنبية تأتي بباقة كاملة فمن طريقة الإعداد إلى عدد الأشخاص الذين سيعملون في هذا البرنامج، أي يدرسون البرنامج جيدا ويخططون له بدقة .

هل صحيح أن السبب قد يعود احيانا إلى أصحاب القرار وعدم استعدادهم للمخاطرة، فالفكرة الجديدة من الممكن أن تنجح ومن الممكن أن لا تنجح ولكن البرنامج الغربي فهو فكرة مطروحة وناجحة ومضمونة ؟
نعم وهذا سبب آخر ومن الممكن أن يكون أساسياً .

وما رأيك بالبرامج المنسوخة أتعتقدين أن تأثيرها في المجتمع كان سلبياً أم إيجابياً؟
أنا أعتقد أن الغرب يملك خبرة أكثر منا بكثير فأي شيء تأخذه من الغرب تستطيع أن تستفيد منه وفي الوقت نفسهتتأذى فأنت يجب أن تنتقي بإنتباه، فالآن مع التلفاز والأنترنت وقدرة وصولك لكل المعلومات التي بإمكانها أن تفيدك، ولا تستطيع إلقاء اللوم على التلفاز أو الإنترنت بأنه يفسد أطفالك فأنت من توجه وتربي فلا دخل للإعلام بذلك، وأنا أعتقد بأنني دائما أستفيد من الإعلام الأجنبي ولا أتأثر فيه سلبيا وأتمنى أن تكون تلك حال المتلقي العربي أيضا .

دائما لك طابع خاص بك في الأخبار فدائما نشعر بهذا الحس الإنساني العميق في تقديمك، فهل هذا الجانب نابع من قلبك أم أنك حاولت أن تنقليه ؟
لا تلك طبيعتي، فأنا كما أنا على الشاشة بصورتي ونبرة صوتي فلا أحد يستطيع التصنع طوال حياته من الممكن أن تتصنع لفترة صغيرة ومن ثم تتعب، فهذه أنا عندما أكون جدية تلك هي شخصيتي .

قابلت الكثير من الزعماء العرب والشخصيات المهمة ألم تشعري برهبة في تلك الأوقات ؟
نعم دائما هناك رهبة، وحتى عندما أظهر على التلفاز تنتابني الرهبة وحتى لو ظهرت مرتاحة، وإن حدث ولم تنتابني رهبة في يوم ما ينشغل بالي لأنني أشعر أنه من الممكن أن يحدث شيء ولا أستطيع السيطرة عليه، فأحيانا كثيرة كنت أقضي الليلة التي تسبق مقابلتي بالتفكير في ما قد يحدث و كنت لا أنام سوى لساعات قليلة فقط لأن المواضيع التي كنت أتناولها كانت عن حياتهم الخاصة والعاطفية والزوجية وكما تعرف السياسيين دائما مضغوطين فقد يكونون بمزاح معكر، في أول مرة قابلت الأمير حسن كان حزيناًفاضطررت أن أؤجل التصوير لليوم التالي، فيجب أن يكون مزاجه جيدا وأن يكون مرتاحا لي فإن لم يرتح لن أستطيع أن أخذ منه الذي أريده .

هل كنت تجاملين الشخصيات المهمة في برامجك ؟
لا أعلم إذا كنا نستطيع تسميتها مجاملة ولكنني كنت أهدف في برنامجي إلى إظهار الوجه الإنساني في الشخص، فأنا أعتقد أنه وحتى لو كان الإنسان في مجال يجعلك تعتقد بأنه شرير إلا أنك تستطيع أن تجد الوجه الآخر له لأننا كلنا قد خلقنا الله وفينا ما هو سيئ وما هو جيد أيضا، فكان هدفي أن أخرج الشق الإنساني مثل معاناتهم وطفولتهم، مثلا وليد جنبلاط كنت خائفة جدا من أن أقابله لأنه كان بفترة ما بعد اغتيال الحريري ولكنني تأثرت كثيرا عندما أخبرني عن طفولته وكيف تم طلاق أمه وأبيه وحرمانه من رؤية أمه وأبيه في البيت نفسه لأنه درزي وعندما يتطلق (الدروز) لا يستطيع المطلق والمطلقة الجلوس في البيت نفسه، فهناك أشياء كثيرة تعكس شخصية الناس في الوقت الحالي مثلا هو في فترة مراهقته كان ثوريا كثيرا ضد أبيه لأن أباه كان قاسيا عليه .

إلى أي درجة يهمك لبنان أو السياسة فيه ؟
في لبنان يهتمون بالسياسة لدرجة تدفعك إلى كره السياسة (تضحك ثم تكمل) لأنك تشعر أن السياسةهي التي أوصلت البلد إلى هذه الحالة، فهي التي خربت بلدنا وجعلتنا نشعر أن لا أمانفيه وأنه دائما معرض للحروب .

