فنون

الدراما السوريَّة تفلت من الأزمات التَّسويقيَّة لتتخبَّط مع الرَّقابة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عام 2011 الذي ينظر له جميع العرب على أنَّه عام التَّغيير والإنقلابات الجذريَّة بلا منازع، هو ذاته عام الأزمات بالنسبة للدراما السوريَّة.

دمشق: ما أن تجاوزت بعض الأعمال السورية الأزمات التسويقية، وضعف المردود المادي، حتى وقعت في مطب جديد نصبته هذه المرة الرقابة الاجتماعية والدينية.

أنصار درويش
البداية كانت مع "حضرة الغياب" الذي أرد الممثل والمنتج، فراس إبراهيم، من خلاله، تجسيد شخصية الشاعر الفلسطيني الراحل، محمود درويش، وتقديم عمل سيرة ذاتية، ومنذ بدء الإعلان عنه، بدأت الأقلام الناقدة بالتحدث عنه، ومهاجمة إبراهيم، مطالبة بإيقاف العمل وعدم الاستمرار به، واصفة إياه بتشويه سمعة الشاعر الراحل.

ومع بداية شهر رمضان ارتفعت حدة المطالب لإيقافه، وأصدرت جهات صحافية وثقافية عدة بيانات لمقاطعتها، وهو أمر لم يستغرب له إبراهيم كما أكد، لكنه استغرب مما سماه بالبذائة التي استخدمت خلال هذا الهجوم، موضحًا أن العديد من أصحاب هذه الأقلام فقدوا القدرة على أن يكونوا عاديين، مما جعل منطقهم هزيلاً، ودفعه لعدم الرد والدخول في السجالات.

وأكد إبراهيم أن عائلة الراحل والكثير من المقربين منه، أبدوا إعجابهم بالعمل ومتابعتهم له، في حين أن الهجوم جاءه من الأبعدين، ويختم بأن ما قدمه في "حضرة الغياب" ليس "محمود درويش"، وإنما اقتراح فني عنه ووجهة نظر عنه، وأن الاقتراحات مفتوحة وبإمكان أي شخص أي يقدم وجهة نظر عنه.

"معاوية والحسن والحسين"
مسلسل "معاوية والحسن والحسين" بدوره أثار موجة نقد كبيرة حتى قبل عرضه، بسبب حساسية موضعه، وتجسيده شخصيات من الصحابة بقيت خلال قرون طويلة بعيدة عن التصوير أو التشبيه.

وأخذت الأزمة مع هذا العمل أبعادًا أخرى، واعتبرها البعض أنها تثير الفتنة الطائفية، نظرًا لسرده أحداث مرحلة تاريخية حساسة في حياة الإسلام، ولكن مع هذا فشل الأزهر في منع عرضه على الفضائيات، باستثناء التلفزيون المصري.

ويتناول العمل الذي تدور أحداثه في إطار ملحمي، الفتنة الكبرى، التي أحدثت شرخًا للأمة الإسلامية، وهي الفترة منذ بدء الفتنة، بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان، مرورًا بتولي علي بن أبي طالب، ثم استشهاد علي وتولي الحسن، ثم تنازل الحسن وتولي معاوية، وتولي يزيد، وحتى استشهاد الحسين في كربلاء، كما يتناول المسلسل أحداث معركتي الجمل وصفين.

العمل من إنتاج شركة "المها" الكويتية، ونال موافقة الرقابة السورية باعتبار أن مهمتها تنطبق على الأعمال المقرر تصويرها داخل الأراضي السورية، ولا تقع على الممثلين السوريين الذين يشاركون في الأعمال المرفوضة في حال تم تصويرها في الخارج.

"سوق الورق" وأزمة جامعة دمشق
جامعة دمشق التي سمحت بتصوير مسلسل "سوق الورق" في أحد كلياتها، ومنحته بعض مكاتبها وحدائقها، استشاطت غضبًا حينما عرضت أولى حلقاته، وبدأت تطالب بوقف العمل الذي شكل كما ذكرت الجامعة إساءة لسمعتها، باعتبار أنه يتحدث عن الفساد والأساليب الملتوية التي ينتهجها بعض الأساتذة لتسريب أسئلة الامتحانات وغيرها من التجاوزات.

