ستريدا جعجع: قد يصبح زوجي فنانًا ويريح خصومه السِّياسيين !

في حديث خاصٍّ لـ"إيلاف"، تحدَّثت النائب، ستريدا جعجع، عن الأغنية الَّتي شاركت في تصويرها دعمًا لمكافحة العنف ضد المرأة، وتطرَّقت للخطوات المتَّبعة من قبل كتلة القوَّات اللبنانيَّة في البرلمان اللبناني لملاحقة إقرار هذا القانون.

بيروت: "ما عاد قصَّة مقبولة بالقوِّة تتحكَّم فيا، شي مش مقبول.. مين قال عنها ضعيفة مين قال؟ حرام العنف ضد النِّساء .. حرام حرام. مش هيدي هي الرجولة لا لا، ولا هيدي هي البطولة لا، عَ الإم الي بتربي بحنان".

بهذه الكلمات أطلت النائب في البرلمان اللبناني، ستريدا جعجع، في أغنيةٍ مصوَّرةٍ تحمل عنوان "علِّي صوتك"، مسخِّرةً الفن في سبيل قضيَّةٍ نبيلةٍ تهدف إلى رفع الوعي حيال مشروع قانون تجريم العنف ضد المرأة، المدعوم أصلاً من كتلة القوَّات اللبنانيَّة في البرلمان، لتكون السَّباقة في مجالها في إنجاز مثل هذه الخطوة في العالم العربي.

وبدأت قناة الـ"MTV" بثّ كليب الأغنية الذي تفتتحه ستريدا بصوتها الهادئ وطلَّتها الرصينة، ويؤدِّي الأغنيةالفنان بلال الريِّس، علمًا أنَّها من كلمات طوني أبي كرم، وحملت توقيع المخرج جو الطويل، وهي تتوَّجه إلى المرأة المعنَّفة، حيث يُطلب منها في سياق الأغنية أن ترفع صوتها وأن لا تسكت عن الوضع الذي تعيشه.

وفي حوارٍ خاصٍّ مع "إيلاف" تحدَّثت النائب جعجع عن هذه التَّجربة، وعن الخطوات الَّتي تعمل عليها للسعي إلى إقرار قانون يحمي النِّساء من العنف الأسري، والهواجس الَّتي تحيط بالمرأة في ظلِّ الأوضاع السِّياسيَّة الَّتي تحيط بها في العالم العربي مع إزدهار الحراك السِّياسي وتوسُّع نفوذ الأخوان المسلمين.

الفن أوصلنا إلى شريحةٍ جديدة من النَّاس
وقالت جعجع لـ"إيلاف" إنَّها أقدمت على مثل هذه الخطوة لأنَّ كتلة حزب القوات اللبنانيَّة في البرلمان اللبناني تعمل على إقرار مشروع قانون يجرِّم العنف ضد المرأة، مشيرةً إلى أنَّ هذا الفيديو الكليب كان قادرًاعلى الوصول إلى شريحةٍ جديدةٍ من المجتمع اللبناني، تلك الشَّريحة الَّتي لا تتابع الأخبار السِّياسيَّة وعمل المجلس النيابي، مؤكِّدةً أنَّ هذه الخطوة نجحت في تحقيق أهدافها وأعطت النتيجة المرجوة منها ووصلت إلى أولئك النَّاس.

وعمَّا إذا بات الفن والغناء وسيلةً أسرع وأسهل من العمل السِّياسي لإقناع النَّاس وتحفيزهم على إكتساب مبادئ أو قناعات جديدة، رأت جعجع في معرض حديثها لـ"إيلاف"، أنَّ ما من عملٍ يحلُّ مكان عمل آخر، لأنَّه وبكل بساطة هناك مجموعة من النَّاس تهتم بالشَّأن العام والعمل السِّياسي، ومجموعة أخرى لديها اهتمامات مختلفة، مضيفةً أنَّ الفن يساعد في الوصول إلى تلك الفئة وإيصال الرسائل المرجوة لخدمة أهدافنا في تحسين وضع المرأة.

