واقع حياتي جديد لعمليات زرع الكبد لدى الأطفال
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أشرف أبوجلالة من القاهرة: تبرز صحيفة النيويورك تايمز الأميركية في تقرير مطول لها حقيقة التحول الطبي الذي بدأ يفرض نفسه واقعًا على الساحة في الولايات المتحدة خلال الآونة الأخيرة، وهو المتعلق بعمليات زرع الكبد التي بدأ يخطط من خلالها الأطباء لإنقاذ أرواح الأطفال صغار السن، على أن تقوم أجسادهم بعد فترة من الوقت برفض عملية الزرع، ومن ثم مهاجمتها بصورة عنيفة، إلى أن تتوارى وتختفي، ولا يُترك لها أي أثر تقريبًا.
وتستهل الصحيفة حديثها في هذا السياق بحالة طفل صغير يدعى جوناثان نونيز، وعمره الآن أربعة أعوام، حيث سبق له وأن خضع لتلك العملية عندما كان يبلغ من العمر ثمانية أشهر، ثم بدأ جسده في رفض عملية الزرع بعدها بثلاث سنوات. وبعدها، توقف الأطباء عن منحه الأدوية المضادة لرفض الزرع، لأنه لم يعد في حاجة لعملية الزرع، حيث تجدد الكبد لديه، كما كان مخططاً. وهنا، تلفت الصحيفة إلى أن جوناثان كان ضمن عدد صغير من الأطفال الأميركيين الذين خضعوا لجراحة زرع أعضاء استثنائية للغاية من نوعها، تلك الجراحات التي تقدم ميزة هائلة، تتمثل في منح المرضى فرصة لعيش حياة عادية، بدون الأدوية المضادة لرفض زرع الأعضاء، التي تقمع الجهاز المناعي وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض المعدية، والسرطان، وغيرها من المشكلات. حيث تقول الصحيفة إن المرضى الذين يخضعون لجراحات زرع الأعضاء عادة ً ما يتعين عليهم تناول تلك العقاقير قوية المفعول مدى الحياة.
وترى الصحيفة أن الشيء المختلف في الجراحات التي خضع لها جوناثان وغيره من الأطفال - على عكس ما يحدث في الجراحات النموذجية حيث يزال العضو كلية ويستبدل بعضو آخر جديد - هو إزالة جزء من الكبد، واستبداله بجزء من كبد المتبرع. ومع انتظار ومراقبة الأطباء للحالات، وجدوا أن الكبد حظي بقدرة استثنائية على التجدد، وبخاصة لدى الأطفال. والأمل هنا هو أنه وفي الوقت الذي تقوم فيه عملية الزرع بمهمتها، فإن الجزء المتبقي من كبد المريض سيتجدد ويبدأ في العمل من جديد. وهي العملية التي قد تستغرق عامًا أو أكثر، وقد استغرقت في حالة جوناثان ثلاثة أعوام.
إلى هنا، تشير الصحيفة إلى أنه في حالة تجدد خلايا الكبد ونموها بشكل كبير بما فيه الكفاية، فإن الأطباء يبدؤون في سحب الأدوية المضادة للرفض. وحينها، يُعاد تنشيط الجهاز المناعي للمريض، وفي معظم الحالات، يقوم تدريجيًا بتدمير العضو المزروع، الذي لم تعد هناك حاجة إليه. ومن ثم تبدأ الحياة في العودة لطبيعتها، بعيدا ً عما يتم تناوله يوميًا من أقراص دوائية. وهنا، تنقل الصحيفة عن دكتور تومواكي كاتو، الجرّاح الذي أشرف على حالة جوناثان، قوله :" أعتقد أننا بحاجة لترويج تلك الفكرة. حيث يرتكز جزء من كبير من عمليات زرع الأعضاء على الطريقة التي تُبعد المريض عن نقص المناعة".
وتختم الصحيفة حديثها بالتأكيد على صعوبة تلك النوعية من عمليات زرع الكبد، وأنها تكون أطول وأكثر خطورة من عمليات الزرع القياسية. كما يشدد الجرّاحون على ضرورة أن يتم اختيار المرضى بعناية، حيث لا يمكنهم جميعًا تحمل الجراحة. وتلفت في هذا الشأن إلى أنها أجريت أولا ً في أوروبا مطلع التسعينات، ثم أدخلت إلى الولايات المتحدة في وقت لاحق. لكن النتائج كانت مختلطة - حيث لم يكن يتجدد الكبد على الدوام. وهنا، يقول دكتور كاتو إن النتائج كانت ضعيفة ربما لأن المحاولات الأولى كانت تضم أشخاص بالغين. ويتابع بقوله :" أعتقد أن السر يكمن في الأطفال".
وتشير الصحيفة في تلك الجزئية إلى أن أفضل من تجرى عليهم تلك العمليات هم الأطفال المصابين بفشل كبدي حاد، تلك الحالة المرضية القاتلة التي يتوقف فيها الكبد عن العمل فجأةً، وتكون أسباب حدوث ذلك غير معلومة في أغلب الأحيان. ورغم أن الكبد قد يكون قادرا ً على التعافي، إلا أنه لا يستطع أن يفعل ذلك بصورة سريعة بما فيه الكفاية لمنع إصابة المخ بتلف والوفاة من السموم المتراكمة. وحينها يكون الحل الأوحد لإنقاذ حياة المرضى المصابين بتلك الحالة هو الخضوع لعملية زرع كبد كامل أو جزئي. علمًا بأن عمليات الزرع الجزئية لا تكون مجدية مع أمراض الكبد المزمنة التي تُسبِب تندب لأنه يمنع الكبد من التجدد. ومن خلال الجراحات التي أجراها دكتور كاتو لسبعة أطفال، وجد أن عملية الزرع تختفي آثارها تمامًا من تلقاء ذاتها في أربعة حالات، وأن حالتين أخرتين، بما فيهم حالة جوناثان، قد احتاجا لجراحة أخرى من أجل إزالة خرّاج أو تنظيف منطقة الجراحة من عدوى ما.