إيلاف+

العاصمة الموريتانية مهددة بالغرق بسبب الاحتباس الحراري

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

زين العابدين ولد محمد من نواكشوط: مع توالي اصدار العديد من الهيئات الدولية المهتمة بالتغير المناخي لتقارير حول التداعيات السلبية لهذه الظاهرة على العاصمة الموريتانية نواكشوط ، بدأت الاصوات تتعالي في موريتانيا للمطالبة بانتهاج خطة سريعة لمواجهة آثار وتداعيات السيناريوهات الكارثية المرتقبة جراء هذه التداعيات والناتجة في الاساس عن سلبيات التعامل والاستغلال السيئ للمقدرات الطبيعية لهذا البلد.

فبعد اصدار البنك الدولي لتقرير في العام2007 صنف فيه مدينة نواكشوط ضمن اكثر عشر مدن في العالم تضررا من الاحتباس الحراري الناجم عن أي ارتفاع محتمل لمنسوب البحر".

جاء تقرير آخر اصدرته شبكة "رليوفويب" للإنذار المبكر ونشرت نتائجه قبل عدة ايام ليعضد المعلومات الواردة في سابقه ويؤكد احتمال تعرض انواكشوط للاختفاء بسبب الغمر البحري في افق العام 2020.

ورغم ان الحكومة الموريتانية قد اعترفت بالمخاطر التي تواجه عاصمتها واعلنت عن جملة من الإجراءات الوقائية الهادفة إلى حماية الحاجز الرملي الفاصل بين الشاطئ ومدينة نواكشوط والتعجيل ببناء شبكة صرف صحي في بعض احياء المدينة ، الا ان الكثير من الخبراء ما زال يعتبر ان استيراتيجية السلطات الموريتانية مازالت تحتاج الي الكثير للتمكن من مواجهة سيناريوهات الغرق المحتمل لعاصمة البلاد والذي قد يكلف الدولة الموريتانية اكثر من 180 مليار دولار بحساب (100 دولار للمتر المربع الواحد ) وفق احد الخبراء.


سيناريوهات الغرق

قضية التغير المناخي في موريتانيا تعود وفق الخبير في علم المناخ ومدير المناخ في الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية الموريتانية السيد سيداتي ولد والداه إلي العام 1998 حيث تم تعيين لجنة من الخبراء الموريتانيين لتقديم أول تقرير وطني حول التغيرات المناخية وهو التقرير الذي رصد سيناريوهات التغير المناخي ورفع إلي رئاسة الجمهورية الموريتانية 2001 ليتم وضعه طي النسيان حتي العام2007 مع تقديم موريتانيا لتقريرها لمؤتمر الأمم المتحدة حول مخاطر الغمر البحري وتأقلم المناطق الشاطئية في دول المنطقة، الذي أعلنت السلطات الموريتانية عقبه عن استيراتيجتها البيئية الجديدة والمتمثلة في المصادقة علي التقرير والسعي إلي تنفيذ توصياته بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة وسن قوانين تحظر استغلال الشريط الرملي الساحلي،ومنع وسائط تدهور هذا الشريط بحمايته عبر تسييجه وتشجيره بصورة تتلاءم مع ظروفه الطبيعية.

وحسب ولد الداه فان احتمال الغمر بمياه الأطلس يعتبر احتمالا واردا جدا خصوصا اذا ما علمنا انه بغض النظر عن التدهور الحاصل بفعل النهب المستمر لرمال السد الرملي الذي يفصل المحيط الاطلسي عن العاصمة الموريتانية فان مياه المحيط تخترق بشكل طبيعي هذا السد مشكلة مع كل "مد اعظمي" انقطاعا فيه من 4 الي 6 متر.

الخبير الموريتاني يلفت الانتباه الي ان سيناريو تآكل الشريط الساحلي وتدهوره قد لا يكون المسؤول الوحيد عن احتمال غرق نواكشوط ، فهناك تهديد جدي آخر يتمثل في الأمطار العادية حيث ان الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية باتت تري ان وصول التساقطات المطرية الي مقياس 15 ملم علي نواكشوط بات امرا ينذر بحدوث كارثة طبيعية ، فالطبيعة الجيولوجية لمدينة نواكشوط حسب الخبير تسهم الي حد كبير في التعجيل بهذه الكارثة ، حيث أن المدينة أسست في منخفض تحت مستوي البحر وبين كثبان رملية ومع التوسع العمراني اختفت الكثير من الكثبان مما ادي الي صعوبة امتصاص مياه الامطار التي اصبحت تتجمع في المناطق الأكثر انخفاضا مما نتج عنه تراكم للبرك المائية في تلك المناطق وهو ما يساعد مع الوقت في تشكل طبقة ملحية تؤدي إلي تآكل الأبنية وتجعل من تكلفة صيانتها امرا يفوق تكلفة بنائها الاصلي.

ويشير الخبير الي سيناريو ثالث قد يكون الأخطر من بين كل هذه السيناريوهات -حسبه - حيث انه وفي ظل انعدام تام لشبكة صرف صحي في نواكشوط فان ساكنة المدينة تضخ يوميا مايعادل 10 ملم من مياه الصرف في الارض عبر مجاري تقليدية الصنع محفورة في الارض مباشرة ، وهو الأمر الذي ينتج عنه ضغط ارتوازي يؤدي الي غمر القشرة الجبسية الفاصلة بين التربة وبحيرات المياه الجوفية في الاعماق مما قد يؤدي مع مرور الزمن التي تآكل تلك القشرة و نبوغ المياه الي سطح الارض.

وبخصوص المدى الزمني للتهديدات المحتملة، رفض ولد الداه تحديد سقف زمني لها، قائلا إنها مرتبطة بجملة العوامل والاحتمالات المذكورة ، لكنه أشار إلى أن الأجزاء القريبة من المحيط باتت مهددة في المدى القريب.

مطالبات بتعجيل التنفيذ

من جانبها تري الناشطة الموريتانية في مجال البئية ورئيسة منظمة من اجل موريتانيا خضراء وديمقراطية مكفولة بنت ابراهيم ان ما قيم به حتي الآن من اجراءات من طرف الحكومة الموريتانية لايبشر بإمكانية الحيلولة دون اتجاه الأمور الي كارثة حقيقية بغرق نواكشوط وهو ما باتت جميع المؤشرات البيئية تنذر بقرب حدوثه نتيجة لتراكم سلسلة من الاخطاء البشرية في التعامل مع الطبيعة خصوصا النهب المفرط لرمال الشاطئ بالاضافة الي استغلال القطع الارضية القريبة من المحيط لاغراض السكن وهي المناطق التي سبق وان اعتبرها الخبراء مناطق مهددة بشكل كبير بالغرق.

وطالبت الناشطة البيئية بنت ابراهيم الحكومة الموريتانية بالتعجيل بتنفيذ خطة تشجير شواطئ العاصمة والاعتماد في تلك الخطة علي الخبراء في التشجير نظرا لحساسية الطبيعة البحرية.


مليون شجرة لحماية العاصمة

وكان الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز،قد قال في كلمته بمؤتمر كوبنهاغن حول المناخ، إن العاصمة، نواكشوط، التي أنشئت عام 1957 (قبل ثلاث سنوات من استقلال البلاد) في منطقة صحراوية تطل على المحيط الأطلسي،مهددة بفعل التعرية التي أصابت الكثبان الرملية الطبيعية الواقية من اجتياح مياه البحر مشيرا الي ان حكومته بصدد إقامة "حزام أخضر" يتكون من مليون شجرة لحماية نواكشوط، وهو حزام سينجز على مدى السنوات الأربع المقبلة بتكلفة تصل إلى 15 مليون دولار. ويتوقع أن يلتف الحزام المذكور حول نواكشوط من الجهات: الشمالية، والجنوبية ، والغربية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف