2011.. سنة التَّطور والتَّقدٌّم على صعيد الدراما اللبنانيَّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: عانت الدراما اللبنانيَّة منذ سنوات وشهدت تراجعًا ملموسًا من حيث نوعيَّة الإنتاجات المقدَّمة والإقبال الجماهيري على الأعمال التركيَّة والعربيَّة على حسابها، بسبب عدَّة عوامل أبرزها أزمة تمويل وتسويق الإنتاج الدرامي، بُعد الدراما عن هموم النَّاس عمومًا والشبَّاب خصوصًا وإفتقار السيناريوهات الهادفة، غياب الدَّعم الرَّسمي والقوانين المفعِّلة لدورها، ولكن ومنذ فترة عادت الدراما اللبنانيَّة لتقديم الأعمال الَّتي نجحت في جذب المشاهدين وإعادة تسميرهم أمام الشَّاشات لمتابعتها في ظل وجود منافسة محليَّة بين التلفزيونات لعرض هذه الإنتاجات بعد أنّْ أعطتها مساحةً لا يستهان بها على شاشاتها.
ويبدو أنَّ العام 2011 كان خيرًا على إنتشار الدراما اللبنانيَّة، بعض أنّْ عرض أكثر من عمل محبوك بطريقةٍ دراميَّةٍ هادفة ولافتة ومنوَّعة، مصحوبةً بإخراج ذكي، حيث قدِّم خلال هذا العام وأثناء شهر رمضان عدَّة أعمالٍ مميَّزةٍ كـ"الغالبون"، و"باب إدريس"، و"آخر خبر"، و"لونا"، و"بلا ذاكرة"، و"تقريبًا قصَّة حب"، و"غلطة عمري"، و"كازانوفا"، وغيرها.. كما ساعدت الأوضاع السِّياسيَّة والأمنيَّة الَّتي عانت منها مصر وسوريا في إنتشار الدراما اللبنانيَّة وحجز مكان لها على السَّاحة العربيَّة، في خطوةٍ قد تكون مقدِّمةً للمزيد من الأعمال اللبنانيَّة الجديرة بالمنافسة عربيًّا، فاستفادت من أزماتٍ إنتاجيَّةٍ فرضتها الظروف الأمنيَّة الَّتي تمرُّ بها الدول العربيَّة لتظهر وتُبان.
نجحت بعض المسلسلات في استقطاب المشاهدين عمومًا، فمثلاً مسلسل "الغالبون" الذي أنتجته وعرضته قناة "المنار"، والذي تناول قصص مقاومة أهل الجنوب ضد الإعتداءات الإسرائيليَّة، كان لافتًا من عدَّة نواحي، أوَّلها الإنتاج الضخم الذي يصبو لمنافسة الإنتاجات العربيَّة ويجاريها، فالعمل بطبيعته يتحدَّث عن المقاومين والمحاربين والقصَّة تدور حولهم، كما قُدِّم بحرفيَّةٍ عاليةٍ من ناحية القصَّة والإخراج والممثلين، وقُدِّم في وقتٍ استراتيجي تجتاح فيه رياح المقاومة والنضال والتَّغيير العالم العربي، كما نجح في تكريس بعض الممثلين كنجوم وإعادتهم إلى السَّاحة بقوة، كطوني عيسى.
كذلك مسلسل "باب إدريس"، كان من أفضل الأعمال الَّتي قدَّمتها "مروى غروب"، وإعتبر خطوةً متقدِّمةً في الدراما اللبنانيَّة، كما كان إخراج سمير حبشي مقنعًا وذكيًّا، في حين قدَّمت كلوديا مرشيليان نصًّا جيِّدًا، وكان من الأعمال المتقدِّمة شعبيًّا وجماهيريًّا، لأنَّه يسرد فترة مهمَّة من تاريخ لبنان ويعني جميع اللبنانيين بكل شرائحهم.
في حين نجح مسلسل "آخر خبر" في إستقطاب شريحة معيَّنة من المشاهدين، وهي فئة المراهقين والأطفال، بسبب توقيت عرضه، وكان الثنائي المتناغم الذي شكَّلاه ماغي بو عضن ووسام صبَّاغ جميلًا، ومبشِّرًا بأعمالٍ كوميديَّةٍ لافتةٍ في المستقبل.
كذلك مسلسل "لونا" من تأليف كلوديا مرشيليان، وبطولة نادين الراسي، كان من الأعمال الناجحة والتَّي حقَّقت نسبة متابعة كبيرة، وأيضًا عدَّة مسلسلات أخرى لمرشليان كـ"كازانوفا" الذي عالج مشكلة شاب ينفِّس عن عقده النَّفسيَّة من خلال تعدد علاقاته النِّسائيَّة في إطارٍ جريء، وكذلك مسلسل "أجيال" الذي طرح عدَّة نماذج من خلال شخصيَّة الزوجة الَّتي تخون زوجها مع ابن الجيران وتغادر منزل الزوجيَّة وتقيم مع حبيبها في منزل أقاربه، وابنة السَّادسة عشرة الَّتي تغوي حبيب جارتها لترغمه على الزواج منها كي تتخلص من الإقامة الجبريَّة في منزل أهلها، والجارة المطلقة الَّتي تستقبل حبيبها الذي يقضي ليلته في منزلها على مرأى ومسمع من أولادها، كما قدَّمت شخصيَّات فتيات مثليَّات.
ويبدو أنَّ الأعمال الرومانسيَّة والإجتماعيَّة والتَّاريخيَّة التي تحاكي مواضيعها المواطن اللبناني وتواكب مشاكله وتردَّه أحيانًا إلى جذوره هي الأكثر مشاهدةً على الشَّاشة الصغيرة، وكانت الكاتبة كلوديا مرشيليان من أكثر الكتَّاب طلبًا على صعيد الدراما اللبنانيَّة بعد أنّْ خاطبت المرأة في نصوصها الَّتي إتَّسمت بالكلمة المباشرة والفكرة الواضحة والجرأة، ولكن هذه الجرأة لاقت الكثير من الشجب بحجَّة أنَّها قد لا تجد طريقها إلى القنوات العربيَّة، خصوصًا أنَّ معظم المحطَّات العربيَّة تحذف مشهد القبلة في المسلسلات التركيَّة، فكيف الحال بأعمالٍ لبنانيَّةٍ تعرض مشاهد أجرأ، في حين قد تشكِّل مساحة الحريَّة المتوفِّرة لكتَّاب الدراما اللبنانيَّة الغير متاحة في بلدان عربيَّة أخرى، فرصةُ للتَّطرق إلى مواضيع أكثر حيوية وجرأةً ومباشرةً تستقطب المشاهد العربي، وترنو المسلسلات نحو التَّطور والإنتشار، حيث يعكف حاليًا على تصوير مسلسل "روبي" بطولة سيرين عبد النور ليعرض على "أم. بي. سي"، كذلك هناك مشاريع أجزاء ثانية من "الغالبون" و"باب إدريس" لرمضان المقبل.