"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية
حرانيون سومريون: أصول ومعتقدات في الجزيرة والفرات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من دبي: عن دار جدار للثقافة والنشر في (مالمو- الإسكندرية)، صدر كتاب "الحرانيون السومريون: في أصول ومعتقدات العشائر الزراعية في الجزيرة والفرات" للباحثين خلف علي الخلف وقصي مسلط الهويدي.
يشكل الكتاب (306 صفحات) رحلة تاريخية في معتقدات وأصول سكان “الجزيرة” و "حوض الفرات"، تعود إلى فجر السلالات السومرية، من خلال تقصّي آثار الحرّانيين ومعتقداتهم، وعلاقتهم بالجماعات الدينية والأقوام المجاورة لها. ويعتبر البحث في "المعتقدات الحرّانية" من أكثر القضايا إثارة للجدل في الدراسات الدينية الشرقية، حتى اليوم، فيما إذا كانوا ’صابئة‘ أو ’أحنافًا‘ أو ’وثنيين‘ يعبدون الكواكب والنجوم، أم يتبعون ديانات "سريّة" أخرى.
يبحث الكتاب في صلة "المعتقدات الحرّانية" بكل من: ’الصابئة‘، ’المندائيين‘، وأتباع ديانة الإله ’سين‘ إله القمر الحرّاني؛ ’الأحناف‘، وبالتالي علاقتهم بإبراهيم الخليل الأب الرفيع المكرم فيما سُمي الديانات التوحيدية، رغم التناقض "اللاهوتي" حول معتقداته في هذه الديانات. يقدم البحث، من خلال المصادر التاريخية، الدلائل على أن إبراهيم الذي كان يعبد "الإله الشمس" في موطنه الأصلي، تحول إلى عبادة "الإله القمر"، الذي كانت حرّان عاصمته المقدسة، وكان ذلك سبب نفيه إليها، وهو ما يجعل رحلته لحران قبل ذهابه إلى أرض كنعان مفهومة. يصل البحث إلى أن ديانة "الصابئة" المذكورة في القرآن لا تدل على "دين" محدد، لكن من خلال التحليل اللغوي للمفردة وربطها مع أحد الشعائر المندائية يمكن الاستنتاج أن الديانة المقصودة هي المندائية، المختلفة عن المعتقدات الحرّانية، ومن خلال المقارنة بينهما يصل البحث إلى أن لا رابط بين العقيدتين سوى المؤثرات السومرية على المندائية.
نعت تحقيري
عن هذا الكتاب يقول خلف لـ "إيلاف": "فاتحة الكتاب هي بحثنا في جذر ومصدر النعت التحقيري "الشَّوَايا ومفرده شَاويْ" الذي يطلقه الأشقاء السوريون على العشائر الزراعية في الجزيرة وحوض الفرات وهم جماعة بشرية يبلغ تعدادهم [تقديراً] حوالي أربعة ملايين نسمة على الأقل، ونحن كباحثين ننتمي لهذه الجماعة فكان الأمر يعنينا بشكل شخصي. عندما تتبع المفردة في القواميس وجدنا جملة متواترة في كل القواميس: "والشوايا بقايا قوم هلكوا"، هذه الجملة قادتنا لتغيير منهج البحث والذهاب إلى التاريخ وتتبع خط هجرة قسم محدد من هذه المجموعة البشرية [كجتمع للبحث التطبيقي] فوصلنا إلى موطنهم الأصلي الذي كان حرّان قبل تدميرها على يد هولاكو عام 1260م. هذا اضطرنا لدراسة الأقوام التي عاشت في حرّان وجوارها وشمل ذلك إضافة لحرّان، الرّها، نصيبين والرقة. لكن وجدنا أن حران وأهلها وعقيدتهم مسألة شائكة في الأبحاث والدراسات الدينية الشرقية بكل لغات العالم، هذا أجبرنا أن نعيد دراسة عقائد الجماعة الحرّانية التي بقيت مغايرة لجوارها المسيحي ثم المسلم وبقيت على دينها الأصلي عبادة الإله القمر، الإله سين حتى زوال مدينتهم وتشردهم في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي".
يتوقف الكتاب عند العداء المسيحي- الحرّاني، بعد تحوّل جارتهم "الرّها" تحت حكم سلالة أبجر العربية، إلى المركز الرئيسي للمسيحية الناشئة في العالم. يقدم البحث الدلائل على أن هذا العداء لم يبدأ مع "أباء الكنيسة"، كما يرى أغلب الباحثين، لعدم دخول الحرّانيين المسيحية وافتخارهم بإبقاء مدينتهم بعيداً عن "ضَلال الناصرة"، بل تعود جذوره إلى اليهودية، تصاعد مع "رسول الوثنيين"؛ بولس، أحد أعمدة المسيحية الرئيسية. حيث يقدم البحث قراءة جديدة لرسالة الرسول بولس الثانية إلى أهل ثيسالونيكي، تربطها بهذا العداء، وترى أن المقصود بـ "رجل الخطيئة" أو The man of sin وكذلك "هيكل الإله" The temple of God الواردة في نص تلك الرسالة هو الإله "سين" ومعبده الشهير في "حرَّان". في هذا المبحث يخلص الكتاب إلى أن المعتقدات الحرّانية تمحورت حول عبادة الإله سين؛ إله "القمر" الحرّاني، رغم وجود "الشمس" و"الزهرة" كثالوث مقدس في معتقداتهم، وأن ديانتهم هي ما أُطلق عليها "الحنيفية" التي تعتبرها اليهودية والمسيحية ديانة "وثنية" ويعتبرها الإسلام ديانة "توحيدية"، ويقرّ بأنها أصله.
مسار تاريخي
يرسم الكتاب مساراً تاريخياً للمعتقدات الحرّانية بدءاً من جذورها السومرية الأولى حتى تحولها إلى ديانة "شبه توحيدية" في عهد "نابونائيد" آخر الملوك البابليين الذي جعل حرّان عاصمته، وبسبب خلاف مع "اللاهوتيين" حول تجديد معبد الإله سين، اعتكف في "تيماء" في الجزيرة العربية لعقدٍ من الزمن، وبنى فيها معبداً للإله سين، حيث كان يعبد في الجزيرة العربية باسم "الله" أو "الله تعالى"؛ إذ كانت ديانة الإله سين "الحنيفية"، التي يقدم البحث ماهيتها وشرائعها وعباداتها وطقوسها وأعيادها، هي الديانة المهيمنة في وادي الرافدين والجزيرة العربية وجزء من أفريقيا قبيل ظهور الإسلام. ويجري البحث مقارنات بين العبادات والطقوس والشرائع الحرّانية، والإسلامية ويخلص إلى التشابه الكبير بين الديانة الإسلامية وديانة الإله سين "الحنيفية"، والتي استمرت حتى غزو هولاكو حرّان (1260م).وتدميرها وتشريد أهلها وتهديم آخر معبد للإله سين بتحريض نسطوري مسيحي.
لم ينتج عن هذا الغزو اختفاء حرَّان من الوجود بل اختفى الحرَّانيون الفلاحون "النَّبَط" أيضًا! وهم جماعة مشهورة عبر التاريخ، انقطع ذكرهم بعد هذا الغزو! وظهرت بدلًا منهم عشائر زراعية عُرِّفتْ بـ"الشَّوَايا"، تنتشر في المناطق التاريخية التي سكنها الحرانيون في الجزيرة وحوض الفرات، تشتغل بالفلاحة، وما تزال تحمل شيئًا من الإرث الحرَّاني، تم تتبعه في إرثها الشفهي.
يعرض البحث الدلائل والشواهد اللغوية والتاريخية، التي تؤكد أن أصول جماعة محددة من هذه العشائر، شكلت مجتمع البحث، تعود إلى الحرانيين وليس إلى قبيلة "زبيد" العربية اليمانية، وأن ما جرى هو تبديل انتسابٍ من الأصل الحرَّاني "النَّبَطي" إلى الأصل العربي. خصوصاً أن محيطهم غلب عليه العرب الذين كانوا موجودين في المنطقة قبل الإسلام وحكموا "مملكة الرها" من 132 ق.م إلى 242م عبر سلالة أبجر العربية، حيث تطلق المصادر الرومانية على حاكم "الرّها" سلطان العرب، وهذا بعكس الشائع في المصادر التاريخية التي تربط وجود العرب في المنطقة بالهجرات في العهد الإسلامي. إذ يكشف البحث؛ من خلال المصادر التاريخية، أن الشاعر الشهير عمر بن معد يكرب الزبيدي الذي تنتسب من خلاله هذه العشائر لقبلية زبيد، قد "مضى نسله" في وقت مبكر من التاريخ. كما يورد البحث الدلائل على عدم وجود هجرة لـ "زبيد" إلى منطقة الجزيرة وحوض الفرات لا قبل الإسلام ولا خلال العهد الإسلامي.
هولاكو في حران
بحسب خلف، المصادر التاريخية تذكر أن هولاكو دمر حرّان ودمر معبد الإله سين، "لكنه لم يقتل أهلها فتشردوا في المناطق المجاورة، التي كانت تسكنها القبائل العربية والعشائر الكردية المسلمة وكذلك الجماعات السريانية وبقية الأقوام الذين تحولوا للمسيحية".
يضيف لـ "إيلاف": "بعد حوالي قرنين ونصف مما أطلقنا عليه "تيه هولاكو" الذي أعقب تدمير مدينتهم، وعيشهم مع الجماعات العربية المسلمة زعموا انهم عرب، ثم في الثلث الأول من القرن العشرين نسبوا أنفسهم لقبيلة زبيد العربية اليمينة القحطانية التي لم يكن لها أي وجود في المنطقة، وخلقوا سردية شفهية عن هجرتهم من اليمن بعد انهيار سد مأرب أثبتتها على لسانهم الكتب التي بحثت في أنساب عشائر بلاد بين النهرين. الكتاب يفند هذه السردية ويثبت بالأدلة والمصادر التاريخية وثم دراسة طبائع السكان وطقوسهم وعاداتهم وزراعاتهم أن هذه العشائر الزراعية هم الحرانيون وقد أخفوا أصلهم بسبب الضغوط التي تعرضوا لها عبر التاريخ من جوارهم الذي تحول إلى الديانات التوحيدية وصار هذا الجوار يطلق عليهم "الوثنيون"، وعلى وجه التقريب قدرنا أنه خلال تسجيل الملل في العهد العثماني سجلوا أنفسهم عربا مسلمين، لكن الكتاب يتقصى الأثار الباقية من العقائد الحرّانية لدى هذه العشائر ونزعم أنهم آخر جماعة بشرية التحقت بالاسلام طوعاً، ولم تمارس هذه الجماعات أي شعائر أو طقوس إسلامية حتى ستينيات القرن العشرين، فقد كانت تزعم فقط أنهم عرب ولاحقا مسلمون. هذه العشائر أو لنقل الجزء الأغلب منها هم الحرانيون النبط وهم جماعة ليس فقط غير عربية وغير مسلمة بل غير سامية ايضا. ونقدر أن معظم العشائر في بلاد النهرين التي تنسب نفسها لزبيد هي ذات أصول غير عربية. والانتساب لزبيد لم يظهر أبدا قبل بدايات القرن الثامن عشر ولأسباب سياسية خلال عهد الامبراطورية العثمانية".
نظرية في أصول العشائر
يخلص البحث إلى تقديم نظرية حول أصول العشائر، التي شكلت مجتمع هذا البحث، المتمثلة بتحالف عشائر "البوْشْعبَان" و عشيرة "المِجَادمةْ"، والتي تنسب نفسها إلى "زبيد"، وكان موطنها الأصلي حرّان قبل تدميرها، وتستوطن الآن بشكل أساسي الجزيرة و حوض الفرات و وادي البليخ، تقول بأن أصل هذه الجماعة لا يعود إلى "زبيد"، بل إلى الحرّانيين الذين عاشوا في حرَّان منذ ألفي سنة قبل الميلاد على أقل تقدير، قبل تشريدهم الأخير، الذي تلا غزو هولاكو. كما يقدم البحث الدلائل على أن هذه الجماعة التي بيّن البحث أصلها الحرّاني غير العربي، قد دخلت الإسلام بشكل متأخر، في الفترة ما بين غزو التتار للمنطقة في نهايات القرن الرابع عشر الميلادي، وبدايات سيطرة الإمبراطورية العثمانية وبقي إسلامها شكلياً حتى النصف الثاني من القرن العشرين، واحتفظت بجزءٍ من موروثها الحرّاني حتى وقتٍ قريب.
وفي النهاية يقارب البحث منشأ الحرانيين الجغرافي- الحضاري، ويقدم الصلات الدينية والثقافية والعلمية التي تربطهم بـالسومريين، إذ يرتبط البحث في النهاية بـ"القضية السومرية"، التي ما تزال تشغل الباحثين وتتعلق بمصير السومريين من أين جاؤوا وأين ذهبوا. فقد توصل البحث عبر الأدلة المتناثرة في الكتب والمراجع واللُّقى الآثارية إلى كشف جديد، يقول بعودة أصول الحرَّانيين إلى السومريين، الذين هاجروا بالأصل من أعالي الجزيرة إلى السهل الرسوبي في بلاد النهرين وبنوا أولى المدن وأولى الحضارات.
يقول خلف لـ "إيلاف": "بالنسبة إلي، كان العمل مجهدا خلال أكثر من ثلاث سنوات وهو عمل كما يعلم الجميع ليس له أي مردود مادي، ورغم إغراء القضية السومرية للبحث فيها فإني اكتفي بهذا القدر من القضايا الشائكة في منطقتنا، لكن صديقي وشريكي في هذا البحث قصي مسلط الهويدي يريد ان يتابع البحث في القضية السومرية وهي مسألة من أعقد المسائل البحثية في بلاد بين النهرين لأن السومريين وصلوا لنا من خلال الأقوام التي أعقبتهم".
التعليقات
وماذا عن تاريخ - الاشوريين - فهم اقدم من الحرانيين / ومن ال ابراهيم ،،
عدنان احسان- امريكا -واذا كنت تبحث عن اصول السومرين / ولا ال ابراهيم فبالمنطقه هناك من اقدم من السومرين - هم الاشوريين / والشوايا كلمه ماخوده - من رعاها الشاه - وليس لها علاقه بالاصل واكثر الشوايا ،من ابناء العشائر العربيه ،/ في الجزيره والفرات .. وهل تجد شاوي لا اصل له ،، وهذه العشائر الفراتيه تمتد في اصولها لمنطقه الباديه الشاميه - وفي غوطه دمشق - ومنطقه السلميه وحتي حدود نجد ../ وشمال حتى الاناضول - وشرقا حتي اور بلــــده سيدنا ابراهيم - ... وا ربما اراد الكاتبان ان يخلطا / عباس وبدباس / ويريدان ان يتوصلا لبحث - عن - اين اتتت - مقوله حدوكم التاريخيه يا ال ابراهيم /// يعني حددوا الشماليه بمنطقه الفرات / وفي العدد القادم - ..يمكن تصبح حضاره الفراعنه اصلهم من / الحرانيين الفراتيين/ ..الذي جدهم من اورررر .... يعني اثبت الاصل بقي الفصل عن تاريخهم في وادي النيل - ويمكن هذا سيكون في الطبعه الثانيه من الكتاب ... او ان الكاتبان ... يبحثان عن اصولهم ،،، الشوايا ... للتنصل من الهويه العربيه ،،،ويبحثون - عن السبط المفقود للعبرانيين /