الكوارث الصغرى في إندونيسيا تلحق أضراراً كبرى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بالرغم من أن الكوارث محدودة النطاق تؤثر على آلاف الاندونيسيين كل عام، إلا أن الفيضانات والانهيارات الأرضية التي تضرب البلاد باستمرار تحظى باهتمام قليل أمام الأحداث أكثر تدميراً التي تطغى عليها، حسب منظمات الإغاثة.
سيويدي: أودى الانهيار الأرضي الذي شهدته منطقة باندونغ بمقاطعة جاوة الغربية يوم 23 شباط/فبراير بحياة أكثر من 40 شخصاً وتسبب في نزوح ما يقرب من 1,000 شخص آخر. وكانت ثلاثة هكتارات من مزارع ديواتا للشاي في قرية تينجولاي قد انهارت لتؤدي لانهيار أرضي بعمق حوالي 10 أمتار. وقد انتهت عمليات البحث والإنقاذ في الأول من آذار/مارس بعد الإعلان عن مقتل 33 شخصاً وفقدان 11 آخرين تحت التراب، وفقاً للوكالة الوطنية لإدارة الكوارث بالبلاد.
ويعيش حالياً أكثر من 400 نازح في مخيمات بالقرب من موقع الكارثة، ويقطنون في خيام يقولون أنها تغلي من الحرارة خلال النهار وتتجمد من البرد في الليل. ويحصل النازحون على الأرز والمعكرونة والبسكويت من الحكومة ومن الهلال الأحمر الاندونيسي. ويقول أجات، أحد هؤلاء النازحين الذي يعيش مع زوجته وطفليه منذ الكارثة في خيمة لا تتعدى مساحتها 3 أمتار مربعة: "نحتاج للمزيد من المساعدات. لا أريد أن تبقى عائلتي في هذه الخيمة لفترة طويلة جداً ولكننا خائفون من العودة".
التعرض للكوارث
وتعتبر اندونيسيا أكثر بلدان العالم تعرضاً للكوارث، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). ففي عام 2009 وحده، شهدت البلاد 469 زلزالاً بقوة خمس درجات أو أكثر - وهو ما يفوق أي دولة أخرى.
وبالرغم من أن بعض الكوارث ناتجة عن أسباب طبيعية، إلا أن العديد من الكوارث الأخرى تنتج عن فقر تخطيط المناطق الحضرية وعدم حزم قوانين البناء والتلوث بالإضافة إلى تدهور البيئة. وتتمثل النتيجة الأكثر شيوعاً لمثل هذه العوامل في الفيضانات التي شكلت حوالي 40 بالمائة من الكوارث التي شهدتها اندونيسيا في السنوات القليلة الماضية، وفقاً لبيانات الحكومة.
وفي هذا السياق، أفاد أمين يدودو، وهو عالم جيولوجيا بيئية من معهد 10 شباط/نوفمبر للتكنولوجيا في مدينة سورابايا أن الأمطار الغزيرة تتسبب في انهيارات أرضية كل سنة. وأضاف أن "السنوات الخمس الماضية لم تشهد تغيراً كبيراً في أنماط هطول الأمطار ومع ذلك تبقى الفيضانات لفترات أطول ربما بسبب سوء البنية التحتية واختناق سبل الصرف".
وتظهر البيانات الصادرة عن الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث بالبلاد منذ عام 2005 وقوع عشرات القتلى كل عام بسبب الفيضانات وحدها بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المتضررين، حيث تضرر حوالي خمسة ملايين شخص بسبب الفيضانات، خصوصاً بسبب السيول الغزيرة في مقاطعة كاليمانتان الجنوبية في عامي 2008 و2009.
محدودية القدرة على الاستجابة
وتكلف الفيضانات خلال موسم الأمطار، الذي يقع عادة بين شهري تشرين الأول/أكتوبر وآذار/مارس، اندونيسيا الملايين التي تنفقها على المساعدات وعمليات إعادة الإعمار. وتصل ميزانية الحكومة لإدارة الفيضانات هذا العام إلى 957.2 مليار روبية (103 مليون دولار). ولكن بالرغم من هذا، فإن القدرة على الاستجابة للكوارث الصغيرة والمتوسطة الحجم تبقى محدودة جداً.
وفي هذا السياق، أفادت لاكسميتا نوفييرا، محللة شؤون إنسانية بمكتب الأمم المتحدة، أن الحكومات المحلية تتحمل المزيد من المسؤولية عن الاستجابة للكوارث بسبب تزايد عدم المركزية بالبلاد. وأضافت أن العاملين في المجال الإنساني يبذلون ما يكفي من جهد في مرحلة الطوارئ الناتجة عن الكوارث محدودة النطاق، "ولكن هناك اهتمام قليل بالمراحل الانتقالية التي تعقب حالة الطوارئ وبمرحلة التعافي المبكر، وهما مرحلتان لا تقلان أهمية عن مرحلة الطوارئ".
من جهته، أفاد أمين كواتس، وهو منسق فريق إغاثة تابع للهلال الأحمر باندونيسيا، أن الحكومة والمنظمات غير الحكومية لا تملك ما يكفي من مال وموارد لمواجهة الكوارث الصغيرة. وجاء في قوله أن "الكوارث الكبرى تجتذب أموالاً أكثر على شكل تبرعات. أما في حالات الكوارث الصغيرة فإن الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من التمويل وهو ما لا يكفي في العادة". وأضاف أنه "في الغالب، إذا حصلت الكارثة مباشرة قبل الانتخابات المحلية فإن الحكومة ستقدم دعماً مالياً أكبر ولكن إذا حدثت بعد الانتخابات فإن التمويل لا يكون كافياً في العادة".
التأهب
وتقول الحكومة أنها ستجري تحقيقاً في كارثة الانهيار الأرضي الذي حصل في منطقة باندونج لتحديد ما إذا كان ناجماً عن أسباب طبيعية أو بسبب عقود من عمليات إزالة الغابات. وقد قال الناجون أنهم لم يعلموا ما يجب القيام به عند وقوع الكارثة، مما يثير تساؤلات حول التأهب، حيث قالت ويوي، إحدى الناجين في الثلاثين من العمر، والتي تعيش في خيمة كبيرة مع زوجها وأطفالها الأربعة
وأربع أسر أخرى: "لم نكن نعلم ما علينا القيام به أو إلى أين يمكن أن نذهب. بحثت عن أطفالي وهربت".
وأفاد أمين أن المنظمات غير الحكومية أفضل استعداداً الآن للاستجابة السريعة للكوارث بعد الدروس المستفادة من كارثة التسونامي الذي ضرب المحيط الهندي عام 2004 وتسبب في تدمير مقاطعة أتشيه في إندونيسيا بالإضافة إلى زلزال العام الماضي في غرب سومطرة. وشدد على ضرورة عمل المزيد من حيث الاستعداد والتخطيط. وأضاف قائلاً: "هناك حاجة إلى مزيد من التدريب لمواجهة مثل هذه الكوارث على مستوى الحكومة والشعب. كما يتعين على الحكومة أن تفهم طبيعة الأراضي وتمتنع عن السماح للناس بإقامة المزارع وبناء المنازل في مثل هذه المناطق المعرضة للكوارث".