صحة وعلوم

أسفر عن وفاة 3,4 ملايين شخص

عدد الوفيات الفعلية لكورونا لغز يحير الأوساط العلمية

طاقم طبي يساعد مريضًا بفيروس كورونا في وحدة العناية المركزة في عيادة أوكسيتاني في موريه، بالقرب من تولوز، جنوب فرنسا في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس: اسفر وباء كوفيد-19 عن وفاة 3,4 ملايين شخص في العالم بحسب أرقام رسمية، ولكن إذا كان العدد الفعلي أكبر من ذلك فان السؤال: الى اي مدى؟

يرى خبراء أن الجواب في هذه القضية الحساسة والتي لا تزال موضع نقاش كبير لن يرى النور سريعا، وقد لا يُعرف على الإطلاق.

وبين ثغرات في احتساب الوفيات وتلك غير المعلنة او غير المباشرة المرتبطة بالانظمة الصحية المنهكة، فإن هذه المعادلة المعقدة لا تمنع العلماء من محاولة ايجاد أجوبة تبدو حيوية للحصول على تقييم اكثر واقعية لجائحة تاريخية والخروج بخلاصات من كيفية التعامل معها.

وتشير تقديرات لمنظمة الصحة العالمية عرضت الجمعة الى ان الوباء تسبب حتى الان "بنحو 6 الى 8 ملايين" وفاة مباشرة وغير مباشرة. وقالت الطبيبة سميرة اسما مساعدة المدير العام للمنظمة المكلفة المعطيات إن "هذا يتوافق مع تقديرات مماثلة تجمع على ان العدد الاجمالي للوفيات هو أعلى بمرتين او ثلاث مرات على الاقل".

لكن البعض يمضي أبعد من ذلك على غرار معهد "هيلث ميتريكس اند ايفالويشن" في سياتل الذي يعتبر ان حصيلة الوفيات المباشرة فقط تناهز 6.9 ملايين منذ اذار/مارس 2020.

وتظهر هذه الدراسة التي نشرت بداية ايار/مايو ان الولايات المتحدة هي المتضرر الاكبر من الوباء مع اكثر من 912 الف وفاة (مقابل 578 الفا رسميا) تليها الهند (736 الف وفاة مقابل 248 الفا رسميا) والمكسيك (621 الفا مقابل 219 الفا) والبرازيل (616 الفا مقابل 423 الفا). اما في روسيا فالفارق "كبير جدا" مع 111 الف وفاة اعلنت رسميا مقابل تقديرات تلفت الى اكثر من 600 الف.

ويوضح كريس موراي رئيس المعهد المذكور أنه "في بعض الدول، فان قسما مهما من هذه التقديرات غير الدقيقة مرتبط بالانتشار المحدود لفحوص كوفيد، كما في المكسيك او الهند". ويضيف "قد يكون الامر متصلا بسياسة رسمية تقوم على الحد من تعريف الوفاة بكوفيد".

ويؤكد انه مهما كانت هذه الاسباب، "فإن عمليات التصحيح الهائلة للارقام الرسمية لا بد منها لتحديد مكامن التأثير الاكبر للوباء" و"معرفة ما اذا كانت السياسات التي لجأت اليها الحكومات قد حدت من هذا التأثير".

وطاولت الاتهامات بالاقلال من عدد الوفيات عددا من الدول التي سارعت الى الدفاع عن نفسها. وفي هذا السياق، قال آر بي سينغ المتحدث باسم الحزب الحاكم في الهند "نعم، قد نكون نسينا بعض الحالات هنا وهناك بسبب مشاكل محلية، ولكن ليس هناك إقلال من عدد الحالات في الهند".

وتعكس خلاصات معهد سياتل التي لا تحظى بإجماع لدى العلماء، كل التحديات المتصلة بنماذج تستند بالضرورة الى معطيات جزئية.

ويعتبر ستيفن وولف من جامعة الكومنولث في فرجينيا أن هذا "النموذج يرتكز على سلسلة افتراضات قد تكون صحيحة على الصعيد العالمي ولكن لا يمكن تطبيقها على دول معنية في شكل فردي"، مشككا في النتائج التي تم التوصل اليها بخصوص الولايات المتحدة.

ويقول لفرانس برس "أن يبلغ عدد الوفيات 900 الف هو أمر منطقي"، لكن هذا لا يعني انه يمكن أن تُنسب كل هذه الوفيات الاضافية في شكل مباشر الى الفيروس.

لتقييم الحصيلة "الفعلية" للوباء، يبدي العلماء اهتماما بالوفيات الاضافية التي سجلت مقارنة بعدد الوفيات المتوقعة استنادا الى الاعوام السابقة.

ويقول ستيفان هلرينغر خبير الديموغرافيا في فرع جامعة نيويورك في ابوظبي لفرانس برس "ليس من السهل احتساب ذلك. ومن ثم ينبغي الفصل بين ما هو ناتج من التأثيرات المباشرة لكوفيد والتأثيرات غير المباشرة".

وهذه التأثيرات غير المباشرة قد تتجلى في الوفيات المرتبطة بالانظمة الاستشفائية العاجزة عن معالجة امراض اخرى، او على العكس الوفيات التي تم تجنبها عبر تراجع عدد حوادث السير او تلوث الهواء.

ويضيف هلرينغر، العضو في مجموعة خبراء تقدم مشورة الى منظمة الصحة العالمية في هذا الصدد، انه "على الصعيد العالمي، (فان احتساب ذلك) امر بالغ التعقيد".

يعود ذلك خصوصا الى نقص فادح في المعطيات لدى الدول الفقيرة. فحتى قبل الوباء، لم تكن مالاوي تسجل سوى عشرة الى 15 في المئة من الوفيات التي تقع على أراضيها، وفق هلرينغر.

ويوضح انه في هذه الدول، "ثمة عجز مطلق عن احتساب الوفيات في الوقت الفعلي"، وهو أمر لا غنى عنه لتوزيع الموارد في شكل صحيح، وخصوصا اللقاحات.

اوردت دراسة نشرت الاربعاء في مجلة "بي ام جاي" الطبية ان عدد الوفيات الاضافية في 29 دولة غنية خلال العام 2020 ناهز مليونا، أي ما يزيد بنسبة 31 في المئة على عدد الوفيات الرسمي بكوفيد-19.

لكن احد معدي الدراسة نازرول اسلام من جامعة اكسفورد يؤكد لفرانس برس أن هذا لا يجيز "التعميم" على مناطق أخرى في العالم، وخصوصا أن دراسات مماثلة تشدد على الفوارق الحساسة داخل هذه الدول، حتى انه في بعضها، كما في فرنسا، فإن عدد الوفيات الاضافية هو ادنى من الرقم الرسمي لوفيات كوفيد.

وعليه، يضيف الباحث "اذا كان السؤال: هل سنتمكن يوما من تقدير التأثير العالمي في كل البلدان؟ فان الجواب هو: على الارجح لا".

ويذكر ستيفان هلرينغر بأن "النقاش لا يزال متواصلا في شأن حصيلة الانفلونزا الاسبانية" التي تفشت قبل قرن، مشددا على التأثير البعيد المدى للجائحات. ويضيف "هذا الامر سيشغل علماء الديموغرافيا والاوبئة لاعوام عديدة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف