خبراء سعوديون يطالبون بعرض المسلسلات على المتخصصين قبل بثِّها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الرياض: أشارت دراسة اجتماعية سعودية أجريت على خمسة وعشرين مسلسلًا خليجيًا أن الدراما الخليجية ساهمت في نشر العنف داخل المجتمع السعودي، وذلك من خلال محاكاة البعض لما يطرح في هذه المشاكل من عنف نفسي ولفظي.
الشريف: ما يبث سينعكس على الأطفال
دعا مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للأمن الوقائي بالمديرية العامة لمكافحة المخدرات، عبد الإله الشريف، خلال حديثه لـ"إيلاف" الشركات الإعلامية إلى مراجعة الجهات المختصة حتى تتحدث بمنطق بطرحها المشاكل.
وقال الشريف أن ما يطرح من مشاهد حول قضايا المخدرات في المسلسلات العربية هو غير حقيقي ومبالغ فيه، ولذلك تُعطي نتائج عكسية سلبية للشباب والفتيات. ولفت إلى أن بإمكان الشركات أن تطلب الاستشارة من الجهات المختصة كأجهزة مكافحة المخدرات حتى توضح لها الحقائق، معلنا استعداد إدارته لتسليمها القصص الواقعية من ملفاتها، مشيراً إلى أن المواد المخدرة مختلفة ومتنوعة حيث لكل مادة أعراضها وأضرارها وأثارها.
وأضاف الشريف: "معظم البرامج والمسلسلات التي تبث عن طريق القنوات العربية سواء الفضائية والتجارية وغيرها، هي في واقع الأمر لا تحاكي المجتمع الخليجي وبعيدة كل البعد عن الأسر الخليجية"، واعتبر أن ما يعرض كالمشاكل على الإرث وأمور فيما يتعلق بالحُب والزواج، أنها نادرة، ويجب ألا تعكس صورة المجتمع الخليجي، مشدداً على أن كل ما يبث من عنف وعدوانية داخل الأسرة سينعكس بدوره على الأطفال والمراهقين اللذين يشاهدون هذا الكم من هذه المسلسلات، داعياً قنوات التلفزيون الرسمية وشبه الرسمية لأن يكون لديها رغبة حقيقية لخدمة المجتمع وتحقيق الأهداف بعيداً عن المهاترات والمشاهد الغير حقيقية، وأن يكون من شروط وضوابط الإعلام عدم المبالغة في الطرح، إذ لابد من التثبت من الأمور ونقلها بمصداقية.
الغامدي: الدراما ولَّدت العنف
فيما يرى استشاري الطب الشرعي والمشرف على مركز الطب الشرعي بالرياض الدكتور، سعيد الغامدي، أن الانفتاح جعل العائلة السعودية تتطلع على مجمل الأفلام الأجنبية، إضافة إلى أن الدراما العربية والخليجية ولَّدت نوعًا من العنف عند بعض الأسر.
نافياً أن تكون المسلسلات الخليجية المتهم الوحيد في اتساع دائرة العنف داخل المجتمع السعودي، وقال لـ"إيلاف": "منذ عشرات السنوات مرت علينا حالات في الطب الشرعي لأطفال تأثروا ببعض الأفلام، خصوصًا في أفلام الكرتون حيث أن الطفل يقفز من منزل عائلته، وآخر ينتحر إثر عملية شنق أعدها بنفسه، وتساءل: "إذاً هؤلاء الأطفال كيف تعلموا العنف؟ تعلموها من أفلام أجنبية وليست سعودية أو خليجية".
ويضيف: "المؤلف حينما يكتب قصة، يحاول أن يطرح قضية ويناقشها ويبحث عن الحلول لكنه يختار الطريق الأصعب فهو يطرحها أمام الجمهور، كما أنه لا يطرح هذه المشكلة على أنها ظاهرة كما يعتقد البعض".
ويشير الغامدي أن الكاتب عندما يتطرق إلى بعض القضايا يُلام ويتهم بالمبالغة وإن تجاهل الأمر أيضاً يُلام، مشيراً إلى أن تجاهل مثل هذه القضايا من دون مناقشتها سيؤدي إلى مضاعفة هذه المشكلة بنسبة تصل إلى 50% خلال عشر سنوات.
ويضيف: "من واقع متابعتي للكثير من الأفلام الأجنبية، وجدت على المقدمة إشارة بأن هذا الفيلم أو ذاك تم عرضه على أحد الخبراء أو المختصين أو أحد المراكز الاجتماعية، إضافة إلى تدوين عبارة يمنع مشاهدة الأطفال بسبب احتواء الفيلم على مشاهد عنف"، مطالبًا بمناقشة ما يطرح في الدراما العربية على المتخصصين قبل عرضه.
وتمنى الغامدي ألا يتأثر المشاهد بكل يشاهده على الفضائيات، لافتاً إلى أن الإشكالية ليست في الطرح، ولكن في طريقة تلقي بعض المشاهدين، إضافة إلى أن اللوم يجب أن لا يكون على المؤلف، فالممثل والمخرج وطريقة الإخراج جميعهم ساهموا في مبالغة الطرح الذي قد لا يستوعبه الكثير من المشاهدين.
وتقول الأكاديمية والكاتبة السعودية، هيا عبد العزيز المنيع، لـ"إيلاف": "إن الدراما العربية في حالتها السابقة، وتحديدًا قبل الحراك العربي وانتفاضات الشباب، كانت تمثل جزءًا من المنظومة الثقافية العربية، التي تمارس عمليات التخدير وفق منظور اقتصادي لا يرى في المسؤولية الاجتماعية أية أهمية".
وتضيف: "أنهم يهتمون بعدد الساعات من دون أي اعتبار للقيم الاجتماعية، وأن الدراما العربية مغرمة برقم ثلاثين لتعانق حلقات المسلسل هلال العيد بنهاية تناسب ذوق المشهد أكثر من موضوعية المعالجة الدرامية".
وتابعت أن: "إشكاليات الدراما العربية متنوعة بتنوع الضعف العربي عمومًا، حيث أن بعضها يعاني من الهزال الفكري، وبعضها من الهزال القيمي، وتبقى جزءًا مهمًا من حشو الساعات الفضائية، خصوصًا في شهر رمضان، حيث تتبارى الفضائيات العربية في عرض المسلسلات".
وأضافت المنيع أنه: "للأسف يضيع الجيد منها في خضم الكثرة المبالغ فيها، خصوصًا وأن الفضائيات العربية تحرص على عرض اكبر كم من تلك المسلسلات التي يقع بعضها في المحظور من خلال التركيز على السلبيات الاجتماعية، مثل تعاطي المخدرات، أو إقامة العلاقات بين الجنسين بشكل ياتي بنتائج عكسية".
وبررت ذلك بالعودة لأسباب متنوعة أهمها عدم الاهتمام بالرأي العلمي للمتخصصين النفسيين والاجتماعيين والتربويين، وهو أسلوب علمي تنتهجه الدراما العالمية التي تعمق معالجة النص برأي علمي متخصص، متأملة في تغير خطوط الدراما العربية نتيجة الحراك السياسي ستنعكس أثاره على المشهد الثقافي عمومًا، والدراما العربية على وجه الخصوص، بحيث يرتقي الأداء الفني، وتشكل المسلسلات رافدًا ايجابيًا في التغيير الاجتماعي بطريقة ايجابية، من شأنها أن تساهم في تغيير القيم السلبية، وتحل مكانها القيم الايجابية، وتتجاوز مرحلة الإثارة الفنية إلى مناطق التأثير الواعي.
وتتوقع الكاتبة المنيع أن الربيع العربي المنطلق من حراك الشباب سيضع بصمته على المشهد الدرامي عمومًا، وستكون اللغة أكثر علمية وموضوعية مما هو حاصل الآن، وأضافت: "كنت أتمنى أن أطلب من تلك المحطات أن تهتم بخريطة العرض البرامجي وفق توقيت متميز بين الكبار والصغار، ولكن تذكرت أننا كأسر حطمنا كل القواعد الزمنية وأصبح الصغار يسهرون أكثر من الكبار للآسف".
وفي إحصائية حديثة نشرها موقع "الرياض الإلكتروني" بلغت حصة المشاهد العربي خلال شهر رمضان (65) ساعة درامية من المسلسلات يومياً، تتوزع بين المصرية والسورية والخليجية، بمعدل يقل بنسبة 35٪ تقريباً عن معدل ساعات الدراما التي بثتها القنوات المحلية والعربية في رمضان الماضي، والتي بلغت 101 ساعة تقريباً. وتصدرت الدراما المصرية السباق بـ40 عملاً، ثم السورية بـ30 عملاً، ثم الخليجية بـ27 عملاً.
ويعزو منتجون وفنانون هذا التراجع إلى الظروف التي تمر بها الدول العربية خصوصاً مصر وسوريا قطبي الدراما العربية، وعلى الرغم من عدم الاستقرار الذي يلقي بظلاله على مصر، إلا أنها حافظت على تصدّرها المنافسة الرمضانية بمعدل 40 مسلسلاً، مقابل 60 عملاً العام الماضي.