ولم يقتصر غضب الجامعة على التهديد برفع دعوة قضائية ضد أسرة العمل والمحطات التي تعرضه، فقد هددت مؤلفته آراء جرماني بعدم السماح لها بمناقشة رسالة الدكتوراة التي تعد لها.

وأنكرت الجامعة هذا الأمر واعتبرت أن أسرة العمل هي التي بدأت بالهجوم، وهم من اختلقوا القصة اختلاقًا، بعدما لمسوا ضعف جماهيرية عملهم، وقرروا نشر هذه الرواية لإثارة البلبلة وجذب الأنظار نحو العمل، خصوصًا وأن الكثير من الصحف تناقلت هذا الموضوع وأفردت له حيز من صفحاتها المختصة بالدراما.

وردت الجامعة عبر بيان لها أرسلته للصحف أن: "ما نُشر من اتهامات وافتراءات تتعلق بإدارة كلية الآداب كان له أثر في قيام مجلس كلية الآداب وعميدها بإرسال كتاب إلى رئاسة الجامعة بتاريخ 10/8/2011 أي بعد ما قيل في الصحف والفضائيات والإنترنت".

في إشارة منهم على أن تحركهم جاء بعد الحملة الإعلامية التي نشبت، وأنهم لا يرون في العمل انتقادًا لأداء الجامعة وحدها وإنما للنظام التعليمي كله، وهو أمر قابلته أسرة العمل برد صحفي آخر مؤكدين فيه عدم انتقادهم الجامعة بحد ذاتها، وإنما سعيهم للإشارة لوجود فساد في سلك التعليم، ولجوء بعض المدرسين للرشاوى.

"شيفون" وخديعة التلفزيون السوري
ربما الموقف الأسوأ في هذا العام تعرض له المخرج، نجدة أنزور، وفريق عمله "شيفون"، بعدما امتنع التلفزيون السوري صاحب البث الحصري عن عرض العمل وطبعًا من دون تقديم حجة مقنعة.

وعلل القائمون على العمل المنع، بالرقابة التي استفاقت بعدما اشترته لحجم الجرأة والواقعية التي يقدمها، باعتبار أنه يتناول حياة المراهقين ومشاكل الجيل الجديد، في حين أن الجهات الرسمية استمرت في تبريرها منع العرض بتأخر وصول المسلسل حتى عشية الأول من رمضان، وهي حجة لم تقنع القائمين على العمل، إذ أكدوا تسليمه منذ مدة كافية، ولكن أيًا يكن فقد خسر "شيفون" المنافسة هذا العام وبقي خارج التصنيف لحين بيعه مرة أخرى بعد رمضان.

دمشق ودعت نجومها
مع بدء الأزمة في سوريا وارتفاع حدة الأحداث المحلية فيها، صدرت عن بعض نجوم الدراما السورية تصريحات صحفية أبدوا فيها مواقفهم التي تباينت ما بين النقد للنظام أو التأييد له، وهذا ما أخضعهم لقوائم عرفت بقوائم "الشرف والعار"، وجعلت سمعت بعضهم غير جيدة.

فالفنان سلوم حداد أدلى بتصريحات مناهضة للنظام السوري كلفته التعرض للضرب وتهديدات عدة، دفعته للسفر وعائلته إلى خارج البلد، ليحذوا حذوه العديد من الفنانين كالفنان باسل خياط الذي امتنع عن التصريح لكنه جر عنوة للسجال والتهديد بعد ظهوره في برنامج "لو" مع الفنانة اليمنية أروى، فقرر الابتعاد مع عائلته إلى الإمارات، وكذلك فعلت يارا صبري بحجة الحصول على قسط من الراحة وأخذ إجازة مع عائلتها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف