كيف يرصد العلماء التغيرات المناخية في القارة القطبية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صلاح سليمان من ميونيخ: باتت ظاهرة الاحتباس الحراري تؤرق دول العالم اجمع، لاسيما العلماء لانهم أول من يعرف الخطر الداهم الذي يهدد الحياة على الكرة الارضية..وبرز القطب الشمالي في السنوات الاخيرة كموقع اساسي لإجراء التجارب الخاصة بالتغيرات المناخية.
ولكن لماذا القطب الشمالي بالذات؟ وكيف يعمل العلماء في ظل اجوائه الشديدة البرودة ؟ ومن هم هؤلاء العلماء؟ وما هي اهم النتائج التي توصلوا اليها؟
اسئلة تبرز في ذهن كل متابع لظاهرة التغير المناخي. خاصة وانها قضية اصبحت مفروضة علي الاعلام .
القطب الشمالي
بولار شتيرن
تعتبر سفينة الابحاث الالمانية بولار شتيرن، اهم واشهر معمل متحرك يعمل فى ابحاث القطب الشمالي والجنوبي، وهي تعمل منذ 25 سنة في هذا المجال وتقوم برحلة متكررة سنويا في اشهر الصيف الى القطب الشمالي من اجل متابعة الابحاث او مراقبة التغيرات المناخية.
بجانب طاقم السفينة التي تعمل ايضا ككاسحة جليد،يعمل عليها ايضا 49 عالم من دول مختلفة وتبلغ قوة الموتور 5 الاف حصان مما يمكنها من السير في طبقة جليدية سمكها متر ونصف ويبلغ طولها 118 متر.
ورحلة السفينة الطويلة مع مساحتها الضيقة لاتجعل المرء وحده طيلة الوقت، وعندما ينظر الى الى الافق فلايوجد غير الثلوج.
كبائن النوم تتكون من سرير يتكون بدوره من دورين وهناك حجرة للسونا، وحجرة لممارسة الرياضة، وحمام سباحة ورغم ذلك فان العلماء يكونون سعداء عندما يعملون علي سطح السفينة ويقول عالم الجيولوجيا روبرت شبيل هاجن.. ان العلماء ينتظرون وقتا طويلا حتي يحصلون علي فرصة العمل فى هذه السفينة.نظرا لكثرة الراغبين في الالتحاق للعمل بها من علماء من مختلف انحاء العالم.
تقع معامل الابحاث على السطح العلوي للسفينة، وهي مجهزة بأحدث التقنيات، ويعمل بها علماء متخصصين في العلوم الطبيعية، الجيولوجيا والكيمياء والفيزياء..وتجري ابحاث الجينات للحيوانات القطبية في معامل السفينة، وابحاث النباتات القطبية والرياح والتربة وغيرها...وبجوار المعامل هناك مهبط يتسع لطائرتين هيلوكوبتر.
و السفينة مزودة بإمكانيات هائلة في الحصول علي عينات من التربة تصل الي عمق 10 الاف متر وقد يصل طول العينة الي 100 متر.
منذ ان دخلت السفينة الخدمة في عام 1982 في 9 ديسمبر عمل علي سطحها 7600 عالم من 36 دولة وتستمر رحلة البحث الواحدة لمدة شهرين ونصف وهي مجهزة للبقاء 7 شهور للعمل بكفاءة في حالات الطوارئ.
المانيا وابحاث القطب
تعمل بولار شتيرن في نطاق اهتمام المانيا بالبحث العلمي في القطب، والتي رصدت له 700مليون ايرو.. يمتد من عام 2000 الي 2010 ويشرف معهد Alferd Wegener الذي تجري فيه ابحاث القطبين في بريمر هافن علي ابحاث السفينة وكان قد تأسس عام 1980 وهو يحمل اسم اشهر عالم الماني فى مجال ابحاث القطبين الشمالي والجنوبي له نظرية مثيرة عن زحزحة القارات، وبحوثه كانت شعبية لانه عرف كيف يصف رحلاته بشكل غير معقد لكنه لم يعد من رحلته لاستكشاف منطقة جرينلاند في عام 1930.
كانت رحلة السفينة في العام الماضي الي القطب الشمالي قد رصدت تغيرات المناخ في المنطقة القطبية بكل دقة ورصدت حركة ذوبات الثلوج التي تسارعت وتيرتها في السنوات الاخيرة، ووصل سمك الطبقة الجليدية في بعض مناطق القطب الشمالي الى متر واحد اى الي النصف مقارنة بالسنوات الماضية.
