علماء يربطون بين فيضانات باكستان وحرائق روسيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جوهانسبرغ: في الوقت الذي تسببت فيه الفيضانات في جرف المنازل في باكستان وإلحاق أضرار متفاوتة بحياة الملايين من سكان البلاد، أذبل الجفاف محصول القمح والتهمته النيران في روسيا. ولكن بعض العلماء يعتقدون أن هناك علاقة بين الفيضانات والحرائق.
ويبدو أن الجاني هذه المرة لا يتمثل في تغير المناخ وإنما في نمط متواصل من الموجات في التدفق الهوائي المرتفع يطلق عليه اسم التيارات النفاثة Jet Streams.
غير أن هاري هندن من المركز الأسترالي لبحوث الطقس والمناخ وعضو الفريق العالمي للعلماء المتخصصين في الرياح الموسمية أعرب عن عدم ثقته بأن التغيرات في التيارات النفاثة وحدها هي السبب في سقوط هذه الكميات الكبيرة من الأمطار الغزيرة على باكستان. وكان الفريق يبحث في هذا الأمر وسيعلن عن تقييمه قريباً. وفيما يلي بعض ما توصل إليه العلماء:
علاقة التيارات النفاثة
تلعب التيارات النفاثة دوراً أساسياً في الطقس على سطح الكرة الأرضية ويستخدمها خبراء الأرصاد الجوية للتنبؤ بالعواصف والأعاصير ومدى شدتها، وفقاً لصفحة "فهم الطقس" Understanding Weather على الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وتتحرك التيارات النفاثة من الغرب إلى الشرق ويمكنها أن تتحرك أيضاً شمالاً وجنوباً، وتدفع بالحرارة الزائدة من المناطق الاستوائية باتجاه القطبين "وبالتالي تجذب الهواء القطبي البارد نحو الجنوب".
وفي فصل الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية خلال عام 2010، حدد خبراء الأرصاد الجوية نمطاً متواصلاً من الموجات في التيارات النفاثة كانت قد تشكلت أيضاً خلال فصول الصيف الثلاثة الماضية.
"وقد أدت هذه التيارات النفاثة إلى حدوث فيضانات في المملكة المتحدة خلال شهري يونيو ويوليو 2007، وزادت من رطوبة الصيف في أنحاء من غرب أوروبا في 2008 و2009"، وفقاً لمايكل بلاكبيرن، وهو باحث في المركز الوطني لعلوم الغلاف الجوي في جامعة ريدينغ بالمملكة المتحدة اقترح وجود علاقة بين الجفاف في روسيا والفيضانات في باكستان في مقال تم نشره في مجلة "نيو ساينتست" يوم 10 أغسطس.
وجاء في قوله: "نحن لا نعرف أصل النمط المتواصل للأمواج في التيار النفاث هذا الصيف ...فهذه الأنماط هي جزء من التغير الطبيعي للمناخ الذي يؤدي إلى تغيرات في الطقس خلال الأسابيع والأشهر والفصول".
"وتبدو الموجات كأنها تعاقُب لتعرجات التيار النفاث شمالاً وجنوباً. وتشكل الخطوط المتعرجة شمالاً نتوءات المرتفع الجوي التي تجعل السماء خالية من الغيوم وتتسبب في ارتفاع درجات الحرارة على الأرض في فصل الصيف. في المقابل تتألف الخطوط المتعرجة جنوباً من نطاق جوي منخفض الضغط يتسبب في تكون السحب وسقوط المطر".
وقد قام خبراء الأرصاد الجوية بتحديد "خطوط متعرجة متواصلة للتيار النفاث باتجاه الشمال" فوق غرب روسيا التي سحبت الهواء الحار شمالاً بعيداً عن البحر الأبيض المتوسط وشكلت ما يسمى بالإعصار المضاد الحاجب مع تسجيل ارتفاع قياسي في درجات الحرارة عبر أنحاء المنطقة،" وفقاً لبلاكبيرن.
والأعاصير هي مناطق ضغط منخفض تدور فيها الرياح عكس عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي ومع عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي. أما الإعصار المضاد فهو عبارة عن ضغط جوي مرتفع تدور فيه الرياح باتجاه معاكس لاتجاهات الأعاصير.
وفي الجزء الشرقي من النصف الشمالي للكرة الأرضية، وجد خبراء الأرصاد الجوية أنه يتم سحب الهواء البارد جنوباً نحو منطقة آسيا الموسمية. ويرى بلاكبيرن أن ذلك "حرك التيار النفاث إلى مسافات أبعد إلى الجنوب عن المعتاد في منخفض هوائي عبر الجبال في شمال باكستان وكثف من هطول الأمطار الموسمية هناك".
وقد أصبح هذا المنخفض أكثر شدة خلال الأسبوع الأخير من يوليو، وفي الوقت نفسه "تحرك منخفَض موسمي من خليج البنغال إلى الغرب، حاملاً الهواء الرطب عبر شمال الهند إلى شمال باكستان تحت منخفض التيار النفاث".
وأضاف أن ذلك "يبدو وكأنه مجموعة من الأحداث المتزامنة التي أدت إلى سقوط أمطار كثيفة على شمال باكستان من 28 إلى 30 يوليو وبالتالي حدوث الفيضانات التي انتشرت جنوباً على طول نهر الإندوس."
أكثر من مجرد منخفض
مع ذلك، لاحظ هندن أن "نتوءات المرتفع الجوي الحاجبة والمنخفض المصاحب لها حتى شمال باكستان كانت موجودة قبل الفيضانات بفترة طويلة". وأضاف أنه يشعر بأن مزيجاً من الأجواء الدافئة غير المعتادة على المحيط الهندي - أو ما يسمى بالنينو - مع رياح موسمية نشطة بالإضافة إلى "فترة من الرياح الموسمية المعروفة بالتغير الفصلي" هو ما أدى إلى سقوط هذه الأمطار الغزيرة على باكستان".
وينشأ الحدث الفصلي "كمنطقة ذات حمل حراري زائد فوق المنطقة الاستوائية في المحيط الهندي"، ثم ينتقل إلى المنطقة الموسمية ويؤدي إلى سقوط الأمطار في بعض المناطق ويمنع سقوطها في أماكن أخرى.
وعادة ما تتحرك هذه الظاهرة المعروفة باسم التذبذب الموسمي الفصلي Monsoon Intraseasonal Oscillation بين 20 و25 درجة شمالاً ولكنها تحركت هذه المرة 30 درجة ولمسافات أبعد شمالاً، وفقاً لهندن الذي يرى أن ذلك الإعصار المضاد الحاجب - الذي تحدث عنه بلاكبيرن - قد يكون سبباً في ذلك.
وقال هندن أنه لم يتضح بعد "كيف يمكننا التنبؤ بشكل جيد بمثل هذه الأحداث، وكيف ترتبط هذه الأحداث مسبقاً بظواهر مثل النينو أو حتى بالنتوء الجوي الهائل الذي تتسبب في موجة الحر في روسيا، وهذا هو ما يريد فريقنا تقييمه".
وأشار بلاكبيرن إلى أن "الطقس في مناطق أخرى تأثر أيضاً بالتيار النفاث، ففي أقصى الشرق، يبدو أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على أجزاء من الصين في بداية أغسطس مرتبطة بالمنخفض التالي في النمط، بينما ارتبط الطقس الساخن سابقاً في اليابان بنتوء مرتفع جوي لا يزال أبعد إلى الشرق".
أما في "غرب الإعصار المضاد في روسيا، تقوى المنخفض الجوي فوق أوروبا الغربية وامتد إلى البحر الأبيض المتوسط في أوائل أغسطس، مما أدى إلى هطول أمطار غزيرة وفيضانات في المناطق الشرقية في ألمانيا في 6 أغسطس".
تغير المناخ
يتوخى العلماء الحذر في تعليقهم على العلاقة المقترحة بين الظواهر التي خرجت عن القياس في الغلاف الجوي وتغير المناخ. وأشار بلاكبيرن إلى أنه "ليس من الممكن نسب الظواهر الجوية الفردية المتطرفة مثل موجات ارتفاع درجات الحرارة في روسيا أو فيضانات باكستان لظاهرة الاحتباس الحراري".
مع ذلك، فإن ارتفاع درجات الحرارة يعني زيادة دفء الهواء الذي يحمل المزيد من بخار الماء لذلك فإنه يمكن توقع زيادة في هطول الأمطار في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
من جهته، أفاد ر. كريشنان، وهو عالم في المعهد الهندي للأرصاد الجوية المدارية، كان يدرس تأثير التقلبات المناخية على الرياح الموسمية الآسيوية، أنه ينبغي التدقيق في السجل الطويل للأمطار الغزيرة التي شهدتها باكستان قبل أي استنتاج حول دور تغير المناخ.
الفيضانات
كما يجب أيضاً أخذ العوامل على الأرض بالاعتبار عند إجراء أي تقييم، حيث أشار بلاكبيرن إلى أنه "في حالة باكستان، لفت علماء المياه الانتباه إلى التغيرات في إدارة النهر واستخدام المياه مع مرور الوقت...التي تؤثر على شدة الفيضانات الناجمة عن أي مقدار من الأمطار. بالإضافة إلى ذلك، فإن حجم التأثير البشري وبالتالي حجم الإغاثة في حالات الطوارئ والتعافي على المدى الطويل يزداد مع تزايد عدد السكان".
وأضاف أن "باكستان، شأنها في ذلك شأن العديد من البلدان النامية، شهدت ارتفاع عدد سكانها إلى الضعف خلال السنوات الثلاثين الماضية، في أعقاب ارتفاعات سنوية في حدود 3 بالمائة في السبعينيات".