صحة

المرضى يشخّصون الأعراض طبيًا وبحثيًا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أشرف أبوجلالة من القاهرة: في الوقت الذي تتضارب فيه الرؤى الخاصة بتشخيص الأعراض المرضية بين المرضى والأطباء المعالجين، لغياب حلقة الوصل التي لابد من تواجدها في العلاقة التي تجمع الطرفين، يُبرز تقرير مطول، تنشره صحيفة "النيويورك تايمز" الأميركية في هذا السياق، تأكيدات دكتور إيثان باسك، طبيب الأورام المتخصص في معالجة الرجال المصابين بسرطان البروستات ويجري أبحاثًا في مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان في نيويورك، على ضرورة أن يقوم الأطباء والباحثين ومُصنِّعي الأدوية والمنظمين، بإيلاء مزيد من الاهتمام بتقارير المرضى المباشرة عن أعراضهم المرضية أثناء تناولهم للأدوية، لأن معلوماتهم من الممكن أن تساعد في توجيه العلاج والأبحاث والكشف في الوقت ذاته عن المشكلات المتعلقة بسلامة الأشخاص.

ويشير دكتور باسك في هذا السياق إلى أن مثل هذه التقارير نادرًا ما يتم استخدامها عند المصادقة على الأدوية أو في التجارب السريرية. ويضيف بقوله :" يُقلِّل الأطباء والممرضات بشكل منهجي من شدة الأعراض التي يشعر بها المريض، وفي بعض الأحيان، لا يعملون حسابًا للآثار الجانبية تمامًا. وتكون النتيجة الوحيدة في تلك الحالة هي ظهور "أحداث سلبية يمكن الوقاية منها"- مثل، الأفكار الانتحارية التي تهيمن على الشباب الذي يتناول مضادات للإكتئاب، أو الإمساك الشديد لدى الأشخاص الذين يتناولون عقارًا لمتلازمة القولون العصبي، الذيّن كان من الممكن أن يتم الكشف عنهما في وقت سابق إذا ما تم تتبع الأعراض بصورة منهجية".

ونتيجة لاستمرار تلك الحالة الجدليّة على الصعيد الطبي، أوضحت الصحيفة أن باسك بدأ في دراسة الأشخاص الذين يتلقون العلاج الكيماوي، وقام كذلك بمقارنة تقارير الأعراض التي يقدمها المرضى بتلك التي يخلص إليها الأطباء والممرضات. وكانت الاختلافات ملفتة بالفعل. حيث تبين أن المرضى قاموا بالإبلاغ عن كافة المشكلات ( التعب والغثيان وفقدان الشهية والتقيؤ والإسهال والإمساك ) في وقت سابق وفي كثير من الأحيان عما يفعل الأطباء والممرضات. ومع هذا لم يخلص باسك إلى سبب تكرار حدوث هذا الأمر.
وعلى صعيد متصل، تنقل عنه الصحيفة قوله :" هناك إحساسا ً لدى بعض أطباء المدرسة القديمة بأن لديهم فكرة أفضل عن تجربة مرضاهم عما يفعل المرضى أنفسهم. بيد أن الأطباء والممرضات يلقون بتحيزهم على التقييم. وقد يقولون ( دائمًا ما تبالغ السيدة سميث في ما تشعر من به من تعب - فهي تُقدِّره بتسع نقاط، لكني أقدره بـ 6 فحسب )". ويتابع باسك في هذا الإطار بقوله :" في الغالب سيقوم ثلاثة أطباء طُلِب منهم أن يُقيِّمُوا عَرَض الغثيان لدى نفس المريضة بتقديم ثلاث تقييمات مختلفة".

ثم تقول الصحيفة إن الميل لخفض الأعراض قد يُبنى على معرفة الطبيب بأن المريض في مراحل المرض المبكرة ويمكن أن تسوأ حالته بعد ذلك. أو أن الطبيب ربما يقوم بإجراء مقارنات عقلية مع أشخاص آخرين أكثر مرضا ً. وهنا، يُعلِّق باسك بقوله :" قد يعكس التقليل من حدة الأعراض في بعض الأحيان التفكير الرغبي ( الدال على رغبة ) من جانب الأطباء، الذين قد يعتقدون أن عقارًا بعينه سوف يساعد المرضى ولا يريدون أن يحجبوه عنهم. وهناك أيضًا سببًا آخرًا، هو أننا نعيش في مجتمع مُحب للتقاضي".
ومع هذا، يعاود باسك ليؤكد كذلك على أهمية وجهة نظر الطبيب، ويشير إلى أن المعلومات يتم فقدانها بصورة تامة في بعض الأحيان، عندما يُلهَى الأطباء والمرضى بنتائج الاختبارات وخطط العلاج، وينسون مناقشة الأعراض. وتنقل الصحيفة هنا عن باسك قوله :"وهنا يكمُن الدور الإيجابي للمرجعية". ثم تعود الصحيفة لتقول إن الأخطاء والتحريفات في تشخيص الأعراض قد تتفاقم في الدراسات، حيث يقوم أحد الباحثين بجمع المعلومات، ويقوم آخر باستردادها من الجدول ثم إدخالها في سجل الدراسة، بينما يقوم آخرون بتقييمها. ومن ثم قد تكون النتائج مثل اللعب في الهاتف.

وفي هذا الجانب، يقول باسك :" هناك خطوات متعددة لنسخ وتصفية المعلومات. ونعلم أن كل خطوة في عملية نقل البيانات تشهد هفوات وتفسيرات خاطئة. ونعلم أن المعلومات يتم فقدانها". ثم يمضي ليؤكد على أن ما يقوم المرضى بكتابته عن حالتهم المرضية يكون أقرب للحقيقة عما يتحدثون به شفاهة ً مع أطبائهم. وتلفت الصحيفة إلى أن إدارة الغذاء والدواء يمتلك نظام، يُطلق عليه "Medwatch"، وهو ذلك النظام الذي يسمح للأطباء والممرضات بالإبلاغ عن المشكلات التي يعتقدون أنها أحداث سلبية ناجمة عن العقاقير الموجودة في السوق بالفعل. بيد أن الصحيفة تراه نظاما ً سلبيا ً لكونه ينتظر التقارير بدلا ً من مسح حالة المرضى بنشاط.

ويقول باسك في تلك الجزئية :" لا يعلم كثيرون عنه شيئاً، وقد فشل في ضبط بعض الأحداث السلبية الهامة. والأفضل أن تقوم أعداد كبيرة من المرضى بملء استبيانات قبل وبعد أن يتم تسويق العقاقير. وإذا طُلِب من المرضى الإبلاغ عن أعراضهم خلال المرحلة التي يتم فيها إخضاع العقار للاختبار، فقد يتم الكشف عن المشكلات قبل أن يُصادق حتى على العقار. وإن كان جمع المعلومات عن المرضى سيتكلف أموالاً، فلا يمكن مقارنته بشكل كبير بالكلفة الإجمالية لتطوير العقاقير والتجارب السريرية". وتختم الصحيفة بالتأكيد على أن التحدي يتمثل الآن في عمل دراسات استقصائية تُركِّز على كل ما هو ذي صلة، وتوفر أيض اوسيلة لوصف الأعراض التي لا يتوقعها الباحثون. وهي الوسيلة التي يعمل باسك عليها الآن، لصالح المعهد الوطني للسرطان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف