مع كل إشراقة كتاب

"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

سياسة الكارثة: لقاء السياسة بالجائحة

أميركي بقناع واق في أحد شوارع نيويورك في فبراير 2021
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من بيروت: إن كان الهدف من التاريخ هو رؤية موضوعية للأحداث الماضية من مسافة زمنية بعيدة، فإن التوقيت الملائم لذلك يمكن أن يكون حصول حادث طارئ، أي لا يكون نتيجة نسعى وراءها بوعي. مع ذلك، وبوجود مؤرخ معاصر مثل نيال فيرجسون، تبدو المسألة دعوة يستحيل تجاهلها.

لذا، فإنه في كتابه "الهلاك: سياسة الكارثة"، Doom: The Politics of Catastrophe (منشورات ألن لاين، 25 جنيهًا استرلينيًا) يأخذ زمام المبادرة من وباء كورونا لوضعه في سياق تاريخي هو بمثابة سجل لكوارث طبيعية وأخرى صنعها الإنسان، وكلاهما مترابطان. العنوان الفرعي للكتاب هو "سياسة الكارثة"، والفرضية الأساسية لفيرغسون في الكتاب هي أن الكوارث كلها ترتكز على "تاريخ الاقتصاد والمجتمع والثقافة والسياسة".

ربما يحاجج قليلون في أن هذا شبه بدهي، على الرغم من أن دراسة هذه المجالات المختلفة لن تسفر بالضرورة عن أنموذج عمل أو حتى عن صورة تقريبية للآليات المعقدة للكارثة. بالفعل، لا تظهر الصورة بمثل هذا الوضوح من جولة فيرغسون الصافرة للأحداث المميتة الكبرى. بدلاً من ذلك، مثل أي شخص لا يغادر لحظة من دون أن يستخدمها، يضمن كتابه مجموعة مذهلة من النظريات والشخصيات والمراجع التي تتحد لتحدث تأثيرًا مميتًا، على الرغم من أنها مفيدة حينًا، ومسلية فحسب أحيانًا.

تتنافس نظرية الشبكة وعلم نفس عدم الكفاءة السياسية والهندسة الكسورية للكوارث ودينامية الحياة جنبًا إلى جنب مع فولتير وتوماس مالتوس وأمارتيا سن وإسخيلوس وريتشارد فاينمان وليو تشيكسين وغيرهم. وعبثًا يبحث القارئ في اتساع نطاق التعلم المثير للإعجاب لفيرغسون عن بنية أو حجة مقنعة قد تجعل الحمل الزائد للمعلومات منطقيًا. كما لو إن جعل هذه المهمة أكثر صعوبة هو الأساس، يبدأ فيرغسون في الكتابة عن الأحداث المعاصرة في أثناء تطورها، معترفًا رغم ذلك بمحدودية هذا المسعى، بصفته مؤرخًا، لكنه يقترح قراءة فصول كتابه كأنها مذكرات ليس إلا.

لكن الكتاب ليس من هذا القبيل، فمقطع موسع استلهمه من صحافة الرأي لا تضيف كثيرًا إلى فهمنا للوباء يظهر أن فيرغسون لا يفوق العلماء في التنبوء. يأتي فيرغسون للمطالبة بالمبالغة في تقدير معدل الوفيات من كورونا غن لم يتم اتخاذ تدابير وقائية. فبدون عمليات الإغلاق وغيرها من الإجراءات الوقائية، كان يمكن أن يحيق الخطر بنحو 2.2 مليون أميركي.

يقول فيرغسون المؤرخ إن بتقديره الخاص، الذي تم إجراؤه في مايو 2020، كان عدد الضحايا ما يقرب من 250 ألفًا بحلول نهاية عام 2020 - وهو إجمالي ما زال يرى أنه معقول عند تأليفه كتابه في أغسطس من العام الماضي. في الواقع، توفي نحو 350 ألف أميركي بحلول نهاية ديسمبر (الآن أكثر من 580 ألف ضحية)، رغم عمليات الإغلاق والتباعد الاجتماعي والأقنعة ، إضافة إلى اللقاحات التي لم تكن مضمونة في وقت سابق من هذا العام.


