مشاهدات وملاحظات رمضانيَّة

القاهرة: يرتبط شهر رمضان بالمشاهدات التلفزيونيَّة الَّتي لا تعد ولا تحصى، وبمجرد ظهور هلال رمضان، يتحول المشاهد إلى ناقد ومراقب يدقق في كلشاردة وواردة تعرضها الشاشات التليفزيونيَّة ليقيم مدى ملائمتها للعرض خلال هذا الشهر الفضيل، وذلك باعتبار أن ما يعرض خلال شهر رمضان هو أفضل ما ينتج خلال العام.

وفي ما يلي عرض لبعض الملاحظات الَّتي جذبت الإنتباه خلال العشرة أيام الأولى من شهر رمضان.

أزمة العنوسة بين هند صبري وغادة عبد الرازق
باعتبار أنَّ الدراما هي مرآة الواقع، فلابد أن نعترف بأنَّها استطاعت هذا العام إظهار حقيقة هامَّة وهي سوء التوزيع الذي تشهده مصر على كافة نواحي الحياة، بدءًا من تفاوت مستويات الفقر والمعيشة، وفرص العمل، ووصولاً إلى الزواج.

ففي الوقت الذي تبحث فيه هند صبري عن عريس عملاً بمقولة "ظل راجل ولا ظل حيطة" في مسلسلها "عايزة أتجوز"، تتزوج غادة عبد الرازق من خمسة رجال وتتخلص منهم بإرادتها في "زهرة وأزواجها الخمسة".

مفارقة غريبة عرضتها الدراما،لكنها قد تكون أكثر واقعيَّة من المسلسلين كلاًّ على حدا.

خمسأسماء تحتكر أولعشر أيَّام من رمضان
"مفيد فوزي، ومجدي الجلاَّد، ومحمود سعد، ووائل الإبراشي، وهيفاء وهبي"، تلك هي الأسماء الأكثر بروزًاعلى الشاشات التليفزيونيَّة خلال العشرة أيَّام الأولى من رمضان.

ففي يوم واحد ظهرت هيفاء وهبي في برنامجين وهما "أنا" لعمرو الليثي و"دوام الحال" للميس الحديدي، كما ظهرت أخيرًا في برنامج "2x2".

أمَّا "مفيد فوزي" فيبدو واضحًا أنَّه أمسى الورقة الرابحة لكافة البرامج الحواريَّة، لما يضيف عليها من سخونة تزيد من نسبة المشاهدة والإعلانات، فخلال أسبوع واحد حل فوزي ضيفًا على برنامج "2times;2" و"حوار صريح جدًّا" و"مع نضال الأحمديَّة".

أما محمود سعد ومجدي الجلاَّد ووائل الإبراشي، فلا تتفاجأ إن رأيتهم ليلاً نهارًا على الشاشات، فهم محاورون في برامجهم الخاصَّة، وضيوف في البرامج الأخرى، وبفضل كثرة الإعادات وشراء القنوات للبرنامج نفسه، باتوا خلال الأيَّام الأولى من رمضان كالإعلانات التِّجارية الَّتي تراها كلما حوَّلت القناة التلفزيونيَّة.

وعلى سبيل المثال، يقدم محمود سعد يوميًّا برنامجه "سورة وصورة" وفي المقابل ظهر خلال الأسبوع الأوَّل من رمضان في برامج "بين جيلين"، و"أنا"، و"2x2".

مش "عمر طاهر" الأصلي
وقبل حلول شهر رمضان، كنت أتشوَّق لمشاهدة برنامج الكاتب الساخر عمر طاهر بسبب متابعتي المستمرَّة لمقالاته في صحيفة "الدستور"، الَّتي كوَّنت لدي رؤية خياليَّة لهذا الشخص، فهو في نظري الممتع المضحك والمبكي في ذات الوقت.

وبمجرد أن شاهدت أولى حلقات برنامجه "مصري أصلي"، تغيَّرت نظرتي وأصبح المقدم التلفزيوني عمر طاهر هو النسخة غير الأصليَّة من "عمر طاهر" الكاتب الساخر الذي يؤثرك بكلماته وأسلوبه، مع العلم أنَّ فكرة "مصري أصلي" مبتكرة وإعدادها التلفزيوني ثري وصعب، لكن هناك حلقة مهمَّة مفقودة ألا وهي الكاريزما والمهارة في إدارة الحوار والَّتي أفقدت البرنامج الكثير من رونقه.

"الجماعة" وإنقلب السحر على الساحر
لو كانت تعلم الدولة المصريَّة أنَّ مسلسل "الجماعة" سيزيد من شعبيَّة الإخوان لكانت منعت عرضه.

فالمتابع لمسلسل "الجماعة" سيعرف من الوهلة الأولى أنَّ هذا العمل يتماشى مع توجهات الإعلام المصري الحكومي، فالمسلسل تمكن من التَّصوير في أماكن تعتبر سريَّة للغاية ويصعب على أي شخص الوصول إليها "كمباحث أمن الدولة"، وربما عمدت الجهات الأمنيَّة توفير الدعم لصنَّاع العمل اعتبارًا منهم أنَّ رؤية المخرج وحيد حامد قد تكون وسيلة لتوصيل رسالة محدَّدة إلى الجمهور، مفادها أنَّ تلك الجماعة تضم من السلبيَّات ما يجعل وصفها "بالمحظورة" أمرًا واجبًا.

لكن ما غفلت عنه الجهات المساهمة في ذلك المسلسل سواء ماديًّا أو معنويًّا أنَّ عدم ثقة الشعب المصري في حكومته جعلته وبشكل بديهي لا يصدق معظم ما يعرضه المسلسل ليس لعلمه بالحقيقة بل لما اعتاد عليه من حكومته من تضليل.

خد فاصل واسمع "الحكاية محمديَّة"
وسط "تخمة" المسلسلات والبرامج التلفزيونيَّة، اختلي بنفسك واسمع ألبوم "الحكاية محمديَّة"، إذ ستسترجع مع عذوبة صوت أنغام وسلاسة كلمات دكتور نبيل خلف وألحان وليد سعد قدسيَّة هذا الشهر الكريم.