كلُّ إنسانٍ حرٌّ بنقده وكلامه
وعن الكلام الذي طالها ووصفها بفنانة البرلمان، وطرح إمكانية سعي زميلاتها في المجلس إلى تقليدها والسير على خطاها من باب المزاح، أكَّدت ستريدا جعجع أن كل إنسان حر في رأيه وبما يقوله، مشيرةً إلى أنَّ الفن ليس عيبًا، وأنَّ الفنان آخذٌ نعمته وصوته الجميل من الله، وفي ما يخصُّ زميلاتها في البرلمان قالت إنَّها لا تريد وضع أي خطوة يقمن بها في هذا المجال في إطار التَّقليد، لأنَّ لكل واحدة منهن أسلوبها وطريقتها بالتَّعاطي مع شؤون المرأة، داعيةً لهن بالتوفيق وإستعمال كل الوسائل الممكنة للوصول إلى نتائج تصبُّ في صالح المرأة.

وعن الخطوات العمليَّة الَّتي تعمل عليها كتلة القوات النِّيابيَّة للوصول إلى نتيجة ملموسة في هذا الإطار، في ظلِّ القوانين الهرمة المعمول بها والإعتراضات الَّتي طالت المشروع وخصوصًا من الأخوان المسلمين، أكَّدت جعجع أنَّها تعمل بجديِّةٍ على هذا الموضوع وتحاول إبعاده عن السِّياسة، مشيرةً إلى أنَّ اللجنة الفرعيَّة المختصَّة بهذا الموضوع تتضمَّن ثمانية أعضاء، أربعة منهم تابعون للتيَّار الوطني الحر، وأنَّ لجنة "كفى" المعنية في الدِّفاع عن المرأة إجتمعت برئيس كتلة الاصلاحوالتَّغيير النائب، ميشال عون، وأنَّ الجوّ كان إيجابيًّا، متمنيَّةً أنّْ تثمر هذه الإجتماعات نتائج مفيدة، وقالت إنَّ الإجتماع مع جماعة الأخوان لم يتم بعد لتقريب وجهات النظر، آملةً أنّْ يحدث ذلك في أسرع وقتٍ ممكن.

مازال الوقت مبكرًا لتقييم نتائج وصول الإخوان إلى الحكم
وعن الحراك السِّياسي الذي تشهده الدول المحيطة والذي وُصِف بالرَّبيع العربي، في ظلِّ وجود العديد من المؤشِّراتوالمخاوفالتي تنذر بتراجع دور المرأة في هذا العالم، وخصوصًا مع قدوم الإخوان المسلمين إلى سدَّة الحكم، رأت النائب جعجع أنَّه ما زال الوقت مبكرًا لإعطاء قراءة شاملة حول الوضع وإلى أين سنصل، وأنَّ كل ما علينا فعلههو الإنتظار، وأكَّدت أنَّه كان للمرأة دورٌ فاعلٌ وأساسيٌّ في هذا الحراك، ومن الخطأ عدم الإعتمادعليهاوتهميش دورها، وقالت إنَّه يجب الإنتظار لمعرفة إلى ماذا ستؤول إليه الأمور، لأنَّ أي نظام جديد يحتاج إلى وقتٍ ليبرمج نفسه.

هناك إمكانيَّة أن يصبح سمير جعجع فنانًا أكثر مني
وفي سياقٍ آخر عمَّا إذا كان الفن يستهويها، ردَّت جعجع ضاحكةً: "صوتي ليس جميلاً فكيف يمكن للفن أن يستهويني"، وأضافت ممازحةً: "صوت الحكيم (زوجها سمير جعجع) أجمل، وهناك إمكانيَّة أنّْ يصبح فنانًا أكثر مني، وأنا متأكِّدة أنَّ كثيرين سيفرحون في حال اتجه الحكيم للفن وابتعد عن السِّياسة"، وقالت: "ليس لأنَّني زوجة قائد القوات اللبنانيَّة فأنا حكمًا أتعاطى السِّياسة، فأنا عندما قرَّرت دراسة العلوم السِّياسيَّة لم أكن زوجته، والعمل السِّياسي يستهويني حتَّى قبل ذلك".

أنزعج من التَّركيز على شكلي الخارجي والتغاضي عن مسيرتي النِّضاليَّة
وبالحديث عن المرأة وحقوقها والتَّحرشات اللفظيَّة الَّتي قد تتعرَّض لها، وبإعتبارها إمرأة جميلة لها طلَّتها وشخصيَّتها، خصوصًا بسبب الحديث المتزايد عن شكلها الخارجي بغض النَّظر عن مواقفها السِّياسيَّة، أكَّدت ستريدا جعجع أنَّ الأمر يزعجها، لأنَّه قبل الحديث عن شكلها الخارجي هناك العديد من المواقف والأعمال الَّتي قامت بها منذ العام 1994 تاريخ دخول زوجها إلى السجن وحلّ حزب القوات وحتَّى ساعة خروجه من السجن في العام 2005، وحصول الحزب على ستة مقاعد في البرلمان في السَّنة التَّالية، مشيرةً إلى أنَّهالم تعدتهتم لهذا الكلام وتتخطاه بسرعةٍ، وقالت: "ألا يرون بي سوى شكلي؟ ألا يرون مسيرة النضال الطويلة الَّتي مررت بها؟"

عمَّا إذا تعتبر نفسها قد ظلمت كإمرأة عانت الكثير، وتحمَّلت مسؤوليَّةً كبيرةً وهي في عزِّ شبابها، وبقيت لفترةٍ طويلةٍ وحدها، قالت ستريدا إنَّه لا يمكنأن تعتبرنفسها مظلومة، لأنَّه عليها النَّظر إلىسنوات حياتهاجميعها وليس فقط إلى إحدى عشرةسنة منها، مؤكِّدة أنَّ هذه السنوات الإحدى عشرة أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم، وأنَّها تخطَّت تلك المحنة بجدارة، وأكَّدت أنَّها كانت تجربةً غنيةً لها على كلِّ المستويات وخصوصًا كإمرأة، وأضافت: "لولا هذه السنوات الإحدى عشرة لما كنت قد حقَّقت ما حقَّقته".

الأمومة حلمي الذي لم يتحقَّق بعد
وعن الفعل الذي قد تغيِّره لو عاد بها الزمن إلى الوراء، قالت جعجع إنَّ هناك أموراً مؤلمة وكلاماً كان يؤثِّر بها كثيرًا، خصوصًا في فترة إعتقال قائد القوات اللبنانيَّة، سمير جعجع، وأشارت إلى أنَّه لو عاد بها الزمن إلى الوراء لكانت ما سمحت لهذا الكلام الذي مسَّ زوجها ومسَّها شخصيًّا أنّْ يؤثِّر عليها.

وعن حلمها الذي لم يتحقَّق بعد، ردَّت جعجع قائلةً: "جزءٌ من حلمي تحقَّق في العام 2005 مع خروج الجيش السوري من لبنان، أمَّا حلمي الأكبر فهو أن يصبح لبنان سيِّدًا حرًّا مستقلاً بكل معنى الكلمة، وأن يكون السلاح الوحيد الموجود بيد الجيش الوطني، وأن يتمَّ العمل السِّياسي ضمن نطاق مؤسَّسات الدَّولة، وأنّْ يتحقَق التَّناوب على السُّلطة بشكلٍ ديمقراطي وحر".

وعلى الصَّعيد الشَّخصي، تمنَّت ستريدا جعجع أن يكملها الله معها ومع زوجها وأن يرزقا بولدٍ.