وكانت نتيجة الدراسات التي اجريت على عينات مستخرجة من الطبقة الجيرية فى عمق المحيط المتجمد قد اشارت الي انها المرة الاولي منذ 125 الف سنة ترتفع درجات الحرارة في القطب الشمالي بهذا الشكل.
أما مؤتمر فيينا الذي عقد مؤخرا باشراف دول الاتحاد الاوروبي الذي شارك فيه اكثر من 8000 عالم من انحاء العالم المختلفة قد توصل الي نتيجة محددة هي ان درجات الحرارة ترتفع في منطقة المحيط المتجمد بمعدل ثلاث مرات مقارنة بالمناطق الاخري. وتتوقع منظمة البيئة العالمية ارتفاع درجات الحرارة فى السنوات المقبلة من 4الي 7 درجات واحد اهم الدلائل المرئية علي ذوبان الثلوج في القطب الشمالي هو طريق Seeweg الذي اصبح خاليا ولاول مرة في التاريخ من الثلوج وهو يمتد من الاطلنطى الى الباسفيك مارا بالارخبيل الكندي.
ووفق تقديرات العلماء فان الاربعين الى التسعين سنة القادمة ستشهد ذوبان الثلوج في المحيط المتجمد الشمالي، ولكن العلماء الامريكان في معهد National Snow and ice center فيرون ان الذوبان سيكون فى غضون اعوام قليلة وتحديدا في عام 2020 مما يتسبب ذلك في غرق الكثير من البلدان فمثلا جزيرة جرين لاند تتكون من 85% من الثلوج وفي حالة اذابة هذه الثلوج فان منسوب الماء سيرتفع في كل انحاء العالم بنسبة 7% وهو مايهدد 17 مليون نسمة في بلدان مثل بنجلاديش والهند وولايتي فلوريدا ولويزيانا. وكانت دراسة قد اجرتها الامم المتحدة قالت انه بحلول عام 2100 ستذوب كل ثلوج جرين لاند مما يجعل مستوي سطح البحر يعلو بنسبة 7 امتار.
اخطار ذوبان الجليد
لمئات السنوات كانت الثلوج فى القطب الشمالي تقوم بعكس 90% من اشعة الشمس الواصلة الي الارض الى الغلاف الارضى مرة اخري..لكن ذوبان الثلوج قد احدث شرخ في تلك المرأة العاكسة مما جعل الماء يمتص 80% من الطاقة الشمسية بدلا من عكسها، وهو الامر الذي سيزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري..اما سكان القطب الشمالى المقدر عددهم بمليون شخص منهم 400 الف من قبائل الاسكيمو السكان الاصليين للقطب الشمالي سيكونون ا اول المتضررين من هذا الذوبان.. وبدأ هذا التغير بالفعل يظهر على سلوكهم فكثيرون ادمنوا الخمر بل واخرون تخلصوا من حياتهم بالانتحار. اذ ان الفترات الزمنية التي تفصل بين فصلي الجليد وذوبانه اصبحت اطول..الامر الذي يجعل بناء بيوت الاسكيمو صعبا ويقلل من اعتماد هذه القبائل علي هذه الطبيعة.
وسيمثل اي ذوبان جديد للجليد في القطب الشمالي الي كارثة بالنسبة للدببة القطبية التي ستفقد مكان عيشتها.. وتتوقع البحوث اندثار اكثر من 22الف من دببة المناطق الجليدية اثر هذا الذوبان الثلجي المتوقع..
. كما سينعكس ذوبان الجليد علي ظاهرة الاحتباس الحراري فعندما يذوب مزيد من الجليد سيتم امتصاص مزيد من اشعة الشمس بدلا من ارسالها مرة اخري الي الفضاء الخارجي الامر الذي سيذيد من ظاهرة الاحتباس الحراري علي الارض.
ورغم كل هذا الخطر الداهم فان المفارقة تبو غريبة اذ يتنازع منطقة القطب الشمالي 5دول وهي امريكا وكندا وروسيا والنرويج والدنمارك التي تمتلك جزيرة جرينلاند وكانت روسيا في اغسطس الماضي قد وضعت علما روسيا في الاعماق علي عمق 4الاف متر مما يعني ملكيتها له.وقد يفسر هذا النزاع علي ملكية المنطقة انها غنية جدا بالثروات المعدنية ففيها 52% من الغز والبترول محفوظة تحت الثلوج كما ان هناك مخزون من الذهب والماس واليورونيوم والنيكل مما يجعل الحصول عليها سيكون بالمليارات.