أنت كإعلامية محترفة أتعتقدين أن الإعلام في لبنان له دور بما يحصل حاليا ؟
الإعلام في لبنان مسيس وكل حزب أسس إعلامه الخاص به وليس هنالك إعلام شامل للكل .

أحاولت أن تؤثري بالإتجاه الذي تنتمين اليه سياسيا؟
أنا لا أملك توجها سياسيا معينا (تضحك)، أناعلى المسافة نفسها مع كل السياسيين في البلد .

تم تكريمك في الكثير من المحافل والمناسبات، فماذا يعني لك التكريم ؟
التكريم جميل جدا لأنك تشعر بأنك تعبت لتقدم الأفضل، والناس تقدر هذا التعب، فعندما أقابل شخصا ويفرح بي أنسى كل تعبي وكل من لا يقدره،فمن الجميل أني أؤثر فيهم.

هل تعتقدين أنك قد أخذت حقك من التكريم ؟
الحمد لله، ولكنني أشعر أنني لم أعط كل ما عندي فهناك أكثر لأقدمه، وعلى الرغم مما قدمته لم أعط سوى 25 % فقط .

من هي نيكول الإنسانة بعيدا عن الأخبار والإذاعة والسياسة ؟
هي إنسانة عادية مثلها مثل أي شخص آخر، أتأثر بالأشياء المحزنة وأعتقد أنني عاطفية، وإلى الآن عند تقديمي نشرة الأخبار عندما أرى أطفال فلسطين أو العراق أو الصومال أو عندما أرى امرأة مقهورة أو شخصا مريضا لا يصله الدواء أتأثر وأفضل ألا أنظر إلى الصورة، وهذه نقطة ضعفي فأنا عاطفية جدا .

وأين الحب في حياة نيكول ؟
الحب موجود دائما، فأنا أحب الذين حولي الأهل والأصدقاء، وكل عمل أقدمه أقدمه بحب، فإذا فقد الحب لا معنى للحياة وهو الذي يجعلني أفكر أنه سيأتي ما هو أفضل وسأعمل بطريقة أفضل و أقدم أكثر .

هناك الكثير من المشاهير يقولون إن حب الجمهور أو حب الناس يعوض عن الحب العاطفي، أتعتقدين ذلك ؟
لا شيء يعوض عن الحب العاطفي، لا شك أن حب الجمهور جميل جدا ولكنه لا يعوض عن حب العاطفة .

هل من الممكن أن تضحي بعملك ونجوميتك من أجل حبك العاطفي ؟
الذي سيحبني بالفعل سيتفهمني كما أنا وعملي هو جزء مني وجزء من شخصيتي، ولا ضرورة لأن يضحي الإنسان بطموحه وعمله من أجل الأخر فهذا دليل على عدم التفهم فيما بينهم .

أهناك برنامج جديد ستقدمينه ؟
لا شيء جديد أنا أنتظر الفرصة وأتمنى أن يكون البرنامج شبيها ببرنامج ( OPRAH )، وأتمنى أن تعطيني الإدارة هذه الفرصة .

إذا كنت تملكين فكرة أتحاربين من أجلها ؟
نعم أطلب وأحاول الإقناع دائما وأدافع عن فكرتي والرسالة التي تحملها .

ما رأيك بإعلامنا العربي بشكل عام ؟
هناك شيء جميل دخل جديدا على إعلامنا العربي وهو التخصصية في الإعلام، أي أنك تجد قناة للأغاني فقط، وقناة أخرى للأخبار فقط، أو للمسلسلات، هذه خطوة جيدة جدا فمنذ عشر سنوات لم تكن موجودة وكانت العائلة كلها تجلس على تلفاز واحد ونحن مجبرون أن نحضر البرامج نفسها أما الآن فقد دخل التخصص وكل فرد من العائلة إتجه إلى الذي يحبه .

هل المنافسة الإعلامية الشريفة؟
أؤمن بالمقولة التي تقول يوجد منافسة شريفة لكن بالإعلام لا أدري، فأنا أذكر زميلا لي في لندن كنا دائما نتنافس على الأشياء الجيدة وكنا نحترم بعضنا كثيرا وننسجم كثيرا، فمثلا عندما يكون عندي مقابلة كان دائما ينتقدني أن هذه ليست جيدة وتلك جيدة وأنا كنت أفعل الشيء نفسه معه، فكنا دائما نساعد بعضنا بعضاونطور من مقدراتنا، فأنا أؤمن بهذه المقولة على مستوى الأفراد ولكن على مستوى المؤسسات الكبيرة فلا أعلم إذا كانت موجودة بهذا الصدق .