ذوبان الأنهار الجليدية.. مؤشر مهم لتعقب تغير المناخ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يعد نهر أجزيت الجليدي في ألاسكا يطيق درجات الحرارة المرتفعة في العالم. ومثل العديد من الأنهار الجليدية بدأ نهر اجزيت الجليدي في الذوبان بوتيرة ثابتة حيث انكمش بمقدار ثلاثة كيلومترات على مدى المئتي عام المنصرمة بينما يحاول التكيف مع درجات الحرارة الاخذة في الارتفاع.
سنغافورة، أنكوراج: تعلّم المسؤولون عن حديقة كيناي فيوردس الوطنية جنوبي أنكوراج في ألاسكا أن يتابعوا نهر أجزيت الجليدي في ألاسكا وغيره من الانهار الجليدية فيحركون العلامات ليقيسوا ارتفاع أنهار الجليد ذي اللونين الازرق والابيض وهي تنحسر في أوديتها.
وتلعب كميات المياه الكبيرة المخزنة في الانهار الجليدية دورا مهما في تدفق المياه في أنهار العالم وتوليد الطاقة الكهرومائية والانتاج الزراعي وتساهم في التدفق الثابت لأنهار الجانج ويانجتسي وميكونج واندوس في اسيا وغيرها. لكن الكثير من الانهار الجليدية يذوب بوتيرة سريعة زادت خلال العقد المنصرم ما أكسبها أهمية في الجدل حول أسباب وتأثيرات تغير المناخ.
وتم تسليط المزيد من الضوء على هذا الامر بعد انتقادات طالت لجنة المناخ في الامم المتحدة بسبب تقرير مهم أصدرته عام 2007 وتضمن تقديرا خاطئا لوتيرة الذوبان في الانهار الجليدية في منطقة الهيمالايا.
وأفاد التقرير بأن الانهار الجليدية في منطقة الهيمالايا قد تذوب بشكل كامل بحلول عام 2035 وهو خطأ واضح نتج من استخدام معلومات لم تذكرها أي نشرة علمية. وقام المشككون في تغير المناخ بتضخيم الخطأ واستخدموه للتشكيك في نتائج اللجنة الخاصة بتغير المناخ.
ولكن دلائل ذوبان الانهار الجليدية لا يمكن اغفالها. والمشكلة هي أنه لا يوجد من يعلم ماذا يحدث بالضبط في المناطق النائية بشكل أكبر في الهيمالايا وأجزاء من الانديز. وهناك حاجة ماسة لإجراء قياسات أفضل بكثير لفهم الخطر المحدق بملايين الاشخاص الذين يعيشون عند مصبات هذه الانهار.
وقال كيرت لامبيك رئيس الاكاديمية الاسترالية للعلوم في تصريح لوسائل الاعلام حول علم المناخ في فبراير/ شباط "لا تتوفر معلومات جدية عن حالة ذوبان الانهار الجليدية في الهيمالايا والتبت." والسبب الرئيس في هذا هو الارتفاع الكبير وبعد الكثير من الانهار الجليدية في منطقتي الهيمالايا والانديز.
وفي محاولة لسد الفجوة قال رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ الشهر الماضي ان الحكومة الهندية ستؤسس معهدا وطنيا لعلم الجليد في الهيمالايا في مدينة ديهرا دون في الشمال. وفي أوروبا وأميركا الشمالية يمكن الوصول الى الانهار الجليدية بشكل أسهل وهناك المزيد من الاشخاص المدربين لدراستها.
ويذوب نهر أليتش بسويسرا وهو الاكبر في منطقة جبال الالب منذ نحو 150 عاما. لكن موقع سويس انفو على شبكة الانترنت قال ان أليتش الذي يغذي نهر الرون ما زال يحتوي على 27 مليار طن من الجليد أي ما يعادل نحو 12 مليون حمام سباحة أولمبي. وأفادت شبكة مراقبة الانهار الجليدية في سويسرا أن عدد الانهار التي يتقلص حجمها في البلاد عام 2008 بلغ 79 نهرا وأن خمسة أنهار جليدية تشهد تحسنا.
