إيلاف+

"البلم" يقاوم الزمن وانحسار الماء بالعراق

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ماجد شاكر من بغداد: تعد أرض الرافدين المهد الأول لصناعة القوارب المتكونة من خشب الأشجار أو خشب الصاج وجذوع النخيل، وهي قوارب استخدمتها الشعوب التي قطنت ضفاف وادي الرافدين للصيد والنقل والنزهة لوجود النهرين دجلة والفراتrsquo;، ولما يزل العراقيون يستخدمونها في تنقلاتهم النهرية بالرغم من تراجع صناعتها.

واليوم تزهر هذه الصناعة في مدينتي الفاو والكوفة والسماوة حيث توارثت هذه الصنعة أجيالا كثيرة وانتقلت هذه الحرفة عبر الزمن.

وعن أهم المواد المستخدمة في صناعة هذه القوارب التقينا مسعد الجبوري حيث قال أن الخشب المستخدم في هذه الصناعة يمتاز أولا بقدرته على الطفو فوق سطح الماء وبصموده امام تعريات الزمن والظروف الجوية.

وأضاف.. تختلف أنواع الأخشاب المستخدمة، ف"البلم" الكبير الذي يستخدم للصيد في المسطحات المائية الواسعة يدخل خشب الجاوي الأحمر وخشب الصاج في صناعته، إما أحجام "البلامة الصغيرة" فتستخدم خشب الجام الأبيض كما أن "أضلاع البلم" التي تشبه الهيكل العظمي لسمكه كبيره فتصنع من خشب التوت والسدر (النبكة) والكالبتوز.
واضاف.. حتى أطفالنا يعملون معنا وهو يعرفون الكثير من اسرار هذه المهنة، ويعرفون كيف يضنعون " بلما " لايغرق بسهولة.

يقول "مهاوش البلام" عن أسعار القوارب انها تتفاوت طبقا لحجمها، فالقوارب الكبيرة التي تزن الطن ونصف الطن يصل سعرها من ثلاثة ملايين إلى ثلاثة ملايين ونصف دينار، وإما "البلم "الصغير فتكون أسعاره من ثلاثمئة ألف دينار إلى خمسمائة ألف دينار وتستغرق صناعة "البلم" الواحد خمسة أيام تقريبا، إما "البلم" الكبير فيستغرق العمل فيه شهرين كاملين.

ويقول.. الآلات الحديثة سهلت عملنا كثيرا ة واختزلت سرعة الانتاج، لكن الزبائن اليوم اقل.

وإذا كان القارب مصنوعا من خشب الصاج فتكون أسعاره مرتفعة بسبب ارتفاع كلفة المواد الداخلة في صناعته.
وهناك قوارب اقل جودة تصنع من أخشاب لا تقاوم كثيرا وسعرها اقل.

مهدي الرحيلي هو من خبراء هذه الصنعة وكان يعمل في إحدى القوارب ليجمع أجزائه التي باتت كأنها هياكل عظمية متناثرة، يقول أن هناك أنواعا مختلفة من القوارب وتختلف إحجامها.وأضاف هناك قوارب يطلق عليها (كعدي هويري) و(كعد اصليجي) تستخدم في صيد الأسماك وهناك مايطلق عليه (المشحوف) أو (الجلكة) ويستخدم هذا "البلم" الصغير في المياه الضحلة أو ذات المناسيب المنخفضة مثل شط صغير أو هور صغير حيث تستخدم لنقل شخص واحد ويقوم بصيد الأسماك والطيور المهاجرة شتاءا ونقل الحطب أو القصب في بعض الاهوار.
وفي ورشة في مدينة الكوفة، زارتها " إيلاف"
ثمة ثلاثة صناع مهرة على صناعة ثلاث قوارب كأنها حيتان ممددة على ساحل البحر، هيأت للصبغ النهائي وطلاء بطنها بالصبغ أيضا والزفت الأسود.

يقول "الأسطة محمد الأميري".. ورشتنا متخصصة بصناعه قوارب الصيد المسماة بالبلم والذي يبلغ طوله عشرين قدم ووزنه قرابة الطن وننتج شهريا ثلاثة أو أربعة قوارب تصدر إلى المحافظات التي تكثر فيها المياه مثل محافظة الرمادي ومحافظة البصرة على وجه الخصوص لوجود بحيرات وسدود كبيرة و أهوار تتوافر فيها المياه الكثيرة.

ويروي كاظم جلال أن للقوارب الخشبية ميزة خاصة على القوارب الحديثة المصنوعة من مواد كيمياوية، أذ إن الاخيرة خفيفة الحركة ولا يحبذ استخدامها في صيد الأسماك بخلاف "الخشبية" التي تسير بحركة أبطأ من نظيرتها المصنعة من اللدائن، كما إن "البلم" الكبير يتحمل أوزانا كبيرة ومعدات اكبر عكس المصنوع من البلاستك.
وأضاف.. على الرغم من تأكيدات نجاري هذه المهنة على صناعتها من إن عملهم لا يزول مادامت هناك مياه تجري في نهري دجلة والفرات الا أن هناك مخاوف لدى البعض من أن يؤدي انحسار المياه في السنوات الخمسة إلى اندثار هذه الصناعة.

وبحسب حسن العمارتلي فأن الإنتاج قل كثيرا وخصوصا في محافظات الجنوب لعوامل سياسية واقتصادية واضطراب كميات المياه المتدفقة من سوريا وإيران وتركيا والتي أثرت على المردود المادي لدى اغلب العوائل التي تمتهن هذه الحرفة.

ويقول احمد الزبيري وهو نجار في مدينة البصرة...
لقد ترك الكثير من نجاري صنعة القوارب ( البلامة ) عملهم لقلة الطلب على منتجوهم بسبب شحة المياه.

وأضاف.. أكثر نجاري القوارب تحولوا من مهنة صناعة القوارب إلى مهنة نجارة الموبليا والأثاث ولكن كبار نجاري هذه القوارب لايريدون ترك هذه المهنة التي تعلموها وهم صغارا.

مجيد الحصيني الذي يملك (طبكة )، يقول أن هذه "الطبكة" تصنع من "حلفة" تنقع لمدة شهر بعدها تطلى من الداخل والخارج بمادة الزفت لمنع تسرب الماء.
ويضيف.. يربط بين حافتي النهر حبل طويل يمتد بين الجهتين لينقل الأشخاص بين طرفي النهر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
من الذاكرة
عراقي -

الذاكرة كائن هلامي يلتهم كل الاحداث ويخزنها في تجاعيد انحناءته كي تورق ثانية او تختبئ الى زمن لا يعرف فية المرء غير انتشاء احزانه صحيح ارجعنا الكاتب ا لممتاز ماجد شاكر الى الماضي والى الفطرة العراقية حيث كتب لنا هذا الموضوع الجميل الذي اعده من الماضي وارجعنا وذكرنا الى طيبة قلوب العراقيين والذي يفصل الانسان عن زمنه ويجعله لا يحسب شهرا ولا عاما ودحكا عن اليوم والساعة وبالتالي اوصلنا الى التواصل مع ما يجري في هذا العصر من احداث وتغيرات شكرا لأيلاف لنشر هكذا مواضيعي

البلم
محمود -

ان البلامه في العراق تعتبر من تراث العراقيين وامجادهم التي لاتنسى لان هذه البلامه تذكرنا بامجاد اجدادنا فموضوع جميل كثيرا وكاتبكم القدير سباق بنشر هكذا مواضيع فشكرا لايلاف ومزيدا مثل هكذا مواضيع تحياتي للكادر الي وراء الكواليس

من الذاكرة
عراقي -

الذاكرة كائن هلامي يلتهم كل الاحداث ويخزنها في تجاعيد انحناءته كي تورق ثانية او تختبئ الى زمن لا يعرف فية المرء غير انتشاء احزانه صحيح ارجعنا الكاتب ا لممتاز ماجد شاكر الى الماضي والى الفطرة العراقية حيث كتب لنا هذا الموضوع الجميل الذي اعده من الماضي وارجعنا وذكرنا الى طيبة قلوب العراقيين والذي يفصل الانسان عن زمنه ويجعله لا يحسب شهرا ولا عاما ودحكا عن اليوم والساعة وبالتالي اوصلنا الى التواصل مع ما يجري في هذا العصر من احداث وتغيرات شكرا لأيلاف لنشر هكذا مواضيعي