يشكك فيرغسون في فعالية عمليات الإغلاق التي تبدو أشبه باستعداد أيديولوجي أكثر من كونها تفكيرًا مبنيًا على التجربة. وبينما يعترف بالتعامل الخاطئ للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع كورونا، فإنه يجادل بأنه سيكون من الخطأ إلقاء اللوم على السياسات الشعبوية.

يميل عمل فيرغسون إلى بلوغ أزمة سياسية واقعية تنطوي في العادة على نوع من تصنيف للقوى العالمية. وخطأ القول إنه مهووس بنمو الصين، لكن يبدو أن كل الطرق تؤدي إلى بكين، خصوصًا الطرق التي سلكها فيروس كورونا. وغني عن القول إن لقاء السياسة بالوباء لم يفت فيرغسون. فهو يكتب أن الوباء "اشتد بالحرب الباردة الثانية، وكشف في الوقت نفسه عن وجودها لأولئك الذين شككوا في السابق في حدوثها".ويخلص فيرغسون إلى أن ليس للغرب من خيار سوى خوض حرب باردة تصمم الصين على الفوز بها. ربما يكون على حق.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط:
https://www.theguardian.com/books/2021/may/17/doom-the-politics-of-catastrophe-niall-ferguson-review

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الكتاب لا يرقي للتحليل الفلسفي ..وربما تضليل للفكر ..
عدنان احسان- امريكا -

لازالت الفلسفه هي الوسيله لتحليل احداث التاريخ وليس الاحداث هي التي تصنع التاريخ بل الاحداث انعكاسا لها ، وفي هذا المجال - وضحت الماركسيه هذه المساله - وكتاب - المفكر الروسي - بليخانوف / عن دور الفرد في التاريخ / الذي وضح ايضا دور الفرد / اما مساله اسقاط الحدث للتنبؤ يالمستقبل هذه مساله - اشبه بقراءه الابــــراج ..وهذه مشكله فيرغسون في تحليل الازمات / من خلال بلوغ أزمة سياسية واقعية لتنطوي تصنيف للقوى العالمية. / ليس اكثر ...وليس لقراءه التاريخ - والتنبؤ بالمستقبل / والاصح كما جاء في مقدمه المقال ...إن الهدف من التاريخ هو رؤية موضوعية للأحداث الماضية من مسافة زمنية بعيدة، ولا يكون الاعتماد علي القراءه بحصول حادث طارئ نتيجة نسعى وراءها بوعي) و هذا بديهي، وأن دراسة المجالات المختلفة لن تسفر بالضرورة عن أنموذج عمل أو حتى عن صورة تقريبية للآليات المعقدة وتفسيرا للكارثة.... ولا تصلح لقراءه المستقبل - او لتحليل التاريخ ... واذا في هذه الحاله مافرق بينا الفكر - والاساطير - وتحاليل الكتب المقدسه ،وتوظيفها حتي لنهايه الكون ؟ وخاصه في مساله الاحداث التي اعترفتم انها قد تكون - مسبقه الصنع ، .؟ والمدارس الفلسفيه لم ينته دورها في مساله الوعي ، وتطو ر الفكر هو الاساس - للقراءه الصحيحه للحدث وليس الحدث يرسم حدود الفكر .مهما كان حجمه ،و مدته ،،، وهذه المساله يستفيد منها - اليوم - سياسيو هذه الحقبه ، برسم السياسات من خلال صناعه الاحداث وهذه الفسلفه الجديده التي يراد ترويجها ،بتيـــــــار الميكافيليين الجـــدد ،، باطار فلسفه الفوضــــــي الخلاقـــــه اصنعو الحدث -،/ ودع الاخرين يحللون .والاعلام بكل وسائله - ادواتهم ليخدم .. استراتيجات الصراع - وليس البقاء