وقال ايان أليسون وهو عالم كبير في الجليد "هناك عدد صغير للغاية من الانهار الجليدية التي تتم مراقبتها" وأشار الى أن أقل من مئة نهر جليدي فقط حول العالم تحظى بقياسات منتظمة للتوازن الشامل الذي يعكس مقدار نمو أو انكماش النهر الجليدي ما بين عام وآخر. وهذه القياسات هي المؤشر وتعتبر البيانات التي ترجع الى عدة عقود أفضل طريقة لتكوين صورة دقيقة لما يحدث للنهر الجليدي.
وتتكون الانهار الجليدية على البر وتمثل تراكما كبيرا للجليد والثلوج على مدى السنين. وتشق هذه الانهار طريقها عبر الوديان مع تراكم المزيد والمزيد من الجليد وذلك حتى يصبح ما يفقده النهر من جليد أكبر مما يتراكم عليه. وتحلل خدمة مراقبة الانهار الجليدية العالمية ومقرها سويسرا بيانات التوازن الشامل لاكثر من 90 نهرا جليديا وتقول ان متوسط توازنها الشامل آخذ في التناقص.
وذكر تقرير وضعه أليسون وعلماء كبار اخرون أن التقديرات تختلف لكن الانهار الجليدية والقمم الجليدية للجبال قد تسهم بزيادة قدرها نحو 70 سنتيمترا في مستويات البحار في العالم. وأفاد تقرير بعنوان " تشخيص كوبنهاغن" أصدره مركز أبحاث تغير المناخ في جامعة نيو ساوث ويلز أن هناك دليلا كبيرا على ذوبان الانهار الجليدية والقمم الجليدية للجبال بوتيرة أسرع منذ منتصف التسعينات.
وفي نيبال يقول المركز الدولي للتنمية المتكاملة للجبال ان قياسات التوازن الشامل قد توفر دليلا مباشرا وفوريا لزيادة أو نقصان حجم الانهار. وأضاف المركز في مذكرة أصدرها في الاونة الاخيرة "لكن لا توجد قياسات منظمة للتوازن الشامل في الانهار الجليدية في المنطقة على الرغم من وجود اشارات مبشرة على حدوث تغير في هذا الامر."
واختفت الانهار الجليدية تقريبا من جزيرة غينيا الجديدة وافريقيا كما يذوب بسرعة الكثير منها في غرينلاند وشبه جزيرة أنتاركتيكا وغرب أنتاركتيكا وتسقط كميات كبيرة من الجليد في البحر.
وبالنسبة إلى الملايين الذين يعيشون عند مصبات الانهار الجليدية فالمهم هو تأثير الذوبان وخطر التفجر المفاجئ للبحيرات التي تتكون بسببه.
ولم يعرف بعد حجم تأثير ذوبان الانهار الجليدية على الانهار الكبيرة مثل الجانج وبراهمابوترا. وقال ريتشارد أرمسترونج وهو عالم كبير في المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد في بولدر في ولاية كولورادو الاميركية ان من الهراء تصور أنه اذا ذابت الانهار الجليدية سيجف نهر الجانج شريان الحياة للملايين في شمال الهند. وأضاف "حتى اذا اختفت الانهار الجليدية غدا لن يكون لذلك تأثير كبير على امدادات المياه. ان تدفق النهر يأتي من الامطار وذوبان الثلوج الموسمية."
ووصف أليسون وارمسترونغ وعلماء كثيرون الجدل حول الخطأ الذي ارتكبته لجنة المناخ في الامم المتحدة بأنه مبالغ فيه لكنهم قالوا انه مفيد للتذكير بالثغرات الموجودة في مراقبة الانهار الجليدية في العالم والحاجة للحصول على صورة أفضل للامور. وقال أرمسترونغ "لفت الانظار بالتأكيد للمشكلة."